الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 يناير 2022

الطعن 44 لسنة 26 ق جلسة 27 / 6 / 1957 مكتب فني 8 ج 2 أحوال شخصية ق 75 ص 660

جلسة 27 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم المستشارين.

----------------

(75)
القضية رقم 44 سنة 26 القضائية "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. استئناف. اختصاص. قانون. نسب. 
دعوى نسب في غير الوقف. فصل المحكمة الجزئية الشرعية فيها وهي مختصة بنظرها ورفع الاستئناف عن الحكم أمام المحكمة الكلية الشرعية قبل صدور القانون 462 لسنة 1955 ثم إحالة الاستئناف إعمالاً لهذا القانون إلى المحكمة الابتدائية الوطنية. اختصاص المحكمة الابتدائية بالفصل في الاستئناف. ولايتها في الفصل في موضوعه ولو قضت ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات.
(ب) نقض. "إيداع الأوراق والمستندات". 
قيام الطاعن بتقديم صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي. عدم التزامه بتقديم صورة من أي حكم آخر أصدرته المحكمة الاستئنافية ولو أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه.
(جـ) نقض "أحوال الطعن". أحوال شخصية. 
جواز الطعن في الحكم الصادر في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية والوقف من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة القانون في مسألة اختصاص بحسب نوع القضية.
)د) نقض "أحوال الطعن". أحوال شخصية. نيابة عامة. 
الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية. عدم جواز الطعن فيه بسبب إغفاله ذكر اسم عضو النيابة ولعدم بيانه رأي النيابة في الدعوى.
)هـ) نقض "أحوال الطعن". إجراءات. 
عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية بسبب خارج عن الأحوال المنصوص عليها في المادة 425 مكرراً مرافعات. أمثلة ذلك.
)و) نقض "أحوال الطعن". 
التماس إعادة النظر. حصول التناقض في ذات منطوق الحكم المطعون فيه. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض طبقاً للمادة 426 مرافعات. شرط جواز الطعن في الحكم الانتهائي طبقاً لهذه المادة.

------------------
1 - متى كانت المحكمة الجزئية الشرعية قد فصلت في موضوع دعوى النسب في غير الوقف وهي مختصة بنظرها قبل صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية وكان الاستئناف قد رفع عن الحكم الصادر فيها إلى المحكمة الكلية الشرعية قبل صدور هذا القانون أيضاً ثم أحيل منها إلى المحكمة الابتدائية الوطنية طبقاً للمادة الثانية من القانون المشار إليه فإن المحكمة الابتدائية إذ فصلت في الاستئناف المرفوع إليها بالحكم المطعون فيه تكون قد أصدرت هذا الحكم في حدود اختصاصها - ولا يغير من ذلك أن تكون قد حكمت ببطلان الحكم المستأنف لعدم تصديره باسم الأمة ثم فصلت في موضوع الدعوى. ذلك أن محكمة الدرجة الأولى إذ أصدرت حكمها في الموضوع تكون قد استنفدت ولايتها على الدعوى فلا تملك إعادة النظر فيها فإذا كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات التي بني عليها وفصلت في الموضوع المقضي فيه ابتدائياً فإنها لا تكون قد تعدت ولايتها.
2 - إذا كان الطاعن قد قام بما تفرضه عليه المادة 429/ 3 من قانون المرافعات وقدم صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي فلا عليه إن لم يقدم صورة من أي حكم آخر أصدرته المحكمة الاستئنافية حتى ولو كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه ذلك أن الشارع لو قصد إلزام الطاعن بتقديم مثل هذا الحكم لنص عليه صراحة كما فعل بالنسبة للحكم الابتدائي.
3 - إذا كان مبنى الطعن بالنقض في الحكم الصادر في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية والوقف من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية هو مخالفة القانون والخطأ في تأويله في مسألة اختصاص بحسب نوع القضية فإن الطعن يكون جائزاً، ذلك أن الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية والوقف يكون جائزاً في الأحكام والقرارات الصادرة فيها من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية في الأحوال المنصوص عليها في المادة 425 مكرراً من قانون المرافعات وفي أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته في الحالة المنصوص عليها في المادة 426 من ذلك القانون.
4 - إذا كان الحكم صادراً من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية فإنه لا يجوز الطعن فيه أمام محكمة النقض بالبطلان لإغفاله ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية في جميع مراحل الدعوى ولعدم بيانه رأي النيابة فيها - لخروج هذا السبب عن الأحوال المنصوص عليها في المادة 425 مكرراً من قانون المرافعات.
5 - لا يجوز الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف المحاكم الجزئية طبقاً للمادة 425 مكرراً من قانون المرافعات بسبب مخالفته القانون في قضائه بما لم يطلبه الخصوم أو لمخالفته رأي فقهاء الشريعة الإسلامية عن حكم رجوع الشهود عن شهادتهم وعن حكم شهادة التسامع أو لمخالفة الثابت بالأوراق أو لقصوره أو لبنائه على إجراءات مخالفة للقانون بعدم تلاوة تقرير التلخيص في الجلسة.
6 - إن ما أجازته المادة 426 مرافعات من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي حتى يجوز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي الثاني الذي فصل على خلاف الحكم الأول. فإذا لم يتحقق ذلك بأن كان التناقض في ذات منطوق الحكم المطعون فيه مما يجوز أن يكون من أحوال التماس إعادة النظر فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها رفعت الدعوى رقم 601 سنة 1954 بمحكمة شبرا الشرعية ضد الطاعن وطلبت فيها إلزامه بنفقة إصلاح وكسوة لابنها محمد وأجرة مسكن له تحضنه فيه وأجرة خادم تأسيساً على أنها تزوجت الطاعن بصحيح العقد ورزقت منه بالولد المذكور على فراش الزوجية وأنه بيدها، وقد أنكر المدعى عليه، وبعد أن قدمت المدعية البينة. قضت المحكمة الجزئية الشرعية في أول يناير سنة 1955 بفرض مبلغ 300 قرش نفقة شهرية لإصلاح وكسوة ابنها محمد و300 قرش أجرة مسكن و100 قرش أجرة خادم. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بعريضة معلنة في 22/ 1/ 1955؛ كما استأنفه المطعون عليها. وبعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية وإحالة الدعاوى التي كانت منظورة أمامها إلى المحاكم الوطنية. قيدت الدعوى الاستئنافية برقم 447 سنة 1956 بمحكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية التي قضت في 8/ 5/ 1956 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض طلب وقف النفاذ المعجل ورفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الصغير المطلوب له النفقة قد رزقت به من الطاعن على فراش الزوجية، ولينفي هو ذلك بكافة الإثبات القانونية - وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة الاستئنافية في 29/ 11/ 1956 أولاً: ببطلان الحكم المستأنف لعدم تصديره باسم الأمة - ثانياً: بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها شهرياً مبلغ 250 قرشاً لإصلاح وكسوة الصغير ومبلغ 250 قرشاً لأجرة مسكن حضانة و100 قرش لأجرة خادم مع إلزامه بمصروفات الاستئنافين و100 قرش مقابل أتعاب المحاماة فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة وأبدت النيابة العامة رأيها ببطلان الطعن أو رفضه.
وحيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الطعن كما دفعت المطعون عليها بعدم قبول الطعن شكلاً وقد أسسا دفعهما على أن الطاعن لم يودع مع صورة الحكم المطعون فيه صورة من الحكم الاستئنافي السابق صدوره في 8/ 5/ 1956 في حين أنه جزء لا يتجزأ من الحكم المطعون فيه لأنه أحال إليه بالنسبة لوقائع الدعوى وطلبات الخصوم فيها فلا يتحقق واجب الإيداع المنصوص عليه في المادة 429/ 3 من قانون المرافعات إلا بإيداع هذا الجزء المتمم للحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المادة 429/ 3 من قانون المرافعات لم توجب على الطاعن إلا "أن يودع قلم كتاب محكمة النقض وقت التقرير - أولاً - صورة من الحكم المطعون مطابقة لأصله أو الصورة المعلنة منه إن كانت أعلنت وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه - ثانياً - المستندات التي تؤيد الطعن"، فمتى كان الطاعن قد قام بما تفرضه عليه هذه المادة وقدم صورة من الحكم المطعون فيه وصورة من الحكم الابتدائي فلا عليه إن لم يقدم صورة من أي حكم آخر أصدرته المحكمة الاستئنافية حتى ولو كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، ذلك أن الشارع لو قصد إلزام الطاعن بتقديم مثل هذا الحكم لنص عليه صراحة كما فعل بالنسبة للحكم الابتدائي.
وحيث إن النيابة العامة عرضت لجواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه في ظل أحكام القانون رقم 628 لسنة 1955 وأشارت إلى ما تثيره بعض نصوص هذا القانون من شبهة في عدم جواز هذا الطعن بالنسبة للأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية في الأحوال التي تجيزها المادتان 425 مكرراً، 426 من قانون المرافعات وإن كانت النيابة قد انتهت إلى إبداء رأيها بجواز الطعن في هذه الأحوال.
وحيث إن القانون رقم 628 لسنة 1955 - على ما يبين من الاطلاع عليه وعلى مذكرته الإيضاحية - لم يقصد إلى تقرير حق الخصوم في الطعن بالنقض في الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية وبالوقف التي أصبحت من اختصاص المحاكم ذلك أن حقهم في هذا الطعن قد تقرر بالقانون رقم 462 لسنة 1955 على مقتضى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات فقد نصت المادة الرابعة من هذا القانون على أن تشكل بالمحاكم الوطنية دوائر جزئية وابتدائية واستئنافية وفقاً لما هو منصوص عليه في قانون نظام القضاء لنظر قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية. وتصدر الأحكام من محكمة النقض في القضايا المذكورة من دائرة الأحوال الشخصية ويلحق رئيس المحكمة العليا الشرعية عضواً بها.
ونصت المادة الخامسة منه على أن "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها...". ومؤدى هذه النصوص أن القانون رقم 426 لسنة 1955 قد أجاز للخصوم الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية والوقف طبقاً للقواعد والإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات في الفصل الخاص بالنقض إذ أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقوانين الأخرى المكملة لها خالية من أية قواعد خاصة في هذا الشأن - أما القانون رقم 628 لسنة 1955 فقد أراد به الشارع تنظيم تدخل النيابة العامة في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية وبالوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 وتقرير حق النيابة في الطعن بالاستئناف وبالنقض في الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا التي جعل تدخلها فيها وجوبياً. وقد لوحظ في إصدار هذا القانون - على ما تضمنته مذكرته الإيضاحية - "إن المادة 99 من قانون المرافعات قد أوجبت على النيابة العامة التدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وأن الشارع إذ أخرج بمقتضى المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من اختصاص المحاكم الجزئية دعاوى النسب في غير الوقف والطلاق والخلع والمبارأة والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها وأدخلها في اختصاص المحاكم الابتدائية قد وضع في اعتباره أن تختص هذه المحاكم دون المحاكم الجزئية بهذه الدعاوى لما لها من شأن فأصبح وجوب تدخل النيابة العامة في القضايا الجزئية لا مسوغ له ومن أجل ذلك رؤى جعل تدخلها في هذه القضية جوازياً كي تباشره وفق مقتضى الحال ووجوبياً فيما عداه...." وكذلك نصت المادة الأولى من القانون من القانون رقم 628 لسنة 1955 على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 سنة 1955 المشار إليه وعليها أن تتدخل في كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً..." ثم أراد الشارع أن يرتب للنيابة العامة حق الاستئناف في القضايا التي أوجب عليها التدخل فيها. فنص في المادة الثانية على "أنه في الأحوال التي يجوز فيها استئناف الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة السابقة يجوز للنيابة العامة الطعن بهذا الطريق طبقاً لما نص عليه في المادتين 875 و877 من قانون المرافعات المدنية والتجارية" ثم أراد الشارع أن تتابع النيابة حق الطعن في الأحكام والقرارات المشار إليها في المادة السابقة بطريق النقض فنص في المادة الثالثة على أن للخصوم وللنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الأحكام والقرارات المشار إليها في المادة السابقة وذلك طبقاً لنص المادة 881 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. وما جاء بهذه المادة من ذكر "الخصوم" لم يقصد به تقرير حق جديد لهم في الطعن بالنقض إذ سبق تقرير هذا الحق لهم بالقانون رقم 462 لسنة 1955 على ما سلف القول، وإنما أراد الشارع وهو يقرر بالمادة الثالثة المشار إليها هذا الحق المستحدث للنيابة العامة في الطعن بالنقض في مسائل الوقف والأحوال الشخصية للمصريين أن يصرح برغبته في مساواتها بالخصوم في هذا الطعن وفي الميعاد الذي نصت عليه المادة 881 من قانون المرافعات وقد دلت المذكرة الإيضاحية على هذا المنحى في تعليقها على هذه المادة إذ قالت "وأجازت المادة الثالثة للخصوم وللنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الأحكام والقرارات المشار إليها في المادة الثانية، وقد جعلت إجراءات هذا الطعن المستحدث واحدة بالنسبة إلى الخصوم والنيابة على السواء وذلك على غرار ما نصت عليه المادة 881 من قانون المرافعات المدنية والتجارية". وحيث إنه بناء على ما تقدم فإن الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية والوقف يكون جائزاً في الأحكام والقرارات الصادرة فيها من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية في الأحوال المنصوص عليها في المادة 425 مكرراً من قانون المرافعات وفي أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته في الحالة المنصوص عليها في المادة 426 من ذلك القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية إلا أن مبنى الطعن في السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تأويله في مسألة اختصاص بحسب نوع القصية وعلى ذلك يكون الطعن مقبولاً شكلاً إذ استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن السبب الأول من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ صدر في مسألة لا تختص بنظرها المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية ذلك أن المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 الصادر في 21/ 9/ 1955 تنص على أن دعوى النسب في غير الوقف هي من اختصاص المحكمة الابتدائية فلا تختص بها المحاكم الجزئية وبالتالي لا يجوز للمحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية أن تنظر في استئناف الحكم الجزئي الصادر فيها بل تختص به محكمة الاستئناف هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الحكم الجزئي المستأنف لعدم تصديره باسم الأمة فأصبح معدوماً وكان لزاماً أن تعاد الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل فيها وقد أصبحت المحكمة الابتدائية هي صاحبة الاختصاص بنظر الدعوى بصفة ابتدائية.
