جلسة 30 من ديسمبر سنة 1957
برياسة السيد حسن داود
المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وعثمان رمزي، والسيد أحمد عفيفي، وإبراهيم
عثمان يوسف المستشارين:
--------------
(273)
طعن رقم 1164 سنة 27 ق
قبض. استيقاف.
متى يجوز الاستيقاف ؟
------------
للاستيقاف شروط ينبغي
توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي أن يضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا في موضع
الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن صورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته،
ومن ثم فمتى كان المخبر قد اشتبه في أمر المتهم لمجرد تلفته وهو سائر في الطريق،
وهو عمل لا يتنافى مع طبائع الأمور ولا يؤدي إلى ما يتطلبه الاستيقاف من مظاهر
تبرره، فإن الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون
فهو باطل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة (أفيونا وحشيشا) مبينة بالمحضر في غير الأحوال
المصرح بها قانونا. وطلبت النيابة من غرفة الاتهام إحالة المتهم المذكور إلى محكمة
الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/ 1 و33 جـ و35 و37 من القانون رقم 351 سنة 1952
والبندين 1 و2 " أ" من الجدول الملحق به، فقررت الغرفة بذلك. وفى أثناء
نظر الدعوى أمام محكمة جنايات المنصورة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض
والتفتيش وما تلاهما من إجراءات لأنه لم يكن في حالة تلبس، وبعد أن أتمت المحكمة
نظرها قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة
1952 والبندين 1 و2 من الجدول الملحق به بمعاقبة المتهم قطب حسن عامر بالأشغال
الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وقالت في
حيثيات حكمها إن الدفع في غير محله. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن يؤسس طعنه
على خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتفسيره إذ قضى برفض الدفع الذي أبداه
ببطلان القبض عليه وما تلاه من تفتيش لأن مجرد اشتباه المخبر في أمره لتلفته حوله
أو ارتباكه لا يخلق حالة التلبس ولا يبرر القبض عليه واقتياده إلى مركز البوليس
وأن شروع الطاعن بعد ذلك في إلقاء ما معه فضلا عن أنه جاء لاحقا على القبض الباطل
ونتيجة له – فإنه لا يعتبر تخليا عن حيازته.
وحيث إنه يبين من مطالعة
الحكم المطعون فيه أنه وهو يستظهر واقعة الدعوى ويحصل أقوال المخبر الشاهد ذكر أن
المخبر مصطفى يوسف أبو العزم وهو يمر بميدان المحطة شاهد المتهم يتلفت حوله بحالة
تدعو إلى الاشتباه فاستوقفه ليستطلع جلية أمره وظهرت عليه علائم الارتباك فاقتاده
إلى البندر للتحري عنه وما أن بدأ في السير معه حتى أخرج المتهم من جيبه لفافة
محاولا إلقاءها فأمسك المخبر بالورقة قبل أن يتمكن المتهم من التخلص منها وذهب معه
بها إلى مركز البوليس حيث عرض أمره على معاون الإدارة مصطفى كامل الأعسر الذي أجرى
فتح الورقة وتفتيش المتهم، وأنكر المتهم حيازة المضبوطات التي تبين من تحليلها
أنها حشيش وأفيون، ثم حصر الحكم أدلة الثبوت في أقوال المخبر والمعاون وتقرير
المعمل الكيماوي وتناول بالرد ما دفع به المتهم من بطلان القبض الواقع عليه وما
تلاه من إجراءات فقال إنه كان للمخبر أن يستوقف المتهم ليتحرى عنه خصوصا وأنه وجده
يسير بحالة تدعو إلى الاشتباه ولاحظ أنه غريب عن البلدة كما أنه كان له وقد زادت
شبهته فيه أن يصحبه إلى مركز البوليس لإتمام التحري عنه كما هو متبع دائما في مثل
هذه الأحوال وليس ذلك الاستدعاء للمركز من قبيل القبض أيضا وحاول المتهم أثناء
سيره للمركز أن يتخلص من لفافة الأفيون فشرع في إلقائها في الترعة وأصبح بذلك في حالة
تلبس تجيز القبض عليه وتفتيشه.
وحيث إنه لما كان
للاستيقاف شروط ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهى أن يضع الشخص نفسه طواعية
منه واختيارا في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن صورة تستلزم تدخل
المستوقف للكشف عن حقيقته، وكان مجرد تلفت الطاعن حوله وهو سائر في الطريق عمل لا
يتنافى مع طبائع الأمور ولا يؤدى إلى ما يتطلبه الاستيقاف من مظاهر تبرره. فإن
الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون فهو باطل –
وباطل أيضا ما ترتب عليه من اقتياد المخبر للطاعن إلى مركز البوليس إذ أن محاولة
الطاعن التخلي أثناء ذلك عما معه من مخدر – حتى لو تمت المحاولة – فإنما كانت
نتيجة لإجراء باطل لا يعتد بما أسفر عنه من دليل – لما كان ذلك ولم يكن في الحكم
من دليل – وقد أنكر المتهم الإحراز سوى ما هو مستمد من هذا القبض الباطل سواء في ذلك
أقوال المخبر الذي ضبط المتهم أو استخلص المخدر من يده أو شهادة المعاون الذي أجرى
تفتيشه بعد ذلك. فإن الحكم يكون قد أخطأ في القانون إذ اعتبر الطاعن في حالة تلبس
تجير القبض عليه وتفتيشه مما يتعين معه قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء
ببراءة الطاعن مما أسند إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق