الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 ديسمبر 2019

الطعن 4721 لسنة 55 ق جلسة 14 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 16 ص 76

جلسة 14 من يناير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.
----------------
(16)
الطعن رقم 4721 لسنة 55 القضائية
نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". استئناف. نيابة عامة.
حق النيابة العامة الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة ثاني درجة في حالة عدم استئنافها الحكم الابتدائي. شرطه: أن يكون هذا الحكم قد ألغي في الاستئناف أو عدل.
--------------------
من المقرر أنه يتعين - كيما يكون للنيابة العامة حق الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة ثاني درجة في حالة عدم استئنافها الحكم الابتدائي، أن يكون هذا الحكم قد ألغي في الاستئناف أو عدل بحيث يكون الحكم الصادر في الاستئناف المرفوع من المتهم قضاء جديداً منفصلاً تمام الانفصال عن قضاء محكمة أول درجة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: غش شيئاً من أغذية الإنسان معد للبيع "عصير مانجو" على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 2، 6، 13 من القانون رقم 10 لسنة 1966، 2/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1941. ومحكمة جنح..... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ والمصادرة. فعارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه فاستأنف ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم مائة جنيه وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دان المطعون ضده بجريمة غش الأغذية وأوقع عليه عقوبتي الغرامة والمصادرة فحسب دون أن يقضي بنشر الحكم في جريدتين يوميتين رغم وجوب ذلك قانوناً، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة لم تستأنف الحكم الابتدائي الذي خلا من القضاء بنشر الحكم بجريدتين يوميتين وإنما استأنفه المطعون ضده فحسب. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بطريق النقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، وكان من المقرر أنه يتعين - كيما يكون للنيابة العامة حق الطعن بالنقض في الحكم الصادر من محكمة ثاني درجة في حالة عدم استئنافها الحكم الابتدائي، أن يكون هذا الحكم قد ألغى في الاستئناف أو عدل بحيث يكون الحكم الصادر في الاستئناف المرفوع من المتهم قضاء جديداً منفصلاً تمام الانفصال عن قضاء محكمة أول درجة، وهو ما لم يحدث في واقعة الدعوى المطروحة، فإن الطعن الماثل يكون غير جائز إذ هو ينعطف على الحكم الابتدائي الذي حاز قوة الأمر المقضي بعدم استئناف النيابة العامة له.

الطعن 5576 لسنة 55 ق جلسة 13 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 83 ص 395

جلسة 13 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.
---------------
(83)
الطعن رقم 5576 لسنة 55 القضائية
 (1)قانون "تفسيره" "تطبيقه" "التفويض التشريعي". لوائح قرارات وزارية. اختصاص "اختصاص القضاء العسكري". ضرب أفضى إلى الموت.
خضوع ضباط وأفراد هيئة الشرطة. لقانون الأحكام العسكرية. مقصور على الجرائم النظامية البحتة. أساس ذلك؟
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تطبيق نص القانون. عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحة أو قرار واجب. مثال.
 (2)قانون "إلغاؤه". اختصاص "الاختصاص الولائي". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إلغاء التشريع. إلا بتشريع لاحق أعلى منه. أو مساو له في مدارج التشريع. الإلغاء الصريح والضمني للقانون؟
اختصاص المحاكم العادية. دون سواها. بجرائم القانون العام. التي يرتكبها أفراد هيئة الشرطة. أساس ذلك؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قرابة الشاهد للمجني عليه. لا تمنع من الأخذ بأقواله.
 (4)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. حق لمحكمة الموضوع.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب أفضى إلى الموت.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلاصه سائغاً. تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع.
 (6)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "أفضى إلى الموت".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. إسقاطها أقوال بعض الشهود. مفاده إطراحها.
 (7)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب أفضى إلى الموت.
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. حق الدفاع الشرعي. سن لرد العدوان ومنع استمراره.
مثال لعدم تحقق موجب الدفاع الشرعي في حق الطاعن.
---------------------
1 - إن المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة تنص على أنه "يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم، وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه، كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة. فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص - أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب. وليس أدل على ذلك من النص على أن توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية، والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عليه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على ضابط الصف وجنود الدرجة الأولى وكذلك الفقرة 11 من المادة 96 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين ولا يقدح في ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه "..... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي....." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968 بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذه المادة والتي جاء بها "احتفظت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الوارد في المادة 1 من القانون 61 لسنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية، فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليست جهازاً عسكرياً، إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته". وإذن فمتى كان ذلك، وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة - فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون وإذ كان قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بتاريخ 24 من إبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكري، متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية" اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 لسنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون - فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقاً بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة - ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون لا يعتد به ولا يكون له أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة. بكما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972. ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص.
2 - وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام - فإن القول بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استناداً إلى القرار الوزاري سالف الذكر - اجتهاداً غير جائز بل هو دفع قانوني ظاهر البطلان.
3 - من المقرر أن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنح من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
4 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان المتهم لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهدة زوجة المجني عليه، فإن تناقض روايتها في بعض تفاصيلها أو مع أقوال غيرها من الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله بالإدانة على أقوال الشاهدة السابقة بدعوى وجود مصلحة لها وتضارب أقوالها مع أقوال بعض الشهود. ومن ثم يكون منعى المتهم في هذا الصدد غير سديد وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
6 - إن مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال بعض الشهود إطراحه لها، إذ أن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك.
7 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ونفس غيره وأطرحه بقوله: "وعن الدفاع الشرعي فإن المحكمة لا تعتنق قيامه لأن المتهم وإن كان قد قال به بعد أن تمكن من مفاجأة المجني عليه والإمساك به عقب إخفاقه في الدخول إلى سيارة الأتوبيس بطريق الحرية استدار وأطلق النار على زميله..... فأصاب يده اليسرى ثم استدار نحوه ليطلق النار عليه لولا أن عاجله بطلقة من مسدسه الأميري أصابته في كتفه الأيسر فإن الشرطي..... نفسه كذبه في ذلك مدعياً أن المجني عليه ضربه وأصابه أمام الفيلا بشارع الإسماعيلية وأنه لم يشترك مع المتهم في مطاردته وأصر على ذلك رغم مواجهته بأقوال زميله المتهم، فضلاً عن أن الثابت من أقوال شهود الإثبات السالف سرد أقوالهم والتي تطمئن المحكمة إلى صدقها أن ثلاثة من جنود الشرطة - كان المتهم من بينهم - تماسكوا مع المجني عليه بشارع الإسماعيلية وأنه بعد أن تمكن من تخليص نفسه من قبضتهم بمشقة بالغة تركت أثارها على ملابسه ومظهره والفرار بنفسه طارده ثلاثتهم شاهرين مسدساتهم من خلفه بلا مبرر قانوني يعطيهم الحق في تلك المطاردة حتى اختفى منهم خلف سيارة بفرع الجمعية التعاونية للبترول مستعطفاً أن يتركوه لحاله تارة ومهدداً بسلاحه أخرى حتى بدأ أحدهم بإطلاق النار عليه ففر عبر طريق الحرية محاولاً أن يستقل إحدى السيارات العامة العابرة وهم يجرون من خلفه حتى أدركوه قبل أن يتمكن من الفرار منهم على التفصيل السابق بما يقطع في الدلالة على أن المتهم وزميليه من رجال الشرطة كانوا معتدين لا مدافعين، وأن المجني عليه هو الذي كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه لا المتهم" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره، وكان ما أثبته الحكم من حصول إصابة لزميل المتهم مرجعه مطاردتهما وثالث للمجني عليه بقصد الاعتداء عليه وليس في زمن معاصر لواقعة الاعتداء على الأخير، فإن نعي الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة..... بأنه: قتل..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت الدكتورة...... - أرملة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها..... و..... و..... - قصر المجني عليه - مدنياً قبل المتهم ووزير الداخلية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يؤدي هو والمسئول عن الحقوق المدنية للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت باعتباره مرتكب لجريمة الضرب المفضي إلى الموت.
فطعن كل من الأستاذ... المحامي عن الأستاذ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه وإدارة قضايا الحكومة نيابة عن المسئول عن الحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وبإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية بالتعويض المدني المؤقت، فقد شابه البطلان وأخطأ في تطبيق القانون كما انطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخل بحقهما في الدفاع، ذلك بأن الحكم صدر من محكمة غير مختصة ولائياً بمحاكمة المتهم، إذ أنه باعتباره جندياً من أفراد هيئة الشرطة وقت وقوع الحادث وقد نسب إليه ارتكابه أثناء تأدية وظيفته وبسببها فإن أمر محاكمته يكون موكولاً للقضاء العسكري الذي نظمه قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 والذي صدر بموجب التفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة 99 من القانون 109 لسنة 71 في شأن هيئة الشرطة ورغم التمسك بهذا الدفاع إلا أن المحكمة أطرحته بما لا يسوغ به إطراحه. كما أن الحكم استند في قضائه إلى أقوال زوجة المجني عليه بالرغم من وجود مصلحة لها في أداء تلك الشهادة وجاءت أقوالها متناقضة مع أقوال باقي الشهود وأغفلت أقوالهم التي أيدت تصوير المتهم للواقعة بأن المجني عليه هو البادئ بالاعتداء بأن أطلق الأعيرة النارية من سلاحه الناري عليه وعلى زميليه من رجال الشرطة أثناء فراره وتعقبهم له لضبطه بسبب تعديه عليهم وإصابته لأحدهم ومواصلته إطلاق النار على المتهم. وأخيراً فإن الحكم رد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن نفس المتهم ونفس غيره بما لا يصلح رداً وأغفل مناقشة إصابة زميل المتهم وصلتها بالاعتداء الذي وقع منه. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة تنص على أنه "يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم، وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه، كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة". فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص - أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب. وليس أدل على ذلك من النص على أن توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية، والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عنه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضابط الصف وجنود الدرجة الأولى وكذلك الفقرة 11 من المادة 96 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين ولا يقدح في ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه ".... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي..." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968 بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذه المادة والتي جاء بها "احتفظت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الوارد في المادة 1 من القانون رقم 61 لسنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية، فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليست جهازاً عسكرياً، إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته". وإذن فمتى كان ذلك، وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة - فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون وإذ كان قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بتاريخ 24 من إبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكري، متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية" اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 لسنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون - فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقاً بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة - ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة. كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972. ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص. وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام - فإن القول بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استناداً إلى القرار الوزاري سالف الذكر - اجتهاداً غير جائز بل هو دفع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المتهم بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال..... زوجة المجني عليه و.... مدير الجمعية التعاونية للبترول بطريق الحرية و..... العامل بتلك الجمعية وما أقر به المتهم بالتحقيقات وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك وكان من المقرر أن قرابة الشاهد للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها. وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان المتهم لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهدة زوجة المجني عليه، فإن تناقض روايتها في بعض تفاصيلها أو مع أقوال غيرها من الشهود - بغرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله بالإدانة على أقوال الشاهدة السابقة بدعوى وجود مصلحة لها وتضارب أقوالها مع أقوال بعض الشهود. ومن ثم يكون منعى متهم في هذا الصدد غير سديد وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال بعض الشهود إطراحه لها، إذ أن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك، ومن ثم فإن النعي على الحكم بإغفاله لأقوال بعض الشهود التي تعارضت أقوالهم مع أقوال زوجة المجني عليه والمؤيدة لدفاع المتهم يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ونفس غيره وأطرحه بقوله: "وعن الدفاع الشرعي فإن المحكمة لا تعتنق قيامه لأن المتهم وإن كان قد قال بأنه بعد أن تمكن من مفاجأة المجني عليه والإمساك به عقب قيامه لأن المتهم وإن كان قد قال بأنه بعد أن تمكن من مفاجأة المجني عليه والإمساك به عقب إخفاقه في الدخول إلى سيارة الأتوبيس بطريق الحرية استدار وأطلق النار على زميله..... فأصاب يده اليسرى ثم استدار نحوه ليطلق النار عليه لولا أن عاجله بطلقة من مسدسه الأميري أصابته في كتفه الأيسر فإن الشرطي..... نفسه كذبه في ذلك مدعياً أن المجني عليه ضربه وأصابه أمام الفيلا بشارع الإسماعيلية وأنه لم يشترك مع المتهم في مطاردته وأصر على ذلك رغم مواجهته بأقوال زميله المتهم، فضلاً عن أن الثابت من أقوال شهود الإثبات السالف سرد أقوالهم والتي تطمئن المحكمة إلى صدقها أن ثلاثة من جنود الشرطة - كان المتهم من بينهم - تماسكوا مع المجني عليه بشارع الإسماعيلية وأنه بعد أن تمكن من تخليص نفسه من قبضتهم بمشقة بالغة تركت آثارها على ملابسه ومظهره والفرار بنفسه طارده ثلاثتهم شاهرين مسدساتهم من خلفه بلا مبرر قانوني يعطيهم الحق في تلك المطاردة حتى اختفى منهم خلف سيارة بفرع الجمعية التعاونية للبترول مستعطفاً أن يتركوه لحاله تارة ومهدداً بسلاحه أخرى حتى بدأ أحدهم بإطلاق النار عليه ففر عبر طريق الحرية محاولاً أن يستقل إحدى السيارات العامة العابرة وهم يجرون من خلفه حتى أدركوه قبل أن يتمكن من الفرار منهم على التفصيل السابق بما يقطع في الدلالة على أن المتهم وزميليه من رجال الشرطة كانوا معتدين لا مدافعين، وأن المجني عليه هو الذي كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه لا المتهم. "لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره، وكان ما أثبته الحكم من حصول إصابة لزميل المتهم مرجعه مطاردتهما وثالث للمجني عليه بقصد الاعتداء عليه وليس في زمن معاصر لواقعة الاعتداء على الأخير، فإن نعي الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4729 لسنة 55 ق جلسة 13 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 81 ص 389


جلسة 13 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.
-----------------
(81)
الطعن رقم 4729 لسنة 55 القضائية

حكم "إصداره" "وصفه". إجراءات "إجراءات المحاكمة". معارضة. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". محكمة استئنافية.
وصف المحكمة الحكم بأنه حضوري. وهو في حقيقته غيابي. عدم إعلان الطاعن به. استمرار انفتاح باب المعارضة. عدم جواز الطعن فيه بالنقض. المادة 32 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------------
لما كان يبين من الأوراق أن الطاعن استأنف الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة بحبسه ثلاثة شهور مع الشغل ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس أن يحضر بنفسه ولو كان الحبس جوازياً لا وجوبياً ولما كان الطاعن لم يحضر بنفسه بجميع جلسات المحاكمة الاستئنافية وحضر عنه وكيل فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر غيابياً وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع إذ العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق. ولما كان ميعاد المعارضة في هذا الحكم لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان المتهم به وكانت المادة 32 من القانون 57 لسنة 1959 المعدل في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تقضي بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً. ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن هذا الحكم لم يعلن بعد للطاعن وكان الإعلان هو الذي يفتح باب المعارضة ويبدأ به سريان الميعاد المحدد لها في القانون فإن باب المعارضة في هذا الحكم لم يزل مفتوحاً ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن - وأخر - بأنهما: (أولاً): تسببا خطأ في إصابة كل من..... و..... بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح بأن قادا سيارتين بسرعة فاصطدما ببعضهما مما نجم عنهما الإصابات على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً): المتهم - الطاعن - قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر على الأموال والأشخاص، وطلبت عقابهما بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات ومحكمة جنح..... قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم - الطاعن - ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ عن التهمتين. استأنف المحكوم عليه ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
من حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن استأنف الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة بحبسه ثلاثة شهور مع الشغل ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس أن يحضر بنفسه ولو كان الحبس جوازياً لا وجوبياً ولما كان الطاعن لم يحضر بنفسه بجميع جلسات المحاكمة الاستئنافية وحضر عنه وكيل فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر غيابياً وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع إذ العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق. ولما كان ميعاد المعارضة في هذا الحكم لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان المتهم به وكانت المادة 32 من القانون 57 لسنة 1959 المعدل في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تقضي بعدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً. ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن هذا الحكم لم يعلن بعد للطاعن وكان الإعلان الذي يفتح باب المعارضة ويبدأ به سريان الميعاد المحدد لها في القانون فإن باب المعارضة في هذا الحكم لم يزل مفتوحاً ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز ويتعين ذلك القضاء بعدم جواز الطعن.

الطعن 1935 لسنة 55 ق جلسة 12 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 80 ص 381


جلسة 12 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين عبد الله نواب رئيس المحكمة وسري صيام.
----------------
(80)
الطعن رقم 1935 لسنة 55 القضائية

(1) فاعل أصلي. اشتراك. قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الفاعل للجريمة في حكم المادة 39 عقوبات؟
الفاعل مع غيره شريك بالضرورة يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة. وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده.
متى يتحقق قصد المساهمة في الجريمة؟
قصد المساهمة في الجريمة. أمر باطني. يضمره الجاني. العبرة بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد لقيامه.
مثال:
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. قتل عمد.
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
 (3)قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي.

----------------------
1 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد فاعلاً للجريمة (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره (ثانياً) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها "والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل أما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فأما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وأما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذاً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها، ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده، ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن - يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة - وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، فإن العبرة هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه.
2 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهت إليه.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دامت تدليلها على توافرها كافياً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: (أولاً): قتلا عمداً.... مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعد لذلك سلاحين ناريين وما أن شاهداه حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فحدثت به الإصابة الموصوفة بإشارة التشريح المبدئي والتي أودت بحياته. (ثانياً): - شرعا في قتل.... و.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتلهما وأطلقا عليهما عدة أعيرة نارية من أسلحة يحملانها قاصدين قتلهما فحدثت بها الإصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركه المجني عليهما بالعلاج. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك. وادعت.... أرملة المجني عليه.... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضاً شاملاً، ومحكمة جنايات.... قضت حضورياً بالنسبة للأول "الطاعن" وغيابياً للثاني عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات إلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض الشامل.
فطعن المحكوم عليه الأول (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات.... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة الأخيرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ 20000 جنيه على سبيل التعويض الشامل.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد والشروع فيه شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك في دفاعه بانتفاء علاقة السببية بين فعله وبين وفاة المجني عليه على أساس أن إصابة واحدة - لا يعرف محدثها - هي التي أدت إلى الوفاة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يرد عليه على الرغم من أنه استبعد ظرف سبق الإصرار وخلت مدوناته مما يفيد توافر الاتفاق بين المتهمين، كما أن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي على أساس أنه كان يحوز الأرض محل النزاع حيازة فعلية وأن المجني عليهم اعتدوا على حيازته بدخولهم تلك الأرض بغير حق بقصد سرقة بعض ثمار الأشجار بالإكراه فضلاً عن انتهاك عقار الغير إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما يخالف الفهم الصحيح لشروط قيام حالة الدفاع الشرعي مغفلاً تقدير الظروف التي كانت تحيط بالطاعن وقت الاعتداء وتقديره الشخصي لها وأورد في رده أن المجني عليهم كانوا يحضرون ثمار التين للأسرة كعادتهم كل أسبوع على خلاف الثابت بالأوراق كما أورد أن الكشف الطبي لم يثبت بالطاعن سوى سحجات في حين أن التقرير الطبي أثبت به إصابات أكثر جسامة - هذا إلى أن ما أورده الحكم لاستظهار قصد القتل لا يوفر وكل هذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه في يوم..... توجه..... وبصحبته شقيقه...... إلى مزرعة التين الشوكي الخاصة بشقيقه.... لزيارته وإحضار بعض ثمار التين لأسرته كعادته كل أسبوع وفي الطريق الذي سلكه الجميع بعد ترحيلهم من سيارة الأول تركوها قبالة حديقة موالح مجاورة تقابلوا مع..... المقصود بالزيارة والذي انتحى به شقيقه..... جانباً داخل الحقل بمسافة حوالي ثمانية أمتار من الجسر وعندئذ فوجئ الجميع بإطلاق النار عليهم عمداً من المتهم.... الذي سبق أن هدد بقتل من يدخل الأرض وابنه.... الذي سبق الحكم عليه قاصدين من ذلك قتلهم مما أدى إلى مقتل.... متأثراً بإصاباته النارية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وإلى إصابة كل من.... و.... الموصوفة بالتقارير الطبية". وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي وما ثبت من المعاينة. لما كان ذلك، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد فاعلاً للجريمة (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره (ثانياً) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها" والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فأما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذاً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها، ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده، ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة - وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، فإن العبرة هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه، ولما كانت نية تدخل الطاعن والمتهم الآخر في اقتراف جريمة قتل المجني عليه الأول والشروع في قتل باقي المجني عليهم تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدورهما في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهه واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره حسبما تقدم بيانه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي وأطرحه في قوله "وحيث إنه بالنسبة إلى القول بقيام حالة الدفاع الشرعي فإنه مردود بأن الأوراق قد خلت تماماً من دليل تطمئن إليه المحكمة على قيام عدوان من أي نوع من جانب المجني عليهم تجاه أرض أو ثمار أو شخص المتهم أو على وقوع المتهم تحت تأثير الخشية من اعتداء من هذا القبيل فمن ناحية الأرض وثمار التين موضوع النزاع والتي يستشف من الأوراق أنها كانت في حوزة المتهم لم يثبت من التحقيقات أن المجني عليهم قد دخلوا مزرعة التين بقصد منع حيازتها بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيها أو أنهم قد دخلوها بوجه قانوني ثم بقوا فيها بقصد ارتكاب شيء مما ذكر وهذه هي الصور الثلاثة لجريمة انتهاك حرمة ملك الغير الواردة بالمادة 369 من قانون العقوبات. إذ أجمع الشهود على أن القصد من دخول المزرعة كان لأخذ بعض ثمار التين للمجني عليه.... كعادته كل أسبوع وكما تدل على ذلك ظروف الواقعة التي لا ترشح إلى القول بما يجاوز هذا القصد والقول بأنهم دخلوا المزرعة ومكثوا فيها بقصد سرقة الثمار مردود بأن أحداً لم يذكر في التحقيق عن حصول سرقة من أي نوع للثمار أو لغيرها كما أنه لا دليل في الأوراق على حصول مجرد شروع في سرقة من هذا القبيل حيث لم يرتكب أحد المجني عليهم ثمة فعل يعتبر بدءاً في تنفيذ جريمة سرقة ثمار التين الشوكي إذ لا يؤدي مجرد دخول المزرعة حالاً ومباشرة إلى ارتكاب فعل الاستيلاء على ثمار التين المتصلة لما لها من طبيعة يشق معها على منتوي السرقة الحصول عليها حالاً ومباشرة هذا علاوة على أنه لا يجوز في صحيح القانون القول بقيام جريمة السرقة أو الشروع فيها في حق المجني عليهم لأن من أركان السرقة أن يكون المال مملوكاً للغير وهو الأمر الذي لم تكشف أوراق الدعوى عنه بيقين لأن ملكية الأرض والثمار موضوع نزاع قضائي لم يفصل فيها نهائياً بعد فضلاً عن اعتقاد المجني عليهم بملكيتهم للثمار التي كانوا ينوون أخذ بعضها وهو ما ينفي عنهم توافر القصد الجنائي العام اللازم لقيام جريمة السرقة وأية ذلك أنهم لم يتحوطوا لفعلهم فهم من ناحية لم يحاولوا إخفاء نشاطهم حتى يتمكنوا من الاستيلاء على الثمار خلسة وهم من ناحية أخرى لم يكونوا في عدد وعدة تهيئ لهم أمر الاستيلاء عليها عنوة والثابت أن المتهم هو المعتدي أولاً وأخيراً. وعلاوة على كل ما تقدم فإن ما رواه المتهم من أنه سقط أرضاً نتيجة اعتداء المجني عليهم مما اضطره إلى استعمال مسدسه من الوضع راقداً يكذبه ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من اتجاه العيار الناري في جسم المجني عليه الأول كان أفقياً تقريباً إذ لو صح تصوير المتهم للحادث لاتخذ العيار مساره من أسفل إلى أعلا وقوف كل ما ذكر فإنه لم يثبت من الأوراق وجود أسلحة من أي نوع مع المجني عليهم مما يكذب زعم المتهم عن وقوعه تحت تأثير خشية اعتداء حال ذلك الزعم الذي حاول عبثاً عن طريقه اصطناع حالة الدفاع الشرعي ناهيك عن زعمه اعتدائهم عليه بعصى يحملونها وهو ما كذبه تقرير الكشف الطبي الموقع عليه والذي لم يثبت به سوى سحجات فقط. وجماع القول أن دفاع المتهم تأسيساً على قيام حالة الدفاع الشرعي محض افتراء بني على ادعاء أجوف لا سند له من القانون أو الواقع ومن ثم تطرحه المحكمة وترفضه" لما كان ذلك وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليماً يؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان البين من المفردات المضمومة أن ما جاء بمدونات الحكم بشأن اعتياد المجني عليه الأول أخذ بعض ثمار التين لأسرته كل أسبوع له معينه بالأوراق من أقوال الشاهدين..... و..... كما أنا الثابت من التقرير الطبي المؤرخ..... الصادر من مستشفى..... أن إصابات الطاعن هي سحجات بالذراع الأيسر والجانب الخلفي من الظهر وهو ما لم يخطئ الحكم في تحصيله مما تنحسر معه قاله الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة على انتفاء الدفاع الشرعي كافياً وسائغاً فيما انتهت إليه المحكمة في هذا الخصوص فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - في حق الطاعن - بما فيه الكفاية بقوله "وحيث إنه فيما يتعلق بنية القتل فإن الأوراق تزخر بما يدل يقيناً على توافرها في حق المتهم إذا تستظهرها المحكمة في استعماله في عدوانه على المجني عليهم سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته أطلق منه العديد من الطلقات التي صوبها هو وابنه بإحكام إلى المذكورين أصابت منهم ثلاثتهم مقتلاً لولا تدارك الآخرين اللذين نجيا من الموت بالعلاج مع الأخذ في عين الاعتبار بما هو ثابت بالأوراق من وجود نزاع حاد سابق بين الطرفين حول الأرض مسرح الجريمة ذلك النزاع الذي شف عن خطورة آثاره ما سبقه من تهديد صريح بالقتل أعلنه المتهم لمن يجرؤ على اقتحام الحقل المتنازع عليه من الخصوم واتفق على تنفيذه المتهم وابنه يوم الواقعة" فإن ما يثيره الطاعن في خصوص نية القتل يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.


الطعن 7077 لسنة 55 ق جلسة 13 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 84 ص 408

جلسة 13 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.
-----------------
(84)
الطعن رقم 7077 لسنة 55 القضائية
 (1)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة.
إذن التفتيش. ماهيته؟ متى يجوز إصداره؟
 (2)دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". استدلال. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". مواد مخدرة.
الدفع ببطلان إذن التفتيش. لعدم جدية التحريات. جوهري. على المحكمة التعرض له. الاستناد في رفض الدفع إلى ضبط المخدر. خطأ. أساس ذلك؟ مثال.
----------------------
1 - الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة "جناية أو جنحة" واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين، وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار إذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وأن ترد عليه بالقبول أو الرفض وذلك بأسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط المخدر في حيازة الطاعنتين دليل على جدية التحريات وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع ذلك بأن ضبط المخدر هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش بل أنه هو المقصود بذاته بإجراء التفتيش، فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على جدية التحريات السابقة عليه لأن شرط صحة إصدار الإذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية يرجع معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه، مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم ردها على الدفع - أن تبدى رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنتين بأنهما: - المتهمة الأولى: أحرزت وحازت جوهراً مخدراً "هيروييناً" وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانون. المتهمة الثانية: أحرزت وحازت بقصد الاتجار "كودايينا" وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبندين 103 من الجدول الأول، 5 من الجدول الثالث الملحقين به بمعاقبة كل من المتهمتين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما ألف جنيه وبمصادرة المخدر والمضبوطات باعتبار أن حيازة وإحراز المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعنت المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عنهما دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها إلا أن الحكم رد على هذا الدفع برد غير سائغ. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنتين دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها، وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله "وحيث إن ما ذهب إليه الدفاع من أن إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة قد بني على تحريات غير جدية فهذا مردود عليه بأن ضبط المواد المخدرة في سكن المتهمتين يدلل على صحة تلك التحريات وجديتها ولا يقدح في سلامة ذلك ما وقع فيه شاهد الإثبات من خطأ في رقمي سكنى المتهمتين أي 32 بدلاً من 34، 3 بدلاً من 5 كما جاء بالإذن إذ أن سكن المتهمتين هو المعنى بالتفتيش وما دلت عليه التحريات". ومفاد ما تقدم أن المحكمة أسست اقتناعها بجدية التحريات التي بني عليها الإذن على مجرد ضبط المخدر في حيازة الطاعنتين أثناء التفتيش. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة "جناية أو جنحة" واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين، وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت إشراف محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وأن ترد عليه بالقبول أو الرفض وذلك بأسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط المخدر في حيازة الطاعنتين دليل على جدية التحريات وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع ذلك بأن ضبط المخدر هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش بل أنه هو المقصود بذاته بإجراء التفتيش، فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على جدية التحريات السابقة عليه لأن شرط مصلحة إصدار الإذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية يرجع معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه، مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم ردها على الدفع - أن تبدى رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما تثيره الطاعنتان في طعنهما.

الطعن 5574 لسنة 55 ق جلسة 13 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 82 ص 392

جلسة 13 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.
-------------
(82)
الطعن رقم 5574 لسنة 55 القضائية
(1) حكم "وصف الحكم". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". مواد مخدرة.
العبرة في وصف الأحكام. بحقيقة الواقع.
لا يكون الحكم حضورياً. إلا لمن تهيأت له فرصة الدفاع كاملة.
عدم أخذ الشارع بنظام الحكم الحضوري الاعتباري في الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات في مواد الجنايات.
(2) حكم "وصف الحكم". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
طعن المحكوم عليه في الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات. غير جائز.
المادة 33 من القانون 57 لسنة 1959.
-------------------
1 - من المقرر في قضاء محكمة النقض أن العبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع فلا يكون الحكم حضورياً بالنسبة إلى الخصم إلا إذا حضر وتهيأت له الفرصة لإبداء دفاعه كاملاً، ومن المقرر أيضاً أن الشارع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية لم يأخذ بنظام الحكم الحضوري الاعتباري فيما يتعلق بالأحكام التي تصدر في مواد الجنايات من محكمة الجنايات كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات.
2 - لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يحضر بجلسة المرافعة الأخيرة ولم يبد دفاعه فإن ما ذهبت إليه المحكمة من وصف الحكم بأنه حضوري يكون غير صحيح في القانون لأنه في حقيقة الأمر حكماً غيابياً برغم هذا الوصف، لما كان ذلك، وكانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز للمحكوم عليه الطعن بالنقض في الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات فإن الطعن يكون غير جائز.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
من حيث إن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن أنه في يوم 6 من أغسطس سنة 1984 أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات...... بعد أن استبعدت قصد الاتجار انتهت إلى عقابه طبقاً للمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 66، 61 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق وقضت حضورياً في 23/ 5/ 1985 بحبسه مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط - بالتطبيق للمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر بجلسة 26 من مارس سنة 1985 التي سمعت فيها أقوال الشاهد..... رئيس مباحث مركز..... ثم تأجل نظر الدعوى إلى جلسة 22 من إبريل سنة 1985 لضم الجنحة رقم..... لسنة..... جنح مركز ميت غمر وتوالت التأجيلات حتى تحدد أخيراً لنظر الدعوى جلسة 23 من مايو سنة 1985 التي تخلف الطاعن عن الحضور فيها وقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه - ولما كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن العبرة في وصف الأحكام هي بحقيقة الواقع فلا يكون الحكم حضورياً بالنسبة إلى الخصم إلا إذا حضر وتهيأت له الفرصة لإبداء دفاعه كاملاً، ومن المقرر أيضاً أن الشارع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية لم يأخذ بنظام الحكم الحضوري الاعتباري فيما يتعلق بالأحكام التي تصدر في مواد الجنايات من محكمة الجنايات كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يحضر بجلسة المرافعة الأخيرة ولم يبد دفاعه فإن ما ذهبت إليه المحكمة من وصف الحكم بأنه حضوري يكون غير صحيح في القانون لأنه في حقيقة الأمر حكماً غيابياً برغم هذا الوصف، لما كان ذلك، وكانت المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز للمحكوم عليه الطعن بالنقض في الأحكام الغيابية الصادرة من محكمة الجنايات فإن الطعن يكون غير جائز.