جلسة 20 من مارس سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ووفيق الدهشان وفريد عوض وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.
----------------
(53)
الطعن رقم 12491 لسنة 59 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة. شرط ذلك؟
(2) حكم "تسبيب. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". تسهيل استيلاء على مال عام.
إقامة المحكمة قضاءها على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى. واجب.
استناد الحكم في قضائه بالإدانة على شهادة خبيري وزارة العدل ونسبته إليهما القول أن الطاعن سهل لمتهم آخر الاستيلاء على الأموال المملوكة للشركة التي يرأس مجلس إدارتها على الرغم من مخالفة ذلك للثابت بالأوراق. يعيبه.
(3) تسهيل الاستيلاء على مال للدولة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "الحكم في الطعن".
جناية تسهيل الاستيلاء على مال إحدى الشركات المساهمة المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟
انتفاء نية تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال المملوك لإحدى الشركات المساهمة لدى الطاعن. لا تأثيم.
مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في القانون. يوجب نقضه والقضاء بالبراءة. أساس ذلك؟
2 - لما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه بإدانة الطاعن على شهادة كل من خبيرتي وزارة العدل ونسب إليهما القول أن الطاعن سهل لمتهم آخر الاستيلاء على أموال مملوكة لشركة..... التي يرأس مجلس إدارتها وهي إحدى الشركات المساهمة رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق فإنه يكون قد استند إلى ما لا أساس له في الأوراق.
3 - من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء على مال إحدى الشركات المساهمة المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً من قانون العقوبات لا تقع إلا إذا كان الجاني رئيساً أو عضواً بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها وأن يكون المالي المعتدى عليه ملكاً للشركة المساهمة التي يعمل فيها المتهم وأن يستغل سلطات وظيفته كي يمد الغير بالإمكانات التي تتيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال ويتعين أن يعلم المتهم من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير على مال الشركة، ويكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة الطاعن وكونه موظفاً بالشركة المساهمة وكون وظيفته طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان البين مما تقدم أن ما بدر من المتهم - الطاعن - لا يعدو كونه مجرد مخالفات إدارية لا تبلغ مبلغ الجريمة ومن ثم تنتفي عنه نية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات المساهمة، وتنحسر بالتالي أية شبهة توجب تأثيم فعله جنائياً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر نتيجة ترديه في الخطأ في الإسناد الذي أسلسه إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وكان هذا الخطأ لا يخضع لأي تقدير موضوعي فإنه يتعين وفقاً لنصي المادتين 30/ 1، 39/ 2 من القانون 57 لسنة 1959 المعدل في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، نقض الحكم المطعون فيه بمقتضى القانون وبراءة المتهم مما أسند إليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من الطاعن وآخر بأنهما: (الطاعن) بصفته عضو مجلس إدارة شركة...... والآخر رئيس مجلس إدارة الشركة سابقاً سهلا الاستيلاء بغير حق للمتهم الثالث على مبلغ ستمائة وثمانية ألف فرنك سويسري والمملوك للجهة المشار إليها بأن مكناه من الحصول على ذلك المبلغ بمقولة أنه قيمة لأسهم مشتراه دون تمام ذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وإحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 41، 113 مكرراً أ، 118 مكرراً من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 680 ألف فرنك سويسري وبرد مثله مع عزله من عضوية الشركة.
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء على أموال إحدى الشركات المساهمة قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه عول في إدانته بالجريمة المسندة إليه على أقوال نسبها لخبيرتي مكتب خبراء وزارة العدل رغم أن أقوالهما في التحقيقات لا تساند الحكم فيما حصله، كما أنه اتخذ من مجرد توقيع الطاعن على عقد شراء أسهم شركة..... دليلاً على مقارفته جريمة تسهيل الاستيلاء رغم أن توقيعه على العقد كان بصفته رئيساً لمجلس الشركة وسبق تكليفه بذلك من مجلس إدارتها، فضلاً عن أن الحكم لم يدلل على توافر القصد الجنائي لتلك الجريمة في حق الطاعن - وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أنه بتاريخ 14/ 8/ 1976 اجتمع مجلس إدارة شركة.... برئاسة الطاعن وحضور تسعة من أعضاء مجلس إدارتها وصدر قرار بالموافقة على شراء عدد ألف ومائتي سهم من أسهم شركة..... وتكليف ثمانية من الأعضاء بالسفر لسويسرا لإتمام الشراء - كما تبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن على شهادة كل من..... و..... و..... الخبيرتين بمكتب خبراء وزارة العدل في التحقيقات وبمراجعة شهادة كل منهما لدى سؤالهما بتحقيقات النيابة تبين أنهما قررتا أنه بمراجعة أعمال الشركة بتكليف لهما من نيابة عابدين لا يمكن الجزم بإسناد جريمة الاختلاس أو الاستيلاء بغير حق أو تسهيل الاستيلاء على ثمة أموال للشركة المذكورة للطاعن وأن ما يمكن نسبته إليه هو مجرد مخالفات تنحصر في توظيف أموال الشركة في غير أغراضها وهي لا تعدو أن تكون مخالفات إدارية - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه بإدانة الطاعن على شهادة كل من خبيرتي وزارة العدل ونسب إليهما القول أن الطاعن سهل لمتهم آخر الاستيلاء على أموال مملوكة للشركة التي يرأس مجلس إدارتها وهي إحدى الشركات المساهمة رغم مخالفة ذلك الثابت بالأوراق على السياق المقدم فإنه يكون قد استند إلى ما لا أساس له في الأوراق، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء على مال إحدى الشركات المساهمة المنصوص عليها في المادة 113 مكرراً من قانون العقوبات لا تقع إلا إذا كان الجاني رئيساً أو عضواً بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً للشركة المساهمة التي يعمل فيها المتهم وأن يستغل سلطات وظيفته كي يمد الغير بالإمكانات التي تتيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال ويتعين أن يعلم المتهم أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير على مال الشركة، ويكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة الطاعن وكونه موظفاً بالشركة المساهمة وكون وظيفته طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان البين مما تقدم أن ما بدر من المتهم - الطاعن - لا يعدو كونه مجرد مخالفات إدارية لا تبلغ مبلغ الجريمة ومن ثم تنتفي عنه نية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات المساهمة، وتنحسر بالتالي أية شبهة توجب تأثيم فعله جنائياً. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر نتيجة ترديه في الخطأ في الإسناد الذي أسلسه إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وكان هذا الخطأ لا يخضع لأي تقدير موضوعي فإنه يتعين وفقاً لنصي المادتين 30/ 1، 39/ 2 من القانون 57 لسنة 1959 المعدل في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، نقض الحكم المطعون فيه بمقتضى القانون وبراءة المتهم مما أسند إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق