الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 أبريل 2022

الطعن رقم 269 لسنة 31 ق دستورية عليا " دستورية " 5 / 3 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2022م، الموافق الثاني من شعبان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 269 لسنة 31 قضائية "دستورية".

المقامة من
رئيس مجلس إدارة شركة أكسون موبيل مصر
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- أمين عام صندوق تمويل التدريب والتأهيل
3- وزير القوى العاملة

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الحادي والعشرين من ديسمبر سنة 2009، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، والمادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1362 لسنة 2005 بتشكيل ونظام العمل بمجلس إدارة صندوق التدريب والتأهيل، المعدل لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1543 لسنة 2003.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى. كما قدم المدعى عليه الثاني مذكرة، طلب فيها الحكم، أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 8695 لسنة 2009 مدني كلي، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث، طالبة الحكم ببراءة ذمتها من سداد نسبة 1% من صافى أرباحها السنوية، المفروضة بمقتضى نص البند الأول من المادة (134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، والمادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1362 لسنة 2005، المعدل لقراره رقم 1543 لسنة 2003، لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل، المنشأ بموجب أحكام القانون السالف بيانه. وإبان نظر الدعوى، دفعت الشركة بعدم دستورية هذين النصين، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، أفرد الكتاب الثالث منه للتوجيه والتدريب المهني، وخصص الباب الأول منه لتنظيم هذا التدريب، ناصًّا في المادة (132) منه على أن "يشكل المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية، ويصدر بتحديد اختصاصه ونظام العمل به، قرار من رئيس الجمهورية، ويتولى رسم السياسة القومية لتخطيط التنمية البشرية، ووضع برنامج قومي لتنميتها، واستخدامها الاستخدام الأمثل بالتنسيق مع الوزارات والجهات المختصة".
ونص في المادة (133) منه على أن "ينشأ صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزير المختص، وذلك لتمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات سوق العمل المحلى والخاص ......". ونصت الفقرة الأولى من المادة (134) منه على أن "تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من:1- 1% من صافى أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون، التي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال ......". كما نصت المادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1362 لسنة 2005، المعدل لقراره رقم 1543 لسنة 2003، على أن "تُسدد المنشآت الخاضعة لأحكام قانون العمل المشار إليه، والتي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال، نسبة مقدارها (1%) من صافى الأرباح السنوية، بموجب شيكات باسم (صندوق تمويل التدريب والتأهيل) خلال الشهر التالي لاعتماد الميزانية السنوية، مرفقًا بها صورة من الميزانية المعتمدة".
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، إذ نصت على أنه "يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة - (29) من القانون ذاته - بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة"، فإن مؤدى ذلك أن المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى بيانًا للنص التشريعي المطعون فيه بعدم الدستورية، وبيانًا للنص الدستوري المدعى مخالفته، وأوجه هذه المخالفة، باعتبار أن تلك البيانات الجوهرية هي التي تُنبئ عن جدية الدعوى، وبها يتحدد موضوعها، حتى يتاح لذوى الشأن - ومن بينهم الحكومة التي تعتبر خصمًا في الدعوى الدستورية بحكم القانون - أن يتبينوا كافة جوانب المسألة الدستورية المعروضة بما ينفى التجهيل عنها.

وحيث إن نص المادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء السالف الإشارة إليه، تضمن حكمين، أولهما: النص في صدر المادة على التكليف المالي الذي قرره قانون العمل المشار إليه بمقتضى نص البند رقم (1) من المادة (134) منه، وبموجبه تلتزم المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون، والتي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال، بسداد نسبة 1% من صافى أرباحها لصندوق تمويل التدريب والتأهيل، ومؤكدًا على التزام تلك المنشآت بسداده، وبذات فئته المتقدمة. وثانيهما: ورد بعجز نص تلك المادة، ويتعلق بطريقة سداد هذه الفريضة المالية وميعاد السداد والمستندات الواجب تقديمها، بحيث يتم السداد بموجب شيكات باسم صندوق تمويل التدريب والتأهيل، خلال الشهر التالي لاعتماد الميزانية السنوية، مرفقًا بها صورة من الميزانية المعتمدة. لما كان ذلك، وكانت مناعي الشركة المدعية قد انصبت على أصل الالتزام بسداد نسبة 1% من صافى الأرباح - الوارد في صدر هذه المادة- دون أن توجه أي مناع لباقي الأحكام التي تضمنها عجز هذا النص، ومن ثم فإن صحيفة الدعوى تكون قد خلت من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفة هذه الأحكام لها، وأوجه تلك المخالفة، حال كونها من البيانات الجوهرية التي أوجب نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، تضمينها صحيفة الدعوى، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها.
وحيث إنه في خصوص الطعن على نص البند (1) من المادة (134) من قانون العمل المشار إليه، فقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية بالنسبة لهذا النص، بموجب حكمها الصادر في الدعوى رقم 114 لسنة 27 قضائية "دستورية"، بجلسة 6 /11 /2021، التي قضت فيها، برفض الدعوى. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 45 تابع (أ) بتاريخ 11/11/2021. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصى المادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة والقرارات الصادرة منها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارها قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها، أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته. الأمر الذي تكون معه الدعوى المعروضة - في هذا الشق - قمينة بعدم القبول.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. متى كان ذلك، وكان التكليف بسداد نسبة 1% من صافي أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام قانون العمل المشار إليه، وإن تضمنه نص المادة (134/1) من هذا القانون، وردد صدر نص المادة الثامنة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1362 لسنة 2005، المعدل لقراره رقم 1543 لسنة 2003، الحكم ذاته، فإن مصلحة الشركة المدعية تبقى قائمة في الطعن على صدر نص المادة الثامنة السالفة الذكر، باعتبارها أحد مصادر الالتزام بهذا التكليف المالي، وأحد عناصر التنظيم القانوني الحاكم له. ولا ينال منها سبق قضاء المحكمة الدستورية العليا في دستورية نص المادة (134/1) من قانون العمل المشار إليه، كما سلف البيان. ويتحدد نطاق الدعوى في صدر هذا النص، الذي يتضمن إلزام تلك المنشآت بسداد نسبة 1% المار ذكرها، لما للقضاء في دستوريته من أثر وانعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، دون سائر ما تضمنه ذلك النص من أحكام أخرى.
وحيث إن حقيقة مناعي الشركة المدعية على النص المطعون عليه، في حدود نطاقه المتقدم، إنما تنصبت على مخالفته لأحكام المواد (4 و8 و32 و34 و38 و40 و61 و115 و116 و119 و120) من دستور 1971 - التي تقابل أحكام المواد (4 و9 و20 و27 و33 و35 و36 و38 و53 و124) من الدستور القائم الصادر سنة 2014 - بقالة تعارضه مع العدالة الضريبية، بفرضه رسمًا دون أن تقابله خدمة، ليصير معونة مالية رصدتها الدولة لذلك الصندوق بالمخالفة لضوابط الإنفاق العام التي فرضها الدستور، فضلاً عن تعارضه مع مبدأ العدالة الضريبية في توزيع الأعباء والتكاليف العامة، بعد أن أنشأ ازدواجًا في الأعباء المالية التي تتحمل بها الشركة، إعمالاً لنصى المادتين (47، 48) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، إلى جانب ما يقره النص المطعون فيه، على الرغم من أن الصندوق المذكور، لا يقدم أي خدمات لتدريب العاملين لدى الشركة المدعية. ومن جانب آخر، فإن نسبة ال 1% الواردة في النص المطعون عليه لا تلتزم بها المنشآت التي لا يزيد عدد العاملين بها عن عشرة عمال، وذلك دون مسوغ، مما يخل بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، خاصة أن الشركات الملتزمة بهذه النسبة ستقوم بتحميلها على سعر منتجاتها، الأمر الذي يؤثر سلبًا على فرص منافستها لنظيرتها التي تنتجها الشركات غير الملتزمة بأداء هذه النسبة. كما ينتقص ذلك النص من صافى أرباح الشركة الملتزمة بأداء هذه النسبة، بما ينال من الحماية المقررة للملكية الخاصة، ويزيد من وطأة الضريبة على المخاطبين بأحكامها.
وحيث إن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الرقابة الدستورية على القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهتها الشركة المدعية للنص المطعون فيه - في النطاق السالف تحديده - تندرج تحت المطاعن الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي. ومن ثم، تباشر هذه المحكمة رقابتها القضائية على دستورية النص المطعون فيه - الذي ما زال ساريًا ومعمولاً بأحكامه - من خلال أحكام الدستور القائم الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور القائم، في إطار تحديده للمقومات الاجتماعية والاقتصادية للدولة، قد استشعر أهمية استمرار تدريب العاملين لضمان توافق أدائهم مع التطورات المستحدثة في مختلف المجالات، فألقى على عاتق الدولة، في المادة (20) منه، التزامًا بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره، والتوسع في أنواعه كافة، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل. ومن ثم، فقد صار تنظيم التدريب المهني للعاملين وتطويره مرتكزًا جوهريًا، وضرورة لازمة، تعكس أحد أهداف النظام الاقتصادي الذي يرنو، على ما نصت عليه المادة (27) من الدستور، إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل زيادة معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشةِ، وزيادة فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الدستور وإن قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها، وخلا في الوقت ذاته من كل تحديد لمعناه، فإن مفهوم العدل - سواء بمبناه أو أبعاده - يتعين أن يكون محددًا من منظور اجتماعي، باعتبار أن العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التي لا تنفصل الجماعة في حركتها عنها، والتى تبلور مقاييسها في شأن ما يعتبر حقًا لديها، فلا يكون العدل مفهومًا مطلقًا باطراد، بل مرنًا ومتغيرًا وفقًا لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو أن يكون نهجًا متواصلاً منبسطًا على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازنًا بالقسط تلك الأعباء التي يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدوانًا، بل تطبيقها فيما بينهم إنصافًا، وإلا كان القانون منهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، وغدا إلغاؤه لازمًا.
وحيث إن الدستور الحالي قد حرص في المادة (4) منه، على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره إلى جانب مبدأ العدل أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز، التزامًا دستوريًا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتدخل الدولة إيجابيًا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال، وهو ما يعنى أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون، الذي كفله الدستور في المادتين (4 و53) منه - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - يتحقق بأي عمل يهدر الحماية القانونية المتكافئة تتخذه الدولة سواء من خلال سلطتها التشريعية أو عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أيًّا من هاتين السلطتين لا يجوز لها أن تفرض تغايرًا في المعاملة ما لم يكن مبررًا بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التي يتوخاها العمل التشريعي الصادر عنها؛ وليس بصحيح أن كل تقسيم تشريعي يعتبر تصنيفًا منافيًا لمبدأ المساواة، بل يتعين دومًا أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعيتها، واتصال هذه الوسائل منطقيًا بها، ولا يتصور بالتالي أن يكون تقييم التقسيم التشريعي منفصلاً عن الأغراض التي يتغياها المشرع، بل يرتبط جواز هذا التقسيم بالقيود التي يفرضها الدستور على هذه الأغراض، وبوجود حد أدنى من التوافق بينها وبين طرائق تحقيقها، ويستحيل بالتالي أن يكون التقدير الموضوعي لمعقولية التقسيم التشريعي منفصلاً كليًّا عن الأغراض النهائية للتشريع.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقام على أن الملكية الخاصة، في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تعد حقًّا مطلقًا، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها. ومن ثم، ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكمًا، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها. وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى النص في عجز الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور من أن "يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأى متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة"، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلاً عامًا يقتضى أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة للدولة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة المؤسسة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور، فإن ما يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - على ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور - أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفى أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد المالية في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة - بحسبانها استثناءً من الأصل العام - أداته القانون، وفى حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعي صريح ذى طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه، سواء كان ذلك التخصيص بطريق مباشر لهذا المصرف، أو بطريق غير مباشر، من خلال إعفائه من أداء أحد الموارد العامة.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه، يُعد أحد عناصر التنظيم القانوني الذي يهدف إلى تنظيم وتطوير التدريب المهني للعاملين وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، باعتبار ذلك هو أحد الالتزامات الجوهرية التي ألقاها الدستور، في نص المادة (20) منه، على عاتق الدولة، ضمانًا للوصول إلى ما يستهدفه النظام الاقتصادي من تحقيق الرخاء في البلاد، من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، على ما نصت عليه المادة (27) منه، وبما يضمن الحياة الكريمة للمواطنين؛ وكان ذلك هو محور اهتمام الدستور ومبتغاه، بعد تحديده للهدف من بلوغه، وتخويله المشرع التدخل بتنظيمه بما يحقق العدالة الاجتماعية والخير العام للمواطنين. وكان النص المطعون عليه - في تأكيده على التكليف القانوني الوارد بنص البند (1) من المادة (134) من قانون العمل المشار إليه، بسداد نسبة 1% من صافى الأرباح السنوية للمنشآت الخاضعة لأحكام ذلك القانون - قد سمح بتدبير مورد مالي لصندوق تمويل التدريب والتأهيل الذي أنشأه، ليضطلع هذا الصندوق بالمهام الموكلة إليه في مجالات إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب، بما يسمح لها بتوفير احتياجات سوق العمل المحلى والخاص في الجهات الخاضعة لقانون العمل، من العمالة الماهرة المدربة، ملبيًّا في ذلك للالتزام الذي عهد به الدستور في المادة (20) منه إلى الدولة في هذا المجال، كما سعى من وراء ذلك إلى تشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، تنفيذًا للتكليف الذي فرضه الدستور على الدولة بمقتضى نص المادة (28) منه، ليضحى النص المطعون فيه بحرصه على التأكيد على إلزام المنشآت التي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال، الخاضعة لأحكام قانون العمل المشار إليه، بسداد نسبة 1% من صافى أرباحها، وتخصيصها لهذا الصندوق، مقدرًا في ذلك القدرة التكليفية لهذه المنشآت، ومستبعدًا من هذا الإلزام المنشآت التي لا تحقق أرباحًا، وتلك التي لا يزيد عدد العاملين بها عن عشرة عمال، إنما يُعد، باعتباره أحد عناصر التنظيم الحاكم لهذا التكليف المالى، الوسيلة المنضبطة التي اختارها المشرع، للوصول إلى الغايات والأهداف التي حددها القانون، ورصدها الدستور في النصوص المشار إليها، والكافلة لتحقيقها، بما لا يكون متضمنًا معه تمييزًا تحكميًا في مجال تحديد المشروعات التي تتحمل بهذه الفريضة المالية، بل يستند إلى أسس موضوعية تبرره، ليس فيها مخالفة لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، اللذين كفلهما الدستور في المواد (4 و9 و53) منه.
وحيث إن المشرع قد راعى في تقريره للتكليف المالي الذي أكد عليه النص اللائحي المطعون فيه، تحقيق مصلحة جوهرية عناها، وأولاها اهتمامه؛ وقد جاء هذا التكليف في حدود معتدلة، دون شطط في تقديره، ودون مساس بأصول هذه المنشآت وأملاكها، بل إشراكًا لهذه المنشآت في منظومة تنمية عمليات التدريب وتنمية الموارد البشرية على المستوى القومي، على النحو الذي تتحقق معه أهداف النظام الاقتصادي للدولة من تحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية، ورفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر. متى كان ذلك، وكان تحقيق العدل في مجال علاقات العمل والنشاط الاقتصادي يتطلب مشاركة حقيقية من جانب أصحاب الأعمال والمنشآت للارتقاء بمستوى العاملين لديهم، وحسن تأهيلهم، بما يدفع بعجلة العمل إلى الأمام، وينهض بأحوال العمال في حاضرهم ومستقبلهم، وينعكس أثره بالضرورة على جودة الإنتاج والخدمات التي تقدمها المنشأة، ويسهم بالتالي في تنمية الاقتصاد الوطني، دون تحميل المنشآت الاقتصادية بأعباء إضافية تثقل كاهلها، أو تؤثر على قدرتها التنافسية، أو يتضمن ازدواجية في الأعباء المالية التي تتحمل بها المنشآت الخاضعة لأحكام القانون المشار إليه، ويحقق في الوقت ذاته التوزيع العادل للأعباء المالية التي تتطلبها المشاركة الفاعلة لهذه المنشآت مع الدولة في الوفاء بمتطلبات التنمية الاقتصادية بمختلف محاورها، وعلى الأخص ما يتصل منها بخطط التدريب والتأهيل وتنمية الموارد البشرية، وذلك كله في إطار المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع، التي حرص الدستور على توكيدها في المادة (36) منه، وألزم الدولة بموجبها بالعمل على تحفيز هذا القطاع على أدائها، فوق كونه يمثل أحد مظاهر الوظيفة الاجتماعية التي تضطلع بها الملكية الخاصة في خدمة المجتمع. ومن ثم، فقد جاء مسلك المشرع في النص المطعون فيه متفقًا وأحكام الدستور، وبما لا خروج فيه على قواعد العدالة الاجتماعية، والحماية المقررة لحق الملكية المنصوص عليها في المواد (27 و33 و35 و36) منه.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع الدستور من أى وجه آخر.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة
صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد خيرى طه النجار الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار محمود محمد غنيم.

الطعن رقم 10 لسنة 40 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 5 / 3 / 2022

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2022م، الموافق الثاني من شعبان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

-----------------

أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 40 قضائية "دستورية".

المقامة من
إبراهيم على إبراهيم السماحى
ضد 1 - رئيس الجمهورية

2 - رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب (النواب حاليًا)

3 - رئيس النيابة العامة بزفتى

------------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثاني والعشرين من يناير سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (323، 324، 325 مكررًا، 327، 328، 330) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل- حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة، كانت قد قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح زفتى الجزئية، في الدعوى رقم 2350 لسنة 2017 جنح قسم زفتى، متهمة إياه بأنه في يوم 22/ 2/ 2017، بدائرة قسم زفتى، أقام مبنى بدون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وطلبت معاقبته بالمادة (102/ 1-2) من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء.
وبجلسة 30/ 3/ 2017، أصدرت محكمة جنح زفتى الجزئية أمرًا جنائيًا بتغريم المدعى مبلغًا يعادل مثلى قيمة الأعمال المخالفة الواردة بالمحضر، على سند من نصى المادتين (323، 323 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية. وإذ لم يلق هذا الأمر قبولاً لدى المدعى، اعترض عليه، وقيد اعتراضه بموجب تقرير أودع قلم كتاب المحكمة الجزئية، برقم 10636 لسنة 2017 جنح مستأنف زفتى. تدوول الاعتراض أمام محكمة جنح مستأنف زفتى، وبجلسة 28/ 12/ 2017، قدم وكيل المدعى مذكرة، ضمنها دفعًا بعدم دستورية المواد من (323) حتى (330) من قانون الإجراءات الجنائية، وبتلك الجلسة قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على المواد (323، 324، 325 مكررًا، 327، 328، 330) من قانون الإجراءات الجنائية، مخالفتها نصوص المواد (53، 94، 95، 96، 97، 98) من دستور 2014.
وحيث إن المادة (323) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007، يجرى نصها على أنه " للنيابة العامة في مواد الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بعقوبة الحبس، إذا رأت أن الجريمة بحسب ظروفها تكفى فيها عقوبة الغرامة فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، أن تطلب من قاضى المحكمة الجزئية التي من اختصاصها نظر الدعوى توقيع العقوبة على المتهم بأمر يصدره بناء على محضر جمع الاستدلالات أو أدلة الإثبات الأخرى بغير إجراء تحقيق أو سماع مرافعة ". وتنص المادة (324) من القانون المشار إليه، المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أنه " لا يقضى في الأمر الجنائي بغير الغرامة والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، ويجوز أن يقضى فيه بالبراءة أو برفض الدعوى المدنية أو بوقف تنفيذ العقوبة ". وتنص المادة (325 مكررًا) من القانون المار بيانه، المستبدلة الفقرتان الأولى والثانية منها بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أنه " لكل عضو نيابة، من درجة وكيل نيابة على الأقل، بالمحكمة التي من اختصاصها نظر الدعوى أن يصدر الأمر الجنائي في الجنح التي لا يوجب القانون الحكم فيها بالحبس أو الغرامة التي يزيد حدها الأدنى على ألف جنيه فضلاً عن العقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف. ولا يجوز أن يؤمر بغير الغرامة التي لا يزيد حدها الأقصى على ألف جنيه والعقوبات التكميلية والتضمينات وما يجب رده والمصاريف، ويكون إصدار الأمر الجنائي وجوبيًا في المخالفات وفى الجنح المعاقب عليها بالغرامة وحدها التي لا يزيد حدها الأقصى على خمسمائة جنيه، والتي لا يرى حفظها. وللمحامي العام ولرئيس النيابة، حسب الأحوال، في ظرف عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر الجنائي، أن يأمر بتعديله أو بإلغائه وحفظ الأوراق والتقرير في الدعوى بأن لا وجه لإقامتها أو رفعها إلى المحكمة المختصة والسير في الدعوى الجنائية بالطرق العادية، ولا يجوز إعلان الأمر للخصوم قبل انقضاء هذه المدة ". وتنص المادة (327) من القانون الفائت، المستبدلة فقرتها الأولى بالقانون رقم 153 لسنة 2007، على أنه " للنيابة العامة أن تعلن عدم قبولها للأمر الجنائي الصادر من القاضي، ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الصادر من القاضي أو من النيابة العامة، ويكون ذلك بتقرير بقلم كتّاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي طبقًا للمادة (323 مكررًا) من هذا القانون، وبتقرير بقلم كتّاب محكمة الجنح في غير هذه الحالات، وذلك كله خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة العامة، ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقي الخصوم. ويترتب على هذا التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن. ويحدد الكاتب اليوم الذي تنظر فيه الدعوى أمام المحكمة مع مراعاة المواعيد المقررة في المادة (233). ويُنبه على المقرر بالحضور في هذا اليوم ويكلف باقى الخصوم والشهود بالحضور في الميعاد المنصوص عليه في المادة (400). أما إذا لم يحصل اعتراض على الأمر بالطريقة المتقدمة يصبح نهائيًا واجب التنفيذ. ولا يكون لما قضى به الأمر في موضوع الدعوى الجنائية حجية أمام المحاكم المدنية". وتنص المادة (328) من القانون السالف، الملغاة فقرتها الثانية بالقانون رقم 74 لسنة 2007، على أنه " إذا حضر الخصم الذي لم يقبل الأمر الجنائي في الجلسة المحددة، تنظر الدعوى في مواجهته وفقًا للإجراءات العادية. أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصح نهائيًا واجب التنفيذ ". وتنص المادة (330) من القانون ذاته على أنه " إذا ادعى المتهم عند التنفيذ عليه أن حقه في عدم قبول الأمر لا يزال قائمًا لعدم إعلانه بالأمر أو لغير ذلك من الأسباب، أو أن مانعًا قهريًا منعه من الحضور في الجلسة المحددة لنظر الدعوى، أو إذا حصل إشكال آخر في التنفيذ، يقدم الإشكال إلى القاضي الذي أصدر الأمر ليفصل فيه بغير مرافعة، إلا إذا رأى عدم إمكان الفصل فيه بحالته أو بدون تحقيق أو مرافعة. ويحدد يومًا لينظر في الإشكال وفقًا للإجراءات العادية، ويكلف المتهم وباقي الخصوم بالحضور في اليوم المذكور، فإذا قبل الإشكال تجرى المحاكمة وفقًا للمادة (328) ".
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون عليها، الإخلال بضمانات المحاكمة المنصفة، ومخالفة قواعد شرعية العقوبة؛ بإجازة الحكم بغرامة لا تلتزم الحد الأقصى المقرر في الأمر الجنائي وقدره ألف جنيه، وإنما يصدر الأمر الجنائي بغرامة تعادل مثلى أو ثلاثة أمثال قيمة الأعمال المخالفة، ومناقضة الحق في التقاضي؛ بحرمان المدعى من الاعتراض على الأمر الجنائي الصادر ضده، أمام المحكمة التي أصدرته، وإهدار مبادئ العدالة بإجازة تشديد العقوبة التي صدر بها الأمر الجنائي، فيما لو تم الاعتراض عليه، ومصادمة الحق في الدفاع بجواز إدانة المتهم غيابيًا بمقتضى الأمر الجنائي، بناءً على محضر جمع الاستدلالات، وبغير إجراء تحقيق، أو سماع مرافعة عند إصدار الأمر، أو الاستشكال في تنفيذه.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، فإنه يصادف قضاء هذه المحكمة؛ إذ المقرر به أن الأصل في النصوص التشريعية هو افتراض مطابقتها مع أحكام الدستور، ويتعين بالتالي إعمالاً لهذا الافتراض وكشرط مبدئي لإنفاذ محتواه أن تكون المطاعن الموجهة إلى هذه النصوص جلية في معناها واضحة في الدلالة على المقصود منها لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض.
كما استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - إنما يتحدد على ضوء عنصرين أولين يحددان معًا مفهومها. ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح. أولهما: أن يقيم المدعى - في حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاً بعناصره ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على المدعى، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقاب على ارتكاب جريمة، إنما يكون وفقًا للنصوص السارية في تاريخ حدوثها، فإن نطاق الطعن يتحدد بالنصوص السارية في تاريخ الواقعة الجنائية، ما لم يتم تعديلها بعد ذلك على وجه أصلح للمتهم، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين.
متى كان ما تقدم، وكان المدعى قد انصبت مناعيه - بعد تحصيله وقائع الدعوى على نحو يخالف الثابت من أوراقها - على نصوص المواد (323، 324، 325 مكررًا، 327، 328) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وفق التعديل الذي أُدخل عليها بالقانون رقم 174 لسنة 1998، دون النصوص ذاتها التي جرى تعديلها بالقانون رقم 74 لسنة 2007، واستبدال الفقرتين الأولى والثانية من المادة (327) بالقانون رقم 153 لسنة 2007، كونها النصوص السارية وقت ارتكاب الفعل المؤثم الذي صدر بشأنه الأمر الجنائي ضد المدعى، ومن ثم تكون مناعي المدعى على نصوص المواد (323، 324، 327، 328) من قانون الإجراءات الجنائية، قد شابها غموض المعنى، وإبهام الدلالة على المقصود منها، بما يصمها بالتجهيل، ومؤداه عدم قبول الدعوى في هذا الشق منها، كما أن نصي المادتين (325 مكررًا) و(330) من القانون ذاته، ليس مطبقًا أولهما على وقائع النزاع الموضوعي، ولا المدعى مخاطبًا بثانيهما، إذ لم ينفذ الأمر الجنائي في مواجهة المدعى، ولم يقدم إشكالاً إلى القاضي الذي أصدره لإيقاف تنفيذه، كون ذلك مفترض إعمال نص المادة (330) من قانون الإجراءات الجنائية، الأمر الذي تنتفي معه مصلحته الشخصية المباشرة في مخاصمة النصين المشار إليهما، ولازم ذلك القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
 

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد خيرى طه النجار، الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار رجب عبد الحكيم سليم.

الطعن رقم 15 لسنة 43 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 5 / 3 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2022م، الموافق الثانى من شعبان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

---------------------

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 43 قضائية تنازع.

المقامة من
حسن مصطفى حسن حسين
ضد
أولاً - رئيس مجلس الوزراء
ثانيًا- وزير الإسكان والمرافق
ثالثًا- وزير العدل
رابعًا- محافظ الجيزة
خامسًا- ورثة/ هارون عباس سلامة، وهم:
1- محمود هارون عباس سلامة
2- حسام هارون عباس سلامة
3- هنادى هارون عباس سلامة
4- أمانى هارون عباس سلامة
5- جمالات محمد مبروك

--------------

" الإجراءات "
بتاريخ السابع والعشرين من أبريل سنة 2021، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: إلغاء الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 30/ 12/ 2020، في الدعوى رقم 443 لسنة 2020 إيجارات كلى، وفى الموضوع: بتقرير أولوية تنفيذ الحكم الصادر بجلسة 15/ 9/ 2020، من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، في الدعوى رقم 30767 لسنة 74 قضائية، على الحكم الابتدائي السالف البيان، وبالتبعية شمول الأحكام الصادرة في الدعويين رقمي 30773، 32101 لسنة 74 قضائية، بالتنفيذ على منطقة أرض اللواء حسبما ورد بأسبابهما.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/ 2/ 2022، حيث قدم المدعى مذكرة صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة دعواه، وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.
---------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 8/ 2020، أقام المدعى، ضد المدعى عليهم خامسًا في الدعوى المعروضة، الدعوى رقم 443 لسنة 2020 إيجارات كلى الجيزة، طالبًا الحكم بثبوت تفسير كلمة مشاهرة التي وردت بعقد الإيجار المؤرخ 14/ 3/ 1995 ليست شهرًا، إنما هي مدى حياة المستأجر، أو ستون عامًا طبقًا لنص المادة (999) من القانون المدني، وبجلسة 30/ 12/ 2020، قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيسًا على أن الأوراق قد خلت مما يفيد صدور قرار من وزير الإسكان بسريان أحكام قانون إيجار الأماكن على منطقة أرض اللواء الكائن بها عين التداعي، مما تخرج معه العين عن نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وتكون خاضعة لأحكام القانون المدني، وأن نسخة العقد المقدمة من المدعى جاء بها أن مدة العقد مشاهرة، ولم ينص على مدة ينتهى بها العقد، ومن ثم يكون العقد قد انعقد لتلك المدة، وهى تجدد شهريًا، وينقضي بانقضاء تلك المدة، عملاً بنص المادة (563) من القانون المدني، ومن ثم تكون مدة العقد شهرًا وليست مدى الحياة أو ستين عامًا. وقد صار هذا الحكم باتًا بعدم الطعن عليه. ومن جهة أخرى، أقام المدعى بتاريخ 27/ 2/ 2020، الدعوى رقم 30767 لسنة 74 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد المدعى عليهم (ثانيًا، ثالثًا، رابعًا) في الدعوى المعروضة، طالبًا في ختامها الحكم بأحقيته في سريان قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 474 لسنة 1983 على الشقة الكائنة بالدور السادس بالعقار رقم 2 شارع عباس من شارع مرسى محمود - أرض اللواء - العجوزة - الجيزة، المؤجرة له بموجب عقد الإيجار المؤرخ 14/ 3/ 1995. وبجلسة 15/ 9/ 2020، حكمت المحكمة بأحقية المدعى في سريان أحكام قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 474 لسنة 1983 على الوحدة محل الدعوى، الكائنة بمنطقة أرض اللواء، المؤجرة له بعقد الإيجار المؤرخ 14/ 3/ 1995، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك تأسيسًا على أن الثابت من الأوراق؛ وما أقر به الحاضر عن الجهة الإدارية، أن وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي أصدر القرار رقم 474 لسنة 1983 بخضوع قرية المعتمدية مركز إمبابة لأحكام الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وأن قرية أرض اللواء الكائن بها الوحدة المؤجرة للمدعى هى من القرى التابعة لقرية كرداسة ثم أصبحت تابعة بعد ذلك لقرية المعتمدية، وذلك قبل صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهى عقودها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، وطبقًا للقرارين رقمي 176 لسنة 1979، و474 لسنة 1983 بخضوع قرية كرداسة ثم قرية المعتمدية للقانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، فإنه يسرى على منطقة أرض اللواء القانون ذاته. وقد صار هذا الحكم باتًا بعدم الطعن عليه أمام المحكم الإدارية العليا. وإذ تراءى للمدعى تناقض الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 443 لسنة 2020 مدنى كلى، مع الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 30767 لسنة 74 قضائية، إذ خلص الحكم الأول إلى خروج الوحدة محل الدعوى من نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، وخضوعها بالتالي لأحكام القانون المدني، ومن ثم يكون العقد قد انعقد لتلك المدة، وهى تجدد شهريًا، وتنقضي بانتهاء تلك المدة، في حين انتهى الحكم الآخر إلى سريان أحكام قرار وزير الإسكان رقم 474 لسنة 1983 على الوحدة محل التداعي، ومن ثم خضوعها لقانون إيجار الأماكن المشار إليه، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا - على ما جرى به قضاؤها - بالفصل في التناقض القائم بين حكمين نهائيين وفقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ليس مقررًا لها بوصفها جهة طعن، ولكنها تتأكد ابتداءً من قيام التناقض، وذلك بتوافر أركانه وشروطه وتحقق مناطه، ومتى ثبت لديها ذلك، فإنها تتطرق إلى موضوعه فتفصل في شأن التناقض بينهما على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها المشرع ليحدد بها لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات التي خصها بالفصل فيها، دون النظر إلى ما قد يقوم من تعارض بين مؤدى حيثية وردت بأحد الحكمين المدعى تناقضهما وحيثية تضمنها الحكم الآخر.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين - في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا - يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التي فصلا فيها، بيد أن وحدة هذا الموضوع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كما أن تناقضهما - إذا قام الدليل عليه - لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها - عندئذ - أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحد الأول للتناقض المُدعى به يتمثل في الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 30/ 12/ 2020، في الدعوى رقم 443 لسنة 2020 إيجارات كلي شمال الجيزة، برفض الدعوى المقدمة بطلب تفسير لفظ مشاهرة الوارد بعقد الإيجار للوحدة موضوع الدعوى. بينما يتمثل الحد الآخر، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 15/ 9/ 2020، في الدعوى رقم 30767 لسنة 74 قضائية، بأحقية المدعى في سريان أحكام قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 474 لسنة 1983 على الوحدة محل الدعوى، الكائنة بمنطقة أرض اللواء، والمؤجرة له بالعقد المؤرخ 14/ 3/ 1995. مما مؤداه اختلاف موضوع الحكمين حدى التناقض المدعى به على ضوء نطاق الحقوق التي فصلت فيها، إذ قضى حكم جهة القضاء العادي في خصومة من علاقات القانون الخاص، تتعلق بتفسير لفظ مشاهرة الوارد بعقد إيجار الوحدة موضوع الدعوى، حال أن حكم جهة القضاء الإدارى قد فصل في منازعة إدارية متعلقة بنطاق تطبيق قرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 474 لسنة 1983. ومن ثم يكون تنفيذ الأحكام المدعى تناقضها معًا ممكنًا، هذا فضلاً عن اختلاف الخصوم في كلّ من الدعويين المدعى تناقضهما. وتبعًا لذلك؛ ينتفى قيام التناقض بينهما بالمعنى المُحدد بقانون المحكمة الدستورية العليا على النحو السالف البيان. ولا ينال مما تقدم، أن ثمة تعارضًا يقوم بين ما ورد بأسباب الحكمين، حيث انتهى حكم محكمة الجيزة الابتدائية السالف البيان إلى أن الوحدة محل التداعى غير خاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، في حين انتهى حكم القضاء الإدارى السالف البيان إلى سريان أحكام القرار رقم 474 لسنة 1983 الصادر من وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضى على الوحدة محل التداعى، ومن ثم خضوعها للقانون رقم 49 لسنة 1977 المار ذكره، ذلك أن التعارض الذي يثيره المدعى بين أسباب الحكمين - بفرض قيامه - لا يُشكل تناقضًا بين حكمين نهائيين في مجال التنفيذ بالمعنى الذي يقصده المشرع في البند ثالثًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، مما يستنهض ولايتها بالفصل فيه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الخصوص.
وحيث إنه عن طلب المدعى شمول الحكمين الصادرين من محكمة القضاء الإدارى، في الدعويين رقمى 30773، 32101 لسنة 74 قضائية بالتنفيذ، تبعًا للقضاء في الحد الثانى من التناقض المعروض، المتعلق بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة في الدعوى رقم 30767 لسنة 74 قضائية المشار إليه. وكان الثابت أن المدعى لم يكن طرفًا في أى من المنازعات التي صدر فيها كل من الحكمين المشار إليهما، وهو شرط لقبول دعوى التناقض - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذ أقيمت أولاهما من سحر نبيل عبدالرؤف عوض عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قُصر المرحوم عادل لطفى الشحات، ضد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ووزير العدل ومحافظ الجيزة، والصادر فيها الحكم بجلسة 15/ 9/ 2020. والمقامة ثانيتهما من إيهاب جمال مكى شاهين، ضد المدعى عليهم في الدعوى الأولى، والصادر فيها الحكم كذلك بجلسة 15/ 9/ 2020، لتنتفى بذلك صفة المدعى ومصلحته في هذا الطلب، إذ لا يجوز له أن يُضمن دعواه طلبًا غايته صون حقوق الآخرين ومصالحهم، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن حقيقة الطلب العاجل المبدى من المدعى بصحيفة الدعوى، بحسب التكييف القانوني الصحيح له، إنما ينصب على طلب وقف تنفيذ حكم محكمة الجيزة الابتدائية السالف الإشارة إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع المعروض، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب إعمالاً لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد خيرى طه النجار، الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار رجب عبد الحكيم سليم.

الطعن رقم 21 لسنة 42 ق الدستورية العليا " دستورية " جلسة 5 / 3 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2022م، الموافق الثاني من شعبان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

-----------------

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية.

المقامة من
مصطفى شعبان محمد محمود
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس النواب
4- وزير العدل
5- نقيب المحامين

-----------------

" الإجراءات "
بتاريخ السابع عشر من مارس سنة 2020، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (107، 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى، يمتهن المحاماة، وأُحيل إلى مجلس تأديب المحامين، في الدعوى رقم 65 لسنة 2019 تأديب محامين، بناءً على طلب مجلس النقابة العامة، إثر التحقيق الذي أُجرى معه بمعرفة لجنة الشكاوى بنقابة المحامين الفرعية بالقاهرة، في الشكوى رقم 206 لسنة 2008، المقدمة ضده من أحد المحامين، لما نسب إليه من قيامه بسب وقذف نقيب المحامين السابق على صفحات التواصل الاجتماعي. وقد انتهت لجنة الشكاوى إلى صحة ما جاء بمضمون الشكوى، وأحالت الأمر إلى مجلس النقابة العامة لاتخاذ ما يراه حيال المدعى. وبناءً على طلب مجلس النقابة، قررت النيابة العامة إحالته إلى مجلس تأديب المحامين المنصوص عليه في المادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، لمخالفته لنصوص المواد (62، 58، 98، 107) من ذلك القانون. وبجلسة 24/ 2/ 2020، مثل المدعى أمام مجلس التأديب، ودفع بعدم دستورية نصى المادتين (107، 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، وبعد أن قدر مجلس التأديب الابتدائي جدية الدفع، صرح له بالطعن بعدم الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 تنص على أن يكون تأديب المحامين من اختصاص مجلس يشكل من رئيس محكمة استئناف القاهرة أو من ينوب عنه، ومن اثنين من مستشاري المحكمة المذكورة تعينهما جمعيتها العمومية كل سنة، ومن عضوين من أعضاء مجلس النقابة يختار أحدهما المحامي المرفوعة عليه الدعوى التأديبية ويختار الآخر مجلس النقابة.
وتنص المادة (116) من القانون المشار إليه على أن للنيابة العامة وللمحامي المحكوم عليه حق الطعن في القرارات الصادرة من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة (107) وذلك خلال خمسة عشر يومًا بالنسبة إلى النيابة من تاريخ صدور القرار وبالنسبة إلى المحامي من تاريخ إعلانه بالقرار أو تسلمه صورته.
ويفصل في هذا الطعن مجلس يؤلف من أربعة من مستشاري محكمة النقض تعينهم جمعيتها العمومية كل سنة، ومن النقيب أو وكيل النقابة، وعضوين من مجلس النقابة.
وللمحامي الذي رفعت عليه الدعوى التأديبية أن يختار أحد هذين العضوين.
ولا يجوز أن يشترك في المجلس أحد أعضاء مجلس التأديب الذي أصدر القرار المطعون عليه.
والقرار الذي يصدر يكون نهائيًّا .
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن تعرضت لدستورية النصين المطعون فيهما وقضت بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية: بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107، 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية. ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (10) مكرر (ب) بتاريخ 11/ 3/ 2019.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن ولايتها في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، ورخصت له برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا خلال أجل تحدده له، وهذه الأوضاع الإجرائية - سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها - تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهريًّا في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن مجلس التأديب الذي دفع المدعى أمامه بعدم دستورية النصين المطعون فيهما، وقدر جدية هذا الدفع، وصرح بإقامة الدعوى الدستورية، قد جاء تشكيله مخالفًا لنص المادة (107) من قانون المحاماة، مقروءًا في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية بجلسة 2/ 3/ 2019، الذي يستلزم لإنفاذه تدخل المشرع لإعادة تشكيل المجلس بما يتفق مع أحكام الدستور، وقضاء هذه المحكمة، ومن ثم يصير ما صدر عنه من تقدير لجدية الدفع بعدم دستورية المادتين المطعون عليهما، عديم الأثر قانونًا، ومؤداه أن اتصال الدعوى المعروضة بهذه المحكمة قد جاء مخالفًا أحكام المادة (29) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، وهو ما تغدو معه الدعوى المعروضة جديرة بعدم القبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد خيرى طه النجار، الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار محمود محمد غنيم.

الطعن رقم 5 لسنة 43 ق دستورية عليا " تفسير أحكام " جلسة 5 / 3 / 2022

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2022م، الموافق الثاني من شعبان سنة 1443 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمى إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار / عوض عبدالحميد عبدالله رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 43 قضائية تفسير أحكام.

المقامة من
يوسف كامل إبراهيم
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس النواب
3- رئيس مجلس الوزراء
4- وزير العدل
5- النائب العام
6- نقيب المحامين

--------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثامن والعشرين من أغسطس سنة 2021، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا تفسير ما غمض في حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية ، بشأن تشكيل مجلس تأديب المحامين وانعقاده بعد صدور هذا الحكم، وما إذا كان يصح انعقاد المجلس بتشكيل لا يضم عضوي مجلس النقابة، أم أن الانعقاد يكون صحيحًا بمشاركة عضوين من مجلس النقابة ممن لم يوافق على إحالة الدعوى التأديبية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل- على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى يمتهن مهنة المحاماة، وكان النائب العام قد أحاله إلى مجلس تأديب المحامين، في الدعوى رقم 23 لسنة 2008 تأديب محامين، بناءً على طلب مجلس النقابة العامة للمحامين، إثر التحقيق الذي أجرى معه بمعرفة لجنة الشكاوى بنقابة المحامين الفرعية بالقاهرة، في الشكويين رقمي 427، 428 لسنة 2007. وإذ انتهت إلى صحة الشكوى، فقد أحالت الأمر إلى مجلس النقابة العامة، الذي طلب من النائب العام إحالته إلى مجلس تأديب المحامين المنصوص عليه بالمادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، لمخالفته نصوص المواد (62، 63، 105، 107) من قانون المحاماة. وبجلسة 16/12/2007، مثل المدعى أمام مجلس التأديب، ودفع بعدم دستورية المادتين (107، 116) من قانون المحاماة، وبعد أن قدر مجلس التأديب جدية الدفع، وصرح له بالطعن بعدم الدستورية، أقام الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، وبجلسة 2/3/2019، قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107، 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية.
وإذ ارتأى المدعى أن الأسباب التي ساقتها المحكمة الدستورية العليا في حكمها المطلوب تفسيره، في شأن التشكيل المنصوص عليه بالمادتين (107، 116) من قانون المحاماة، لم يتبين منها ما إذا كان يصح انعقاد مجلس تأديب المحامين بعد إسقاط مشاركة عضوين من مجلس النقابة، أم أن الانعقاد يكون صحيحًا بمشاركة عضوين من مجلس النقابة لم يوافقا على إحالة العضو إلى مجلس التأديب، وهو تفسير تسمح به أسباب ومنطوق الحكم، ولم يصدر تشريع يوضح هذه الأمور ويحقق التوازن، ومن ثم فقد أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يجوز لكل خصم، في نطاق التفسير القضائي - وعملاً بنص المادة (192) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، التي يعتبر مضمونها مندمجًا في قانون المحكمة الدستورية العليا، على تقدير أن تطبيقها على الأحكام التي تصدرها، لا يتعارض مع طبيعة اختصاصها والأوضاع المقررة أمامها - أن يتقدم إليها مباشرة بدعواه المتعلقة بتفسير قضائها، وقوفًا على حقيقة مرادها منه، واستنهاضًا لولايتها في مجال تجلية معناه وتحديدًا لمقاصدها التي التبس فهمها حقًا، دون خروج عما قضى به الحكم المفسر - بنقص أو زيادة أو تعديل - إذا كان الغموض أو الإبهام - سواء في منطوق هذا الحكم أو ما اتصل به من الدعائم التي لا يقوم بدونها - قد اعتراه فعلاً وأصبح خافيًا، ذلك أن الحكم الصادر بالتفسير يعتبر متممًا من كل الوجوه للحكم المفسر، ولا يجوز بالتالي أن يتذرع بالتفسير ليقوض بنيانه، أو لتنفيذه على غير مقتضاه، إذ لا يُعد التفسير طريقًا من طرق الطعن في الأحكام ولا يمس حجيتها، ولا يجوز أن يتخذ سبيلاً إلى تعديلها أو نقضها أو هدم الأسس التي تقوم عليها.
وحيث إن الحكم المطلوب تفسيره الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، والقاضي في منطوقه بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107، 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية. الذي نشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 مكرر (ب) بتاريخ 11/3/2019، جاء قضاؤه واضحًا وصريحًا فيما قضى به، وغير مشوب بأي غموض أو إبهام يستوجب تفسيره، كما لم يقع بهذا الحكم أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية، من تلك التي ناط نص المادة (191) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تصحيحها بقرار تصدره المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم.
متى كان ذلك، وكانت حقيقة طلبات المدعى في الدعوى المعروضة، إنما تنحل إلى دعوة المحكمة الدستورية العليا لتحديد كيفية إعمال أثر حكمها الصادر في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، وإصدار تشريع يواجه ما يتعين أن يكون عليه تشكيل مجلس تأديب المحامين، بعد صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، الأمر الذي يخرج عن نطاق طلبات تفسير وتصحيح الأحكام.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما السيد المستشار محمد خيرى طه النجار، الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على مسودة الحكم فقد جلس بدلاً منه عند تلاوته السيد المستشار رجب عبد الحكيم سليم.