وحيث إن هذا السبب وإن كان الطعن به جائزاً طبقاً للمادة 425/ 2 مكرراً من قانون المرافعات إلا أن النعي في موضوعه مردود بأنه وإن كانت المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 تقضي بأن تكون دعاوى النسب في غير الوقف مما تختص به المحاكم الابتدائية اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون في أول يناير سنة 1956 وكانت المادة الأولى من قانون المرافعات تقضي بسريان القوانين المعدلة للاختصاص على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ما دام تاريخ العمل بها سابقاً على قفل باب المرافعة فيها إلا أن ذلك محله أن تكون الدعوى التي تعدل الاختصاص بها لا تزال منظورة أمام محكمة الدرجة الأولى فتنتقل بمقتضى القانون الجديد المعدل للاختصاص إلى المحكمة الجديدة التي انعقد الاختصاص لها بموجب هذا القانون، أما إذا كانت الدعوى قد تجاوزت مرحلة الدرجة الأولى وصدر الحكم فيها ابتدائياً من محكمة أول درجة التي كانت مختصة بها قبل صدور القانون الجديد فإن استئناف الحكم الصادر فيها يكون من اختصاص المحكمة الاستئنافية المختصة أصلاً بنظر أحكام محكمة الدرجة الأولى التي صدر الحكم منها ذلك أن الأصل هو أن محاكم الدرجة الثانية مرتبطة في القانون بمحاكم الدرجة الأولى التي جعل استئناف أحكامها منوطاً بها فلا يجوز لها أن تنظر استئناف أحكام صادرة من درجة غير تلك التي نيطت بها ما لم ينص القانون صراحة على خلاف هذا الأصل فمتى كانت الدعوى قد نظرت أمام محكمة أول درجة وأصدرت حكمها فيها وهي مختصة بنظرها فإن استئنافها يكون أمام محكمة الدرجة الثانية المرتبة قانوناً لنظر استئناف الحكم الصادر منها ولا يؤثر في ذلك صدور قانون جديد بعد تاريخ هذا الحكم يقضي بخروج نصاب هذه الدعوى أو نوعها من محكمة الدرجة الأولى التي صدر الحكم منها إلى محكمة ابتدائية أخرى أعلى أو أدنى منها. وتفريعاً على هذا الأصل قد نصت المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات على حكم وقتي قضى بأنه "على المحاكم الابتدائية أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص قاضي محكمة المواد الجزئية، بمقتضى أحكام هذا القانون وذلك بالحالة التي تكون عليها..." من غير أن تتعرض هذه المادة في أحكامها الوقتية إلى الدعاوى الاستئنافية التي تغير اختصاصها الابتدائي. بل نصت في فقرتها الثانية على أنه "لا تسري أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها حضورياً أو غيابياً أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم بل تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة" كما أنه تفريعاً على هذا الأصل ذاته قد نصت المادة الثانية من القانون رقم 462 لسنة 1955 على أن "تحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية إلى محكمة الاستئناف الوطنية التي تقع في دائرتها المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف وتحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحاكم الكلية إلى المحكمة الابتدائية الوطنية المختصة وتحال الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الجزئية الشرعية أو الملية إلى المحاكم الجزئية أو الابتدائية الوطنية المختصة" فقطعت بذلك في أن القضايا المنظورة أمام المحاكم الكلية الشرعية أو الملية بصفة عامة أي سواء كانت ابتدائية أو استئنافية تظل من اختصاص المحكمة الابتدائية الوطنية التي أوجبت الإحالة إليها. كما أنها دلت بما أوجبته من إحالة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الجزئية الشرعية إلى المحاكم الجزئية أو الابتدائية الوطنية المختصة على أنها راعت ما نصت عليه المادة الثامنة من إخراج بعض الدعاوى، كدعوى النسب في غير الوقف من اختصاص المحاكم الجزئية إلى المحاكم الابتدائية ومفاد ذلك كله أن حكم هذا التعديل في الاختصاص إنما يسري على ما كان منظوراً من الدعاوى في مرحلتها الابتدائية أمام المحاكم الجزئية الشرعية دون غيرها. لما كان ذلك وكانت المحكمة الجزئية الشرعية قد فصلت في موضوع الدعوى وهي مختصة بنظرها قبل صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 وكان الاستئناف قد رفع عن الحكم الصادر فيها إلى المحكمة الكلية الشرعية في 22/ 1/ 1955 قبل صدور هذا القانون أيضاً ثم أحيل منها إلى المحكمة الابتدائية الوطنية طبقاً للمادة الثانية من القانون المشار إليه فإن المحكمة الابتدائية إذا فصلت في الاستئناف المرفوع إليها بالحكم المطعون فيه تكون قد أصدرت هذا الحكم في حدود اختصاصها ولا يغير من ذلك أن تكون قد حكمت ببطلان الحكم المستأنف لعدم تصديره باسم الأمة ثم فصلت في موضوع الدعوى ذلك أن محكمة أول درجة إذ أصدرت حكمها في الموضوع تكون قد استنفدت ولايتها على الدعوى فلا تملك محكمة الدرجة الأولى إعادة النظر فيها فإذا كانت المحكمة الاستئنافية قد قضت ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات التي بني عليها وفصلت في الموضوع المقضى فيه ابتدائياً فإنها لا تكون قد تعدت ولايتها.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه اشتمل على جزءين متناقضين إذا قضى شطره الأول ببطلان حكم محكمة الدرجة لفقدانه عنصراً جوهرياً من مقومات وجوده وقضى شطره التالي بتخفيض نفقة الصغير إلى ستة جنيهات شهرياً. وقضاء الشطر الأول ببطلان الحكم المستأنف يتضمن أن حكم ثبوت نسب الولد من الطاعن أصبح حكماً باطلاً ومعدوماً. بينما القضاء بتخفيض النفقة قد أعطى حقاً في النفقة لهذا الولد الذي لا نسب له من الطاعن والذي قد بطل حكم نسبه منه مما يتحقق معه وجود حكمين انتهائيين متناقضين وجواز الطعن بالنقض لهذا السبب طبقاً للمادة 426 مرافعات.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن ما أجازته المادة 426 مرافعات من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط "بأن يكون هذا الحكم قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به...." مما مفاد أن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي حتى يجوز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي الثاني الذي فصل على خلاف الحكم الأول وهو ما لم يتحقق في صورة الدعوى إذ أن التناقض الذي يدعيه الطاعن لو صح وجوده - فهو في ذات منطوق الحكم المطعون فيه مما يجوز أن يكون من أحوال التماس إعادة النظر على أن الواقع أنه لا وجود أيضاً للتناقض المدعى به إذ أن الحكم فيه بعد أن قضى ببطلان الحكم المستأنف نظر في موضوع الدعوى وفصل فيما عرض من أدلة على نسب الصغير وانتهي إلى ثبوت نسبه للطاعن لما كان ذلك فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه يكون غير جائز في خصوص هذا النسب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى بما لم يطلبه الخصوم ذلك أنه خفض النفقة من سبعة جنيهات إلى ستة جنيهات شهرياً في حين أن المطعون عليها كانت تطلب زيادة النفقة وكان الطاعن قد قصر دفاعه على طلب بطلان الحكم المستأنف - ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور إذ لم يرد على دفاع الطاعن بشأن التناقض ولا على مطاعنه ضد الشهود ولا على ما استند عليه من أحكام في مذكرته هذا إلى أن الحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق جاء باطلاً بعد أن خلت القضية من كل دليل بعدول الشهود الذين شهدوا أمام محكمة أول درجة عن شهادتهم كما أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ خالف رأي فقهاء الشريعة الإسلامية عن حكم رجوع الشهود عن شهادتهم وعن حكم شهادة التسامع كما خالف الثابت في الأوراق فيما استخلصه من شهادة الدكتور نعيم. فضلاً عن أن الحكم قد بني على إجراءات مخالفة للقانون إذ لم يقم القاضي المقرر بتلاوة تقرير التلخيص في الجلسة. مما يشوب الحكم بالبطلان.
وحيث إن الطعن بهذين السببين بجميع وجوههما غير جائز لأن النعي بها مما لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية طبقاً للمادة 425 مكرراً من قانون المرافعات.
وحيث إن الطاعن تمسك بسبب جديد لم يرد في تقرير الطعن قال إنه يتصل بالنظام العام وهو يتحصل في أن الحكم المطعون فيه جاء باطلاً إذ لم يتضمن ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية في جميع مراحل الدعوى ولم يذكر ما أبدته النيابة من رأي في الدعوى.
وحيث إن هذا السبب - بفرض صحة ما جاء به وبفرض اتصاله بالنظام العام - فإنه مما لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادة 425 مكرراً من قانون المرافعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق