مجلة المحاماة
أبحاث قانونية وشؤون قضائية
شطب العبارات الجارحة من الأوراق القضائية
سنة طيبة جرت عليها المحاكم المختلطة حبذا لو حذت حذوها المحاكم الأهلية.
كثيرًا ما نقرأ في الأوراق القضائية عبارات ماسة بالشرف، جارحة للعواطف، خادشة للكرامة، مطاعن في العرض وفي الذمة، نجدها في صحف الدعاوى، وفي صحف الاستئناف، وفي المذكرات، وفي الإعلانات، وفي الإنذارات، بعضها من ألفاظ الشتم والبعض الآخر من ألفاظ السب والبعض الأخير من عداد ألفاظ القذف لا يليق أن تبقى مسجلة في الأوراق القضائية ضد من قيلت في حقه وقد تكون كاذبة لا أصل لها في مثل هذه الأحوال يأمر القضاء المختلط من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب صاحب الشأن قلم الكتاب بحذف الجمل والكلمات التي يعدها القاضي ماسة بالكرامة.
قد يكون الطعن موجهًا إلى الخصوم، أو إلى الشهود، أو إلي المحامين، أو إلى القضاة أو إلى أشخاص خارجين عن الخصومة بالمرة، الكل في الأمر سواء، ما دام الطعن موجودًا وخارجًا عن الحد المباح حق تطبيق القاعدة، وإليك بعض الأمثلة:
1 - حرر أحد الخصوم مذكرة تضمنت طعنًا في قضاة محكمة أول درجة بعبارات ماسة بكرامتهم، فأمرت محكمة الاستئناف من تلقاء نفسها بمحو هذه العبارات من المذكرة محوًا تامًا بحكم أصدرته بتاريخ 21 يونيو سنة 1892 (راجع المجلة المختلطة جزء (4) صحيفة (302)).
2 - وقضت بحكم أصدرته بتاريخ 31 مايو سنة 1891 بشطب جملة فقرات تضمنت سبًا وجهه أحد الخصوم في مذكرة قدمها في الدوسيه إلى أشخاص في خدمة خصمه.
3 - وحكم بأن لمحكمة الاستئناف مراعاةً للآداب الواجب الاحتفاظ بها أمام المحاكم ومراعاةً للأصول وقواعد المجاملة الدولية أن تأمر من تلقاء نفسها بحذف العبارات التي يكتبها أحد الخصوم المترافعين أمامها وتتضمن طعنًا جارحًا في السلطات القنصلية أو الكنائسية الأجنبية سواء كان الطعن صريحًا أو ضمنيًا ولا سيما إذا كان الطعن حاصلاً عن طيش وبسوء نية (راجع حكم 8 ديسمبر سنة 1910 جزء (23) صحيفة (63)) .
4 - قدح خصم في حكم ابتدائي قال إن خصمه حصل عليه من طريق تضليل قضاة محكمة أول درجة بطريقة غير شريفة.
فحكمت محكمة الاستئناف بمحو هذه العبارة وعدتها خارجة عن حد اللياقة والآداب (راجع حكم 30 يناير سنة 1918 جزء (30) صحيفة (179)).
5 - وأمرت محكمة الاستئناف المختلطة بشطب جمل وردت في بعض الإعلانات وفي بعض المذكرات عدت لهجتها لهجة جارحة لا يليق أن تبقى مسجلة على من وجهت إليه في أوراق قضائية (راجع حكم 13 يناير سنة 1918 جزء (30) صحيفة (219)).
هذه سنة جرت عليها المحاكم المختلطة وهي سنة طيبة كما ترى، فهل لرجال القضاء الأهلي أن يقتدوا في هذا بإخوانهم رجال القضاء المختلط. إن فعلوا سنوا لنا وللخلف سنة طيبة تذكر لهم بالشكر.
عزيز خانكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق