برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور
السادة المستشارين: حسين السركي، وجمال المرصفاوي، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، وبطرس
زغلول.
-----------
- 1 إجراءات " إجراءات المحاكمة". دعوى مباشرة
عدم تقيد المحكمة بطلبات المدعي المدني ( رافع الدعوى المباشرة ) عند
إنزال حكم قانون العقوبات علي واقعة الدعوى . مثال .
المحكمة الجنائية غير مقيدة بطلبات المدعي بالحقوق المدنية - رافع
الدعوى المباشرة - وهي بصدد إنزال حكم قانون العقوبات على واقعة الدعوى. ولما كانت
المادة 337 منه في نصها على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد أحالت في بيان
العقاب على المادة 336 السابقة عليها - فإن تطبيقهما معاً على الواقعة والوصف
بذاتيهما ليس تغييراً لوصف التهمة يستوجب تنبيه المتهم إليه.
- 2 دعوى مدنية " إجراءات نظرها أمام
المحاكم الجنائية".
خضوع الدعوى المدنية أمام القاضي الجنائي للقواعد الواردة في قانون
الإجراءات الجنائية ما دامت فيه نصوص خاصة بها . أجازت المادة 260 إجراءات للمدعى
بالحق المدني ترك دعواه في أية حالة كانت عليها مع عدم الإخلال بحق المتهم في
التعويضات إن كان لها وجه ودون أن يؤثر الترك على الدعوى الجنائية . مثال .
من المقرر أن الدعوى المدنية تخضع أمام القاضي الجنائي للقواعد
الواردة في قانون الإجراءات الجنائية ما دامت فيه نصوص خاصة بها. ولما كانت المادة
260 من القانون المذكور قد أجازت للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية
حالة كانت عليها مع عدم الإخلال بحق المتهم في التعويضات إن كان لها وجه ودون أن
يؤثر الترك على الدعوى الجنائية، وكان المدعي بالحقوق المدنية في الدعوى الماثلة
قد أبان بإقراره عن نزوله عن دعواه، وهو الإقرار الذي تقدم به المتهم ذاته للمحكمة
الاستئنافية دعماً لدفعه بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية ولطلبه القضاء
ببراءته ورفض أولاهما وإلزام رافعها مصروفاتها، وكان المتهم لم يطالب ذلك المدعي
بتعويض أمام المحكمة الجنائية، فكان لزاماً عليها الاستجابة لطلب النزول غير حافلة
بطلب المتهم القضاء بعدم قبول الدعوى، ومن ثم كان قضاؤها استنادا إلى هذا الطلب -
بتأييد الحكم المستأنف في قضائه في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بالتعويض على
الرغم من ذلك النزول - منطوياً على خطأ في تطبيق القانون يتسع له الطعن ويستوجب
نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه في هذا الشق من قضائه والحكم بإثبات ذلك النزول
وإلزام المدعي بالحقوق المدنية مصاريف دعواه.
- 3 دعوى جنائية " تحريكها بمعرفة النيابة". دعوى مباشرة.
دعوي عمومية . تحريكها بالطريق المباشر تحريكاً صحيحاً . قيامها ولو
طرأ علي الدعوي المدنية ما يؤثر فيها .
من المقرر أنه متى اتصلت المحكمة بالدعوى الجنائية بتحريكها بالطريق
المباشر تحريكاً صحيحاً، ظلت قائمة ولو طرأ على الدعوى المدنية ما يؤثر فيها.
- 4 جريمة " أركانها ". شيك بدون
رصيد .
جريمة إصدار شيك بدون رصيد القصد الجنائي فيها . توافره بمجرد علم
الساحب بعدم وجود مقابل وفاء للشيك في تاريخ سحبه ، ولو كان التقدم به في تاريخ
لاحق ، أو كان قد تم الوفاء بقيمته ما دام معطيه لم يسترده .
سوء النية - وهو القصد الجنائي - يتحقق في جريمة إعطاء شيك لا يقابله
رصيد بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء للشيك في تاريخ سحبه ولو كان التقدم
به في تاريخ لاحق ما دام مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع أو كان قد تم الوفاء بقيمته
ما دام معطيه لم يسترده.
- 5 جريمة - أركانها ". حكم "
تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". شيك بدون رصيد .
تحدث الحكم استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
غير لازم. إلا إذا كان مثار نزاع.
ليس بلازم أن تتحدث المحكمة استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة إعطاء
شيك لا يقابله رصيد إلا إذا كان مثار نزاع.
- 6 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير
المعيب".
البيان المعول عليه في الحكم . هو الجزء الذى يبين فيه اقتناع القاضي
دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع . مثال .
البيان المعول عليه في الحكم إنما هو الجزء الذي يبين فيه اقتناع
القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع، ولما كان ما ورد
بديباجة الحكم المطعون فيه من أن النيابة العامة اتهمت الطاعن باقتراف الجريمة
التي دين بها، قد كشف ما جاء بمدونات هذا الحكم ذاته، والحكم الابتدائي من أن
الدعوى قد أقيمت بالطريق المباشر، وهو أمر مسلم من الطاعن نفسه، فإن قالة التناقض
تكون على غير أساس.
- 7 حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل".
تزيد الحكم فيما لم يكن في حاجة إليه . لا يعيبه . ما دام قد أقام
قضاءه على أسباب صحيحة كافية بذاتها .
لا يعيب الحكم تزيده فيما لم يكن في حاجة إليه ما دام أنه أقام قضاءه
على أسباب صحيحة كافية بذاتها.
- 8 محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات "
بوجه عام".
لمحكمة الموضوع إطراح أية ورقة غير جديرة بثقتها .
لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الوقائع أن تطرح أية ورقة لا
تراها جديرة بثقتها.
---------
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر
النيل الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه في يوم 31/1/1959 أصدر له شيكا بمبلغ 1250ج على
البنك ...... بالقاهرة دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه
بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على
سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا في 7/5/1962 عملا
بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرين وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن
يؤدي للمدعي مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ
مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فعارض, وأثناء نظر المعارضة دفع الحاضر مع المتهم
بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما من غير ذي صفة وطلب رفض أولاهما. ثم
قضي فيهما بتاريخ 20/5/1963 بقبولهما شكلا وفي الموضوع برفض الدفع بعدم قبول
الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما بالطريق المباشر من غير ذي صفة وبقبولهما ورفض
المعارضة وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم. ولدى نظر الدعوى أمام
محكمة القاهرة الابتدائية أثار الحاضر مع المتهم ما طلبه أمام محكمة الدرجة الأولى
وقدم إقرارا من المدعي بالحق المدني يفيد تنازله عن دعواه المدنية. وقضت المحكمة
المذكورة حضوريا في 14/11/1963 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد
الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من
تاريخ صدور الحكم عملا بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليه في
هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
إعطاء شيك لا يقابله رصيد وألزمه بالتعويض قد انطوى على تناقض وقصور في التسبيب
وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه أفصح في
مستهل أسبابه عن أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن ثم استطرد
إلى أن المدعي بالحقوق المدنية حركها بالطريق المباشر ثم ذهب إلى أن النيابة وجهت
بجلسة 19 من مارس سنة 1962 الاتهام إلى الطاعن فارتضى المحاكمة ورتب الحكم على ذلك
تحريك الدعوى الجنائية تحريكا صحيحا وفق نص الفقرة الثانية من المادة 232 من قانون
الإجراءات الجنائية, في حين أن الطاعن لم يحضر في تلك الجلسة ولا في أية جلسة
تالية إلى أن صدر الحكم عليه غيابيا, مما يحول دون انطباق ذلك النص, وأنه بينما
دفع الطاعن بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية وطلب رفض أولاهما فإن الحكم قد
اقتصر على الإشارة إلى الدفع بعدم قبولها هي فحسب, وبينما استند المدعي إلى نص
المادة 337 من قانون العقوبات, فإن الحكم أخذ الطاعن -المتهم- فضلا عنها بنص
المادة 336 من هذا القانون دون تنبيهه إلى تغيير وصف التهمة, وبينما كان طلب
المدعي مقصورا على التعويض فإن الحكم قضى له كذلك بمقابل أتعاب المحاماة وأنه على
الرغم من أن الطاعن قد أقام دفعه على صدور الشيك لشقيق رافع الدعوى بدلالة تقدمه
هو للبنك لصرف قيمته -كالثابت بظهره- وإقرار المدعي بذلك وبأنه كان يطالب بحق ذلك
الشقيق قبل أن يقف على تخالصه مع الطاعن عن قيمة الشيك قبل حلول أجل استحقاقه ورفع
الدعوى لغيبته بالكويت, فإن الحكم قد ساق على رفض الدفع أسبابا غير سائغة دون أن
يلتزم هذا الإقرار ودلالته, ولم يعرض لأثر ذلك التخالص في نفي القصد الجنائي وعدم
تحقق الجريمة وفي نفي الضرر وعدم قبول الادعاء المباشر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه فيما اعتنقه من أسباب الحكم المستأنف وما
أنشأه لنفسه من أسباب قد حصل واقعة الدعوى في أن الطاعن أعطى المدعي بالحقوق
المدنية شيكا لحامله مؤرخا 31 من يناير سنة 1959 مسحوبا على البنك ......... ولما
قدمه للبنك استبان أنه لا يقابله رصيد بدليل ما أفاد به البنك في ذلك التاريخ
بالرجوع على الساحب. لما كان ذلك, وكان البيان المعول عليه في الحكم إنما هو
الجزاء الذي يبين فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا
الاقتناع, وكان ما ورد بديباجة الحكم المطعون فيه من أن النيابة العامة اتهمت
الطاعن باقتراف الجريمة التي دين بها, قد كشفه ما جاء بمدونات هذا الحكم ذاته
والحكم الابتدائي من أن الدعوى قد أقيمت بالطريق المباشر, وهو أمر مسلم من الطاعن
نفسه, فإن قالة التناقض تكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان يبين من الحكم
المطعون فيه أنه حين بسط دفاع الطاعن أشار إلى ما استهله به من الدفع بعدم قبول
الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلى ما اختتمه به من طلب عدم قبول الدعويين المدنية
والجنائية وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية, وأنه حصل ما
دار أمام محكمة أول درجة بجلستها المنعقدة في 19 من مارس سنة 1962 في قوله إن
النيابة العامة طلبت "عقاب المتهم عملا بمادتي الاتهام وطلب الحاضر عن المتهم
التأجيل لتقديم مستندات والاستعداد" فإن دعوى مجيء مدونات الحكم مقصورة على
الإشارة فحسب إلى الدفع بعد قبول الدعوى المدنية أو حضور الطاعن تلك الجلسة وقبوله
المحاكمة تكون غير ذات موضوع. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية, بأن رافعها هو مالك الشيك لصدوره لحامله, وحيازته
إياه حين إقامته دعواه المباشرة مبينا في صحيفتها عن صدوره إليه, ولأن الطاعن لم
يزعم وصوله إلى المدعي عن سبيل غير مشروع, كما أفصح الحكم عن التفاته عن دلالة
الإقرار الصادر منذ ذلك المدعي والمقدم لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية
لاقتناعها بأنه وليد تخالص لاحق عن قيمة الشيك بعد تحريك الدعوى صحيحة وابتغاء
إبطال إجراءاتها, وأبان أن توقيع شقيق المدعي على ظهر الشيك إنما يدل فحسب على أنه
هو الذي تقدم به للبنك ولا ينفي ملكية المدعي إياه خلص الحكم إلى فساد هذا الدفع
ووجوب رفضه, ثم استطرد إلى أنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن الفقرة الثانية من المادة
232 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز الاستغناء عن تكليف المتهم بالحضور إذا حضر
بالجلسة ووجهت إليه النيابة العامة التهمة وقبل المحاكمة, وأن النيابة إذ تصدت
للاتهام بطلبها بجلسة محكمة الدرجة الأولى المنعقدة في 19 من مارس سنة 1962 معاقبة
المتهم عملا بمادتي الاتهام قد جعل الدعوى الجنائية تستقيم بذاتها وتسير في طريقها
مستقلة عن الدعوى المدنية. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه متى اتصلت المحكمة
بالدعوى الجنائية بتحريكها بالطريق المباشر تحريكا صحيحا, ظلت قائمة ولو طرأ على
الدعوى المدنية ما يؤثر فيها, وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الوقائع
أن تطرح أية ورقة لا تراها جديرة بثقتها -كالشأن بصدد الإقرار الذي تذرع به
الطاعن- وكان الحكم قد أورد على ملكية المدعي بالحقوق المدنية الشيك سالف الذكر
أدلة سائغة وأثبت أن الدعوى الجنائية حركت تحريكا صحيحا بالطريق المباشر فاتصلت
المحكمة بها, ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع وكان هذا القضاء قائما على سبب صحيح
في القانون, فكان غير سديد من الطاعن رميه إياه في هذا الصدد بفساد في الاستدلال
وخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك, وكان الحكم بعد أن خلص على ما سلف بيانه إلى
القضاء برفض الدفع استطرد وأضاف من بعد ذلك سببا مستمدا من نص الفقرة الثانية من
المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية, وكان ركون الحكم إلى هذا السبب ليس إلا
تزيدا لم يكن الحكم في حاجة إليه بعد أن أقام قضاءه على أسباب صحيحة كافية بذاتها
لرفض الدفع, كان النعي عليه في هذا الشأن غير مجد. لما كان ذلك, وكانت المحكمة
الجنائية غير مقيدة بطلبات المدعي بالحقوق المدنية -رافع الدعوى المباشرة- وهي
بصدد إنزال حكم قانون العقوبات على واقعة الدعوى, وكانت المادة 337 منه في نصها
على جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد, قد أحالت في بيان العقاب على المادة 336
السابقة عليها, فإن تطبيقهما سويا على الواقعة والوصف بذاتيهما ليس تغييرا لوصف التهمة
يستوجب تنبيه المتهم -الطاعن- إليه, ومن ثم كان ما يثيره في هذا الصدد على غير
أساس. لما كان ذلك, وكان سوء النية وهو القصد الجنائي يتحقق في تلك الجريمة بمجرد
علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء للشيك في تاريخ سحبه ولو كان التقدم به في تاريخ
لاحق ما دام مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع أو كان قد تم الوفاء بقيمته ما دام معطيه
لم يسترده, وكان لا إلزام على المحكمة بالتحدث استقلالا عن ذلك القصد الجنائي إلا
إذا كان مثار نزاع, وكانت المحكمة قد استحدثته من إفادة البنك المسحوب عليه
بالرجوع على الساحب, وكان الطاعن لا يماري في علمه بذلك, فلا وجه لما نعاه على
الحكم في هذا المجال. لما كان ذلك, وكان الحكم قد خلص إلى أن المدعي بالحقوق
المدنية هو صاحب الشيك وأن الإقرار الذي لاذ به الطاعن لم يصدر من هذا المدعي إلا
بعد تخالصه عن قيمة الشيك من بعد تقديمه للبنك وأن الجريمة التي أتاها الطاعن قد
أحاقت ضررا بالمدعي, فإن قالة القصور في التسبيب تكون على غير أساس. لما كان ذلك,
وكان من المقرر أن الدعوى المدنية تخضع أمام القاضي الجنائي للقواعد الواردة في
قانون الإجراءات الجنائية ما دامت فيه نصوص خاصة بها, وكانت المادة 260 من القانون
ذاته قد أجازت للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها مع
عدم الإخلال بحق المتهم في التعويضات إن كان لها وجه ودون أن يؤثر الترك على
الدعوى الجنائية, وكان المدعي بالحقوق المدنية في الدعوى الماثلة قد أبان بإقراره
عن نزوله عن دعواه, وهو الإقرار الذي تقدم به الطاعن ذاته للمحكمة الاستئنافية
دعما لدفعه بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية ولطلبه القضاء ببراءته ورفض
أولاهما وإلزام رافعها مصروفاتها, وكان المتهم -الطاعن- لم يطالب ذلك المدعي
بتعويض أمام المحكمة الجنائية, فكان لزاما عليها الاستجابة لطلب النزول غير حافلة
بطلب المتهم -الطاعن- القضاء بعدم قبول الدعوى ومن ثم كان قضاؤها استنادا إلى هذا
الطلب - بتأييد الحكم المستأنف في قضائه في الدعوى المدنية بإلزام الطاعن
بالتعويض, على الرغم من ذلك النزول, منطويا على خطأ في تطبيق القانون يتسع له
الطعن ويستوجب نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه في هذا الشق من قضائه, والحكم بإثبات
ذلك النزول وإلزام المدعي بالحقوق المدنية مصاريف دعواه, وترتيبا على هذا أضحى نعي
الطاعن على الحكم قضاءه بمقابل أتعاب المحاماة, غير ذي موضوع ولزم لما تقدم القضاء
برفض الطعن فيما خلا الشق سالف الذكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق