برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة, وبحضور
السادة المستشارين: حسين السركي, ومحمد صبري, ومحمد عبد المنعم حمزاوي, ونصر الدين
عزام.
--------------
- 1 إجراءات " إجراءات المحاكمة". تحقيق " إجراءاته "
اختلاف وصف الحرز المرسل من النيابة إلي الطب الشرعي والحرز الموصوف
بتقرير التحليل . علي المحكمة أن تجري تحقيقاً تستجلي منه حقيقة الأمر .
من المقرر أنه على المحكمة عند الخلاف الظاهري بين وصف الحرز المرسل
من النيابة إلى الطب الشرعي والحرز الموصوف بتقرير التحليل أن تجري تحقيقاً تستجلي
به حقيقة الأمر - وإذ فات محكمة الموضوع استجلاء ذلك ولم تفطن إلى هذا الأمر فقد
تعيب حكمها بما يستوجب نقضه.
- 2 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً . سقوط أحدها أو استبعاده
. أثره . تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل في الرأي الذى انتهت إليه
المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أن هذا الدليل غير قائم .
مثال .
من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً
بحيث إذا سقط أحدهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل
في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو
أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. فإذا كان الثابت من تحقيقات النيابة أنها
قد سجلت مشاهدة وكيل النيابة لإصابة بالطاعن الأول، ومع ذلك لم يعرض الحكم لما
أثاره المدافع عن الطاعن الثالث عن بطلان اعتراف الطاعن الأول الذي اتخذ منه الحكم
دليلاً ضده بالرغم من أنه دفاع جوهري كان يتعين على الحكم أن يمحصه ويقول كلمته
فيه، فإن الحكم بقعوده عن مواجهة هذا الدفاع يكون مشوباً بقصور يعيبه ويوجب نقضه.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 17 من أغسطس سنة 1963
بدائرة قسم البستان محافظة الإسماعيلية: (الأول): حاز وأحرز ونقل جواهر مخدرة
(حشيشا) وكان ذلك بقصد الإتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا حالة كونه من
الموظفين العموميين (شرطي شرف بقسم سواحل الإسماعيلية) المنوط بهم مكافحة المواد
المخدرة. (والثاني) حاز جواهر مخدرة (حشيشا) وكان ذلك بقصد الإتجار وفي غير
الأحوال المصرح بها قانونا ( والثالث) حاز ونقل جواهر مخدرة (حشيشاً) وكان ذلك
بقصد الإتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً حالة كونه من الموظفين العموميين
شرطي بقسم سواحل الإسماعيلية المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة. (والرابع) نقل
جواهر مخدرة (حشيشا) وكان ذلك بقصد الإتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1 و2
و34/1 - أ - 2 و36 و42 من القانون رقم 180 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم /1
المرفق. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضوريا في 21 مايو سنة 1964
عملا بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهمين الأول والثالث وبالمواد 1 و2 و37/1 و38
و42 من قانون المخدرات السالف الذكر بالنسبة إلى المتهمين الثاني والرابع بمعاقبة
كل من المتهمين الأول والثالث بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما عشرة ألاف
جنيه وبمعاقبة كل من المتهمين الثاني والرابع بالسجن عشر سنوات وتغريم كل منهما
ألف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق
النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
من حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثالث قد استوفى الشكل
المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه هذان الطاعنان على الحكم المطعون فيه هو أنه - إذ
دانهما بجريمة إحراز ونقل مخدرات حالة كونهما من الموظفين العموميين المنوط بهما
مكافحة المخدرات - قد شابه قصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن الأول إن
الحكم لم يرد على دفاعه القائم على أن الحرز الذي أرسل من النيابة للتحليل هو غير
الحرز الذي حللت محتوياته، وهو أمر مستفاد من مغايرة الأختام في كل من الحرزين،
ومفاد ذلك أن المحكمة قضت في الدعوى بغير دليل. أما الطاعن الثالث فيقول إن الحكم
قد عول في إدانته على أقوال الطاعن الأول وهي أقوال أثار المدافع عن الطاعن أنها
لم تصدر إلا نتيجة إكراه مادي خلف بصاحبها إصابات، ومع ذلك فإن الحكم لم يشر على
هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه بما يفنده مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن
الأول قال في دفاعه إن حرز المخدرات الذي أرسل للتحليل كان بختم
"......." ثم وجد الختم عند ورود التحليل باسم "......."، وأن
المدافع عن الطاعن الثالث قرر في شأن اعتراف الطاعن الأول على موكله أن لهذا
الطاعن ثلاث روايات ولاحظت أن به إصابات وهو إن كان قد قرر أنها من مصادمة سيارة
إلا أنه - أي المدافع - يرى أن هناك صلة بين هذه الإصابة واعتراف الطاعن الأول.
لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الأول يشكل في واقع الأمر دفعاً بمغايرة المخدر
المضبوط لذلك الذي تم تحليله، وكان لهذا الدفاع سنده مما هو ثابت بالمفردات التي
أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن، فالحرز المرسل من النيابة كان عليه ختم باسم
"......" بينما جاء في تقرير التحليل أن الحرز المرسل كان يحمل ختما
باسم ".....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه على المحكمة عند الخلاف
الظاهري بين وصف الحرز المرسل من النيابة إلى الطب الشرعي والحرز الموصوف بتقرير التحليل
أن تجري تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر، وقد فات محكمة الموضوع استجلاء ذلك، أما
وهي لم تفطن إلى هذا الأمر فقد تعيب حكمها بما يستوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان
الثابت من تحقيقات النيابة أنها قد سجلت مشاهدة وكيل النيابة لإصابة بالطاعن
الأول، ومع ذلك لم يعرض الحكم لما أثاره المدافع عن الطاعن الثالث عن بطلان اعتراف
الطاعن الأول الذي اتخذ منه الحكم دليلا ضده بالرغم من أنه دفاع جوهري كان يتعين
على الحكم أن يمحصه ويقول كلمته فيه لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية
متساندة يكمل بعضها بعضا بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر
الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت
تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، فإن الحكم بقعوده
عن مواجهة هذا الدفاع يكون مشوبا بقصور يعيبه ويوجب نقضه. لما كان ما تقدم، وكان
العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه يتصل بالمتهمين الثاني والرابع المحكوم عليهما
لوحدة الواقعة، فإن نقض الحكم بالنسبة للطاعنين الأول والثالث يقتضي نقضه أيضا
بالنسبة إلى المتهمين المذكورين - اللذين قررا بالطعن ولم يقدما أسبابا لطعنهما -
وذلك إعمالا للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق