الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 مارس 2023

الطعن 1028 لسنة 22 ق جلسة 24/ 2/ 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 203 ص 554

جلسة 24 من فبراير سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن ومحمود إسماعيل.

-------------

(203)
القضية رقم 1028 سنة 22 القضائية

إثبات. 

محكمة الموضوع. سلطتها في تكوين اعتقادها. لها أن تأخذ بأقوال فريق من الشهود وتطرح ما عداها. هى غير ملزمة بسماع شهود لم يطلب المتهم سماعهم متى وجدت في شهادة من سمعتهم ما يكفي لظهور الحقيقة.

--------------
لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من عناصر الدعوى, ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقوال فريق من الشهود, وأن تطرح ما عداها من أقوال لفريق آخر, كما أنها ليست ملزمة بسماع شهود لم يطلب الدفاع سماعهم متى وجدت في شهادة من سمعتهم من الشهود ما يكفي لظهور الحقيقة في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه ضرب عمدا عبد القوي الدمرداش عبد اللطيف بآلة صلبة قاطعة على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من عظام القبوة لا ينتظر ملؤه بالعظام فيظل المخ في هذه المنطقة خاليا من أهم عامل مكون لحمايته الطبيعية فيصبح المصاب أكثر عرضة للتأثر من ضربات الشمس والإصابات التي قد تقع على هذه المنطقة وتحدث مضاعفات خطيرة كإلتهاب السحايا والصرع وتصبح حياة المصاب عرضة للخطر مما تضعف من قوة جلده على العمل بنحو 17 - 20%, وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات, فقرر بذلك. وادعى بحق مدني عبد القوى الدمرداش عبد اللطيف وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام المذكورة بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعي المدني ثلاثمائة جنيه والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن حاصل الوجه الأول أن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وعن ماله, فلم تأخذ المحكمة بهذا الدفاع, واكتفت بالقول بأن الشروط القانونية للدفاع الشرعي غير متوافرة, مع أن الثابت في التحقيقات أن المجني عليه وفريقه اشتروا قيراطين شائعين في وابور المياه المملوك للطاعن وأخوته, وأنهم قصدوا مسلحين إلى الوابور للاستيلاء عليه وإدارته لري أطيانهم بطريق العنف, مع أنه كان في حيازة الطاعن, وأراد المجني عليه أن يعتدي على الطاعن, فرد اعتداءه, ومن ثم وجب أن يستفيد من نص المادتين 245, 246 من قانون العقوبات. والحكم إذ لم يأخذ بهذا الدفاع, يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها, وساق على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, ثم عرض لحالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال التي تمسك بها الطاعن في دفاعه فنفى قيام هذه الحالة لديه بقوله: "إن ما دفع به الطاعن مردود وذلك لأنه فيما يتعلق بالإدعاء بحالة الدفاع الشرعي عن المال فإنه لا وجود له لعدم توافر أركانه لأنه ثبت في التحقيقات ومن عقد الشراء المقدم أن المجني عليهم قد اشتروا باسم والدتهم قيراطين مشاعا في وابور مياه بمشتملاته ومنها المروى, فلا يكون استعمالهم لها غير مشروع خصوصا وقد تبين مما أبداه المجني عليه عبد القوي أن المتهم عبد الحميد سليمان لم يكن يجهل هذا الشراء بدليل قوله إن البائع لا يستطيع التسليم. يضاف إلى ذلك أنه لم يكن هناك خطر حال على ما يزعمه من حق له وكان في استطاعته الإلتجاء إلى رجال السلطة العمومية لمنع التعدي على المروى واستمرار حيازته إن كان له حق. وفضلا عن ذلك, فإن المتهم لم يستعمل القوة لرد ما يزعمه من التعدي على المروى ومنع مرور المياه بها وإنما قام بالاعتداء وضرب المجني عليه, مما يتبين معه أن ذلك إنما كان تشفيا منه وانتقاما. وإذن يتضح مما تقدم أنه لم يكن هناك دفاع شرعي عن المال. وأما فيما يتعلق بالدفاع الشرعي عن النفس فإنه غير متوافر أيضا, وذلك لأنه لم يقم أي دليل كما سبق البيان على ما ادعاه المتهم الأول من أن المجني عليه عبد القوي كان قد أراد ضربه بالبلطة فانتزع هو عصا وضربه بها في رأسه فوقع على الأرض, بل إن هذا الإدعاء يخالفه ما قرره عبد الحميد إبراهيم الفقي "المتهم الرابع" وهو يمت للمتهم الأول بصلة القربى, إذ أنه وإن كان قد حاول أن يوافق المتهم المذكور على دفاعه, إلا أنه لم يتفق معه على تصويره إذ ذكر أن المجني عليه أراد أن يضربه بالبلطة فوقع وعندئذ إنهال عليه عبد الحميد سليمان "المتهم الأول" ضربا بالعصا مما يفهم منه أن المجني عليه كان قد وقع على الأرض فعلا قبل الاعتداء عليه خلافا لما زعمه المتهم. فلم يكن هناك ما يدعو للاعتداه عليه بعد وقوعه. هذا فضلا عما ثبت من أقوال المجني عليه وأخوته من أن المتهم الأول هو الذي بدأ بالاعتداء ولم يكن هناك أي مسوغ له". ولما كان هذا الذي قاله الحكم سائغا, وتنتفي به قانونا حالة الدفاع الشرعي, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولا.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن المحكمة قد أسست حكمها على اقوال المجني عليه وشهوده, دون أن تأخذ بأقوال الطاعن وشهوده, ولم تبين العلة في ترجيحها أقوال فريق على فريق, وكان القول الفصل في ذلك أن تقرر المحكمة بسماع شهود الحادث الذين لا يمتون بأي صلة إلى الفريقين وهو ما أهملته المحكمة, وفي إغفالها سماع هؤلاء الشهود - حتى ولو لم يطلب الدفاع سماعهم - ما يعيب الحكم بالقصور ويبطله.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من عناصر الدعوى, ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقوال فريق من الشهود, وأن تطرح ما عداها من أقوال لفريق آخر, كما أنها ليست ملزمة بسماع شهود لم يطلب الدفاع سماعهم متى وجدت في شهادة من سمعتهم من الشهود ما يكفي لظهور الحقيقة في الدعوى. ولما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن لا يكون سوى جدل في موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق