برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة, وبحضور السادة
المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد محمد محفوظ, ومحمود عزيز الدين سالم, ومحمود
العمراوي.
-----------
- 1 أسباب الإباحة وموانع العقاب " أسباب الإباحة". جريمة " أركانها ". شيك بدون
رصيد .
جريمة إصدار شيك بدون رصيد . لا أثر للدفاع علي قيامها . لا عبرة
بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلي الأمر بعدم الدفع . يستثني من ذلك : الحالات
التي تندرج تحت مفهوم حالة الضياع دون سواها .
إن مراد الشارع من العقاب على الجريمة المنصوص عليها في المادة 337
عقوبات هو حماية الشيك من التداول وقبوله في المعاملات على أساس أنه يجري فيها
مجرى النقود. ولا عبرة بالأسباب التي دعت ساحب الشيك إلى الأمر بعدم الدفع لأنها
دوافع لا أثر لها على قيام المسئولية الجنائية. كما أنه لا وجه للتحدي بقضاء
الهيئة العامة للمواد الجزائية الذي صدر بتاريخ أول يناير سنة 1963 في الطعن رقم
1084 لسنة 32 قضائية، ذلك بأن هذا القضاء لم يشأ الخروج على ذلك الأصل الذي استقر
عليه قضاء محكمة النقض وحرصت على تأييده في الحكم المشار إليه، ولم تستثن منه إلا
الحالات التي تندرج تحت مفهوم حالة الضياع التي أباح الشارع فيها للساحب أن يتخذ
من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق
الساحب في تلك الحال على حق المستفيد، وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لابد
لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجرده سبباً للإباحة.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة
1963 بدائرة قسم الأزبكية: أعطى .... بسوء نية الشيكات المبينة بالمحضر
والتي لا يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون
العقوبات. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1963 عملا
بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 50 قرش لوقف التنفيذ.
فأستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة
القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 2 يونيه سنة 1964 بقبول
الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة
لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صدور الحكم عملا بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء
شيك وأمر المسحوب عليه بعدم الدفع قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه دفع بأنه لم
يأمر البنك بإيقاف الصرف إلا إعمالا لحق مشروع خوله إياه الاتفاق المبرم بينه وبين
المستفيد (المجني عليه) لعدم قيامه بتنفيذ التزامه الذي من أجله سحب الشيك
لمصلحته، مما لا يتحقق معه قيام هذه الجريمة طبقا لقضاء محكمة النقض الأخير.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه
أنه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن أعطى ....... شيكا بمبلغ 50 ج
بتاريخ 15 فبراير سنة 1963 مسحوبا على بنك الاتحاد التجاري العربي ولما تقدم به
للصرف امتنع البنك بناء على أمر من الساحب بعدم الدفع، عرض لدفاع الطاعن وحصله
بقوله "وبسؤال المتهم قرر أنه أوقف صرف جميع الشيكات الصادرة للمبلغ لعدم
قيامه بالالتزامات المتفق عليها بموجب عقد محرر بينهما والذي أصدر هذه الشيكات
بسببه وهو اتفاق خاص بنشر صحيفتين بالألوان في المجلة الخاصة بالسودان مقابل 180 ج
دفع منها 20 ج نقدا والباقي أصدر بها شيكات استحقاق 3/1/1963 و15/1/1963
و15/2/1963، واتفق على استحقاق الشيكات إذا نفذت المجلة اتفاقها معه في عدد المجلة
بتاريخ 18/12/1962 وإلا ألغيت الشيكات". ثم رد الحكم على هذا الدفاع قائلا
"إن المتهم أمر المسحوب عليه الشيك بعدم دفع قيمته ومن ثم يتعين معاقبته طبقا
لمادة الاتهام وقد قضت محكمة النقض بأن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 عقوبات
تتحقق بمجرد صدور الأمر من الساحب إلى المسحوب عليه بعدم الدفع ولو كان ذلك بسبب
مشروع". وما أورده الحكم من ذلك يتفق وصحيح القانون، ذلك بأن مراد الشارع من
العقاب - في هذه الصورة - هو حماية الشيك من التداول وقبوله في المعاملات على أساس
أنه يجري فيها مجرى النقود. ولا عبرة بالأسباب التي دعت ساحب الشيك إلى الأمر بعدم
الدفع لأنها دوافع لا أثر لها على قيام المسئولية الجنائية، كما أنه لا وجه للتحدي
بقضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية الذي صدر بتاريخ أول يناير سنة 1963 (في
الطعن رقم 1084/32) ذلك بأن هذا القضاء لم يشأ الخروج على ذلك الأصل الذي استقر
عليه قضاء هذه المحكمة الذي حرصت على تأييده في الحكم المشار إليه، ولم تستثن فيه
إلا الحالات التي تندرج تحت مفهوم حالة الضياع التي أباح الشارع فيها للساحب أن
يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديرا من الشارع بعلو حق
الساحب في تلك الحال على حق المستفيد، وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لابد
لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سببا للإباحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون
فيه قد التزم هذا النظر دون أن يعتد بما نسب إلى المستفيد من إخلال بالالتزام الذي
سحب الشيك لمصلحته بناء عليه، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه
ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق