باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمــــــارة رأس الخيمـــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية
برئاسة السيد القاضي / صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيدين القاضيين / علي عبدالفتاح جبريل وأحمد مصطفى أبو زيد
وبحضور أمين السر السيد/ سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمة بدار القضاء بــإمارة رأس الخيمـــة
في يوم الأحد14 جمادى الأول 1440 هــ الموافق 20 من يناير سنة 2019 م
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 57 لسنـــة 13 ق 2018 – مدنى
المرفوع من / ..... بوكالة المحامي / ......
ضـــــــــــــــــــــــــــــــــد
..... بوكالة المحامي / ....
الوقـــــــــائــع
في يـوم 31/12/2018 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة استئناف
رأس الخيمة الصادر بتاريخ 25/11/2018 في الاستئناف رقم 175 لسنة 2018، بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي 31/12/2018 أُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
وفي 14/01/2019 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
وفي 20/01/2019 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر فنظرته على النحو الوارد بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والمطعون ضده كل على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ صلاح عبد العاطي أبو رابح، والمرافعة وبعد المداولة:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 54 لسنة 2018 مدني رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم - وفقاً لطلباته الختامية - بإلزام الطاعنين بالتضامن بأن يؤدوا إليه مبلغ مليون درهم تعويضاً عما أحدثوا به من إصابات تخلف عنها عاهة مستديمة مما ألحق به أضراراً مادية وأدبية، وقد حُكم على المطعون ضدهم بحكم جنائي بات ، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً في الدعوى - وقدم تقريره - حكمت بإلزام الطاعنين الأول والثاني بالتضامن بأن يؤديا إلى المطعون ضده مبلغ 550000 درهم وبإلزام الطاعن الثالث بأن يؤدي إليه مبلغ عشرة آلاف درهم ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف 175 لسنة 2018 أمام محكمة استئناف رأس الخيمة، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف 187 لسنة 2018 أمام المحكمة ذاتها، ضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 25 /11 /2018 قضت بالتأييد.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم.
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى للمطعون ضده بتعويض مبالغ فيه ولا يتناسب مع الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته ودون بيان لعناصر الضرر المادي والمعنوي وعناصر التعويض وذلك باستناده في قضائه بمبلغ 221.777.72 درهم إلى رسالة لم تجزم بخصم ذلك المبلغ من راتبه مقابل حصوله على إجازات مرضية أزيد من المسموح له، ودون أن يبحث ما تم احتسابه من تلك الإجازات وسببها وعلاقة الطاعنين بها وكذا ما أنفقه من مصروفات ادعائه مدنياً أمام المحكمة الجزائية فضلاً عن تناقض التقارير الطبية التي استند إليها في قضائه، ذلك مما يعيبه يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته في غير محله ؛ ذلك أن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت بها وما تراه متفقاً مع الواقع فيها، ولا رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا إلزام عليها بأن تتبع الطاعن في شتى مناحي دفاعه وأن ترد على كل قول أو حجة أثارها استقلالاً مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، وأن تعيين العناصر المكونة للضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة التمييز، وأن تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يُلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة محكمة الموضوع، ولا معقب عليها في ذلك متى كانت قد بينت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه. وكان من المقرر أيضاً أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استعرض التقارير الطبية وتقرير الطبيب الشرعي الذي تم ندبه بمعرفة محكمة أول درجة ، وأورد فحواها وارتأى أن ما اشتملت عليه يتضمن بياناً وافياً للعناصر المكونة للضرر الذي حاق بالمطعون ضده وخلصت المحكمة بما لها من سلطة في تقدير الدليل إلى الاطمئنان إلى ما ورد بها ، فإن ما يثيره الطاعنون حول قصور التقارير الطبية التي تساند إليها الحكم المطعون فيه في بيان الإصابات التي لحقت بالمطعون ضده ونسبة العجز التي تخلفت عنها، يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها وقوع ضرر مادي أصاب المطعون ضده يتمثل فيما لحق به من الإصابات المبينة بالتقارير الطبية الأولية وما أثبته تقرير الطب الشرعي من تخلف عاهة مستديمة لديه بكتفه الأيسر وأطرافه اليسرى بنسبة 20% وحرمانه من جزء من راتبه والعلاوة المقدرة له وعدم صرفها له لتغيبه عن العمل بسبب إصابته فضلاً عن مبلغ 221.777.72 درهماً والمخصوم من راتبه والثابت بخطاب الإدارة العامة للقوات المسلحة وما تكبده من مصروفات التقاضي أمام المحكمة الجزائية، فإنه يكون قد بيَّن عناصر الضرر المادي التي تدخل في حساب التعويض عنه وذلك بناء على أصل ثابت بالأوراق وبما ينفي عنه قالة القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع التقديرية لا تتسع له رقابة محكمة التمييز وبما يضحى معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنهم تمسكوا بأن المطعون ضده قد ساهم بخطئه في إحداث الضرر الذي أصابه وذلك بأن الطاعن الثالث هو من بدأ بالاعتداء على والد الطاعنين الأول والثاني المسن وأن تدخلهما كان نتيجة مباشرة لهذا الاعتداء بما يوجب انقاص التعويض بمقدار مساهمته في إحداث الضرر، فاطرح الحكم هذا الدفاع ونفى مساهمة المطعون ضده قولاً منه بأن خطأ الطاعنين الأول والثاني هو السبب المباشر في حدوث الضرر وعول في ذلك على أسباب الحكم الجزائي بإدانتهما وبأن واقعة اعتدائهما على المطعون ضده منفصلة عن واقعة اعتدائه على والدهما المذكور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك بأنه لما كان مؤدى نصوص المواد 283 ، 284 ، 290 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المسئولية عن الفعل الضار لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة الفعل والضرر وعلاقة السببية بينهما ، فإذا تعددت الأسباب المؤدية إلى الضرر فإن العبرة في تحديد المسئولية بالسبب الرئيسي الحقيقي الذي أفضى إلى الضرر، فلا يقوم ركن السببية إلا على السبب المنتج الفعال المحدث بذاته للضرر دون ما عداه من عوامل أو أسباب عارضة ليس من شأنها بطبيعتها وفقاً للمجرى العادي للأمور أن تُحدث مثل هذا الضرر ، فإن كان المضرور قد ساهم بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه جاز للقاضي توزيع مبلغ التعويض بين المسئول والمضرور بنسبة خطأ كل منهما ، وإذا تبين له من ظروف الواقعة أن فعل المضرور هو العامل الرئيسي في إحداث الضرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة حداً بحيث يستغرق خطأ غيره ويَجُب مسئوليته كان له أن يرفض طلب التعويض ، وثبوت أو نفي مساهمة المضرور بفعله في إحداث الضرر أو وقوع الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي مساهمة المطعون ضده بفعله في إحداث الضرر على ما استخلصه من الأوراق والمستندات من أن خطأ الطاعنين الأول والثاني هو السبب المنتج والمباشر الذي أدى وحده إلى وقوع الحادث وإحداث إصابة المطعون ضده وكان ما خلص إليه في حدود ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية إلى نفي المساهمة في إحداث الضرر سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن مساهمة المطعون ضده بخطئه في إحداث الضرر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل به محكمة الموضوع من سلطة في تقدير الأدلة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. ومن ثم غير مقبول .
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق