جلسة 30 من يونيه سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي غرابه - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز - نائبي رئيس المحكمة، محسن فضلي وطه عبد المولى.
----------------
(188)
الطعن رقم 2567 لسنة 61 القضائية
(1، 2) بيع "التزامات البائع: الالتزام بالضمان" "فسخ البيع" "إبطال البيع". عقد. تقادم.
(1) تخلف صفات في المبيع كفل البائع وجودها فيه للمشتري. الرجوع عليه بدعوى الضمان أو الفسخ أو الإبطال للغلط. دعوى الضمان. دعوى تنفيذ بمقابل تفترض بقاء العقد ونفاذه ولا يرد فيها الثمن للمشتري. خضوعها للتقادم الحولي. م 452 مدني. دعوى الفسخ. أساسها. انحلال العقد وإعادة المتعاقدين للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. أثره. استرداد المشتري لما دفعه من ثمن مع التعويض. تقادمها بخمس عشرة سنة.
(2) دعوى الضمان. استقلالها عن دعويي الفسخ والإبطال. عناصر التعويض المبينة بالمادة 443 مدني. اقتصارها على حالة رجوع المشتري على البائع بدعوى الضمان عند استحقاق المبيع كله.
(3) بيع "فسخ البيع". دعوى "تكييف الدعوى". تقادم. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد كذلك".
دعوى المشتري بفسخ عقد البيع لتخلف ما كفله البائع في المبيع من الحداثة والكفاءة العالية مع التعويض. تكييفها الصحيح. دعوى فسخ لإخلال البائع بضمان العيب الذي يلحق به تخلف الصفة التي كفل البائع وجودها في المبيع. تقادمها بخمس عشرة سنة. إخضاعها للتقادم الحولي الخاص بدعوى الضمان. خطأ.
2 - أفصح المشرع عن استقلال دعوى الضمان عن دعويي الفسخ والإبطال في المادة 443 مدني، والتي بينت عناصر التعويض الذي يحق للمشتري أن يبطله من البائع في حالة الرجوع بدعوى الضمان عند استحقاق المبيع كله، وذلك بنصه في الفقرة الأخيرة منها على أن ".... كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله".
3 - لما كان الطاعن قد أقام دعواه بطلب فسخ العقد (عقد البيع) لإخلال المطعون ضدهما بالتزامهما، إذ تخلفت في المبيع ما كفلاه له فيه من الحداثة والكفاءة العالية، مع التعويض لما أصابه من أضرار، وهي - بهذه المثابة - دعوى فسخ لإخلال البائع بضمان العيب، والذي ألحق به التقنين المدني الحالي تخلف الصفة التي كفل البائع وجودها في المبيع وقت التسليم، وهي مما تتقادم بخمس عشرة سنة طبقاً للقواعد العامة، فإن الحكم المطعون فيه، ولئن كان قد انتهى صحيحاً إلى تكييف الدعوى بما سلف، إلا أنه أجرى عليها التقادم الحولي الخاص بدعوى الضمان، رغم أن الطاعن لم يؤسس رجوعه عليها، مما يعيبه بمخالفة القانون وبالخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 3087 لسنة 1985 أمام محكمة دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد القرض والبيع المؤرخ 9/ 2/ 1984، وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليه مائة ألف جنيه، وقال في بيانها، إن البنك المطعون ضده الأول أعلن عن توافر مفرخات ويسترن إنجليزية الصنع وأنها من الأنواع الحديثة ذات الكفاءة العالية، يقوم ببيعها لحساب المطعون ضده الثاني، فتقدم الطاعن بطلب للموافقة على منحه قرضاً بقيمة مفرختين من تلك المعلن عنها، وقد أبرم عقد البيع والقرض في 9/ 2/ 1984، غير أنه سرعان ما استبان له أن المبيع يعيبه القدم وليس بذي كفاءة إنتاجية، فأقام الدعوى 193 لسنة 1984 مستعجل الدلنجات لإثبات حالته، وقد أكد خبير الدعوى في تقريره تلك العيوب، وإذ كان ذلك يعد إخلالاً من المطعون ضدهما بالتزاماتهما العقدية يبيح طلب الفسخ، كما يحق له طلب تعويض لما أصابه من ضرر، فقد أقام الدعوى. قضت المحكمة الابتدائية بإبطال العقد وإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن التعويض الذي قدرته. استأنف المطعون ضده الأول الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 481/ 42 ق، كما استأنفه الطاعن لدى ذات المحكمة برقم 484/ 42 ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت باستجواب الطاعن، ثم حكمت في 20/ 3/ 1991 في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه أقام قضاءه على سند من سقوط دعواه بالتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 452 من القانون المدني على حين أنه لا ينطبق على واقع الدعوى التي أقامها بطلب فسخ العقد المؤرخ 9/ 2/ 1984، واشتملت الأسباب التي أسسها عليها، على أن حقيقة طلبه هو إبطال العقد للغلط في صفات المبيع، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر أنه إذا أنشأ المشرع للدائن أكثر من دعوى لاقتضاء حقه كان له أن يختار ما يشاء من بينها، فإذا كفل البائع للمشتري وجود صفات في المبيع، ثم تبين تخلفها عند التسليم، كان للأخير أن يرجع عليه إما بدعوى الضمان التي نظم المشرع أحكامها في المواد من 447 إلى 454 والمادتين 443، 444 من القانون المدني، وإما بدعوى الفسخ، أو الإبطال للغلط، متى توافرت شرائطها طبقاً للقواعد العامة، ولكل منها أحكامها التي تستقل بها، فدعوى الضمان تفترض بقاء العقد ونفاذه، ولا يطلب انحلاله، ويعد إجابة المشتري لطلبه فيها تنفيذاً للعقد بمقابل، ولا يرد فيه الثمن بل يقضى له بالتعويضات الواردة في المادة 443 من القانون المدني، وتخضع للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 452 من ذات القانون، أمام دعوى الفسخ فيقضى فيها على أساس انحلال العقد، ويعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد بما يستتبع استرداد المشتري لما دفعه من الثمن، مع التعويض إن كان له محل وفقاً للقواعد العامة، وتتقادم بخمس عشرة سنة، وقد أفصح المشرع عن استقلال دعوى الضمان عن دعويي الفسخ والإبطال في المادة 443 المشار إليها، والتي بينت عناصر التعويض الذي يحق للمشتري أن يطلبه من البائع في حالة الرجوع بدعوى الضمان عند استحقاق المبيع كله، وذلك بنصه في الفقرة الأخيرة منها على أن "...... كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله"، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أقام دعواه بطلب فسخ العقد لإخلال المطعون ضدهما بالتزامهما، إذ تخلفت في المبيع ما كفلاه له فيه من الحداثة والكفاءة العالية، مع التعويض لما أصابه من أضرار، وهي - بهذه المثابة - دعوى فسخ لإخلال البائع بضمان العيب، والذي ألحق به التقنين المدني الحالي تخلف الصفة التي كفل البائع وجودها في المبيع وقت التسليم، وهي مما يتقادم بخمس عشرة سنة طبقاً للقواعد العامة، فإن الحكم المطعون فيه، ولئن كان قد انتهى صحيحاً إلى تكييف الدعوى بما سلف، إلا أنه أجرى عليها التقادم الحولي الخاص بدعوى الضمان، رغم أن الطاعن لم يؤسس رجوعه عليها، مما يعيبه بمخالفة القانون وبالخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق