جلسة 3 من مارس سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.
----------------
(38)
الطعن رقم 3283 لسنة 65 القضائية
(1) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المراد بالأمناء على الودائع؟
كفاية أن يكون حفظ الموظف الأمانات والودائع من مقتضيات وظيفته أو مكلفاً بها من رؤسائه أو تكون في عهدته بأمر كتابي أو إداري.
تسليم المال موضوع الاختلاس إلى الجاني بصفته أميناً على الودائع. كفايته لاعتباره مسئولاً عنه. اختلاسه له. استحقاقه للعقوبة المغلظة المنصوص عليها في البند ( أ ) الفقرة الثانية من المادة 112 عقوبات.
(2) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عقيدة المحكمة قيامها على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ في جريمة اختلاس.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. لا يقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر أو إعادة المأمورية لذات الخبير أو الرد على الطعون الموجهة إليه. ما دامت لم تجد فيها ما يستحق الالتفات إليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
اطمئنانها للأدلة التي عولت عليها. مفاده؟
2 - لما كان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي منها قصدته المحكمة، وكان المعنى المشترك بين ما أورده الحكم بياناً لصورة الواقعة التي اعتنقتها بأن الطاعن اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات البالغ قيمتها 9780.330 جنيهاً وبين ما أورده نقلاً عن تقرير الخبير من أن هناك عجزاً في عهدته عبارة عن ثمن بضائع سلمت إليه ولم يسدد ثمنها، هو ذات المعنى في الدلالة على أن الطاعن قد اختلس البضاعة التي تقدر قيمتها بمبلغ 9780.330 جنيهاً وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة الجرد وتقرير الخبير في جوهرها على حد سواء فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من شيوع حيازة البضائع عهدته بينه وبين باقي المعاملين بالفرع، ومن ثم فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها، كما لا يحل له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - لما كان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بندب خبير آخر في الدعوى أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة في حكمها لطلب الطاعن إعادة المأمورية للخبير وأطرحته بأسباب سائغة، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن بأوجه الطعن من عدم سيطرته على الفرع وغلقه من تاريخ الجرد الأول حتى تاريخ الجرد الأخير وأن العجز في الجرد الأول يقل عنه في الجرد الأخير وأن الجرد الجشني الأول لم يسفر عن وجود عجز في عهدته، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه فيه والرد عليه استقلالاً، وفي اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها ما يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً "أمين عهدة فرع ...... التابعة لمركز توزيع السلع الغذائية محافظة دمياط" اختلس أموالاً عامة وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن تسلم البضائع المبينة وصفاً بالتحقيقات والبالغ قيمتها 9780.330 جنيه (تسعة آلاف وسبعمائة وثمانين جنيهاً وثلاثمائة وثلاثين مليماً) المملوكة لجهة عمله سالفة البيان واختلسها لنفسه بنية تملكها ولم يورد ثمنها حال كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه بهذه الصفة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمياط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2/ أ، 118، 118 مكرراً/ أ/ 119/ أ، 119/ أ مكرراً/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبتغريمه مبلغ 9780.330 وبرد مبلغ 9780.330 جنيهاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض، ذلك بأنه لم يدلل على أن الطاعن من الأمناء على الودائع، وقد دانه الحكم رغم شيوع التهمة لاشتراك العاملين بالفرع الذي يعمل مديراً له معه في حيازة البضائع وتداولها بين أيدهم، كما أن دفاع الطاعن قام على انتفاء سيطرته على المتجر في الفترة من..... / 1988 وهو تاريخ الجرد الأول حتى.... / 1988 تاريخ الجرد الأخير، كما تقلص العجز في عهدته نتيجة الجرد الأخير، ولم يسفر الجرد الجشني الأول عن وجود ثمة عجز بعهدته، وكذا طلبه إعادة المأمورية للخبير، إلا أن الحكم أطرح أوجه دفاعه تلك بما لا يكفي أو يصلح رداً، هذا إلى أنه اعتنق تصويراً للواقعة أساسه أن الطاعن اختلس البضائع محل الاتهام لنفسه بنية تملكها دون أن يورد ثمنها ثم عول على تقرير الخبير بأنه باع هذه البضاعة ولم يورد ثمنها للجهة مالكتها، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة الجرد وتقرير الخبير، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم أن الطاعن وهو أمين عهدة فرع...... التابع لمركز توزيع السلع الغذائية بمحافظة دمياط اختلس البضائع موضوع تهمة الاختلاس المسندة إليه والتي كانت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلمت إليه بهذه الصفة، وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوي الصفة العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال، ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع، وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه ممن تخولهم وظائفهم التكليف به أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري، وكان تسليم البضاعة المختلسة على الصورة التي أوردها الحكم واستظهرها من أقوال الشهود وسائر أدلة الدعوى يتلازم معه أن يكون أميناً عليها ما دام أنه أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها، فإنه يكون قد دلل تدليلاً كافياً على أنه المسئول عن البضائع موضوع الاختلاس بصفته أمين عهدة الفرع مما يوفر في حقه فضلاً عن عنصر التسليم بسبب الوظيفة صفته كأمين من الأمناء على الودائع، فإذا اختلس تلك البضائع عد مختلساً لأموال عامة مما نصت عليه المادة 119 من قانون العقوبات وحق عقابه عن جناية الاختلاس وبالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 122 من القانون ذاته، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على صفته كأمين على الودائع، لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي منها قصدته المحكمة، وكان المعنى المشترك بين ما أورده الحكم بياناً لصورة الواقعة التي اعتنقها بأن الطاعن اختلس البضائع المبينة بالتحقيقات البالغ قيمتها 9780.330 جنيهاً وبين ما أورده نقلاً عن تقرير الخبير من أن هناك عجزاً في عهدته عبارة عن ثمن بضائع سلمت إليه ولم يسدد ثمنها، هو ذات المعنى في الدلالة على أن الطاعن قد اختلس البضاعة التي تقدر قيمتها بمبلغ 9780.330 جنيهاً وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة الجرد وتقرير الخبير في جوهرها على حد سواء فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من شيوع حيازة البضائع عهدته بينه وبين باقي العاملين بالفرع، ومن ثم فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها، كما لا يحل له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بندب خبير آخر في الدعوى أو إعادة المأمورية إلى ذات الخبير والرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة في حكمها لطلب الطاعن إعادة المأمورية للخبير وأطرحته بأسباب سائغة، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن بأوجه الطعن من عدم سيطرته على الفرع وغلقه من تاريخ الجرد الأول حتى تاريخ الجرد الأخير وأن العجز في الجرد الأول يقل عنه في الجرد الأخير وأن الجرد الجشني الأول لم يسفر عن وجود عجز في عهدته، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه فيه والرد عليه استقلالاً، وفي اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التي عولت عليها ما يدل على أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فضلاً عن أن الحكم رد على أوجه الدفاع تلك بما يسوغ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق