الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 مارس 2025

الطعن 2239 لسنة 30 ق جلسة 17 / 1 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 97 ص 634

جلسة 17 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

---------------

(97)

الطعن رقم 2239 لسنة 30 القضائية

نيابة إدارية - أعضاؤها - ترقية - التخطي في الترقية (قرار إداري - سببه).
الترقية إلى وظيفة رئيس نيابة إدارية أو رئيس نيابة إدارية فئة ممتازة ووكيل عام تكون بحسب درجة الكفاية - هذه الترقية ليست حتمية أياً كانت المثالب التي نسبت إلى العضو المرشح للترقية - ما يرتكبه العضو من مخالفات لا بد وأن تكون محل اعتبار عند الترقية إذ لا يتصور أن يتساوى من قصر وأهمل في أداء عمله وعوقب عن إهماله مع من خلت صفحته لمجرد أنهما تساويا في درجة الكفاية - إعمال هذا الأثر لا يكون إلا مرة واحدة - أساس ذلك: أنه لا يجوز التخطي في الترقية للمرة الثانية عن ذات السبب الذي أنتج أثره في التخطي لأول مرة - أساس ذلك: التخطي للمرة الثانية لذات السبب ينطوي على غلو يخرج القرار الإداري إلى دائرة عدم المشروعية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 20/ 6/ 1984 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتيهما سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2239/ 30 ق، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12/ 4/ 1984 في الدعوى رقم 61 لسنة 35 ق التي كانت مقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعنان، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلغائه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً بشقيه وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأمرت بإحالته إلى هذه المحكمة التي تداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تخلص في أنه بتاريخ 11/ 10/ 1980 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 61/ 35 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1980 الصادر في 7/ 5/ 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب. وقال شرحاً لدعواه إنه تدرج في وظائف النيابة الإدارية حتى بلغ وظيفة رئيس نيابة فئة ( أ ) وبتاريخ 7/ 7/ 1979 جوزي إدارياً بالإنذار لما نسب إليه من تراخ في التصرف في بعض البلاغات، وصدر القرار الجمهوري رقم 359 لسنة 1979 متخطياً إياه في الترقية لدرجة وكيل عام النيابة الإدارية، ثم صدر بعده القرار المطعون فيه متخطياً إياه مرة أخرى، وقد طعن فيهما أمام محكمة القضاء الإداري، وأنه إذا كان من الجائز أن تقرر الجهة الإدارية تخطيه بالقرار الأول رقم 359 لسنة 1979 فإنه لا يسوغ لها أن تتخطاه في الترقية مرة أخرى بالقرار الثاني لذات السبب وإلا كان ذلك تكراراً للجزاء عن واقعة واحدة. وبتاريخ 12/ 4/ 1984 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها محل هذا الطعن وأقامته على أسباب محصلها أن القرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1958 بإصدار اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية قد حدد طريقة اختيار أعضاء النيابة الإدارية إلى وظيفة وكيل عام فما فوقها، وجعل من تقارير الكفاية المرآة الصادقة لعضو النيابة التي تنعكس عليها شخصيته، وذلك للتعرف على مدى تفاوت المرشحين للترقية في مضمار الكفاية بحيث لا يتخطى الأقدم إلا إذا كان الأحدث أكثر كفاية، وأن الجهة الإدارية قد أفصحت في مذكرتها الأخيرة أن السبب في تخطي المدعي هو أنه لم يمض على القرار الصادر بمجازاته مدة كافية لردعه وأن تخطيه بالقرار رقم 359 لسنة 1979 لم يكن كافياً لتحقيق هذه الغاية، وإذا كانت اللجنة الخماسية بالنيابة الإدارية قد اجتمعت في 27/ 2/ 1980 وقررت ترشيح المدعي للترقية إلى وظيفة وكيل عام بالنيابة الإدارية بعد أن قامت بالمفاضلة بينه وبين أقرانه من المرشحين الشاغلين لوظيفة رئيس نيابة. ( أ )، إذ حصل في تقرير الكفاية عن عامي 78 و79 على مرتبة "فوق المتوسط" وهي المرتبة التي اعتبرت اللجنة الحاصلين عليها صالحين لتولي أعمال الوظيفة المرقى إليها، وقد تم لها ذلك بعد أن استعرضت الحالة الوظيفية للمدعي وسبب توقيع جزاء الإنذار عليه في 7/ 7/ 1979 آخذه في الاعتبار أن التقرير الذي أعد عن كفايته عام 1979 قد قدم في تاريخ لاحق لتوقيع هذا الجزاء ومن ثم فقد روعي بمعرفة الرؤساء المباشرين عند تقرير كفايته عام 1979 بمرتبة فوق المتوسط"، متساوياً في ذلك مع غيره من المرشحين الذين رقوا بالقرار المطعون فيه وإذ كان الثابت أن المدعي أسبق منهم جميعاً في أقدمية الوظيفة السابقة فإن تخطيه في الترقية لا يجد له سنداً صحيحاً في القانون. وأنه لا يسوغ الادعاء بعدم انقضاء فترة كافية لردعه، إذ أن المشرع لم يجعل من التخطي في الترقية جزاء يستهدف به ردع العاملين عما اقترفوه من مخالفات أو زجر غيرهم، ولو كان التخطي جزاء لما ساغ للجهة الإدارية توقيعه بعد سبق توقيع جزاء الإنذار على المدعي إلا أنها تتحرف على أية حال بمضمون الترقية عن الغاية المستهدفة منها وتجعل منها سيفاً مسلطاً على رقاب العاملين، بينما الترقية تنحصر في اختيار العناصر القادرة على شغل الوظائف القيادية من خلال تقارير الكفاية التي جعلت منها اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية الأساس الوحيد الذي يعتمد عليه في إقامة المفاضلة بين المرشحين للترقية، وإذ صدر القرار المطعون فيه متخطياً المدعي في الترقية، مستنداً إلى ما تقدم، فإنه يكون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، استناداً إلى أن وظائف النيابة الإدارية تتسم بأهميته نظراً لطبيعتها الرقابية، وأن اللائحة الداخلية اتجهت إلى تحرير إدارتها من القيود الواردة بالنظام العام للعاملين بالدولة عند شغل هذه الوظائف ولا محل لقياس عقوبة الإنذار المنصوص عليها في قانون العاملين المدنيين بالدولة بعقوبة الإنذار المنصوص عليها في قانون النيابة الإدارية من حيث الأثر المترتب عليها، وقد قدرت الإدارة عند إجراء حركة الترقيات المطعون فيها أنه لم تمض مدة كافية لردع المطعون ضده والتي تسمح بترقيته إلى درجة وكيل عام بالنيابة الإدارية، خاصة وأن ما نسب إليه من إهمال وتراخي أدى إلى مجازاته بعقوبة الإنذار يشكل أمراً يمس أداء واجبات وظيفته وبداخل في صميم السلطة التقديرية للإدارة. وأن الأصل المسلم به فقهاً وقضاءً أن قرار الإدارة يقوم على سببه المشروع في حدود استهداف الصالح العام، وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على ذلك، فإذا كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد جوزي بعقوبة الإنذار لما نسب إليه من تراخي وإهمال فاضح في أداء واجبات وظيفته وكان الاختيار لهذه الوظائف بمراعاة خطورة الاختصاصات المسندة إليها يدخل في السلطة التقديرية لجهة الإدارة في مجال المفاضلة بين المرشحين، فيكون قراراً صحيحاً. وأن أحكام المحكمة الإدارية العليا قد استقرت على أن الأقدمية والتقارير السنوية لا يكفيان. بذاتهما لصلاحية صاحبهما. في مجال الترقية بالاختيار، كذلك الترقية التي تقوم على عناصر عدة بجانب العنصرين المذكورين وأخصها عدم توقيع جزاءات تنبئ عن إهمال فاضح. في سلوك الموظف. وقدرته على الاطلاع بمسئوليات العمل الموكل إليه.
ومن حيث إنه تجدر الإشارة، بادئ الرأي إلى أن السبب الأول من أسباب الطعن غير ذي موضوع، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يستند في أسبابه إلى القيود الواردة بالنظام العام للعاملين بالدولة، ولم يقض عقوبة الإنذار الموقعة على المدعي على تلك الواردة بنظام العاملين المدينين بالدولة، وإنما أشار الحكم المطعون فيه إلى خصوصية القواعد المطبقة في شأن أعضاء النيابة الإدارية، مما يضحى معه هذا الوجه من الطعن غير ذي موضوع، فيلتفت عنه، كما أن السبب الثاني من أسباب الطعن إذ يقول بأن الأصل أن قرار الإدارة يقوم على سببه المشروع في حدود استهداف الصالح العام، وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على ذلك، إنما ينطوي على خلط بين ركني السبب والغاية في القرار الإداري، فركن السبب هو الحالة الواقعية التي يتخذ القرار الإداري بناء عليها، ويتعين أن تكون صحيحة في الواقع وفي القانون، وهو الذي تنبسط عليه الرقابة القضائية بمجرد الطعن في القرار ويتعين على جهة الإدارة أن تكشف عن سبب القرار إذا لم يكن مسبباً كي يبسط القضاء الإداري رقابته عليه من هيئة الواقع ومن حيث القانون، أما ركن الغاية فهو استهدف المصلحة العامة من إصدار القرار الإداري، بغض النظر عن صحة أو عدم صحة للسبب الذي يقوم عليه وهو يتصل بقصد يصدره من إصداره ويقوم على قرينة الصحة، أي افتراض أن المصلحة العامة هي التي استهدفت من إصداره، وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل عليه. والبين مما سبق أن واقعة سبق مجازاة المطعون ضده بالإنذار، وبعبارة أدق، عدم مضي مدة كافية على مجازاته بالإنذار، هي السبب في تخطي المدعي في الترقية إلى الوظيفة المرقى إليها للمرة الثانية منذ توقيع هذا الجزاء عليه، فهي سبب القرار المطعون فيه الذي تنبسط عليه رقابة القضاء الإداري في الواقع، أي من حيث صحة استخلاصه من الأوراق، وفي القانون، أي من حيث صواب اتخاذه قانوناً سبباً لهذا التخطي في الترقية. ومن ثم فلا يعتد بهذا السبب من أسباب الطعن.
ومن حيث إنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن، فإنه ولئن سبق لهذه المحكمة أن قضت في حكمها الصادر بتاريخ 15/ 3/ 1987 في الطعن رقم 605/ 30 ق المقام من نفس الطاعن عن سبق تخطيه في الترقية إلى ذات الدرجة بالقرار الجمهوري رقم 359 لسنة 1979، بأنه ولئن كانت المادة 28 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية قد نصت على أن الترقية إلى وظيفة رئيس نيابة إدارية ورئيس نيابة إدارية فئة ممتازة ووكيل عام تكون بحسب درجة الكفاية، إلا أن ذلك ليس مؤداه ترقية أي منهم حتماً أياً كانت المثالب أو المخالفات التي نسبت إلى عضو النيابة الإدارية المرشح للترقية وثبتت في حقه، لأن مثل هذه المآخذ لابد وأن تكون محل اعتبار عند الترقية بالاختيار للكفاية، إذ لا يتصور أن يتساوى من قصر وأهمل في أداء عمله وعوقب عن هذا الإهمال مع من خلت صفحته من مثل ذلك لمجرد أنهما تساويا في درجة الكفاية، وأنه وقد ثبت أن المدعي عوقب بالإنذار قبل إجراء حركة الترقيات المطعون فيها مباشرة لإهماله وتقصيره في مباشرة عمله فمن ثم فإن تخطيه في الترقية يكون قد قام على سبب صحيح يبرره لئن كان ذلك كذلك، إلا أنه لا يجوز أن يتخذ ذات الجزاء سبباً لتخطي المدعي في الترقية إلى ذات الدرجة للمرة الثانية وذلك بالقرار المطعون فيه، بمقولة أنه لم تمض فترة كافية على مجازاته، ذلك أنه وقد صار تخطي المدعي من قبل بالقرار رقم 359 لسنة 1979 المشار إليه، فقد أحدث هذا الجزاء أثره الكافي في حق المدعي، خصوصاً من حيث تدنيه وتأخره في ترتيب الأقدمية بين زملائه نتيجة لهذا التخطي، وهو أثر سوف يظل باقياً بقية حياته الوظيفية، وفي ذلك ما يكفي بحيث يضحى تخطيه للمرة الثانية لذات السبب منطوياً على غلو يخرج بالقرار الإداري من دائرة المشروعية إلى دائرة عدم المشروعية، فيقع مخالفاً للقانون متعيناً القضاء بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك. فإنه يكون قد صادف وجه الحق فيما خلص إليه على وجه يضحى الطعن فيه قائماً على حجة داحضة الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض هذا الطعن وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق