جلسة 2 من فبراير سنة 1953
برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن؛ وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل ومصطفى حسن وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل.
---------------
(176)
القضية رقم 1252 سنة 22 القضائية
دفاع شرعي.
اعتداء شخص على غيره . اعتداء آخر عليه لا يلزم عن ذلك أن تكون حالة الدفاع الشرعي قائمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا عمدا محمد أحمد عبد الله فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات, فقرر بذلك. وقد ادعى بحق مدني كل من: 1 - زينب محمد أحمد مخيلة زوجة المجني عليه. 2 - شاكر محمد أحمد عبد الله ابن المجني عليه قبل المتهمين وطلبا القضاء لهما قبلهما بمبلغ ألف جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات بني سويف قضت عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة عبد الحميد مرعي سلامه وعلي عبد الله سلمان بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدني مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المدنية والف قرش مقابل أتعاب المحاماة لأنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر ضربا محمد أحمد عبد الله فأحدثا به الإصابات المبينة بالكشف الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة تزيد عن عشرين يوما.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر الأسباب معيبا في تصوير الحادث ومخلا بدفاع الطاعنين إذ تمسك الطاعن الثاني أمام المحكمة بأن الشهود قرروا أنه جاء من الناحية اليمنى للمجني عليه وضربه مع أنه ليس في رأس المجني عليه من الجهة اليمنى إصابة ومن ثم لا يكون هذا الطاعن قد ضربه ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع, كما أن الحكم قد دان الطاعن الثاني مع أنه معتدي عليه في الحادث وشرع في قتله من متهم آخر, فعل فرض أنه ضرب المجني عليه فإنه كان في حالة دفاع شرعي - كما أن الحكم لم يأخذ بأقوال الشهود الذين قرروا أن هذا الطاعن لم يضرب. ويضيف الطاعنان أن الحكم لم يتعرض لما تبين من كذب بلاغ الحادث فيما جاء به من انتقال العمدة وسؤاله للمجني عليه واكتفى في تفنيد أقوال شهود النفي بالقول بأن شهادتهم غير مقبولة عقلا مع أن ما شهدوا به من أن شهود الإثبات عدلوا في حضورهم عما كانوا قد قرروه في التحقيق مقبول لأنه عدول متهم إلى الحق كما أن لشهود النفي من مركزهم الأدبي ما يوفر الثقة بهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها - ولما كان لا يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الطاعن الثاني تمسك بأنه كان في حالة دفاع شرعي وكانت الواقعة التي أثبتها الحكم لا ترشح لقيام هذه الحالة, كما أنه ليس في القانون ولا في المنطق ما يحول دون أن يعتدي شخص على غيره وأن يعتدي عليه من آخر بغير أن يترتب على ذلك ترتب لزوم أن يكون أحدهما في حالة دفاع شرعي - ولما كانت المحكمة وهى تمحص واقعة الدعوى والأدلة المطروحة أمامها قد استخلصت أن الطاعنين معا قد اعتديا على المجني عليه بضربه بالعصى على رأسه فلا يعترض على تحصيلها بما يقوله الطاعن الثاني من أنه كان إلى يمين المجني عليه وأنه ليس في رأسه من الجهة اليمنى إصابة بعد أن بينت في حكمها وجود إصابات في أكثر من موضع برأس لمجني عليه, هذا إلى أن الرأس بطبيعته عضو متحرك مما لا يكون ميسورا معه تحديد موقف الضارب من المجني عليه أثناء اعتدائه عليه بضربه على رأسه بعصا؛ ولما كان للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد في شطر منها دون شطر آخر أو أن تعرض عن أقوال شاهد في جملتها بغير أن تكون مكلفة ببيان الأسباب, إذ الأمر مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذي تأخذ به وكان في قضائها بالإدانة ما يعتبر ردا ضمنيا على شهادة شهود النفي فإذا هى تعرضت لها في حكمها وأبدت عدم اطمئنانها إليها فلا يجوز مناقشة حكمها في عدم تعويله عليها أو في أن شهود النفي كانوا جديرين بثقتها - لما كان ذلك, فإن ما ينعاه الطاعنان مما تقدم وما يثيرانه في طعنهما دون ذلك لا يكون له محل إذ هو في حقيقته جدل في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق