الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 ديسمبر 2021

القضية 79 لسنة 19 ق جلسة 6 / 6 / 1998 دستورية عليا مكتب فني 8 ج 2 دستورية ق 110 ص 1436

جلسة 6 يونيو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ولي الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وحمدي محمد علي والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور،

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

------------

قاعدة رقم (110)
القضية رقم 79 لسنة 19 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "تكييفها القانوني".
للمحكمة الدستورية العليا إعطاء الدعوى تكييفها القانوني الصحيح وذلك على ضوء طلبات رافعها وبعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها.
(2) دستور - المحكمة الدستورية العليا.
إفراد الدستور المحكمة الدستورية العليا بمهمة الرقابة القضائية على دستورية القانونين واللوائح على الوجه المبين في القانون - تفصيل المشرع طرائق هذه الرقابة وكيفيتها في قانون هذه المحكمة - ضمان المشرع مركزية الرقابة على الشرعية الدستورية بموجبه.
(3) رقابة قضائية على الشرعية الدستورية "محلها".
انحصار اختصاص المحكمة الدستورية العليا في شأن هذه الرقابة في النصوص التشريعية أياً كانت - عدم انبساط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي - انصرافه إلى النصوص التشريعية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة - يستوي في ذلك ورود هذه النصوص في تشريعات أصلية أو تشريعات فرعية.
(4) لائحة "تكييفها: انحسار صفتها الإدارية".
تحديد التكييف القانوني للائحة بمجال سريانها - اتصال هذا المجال بمنطقة القانون الخاص يخلع عن اللائحة صفتها الإدارية - انحسار الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية من ثم عليها.
(5) عاملون "الهيئة العامة للبترول - الجمعية التعاونية للبترول".
اللائحة الصادرة من هذه الجهة بتنظيم أحكام مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول - عدم اعتبار هذه اللائحة عملاً تشريعياً بالمعنى الموضوعي في مجال انطباقها على العاملين بالجمعية المشار إليها - انحسار ولاية المحكمة الدستورية العليا عن الرقابة على دستوريتها.

---------------
1 - إن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانوني الصحيح، وذلك على ضوء طلبات رافعها، وبعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، دون تقيد بمبانيها. متى كان ذلك، وكانت حقيقة طلبات المدعي تتمثل في الحكم بعدم دستورية ما تضمنته المادة الرابعة من لائحة النظام الأساسي لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول، من سريان أحكامه على العاملين بالشركة العامة للبترول من شاغلي الوظائف الذين انتهت خدمتهم لأحد الأسباب المبينة به، اعتباراً من 22/ 7/ 1993، دون غيرهم ممن انتهت خدمتهم قبل هذا التاريخ، تأسيساً على مخالفة هذا النص لأحكام المادتين 34، 40 من الدستور، فإن دعواه - في هذا النطاق - تنحل إلى طعن بعدم دستورية ذلك النص.
2 - الدستور قد عهد - بنص مادته الخامسة والسبعين بعد المائة - إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بمهمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، وبناء على هذا التفويض، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة، مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً. فخولها - في المادة 25 - اختصاصاً منفرداً بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أي جهة قضائية من مزاحمتها فيه، مفصلاً في المادتين 27، 29 - طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على الشرعية الدستورية، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها.
3 - قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن اختصاصها في شأن الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية، ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، فلا تنبسط ولايتها - في هذا المجال - إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص التشريعية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التي ناطها الدستور بها، وتنقبض - بالتالي - عما سواها.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن كل لائحة يتحدد تكييفها القانوني بمجال سريانها، فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها شخصاً من أشخاص القانون العام، ولا تعتبر بالتالي تشريعاً بالمعنى الموضوعي مما تمتد إليه الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.
5 - النزاع الراهن يتعلق بأحد العاملين بإحدى الشركات التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، وكانت المادة 4 المطعون عليها، واردة بلائحة أصدرها مجلس إدارة هذه الهيئة منظماً بها أحوال وشروط استحقاق مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول، الشاغلين لدرجات دائمة - ومنهم العاملون بالشركة العامة للبترول - لتسري على الموجودين منهم بالخدمة اعتباراً من الثاني والعشرين من يوليو سنة 1993، لا ليخرجها من دائرة القانون الخاص، ويدخلها في منطقة القانون العام، وإنما ليحدد لعلاقتهم بالصندوق المهيمن على تمويل تلك المكافأة وصرفها، ضوابطها، بما لا ينافي طبيعة أعمالهم، وعلاقتهم بأربابها. ولا يعني امتداد مظلة هذا الصندوق إلى العاملين بقطاع البترول كافة، وهم طوائف شتى، تتنوع تبعيتهم بين الهيئة المصرية العامة للبترول، وما بين شركات القطاع العام للبترول وغيرها، أن تنماع الحدود الفاصلة بين تلك الشركات وهذه الهيئة، فلا تزال لكل منها شخصيتها القانونية، ودائرة نشاطها، ونظامها القانوني الخاص بها. وفي نطاق الدائرة التي تعمل بها اللائحة - التي اندرج تحتها نص المادة 4 المطعون عليه - يتحدد وصفها القانوني. وهي في مجال انطباقها على العاملين بالشركة العامة للبترول، لا تعدو أن تكون تنظيماً لشأن يتعلق بميزة مقررة لهم عند انتهاء خدمتهم، لا تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ومن ثم تنحسر عن الرقابة على دستوريتها، ولاية هذه المحكمة.


الإجراءات

في الرابع والعشرين من أبريل سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلباً للحكم بعدم دستورية المادة الرابعة من لائحة النظام الأساسي لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول فيما نصت عليه من سريان أحكامه اعتباراً من 22/ 7/ 1993.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي وآخرين كانوا قد أقاموا ضد المدعى عليهم من الثاني إلى الرابع الدعوى رقم 601 لسنة 1996 عمال كلي جنوب القاهرة ابتغاء القضاء بإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي وزملائه مكافأة نهاية خدمة بما يعادل أجر خمسة عشر شهراً، وقالوا شرحاً لها أنهم كانوا يعملون بالشركة العامة للبترول وانتهت خدمتهم بها بسبب بلوغ السن القانونية قبل 22/ 7/ 1993، وأن مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول أصدر بتاريخ 22/ 7/ 1993 لائحة النظام الأساسي لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول، على أن يعمل بها من التاريخ ذاته، مما آل إلى حرمانهم من هذه المكافأة، رغم إسهامهم في تمويل نظامها. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة الرابعة من اللائحة المشار إليها، تأسيساً على مخالفته أحكام المادتين 34، 40 من الدستور. وبعد تقديرها جدية الدفع، أذنت محكمة الموضوع للمدعي بإقامة دعواه الدستورية، فأقامها.
وحيث إن البين من الأوراق، أن صندوق الإسكان والخدمات الاجتماعية للعاملين بقطاع البترول، قد عرض على مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول، لائحة أعدها - في نطاق اختصاصاته الواردة بقرار وزير البترول رقم 401 لسنة 1984 المنشئ له - باسم "لائحة النظام الأساسي لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول" - فأقرها المجلس بجلسته المعقودة في 22/ 7/ 1993، وصدق عليها وزير البترول.
وقد نصت المادة الأولى من هذه اللائحة، على أن يقوم الصندوق المشار إليه بتمويل نظام لصرف مكافأة نهاية خدمة العاملين بقطاع البترول على النحو المبين تفصيلاً بها. وقضى البند الثاني من مادتها الثالثة على أن يقصد بقطاع البترول - في تطبيق أحكامها - الهيئة المصرية العامة للبترول وشركات القطاع العام للبترول، ومن يشترك في هذا النظام من شركات القطاع المشترك للبترول. ثم قررت المادة الرابعة - المطعون فيها - على أن: "تسري أحكام هذا النظام اعتباراً من 22/ 7/ 1993 على العاملين الدائمين شاغلي الوظائف بقطاع البترول".
وحيث إن من المقرر قانوناً: أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانوني الصحيح، وذلك على ضوء طلبات رافعها، وبعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، دون تقيد بمبانيها. متى كان ذلك، وكانت حقيقة طلبات المدعي تتمثل في الحكم بعدم دستورية ما تضمنته المادة الرابعة من لائحة النظام الأساسي لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول من، سريان أحكامها على العاملين بالشركة العامة للبترول من شاغلي الوظائف الذين انتهت خدمتهم لأحد الأسباب المبينة بها، اعتباراً من 22/ 7/ 1993، دون غيرهم ممن انتهت خدمتهم قبل هذا التاريخ، تأسيساً على مخالفة هذا النص لأحكام المادتين 34، 40 من الدستور، فإن دعواه - في هذا النطاق - تنحل إلى طعن بعدم دستورية ذلك النص.
وحيث إن المدعى عليهم دفعوا بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن اللائحة التي يندرج تحتها النص المطعون عليه، لا تعد من قبيل القوانين واللوائح في مفهوم المادة 25 من قانون هذه المحكمة.
وحيث إن الدستور قد عهد - بنص مادته الخامسة والسبعين بعد المائة - إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بمهمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، وبناء على هذا التفويض، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة، مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً. فخولها - في المادة 25 - اختصاصاً منفرداً بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أي جهة قضائية من مزاحمتها فيه، مفصلاً في المادتين 27، 29 - طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على الشرعية الدستورية، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن اختصاصها في شأن الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية، ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، فلا تنبسط ولايتها - في هذا المجال - إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص التشريعية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التي ناطها الدستور بها، وتنقبض - بالتالي - عما سواها.
وحيث إن مجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية - وفي إطار صلاحياته الواردة في المادة السادسة من القانون رقم 20 لسنة 1957 - أصدر بتاريخ أول يونيو سنة 1957 قراراً بإنشاء شركة مساهمة مصرية تدعى "الشركة العامة للبترول" على أن يكون غرضها هو التنقيب عن البترول واستخراجه وتكريره والأعمال المتصلة بذلك. وبتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1957 أصدر رئيس الجمهورية قراراً بتأسيس هذه الشركة إيذاناً بمباشرتها نشاطها، وقد نشر هذا القرار في الوقائع المصرية بتاريخ 12/ 9/ 1957. ثم تبعت هذه الشركة للمؤسسة المصرية العامة للبترول - التي حلت محلها الهيئة المصرية العامة للبترول.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن كل لائحة يتحدد تكييفها القانوني بمجال سريانها، فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها شخصاً من أشخاص القانون العام، ولا تعتبر بالتالي تشريعاً بالمعنى الموضوعي مما تمتد إليه الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.
متى كان ذلك، وكان النزاع الراهن يتعلق ببعض العاملين بإحدى الشركات التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، وكانت المادة "4" - المطعون عليها، واردة بلائحة أصدرها مجلس إدارة هذه الهيئة منظماً بها أحوال وشروط استحقاق مكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول، الشاغلين لدرجات دائمة - ومنهم العاملون بالشركة العامة للبترول - لتسري على الموجودين منهم بالخدمة اعتباراً من الثاني والعشرين من يوليو سنة 1993، لا ليخرجها من دائرة القانون الخاص، ويدخلها في منطقة القانون العام، وإنما ليحدد لعلاقتهم بالصندوق المهيمن على تمويل تلك المكافأة وصرفها، ضوابطها، بما لا ينافي طبيعة أعمالهم، وعلاقتهم بأربابها. ولا يعني امتداد مظلة هذا الصندوق إلى العاملين بقطاع البترول كافة، وهم طوائف شتى، تتنوع تبعيتهم بين الهيئة المصرية العامة للبترول، وما بين شركات القطاع العام للبترول وغيرها، أن تنماع الحدود الفاصلة ما بين هذه الشركات وتلك الهيئة، فلا تزال لكل منها شخصيتها القانونية، ودائرة نشاطها، ونظامها القانوني الخاص بها. وفي نطاق الدائرة التي تعمل فيها اللائحة - التي اندرج تحتها نص المادة 4 المطعون عليه - يتحدد وصفها القانوني. وهي في مجال انطباقها على العاملين بالشركة العامة للبترول، لا تعدو أن تكون تنظيماً لشأن يتعلق بميزة مقررة لهم عند انتهاء خدمتهم، لا تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ومن ثم تنحسر عن الرقابة على دستوريتها، ولاية هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق