الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 أكتوبر 2022

الطعن 4089 لسنة 56 ق جلسة 16 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 203 ص 1069

جلسة ١٦ من ديسمبر سنة ١٩٨٦

برياسة السيد المستشار: محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة ومحمد محمد يحيى وحسن سيد حمزة ومجدي الجندي.

---------------

(٢٠٣)
الطعن رقم ٤٠٨٩ لسنة ٥٦ القضائية

(١) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عنه استخلاص توافره. موضوعي.
(٢) ظروف مشددة. سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. ويستخلصها القاضي من وقائع وظروف خارجية.
(٣) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سبق إصراره.
انعدام مصلحة الطاعن في المجادلة من توافر سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.
(٤) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(٥) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها للمحكمة. عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(٦) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود.
(٧) حكم "بيانات" التسبيب "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحله من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. متى استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه.

---------------
١ - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
٢ - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
٣ - لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعن - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.
٤ - من المقرر أن الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
٥ - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
٦ - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى آخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
٧ - المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وهى لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد أطمأنت إليها كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.

---------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض آلة حادة وما أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً بالآلة سالفة الذكر قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة.... قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

------------

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وانطوى على الإخلال بحق الدفاع وكما اعتوره الخطأ في الإسناد ذلك بأنه دلل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار في حق الطاعن بما لا يسوغ سنداً لقيامها أو لم يورد مؤدى الظروف والملابسات التي استند إليها في استظهارهما - كما أن الحكم أطرح بأسباب غير سائغة طلب المدافع عن الطاعن مناقشته كبير الأطباء الشرعيين عن إمكانية تحدث المجني عليه بتعقل عقب إصابته. كما أن الحكم لم يعن بالرد على المستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على نفي الاتهام قبله وأن مرتكب الحادث شخص آخر غيره، هذا إلى أن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات السماعية نقلاً عن المجني عليه بالرغم من اختلافهم في بيان اسم الجاني في مراحل التحقيق المختلفة، كما أسند إلى الشاهدة الثالثة قولها بأن المتهم هو مرتكب الجريمة في حين أنها لم تشهد بذلك، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وتحريات الشرطة. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية إزهاق الروح فقد توافرت في حق المتهم بما لا يدع مجالاً للشك وهو مستفادة من ظروف الدعوى وملابساتها وما بان من تقرير الصفة التشريحية من أن المتهم قد استل آلة حادة قاتلة بطبيعتها طعن بها المجني عليه العديد من الطعنات وسددها إلى أكثر من موضع قاتل في جسم المجني عليه منها خمسة جروح منتشرة بظهر المجني عليه على الجانبين نفذ إحداها لأيمن التجويف الصدري ونتج عنه تمزق بخلفية الفص السفلي للرئة اليمنى كما أن ثانيها قد نفذ للتجويف البطني مع تمزق بمنتصف الكلية اليسرى بطول ٢.٥ سم وبعمق حوالي ١ سم ومنها ما سدده في غلظة ووحشية إلى وجنته ويسار عنقه ومقدم صدره ووحشية الساعد الأيمن والساق اليمنى والعضد الأيسر للمجني عليه مما يؤكد ويقطع أن المتهم ما قصد من ذلك الاعتداء إلا إزهاق روح المجني عليه عمداً". كما استظهر توافر سبق الإصرار بقوله "وحيث إن ظرف سبق الإصرار فقد توافر في حق المتهم من رغبته في الأخذ بثأر ابن عمه والذي اتهمت عائلة المجني عليه في قتله فصمم على الانتقام من المجني عليه وأعد لذلك آلة حادة الأمر الذي تستظهر معه المحكمة أن فكرة القتل قد اختمرت في ذهن المتهم وانقضت فترة من الزمن من انعقاد العزم على ارتكاب الجريمة (قتل ابن عمه) وبين الإقدام على تنفيذها فهيأت لديه في خلالها حالة الهدوء النفسي والصفاء الذكري أتاحت له أن يتدبر عاقبة فعله". وما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار حسبما هما معرفان به في القانون، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعن - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وأنها لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء. وكان الثابت أن الحكم عرض لطلب المدافع عن الطاعن دعوة كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ورد عليه في قوله "أما فيما يتعلق بالطلب الاحتياطي - وهو استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته في إمكانية استجوب المجني عليه - فمردود بما أثبته السيد الطبيب الشرعي في تقريره المودع ملف الدعوى من أنه لا تعارض بين إصابات المجني عليه وإمكانية بقائه على قيد الحياة عقب حدوثها كما لا يوجد ثمة تعارض بين إمكانية تكلمه خلال هذه الفترة بتعلق وإدراك الأمر الذي لا ترى معه المحكمة مبرراً لطلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعي في هذا الخصوص ومن ثم تلتفت عنه" وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من تقرير الصفة التشريحية الذي اطمأنت إليها إمكانية تكلم المجني عليه بتعقل وإدراك عقب حدوث إصاباته، وكان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة كبير الأطباء الشرعيين، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وهى لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد أطمأنت إليها كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وإذ كانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى في الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما استخلصته من أقوال الشهود وسائر عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وانتهت إلى أن الطاعن هو المقصود بالاتهام بالرغم من إخفاق بعض الشهود في بيان اسمه الثلاثي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع بشأن التناقض في أقول الشاهدة وإطراحه بقوله "بأن الشاهدة قد حددت شخص المتهم في محضر المعاينة بأنه.... وهو ما أكده أيضاً الشاهدان الآخران"، وكان الواضح من هذا السياق أن المحكمة عندما أسندت إلى الشاهدة الثالثة قولها بأن المجني عليه أخبرها بأن مرتكب الحادث هو المتهم كانت على بينة من حقيقة الدليل الذي تستند عليه في ذلك وله أصل ثابت في الأوراق، ومن ثم ينحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق