المنشور بالجريدة الرسمية العدد 39 مكرر ط في 4 / 10 / 2017 ص 71
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع والعشرين من سبتمبر سنة
2017م، الموافق الثالث من المحرم سنة 1439هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد
العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 53 لسنة 38
قضائية "منازعة تنفيذ".
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعيين وآخرين، للمحاكمة الجنائية أمام
محكمة الجنايات، في الجناية رقم 2427 لسنة 2011 قسم الشيخ زايد، بوصف أنهم في ليلة
الثالث عشر من شهر أغسطس سنة 2011، بدائرة قسم الشيخ زايد – بمحافظة الجيزة: سرقوا
السيارة والمنقولات والمبالغ النقدية المبينة وصفا وقيمة بالأوراق، والمملوكة
للمجني عليهما، وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليهما بأن حاصروهما وأشهر المتهم
الأول صوبهما سلاحا ناريا - بندقية آلية، واستعرضوا القوة ولوحوا بالعنف وهددوا به
واستخدموه ضد المجني عليهما، على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت النيابة العامة
معاقبتهم بالمواد (44 مكرر، 280، 282/2، 375 مكرر، 375 مكرر/ 1 و2 و2 من قانون
العقوبات، 1/1، 2، 25 مكرر، 26/ 1-3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر،
والبندين رقمي 5، 7 من الجدول رقم 1 والبند رقم ب من القسم الثاني من الجدول رقم 3
الملحقين به. وبجلسة 13/12/2012 حكمت المحكمة حضوريا على المدعيين وآخرين بالسجن
المؤبد، وبوضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات لما أسند إليهم. طعن المدعيان
في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن المقيد برقم 4968 لسنة 82 قضائية، وبجلسة
1/4/2013 قضت محكمة النقض بالنسبة للمدعيين في الدعوى المعروضة، بقبول طعنهما
شكلا، ورفضه موضوعا. وإذ تراءى للمدعيين أن حكم محكمة النقض المار ذكره يعد عقبة
تمنع سريان حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/5/2006 في القضية رقم 83
لسنة 23 قضائية "دستورية"، القاضي بعدم دستورية القانون رقم 6 لسنة 1998
بإضافة باب جديد إلى أبواب الكتاب الثالث من قانون العقوبات، والمنشور في الجريدة
الرسمية العدد (20 مكرر ب) في 23/5/2006، وکذلك يعارض حكم المحكمة الدستورية
العليا الصادر بجلسة 8/11/2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية
"دستورية" القاضي بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من
القانون رقم 349 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6
لسنة 2012، فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات،
بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها،
والمنشور في الجريدة الرسمية العدد (45 مكرر ب) في 12/11/2014، الأمر الذي حدا
بهما إلى إقامة دعواهما المعروضة بطلب إزالة هذه العقبة القانونية والاستمرار في
تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا المشار إليهما.
بتاريخ السابع والعشرين من شهر نوفمبر سنة 2016، أودع المدعيان صحيفة
الدعوى المعروضة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم بصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ حكم محكمة النقض في الطعن رقم 4968 لسنة 82 قضائية، وفي الموضوع بعدم
الاعتداد به والاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادرين في
القضيتين رقمي 83 لسنة 23 قضائية "دستورية" و196 لسنة 35 قضائية
"دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها أصليا: الحكم ببطلان صحيفة
الدعوى المعروضة، واحتياطيا: الحكم بعدم قبولها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون
تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق
تحول قانونا - بمضمونها أو بأبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل تبعا لذلك، أو تقيد
اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق
التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التي تتوخى في
غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها،
أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة
بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صدر عن
المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها،
والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي
تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازما لضمان فعاليته. بيد أن
تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من
جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض
أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها –
حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك
الأحكام وربطها منطقيا بها، ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ
لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن المقرر – كذلك – في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى
الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية – قوامها مقابلة النصوص التشريعية
المطعون عليها بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ومن
ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها،
وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة. وأن
الحجية المطلقة للحكم الصادر في تلك الدعاوى يقتصر نطاقه على النصوص التشريعية
التي كانت مثاراً للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها،
ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي
لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالا حتميا بحيث
لا تقوم له قائمة إلا بها. ومؤدى ذلك جميعه أن نطاق منازعة التنفيذ الذي يستنهض
ولاية هذه المحكمة طبقا لنص المادة (50) من قانونها إنما يدور وجودا وعدما مع نطاق
حجية حكم المحكمة الدستورية العليا محل المنازعة، ولا تتعداه.
وحيث كان ما تقدم، وکان الحكم الصادر في القضية رقم 83 لسنة 23 قضائية
"دستورية"، بجلسة 7/5/2006، قد قضي بعدم دستورية القانون رقم 6 لسنة
1998 – الذي أضاف الباب السادس عشر إلى الكتاب الثالث من قانون العقوبات، تحت مسمى
الترويع والتخويف (البلطجة)، ناصا فيه على المادتين (375 مكررا و375 مكررا
"1") - فإن نطاق حجية هذا القضاء تقتصر على نصوص هذا القانون، المقضي
فيه وحده دون سواه، ولا تمتد لغيره من النصوص ولو تطابقت معها. ومن ثم فإن عقبة
التنفيذ التي يعتد بها في هذا المقام هي تلك التي تعترض تنفيذ هذا الحكم القاضي
بعدم دستورية القانون السالف ذكره دون سواه من القوانين، ولا كذلك أي قانون آخر.
ومن ثم، فإن إصدار المشرع للمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون
العقوبات، وهو قانون جديد جرى إصداره بإجراءات مستقلة، بعد قضاء هذه المحكمة -
وتطبيق محكمة النقض له بحكمها المصور عقبة في التنفيذ – ليس فيه ما يتعارض مع
تنفيذ الحكم المحاج به، ولا ينال من حجيته، ولا يكون القانون الأخير وتطبيقه عقبة
في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي بعدم دستورية القانون الأول، إذ لا
تستطيل حجية الحكم الصادر في شأن القانون رقم 6 لسنة 1998 إلى المرسوم بقانون رقم
10 لسنة 2011 - الذي تساند إليه الحكم المصور أنه عقبة في التنفيذ على ما سلف
بيانه – ومن ثم لا تنعقد لمنازعة التنفيذ – في هذا الشق من الدعوى – مقوماتها،
ويتعين عدم قبولها.
وحيث إن حكم محكمة النقض المصور عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية
العليا الصادر بجلسة 8/11/2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية
"دستورية"، قد تساند إلى نص المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954
في شأن الأسلحة والذخائر قبل استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، والذي لم
يكن محلا لقضاء المحكمة الدستورية العليا المتقدم، الذي انصب على نص الفقرة
الأخيرة من المادة (26) سالفة الذكر بعد استبدالها بالمرسوم بقانون المشار إليه،
وقضى بعدم دستوريته فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون
العقوبات، بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين الثالثة والرابعة من
المادة ذاتها، ومن ثم فإن نص المادة (26) من قانون الأسلحة والذخائر قبل استبداله
بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 لم يكن محل للفصل في دستوريته بموجب الحكم الصادر
من هذه المحكمة في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية"، ولا يعد
بالتالي حكم محكمة النقض - المؤيد لحكم محكمة الجنايات فيما قضي به من معاقبه
المدعيين بالسجن المؤبد – عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار
إليه، مما يتعين معه القضاء – أيضا بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه،
فإنه يعد فرعا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ الماثلة، وإذ تهيأ النزاع المعروض
للفصل فيه وقضت المحكمة بعدم قبوله، فإن قيام هذه المحكمة – طبقا لنص المادة (50)
من قانونها – بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ
مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق