جلسة 25 من سبتمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهتة، خالد يحيى دراز وسيد عبد الرحيم الشيمي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(174)
الطعن رقم 1216 لسنة 69 القضائية
(1 - 7) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: التأجير من الباطن" "سريان عقد الإيجار في حق المالك الجديد". دستور. قانون "دستورية القوانين". محكمة الموضوع. محكمة النقض "تطبيق القانون". حكم "تسبيبه: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) الإيصال الصادر من المؤجر بتقاضي الأجرة مضافاً إليها الزيادة القانونية مقابل التأجير من الباطن. اعتباره تصريحاً للمستأجر بهذا التأجير. شرطه. ألا يكون التأجير من الباطن استعمالاً لإحدى الرخص التي أجازها له المشرع بغير رضاء المالك.
(2) تصريح المؤجر للمستأجر بالتأجير من الباطن. سريانه في حق المالك الجديد دون الحاجة إلى قبوله أو ثبوت التاريخ. م 30 ق 49 لسنة 1977.
(3) انتهاء محكمة الموضوع إلى أن الحكم بعدم دستورية نص م 40 ق 49 لسنة 1977 يترتب عليه زوال النص منذ نشأته بالنسبة للمستأجر. مقتضاه. زواله كذلك بالنسبة للمؤجر. أثره. اعتبار قبض المؤجر الزيادة في الأجرة مقابل التأجير من الباطن رضاء به. سريانه في حق المالك الجديد. مانع له من طلب الإخلاء. علة ذلك.
(4) محكمة النقض. عدم اقتصار مهمتها على وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون. التزامها ببيان التطبيق الصحيح. علة ذلك.
(5) الحكم بعدم دستورية نص م 40 ق 49 لسنة 1977. أثره. زوال النص منذ نشأته وانتفاء وجوده القانوني. الوجود الفعلي للنص قبل نشر الحكم وظهوره بمظهر النص القانوني الصحيح. واقع. تأثيره على إرادة كل من المستأجر والمؤجر بتأجير الأول العين من الباطن واستلام الثاني الزيادة في الأجرة دون قصد التصريح به. غلط يتعين اعتباره عند تقييم تصرفات الطرفين.
(6) الوجود الفعلي للنص والوجود القانوني له. التفرقة بينهما أمر تحتمه طبيعة التشريع. علة ذلك.
(7) تمسك الطاعنة بتأجيرها عين النزاع عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 40 من ق 49 لسنة 1977 قبل صدور الحكم بعدم دستوريته وأن سلف المؤجرين أجازوا هذه الإجارة. إطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضاؤه بالإخلاء على سند من أن النص المذكور باطل منذ وجوده ولا تسري موافقة المالك السابق في حق المالك الجديد. خطأ. حجبه عن بحث أثر الوجود الفعلي للنص المحكوم بعدم دستوريته على إرادة الطرفين ودفاع المطعون ضدهم بأن الطاعنة أرادت مخالفة الحظر باستمرارها في الإجارة بعد الحكم بعدم الدستورية.
2 - يسري تصريح المؤجر بالتأجير من الباطن في حق المالك الجديد دون حاجة إلى قبوله أو ثبوت التاريخ عملاً بنص المادة 30 من القانون 49 لسنة 1977.
3 - إذ كانت محكمة الموضوع قد انتهت إلى أن الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من ق 49 لسنة 1977 قد أزال النص منذ نشأته بالنسبة للمستأجر فلم يعد مبرراً للتأجير من الباطن السابق على الحكم بعدم الدستورية فإن واجب المساواة بين الخصوم يلزمها أن يعتبر النص ذاته غير موجود بالنسبة للمؤجر فيعتبر قبض الزيادة في الأجرة بحسب هذا المنطق رضاء بالتأجير من الباطن ويسري في حق المالك الجديد يمنعه من طلب الإخلاء وهو ما أخطأ فيه الحكم المطعون فيه.
4 - إذ كان واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح، لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 المنشور بتاريخ 27/ 11/ 1971 قد ترتب عليه زوال النص منذ نشأته فانتفى وجوده القانون منذ هذا التاريخ ولم يعد يصلح لإحداث الآثار القانونية للنص الصحيح. إلا أنه لم ينف وجوده الفعلي قبل نشر الحكم كواقعة ظهر خلالها بمظهر النص الصحيح وهو ما من شأنه أن يخدع كل من المؤجر والمستأجر على سواء فأثر على إرادتهما، فأجر المستأجر العين من الباطن وهو يظن أن هذا أمرٌ مباحٌ دون قصد مخالفة العقد، ولا الحظر المفروض بقانون إيجار الأماكن، كما قبض المؤجر الزيادة المقررة دون أن يقصد التصريح بالإجارة من الباطن على خلاف الحظر إذعاناً لهذا النص، فوقع كلاهما في غلط نتيجة خطأ المشرع والغلط واقع يتعين اعتباره عند تقييم تصرفات الطرفين تمهيداً للتطبيق القانوني الصحيح.
6 - التفرقة بين الوجود الفعلي للنص والوجود القانوني أمر تحتمه طبيعة التشريع باعتباره عملاً إرادياً محضاً يتجه إلى إحداث نتيجة محددة هي بيان حكم القانون في واقعة بعينها ومن المستقر أن الروابط القانونية لا تتعدل إلا إذا استجدت واقعة قانونية، ومن الوقائع القانونية مجموعة من الأعمال الإرادية تستهدف إحداث آثار محددة أسماها المشرع بالتصرفات ووضع لها نماذج بعينها فبين شروط صحتها الموضوعية والشكلية إن هي استكملتها أنتجت الأثر القانوني الذي رسمه المشرع لها وإن هي خالفتها كانت باطلة لم تنتج الأثر القانوني المرسوم وخرجت من إطار التصرفات لتدخل في عموم الوقائع القانونية، ومجرد البطلان وإن نفى الأثر القانوني للتصرف فلا ينفي وجوده الفعلي كأمر وقع وقد ينشأ عن مجرد وقوعه المادي آثار قانونية فالزواج الباطل لا يحل الاستمتاع ولا النفقة وإنما قد يوجب العدة وثبوت النسب والشركة الباطلة لا وجود قانوني لها ولكن قد يؤثر سبق وجودها في توزيع الأرباح والخسائر، وهكذا فالتشريع غير الدستوري هو تصرف باطل لا ينتج الأثر القانوني للتشريع الصحيح ولكن يبقى مجرد واقعة قد يكون لمجرد وقوعها آثار على الإرادات التي انخدعت بها.
7 - إذ كانت الطاعنة قد تمسكت بأنها أجرت عين النزاع دون أن تقصد مخالفة شروط العقد ولا القانون عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 قبل صدور الحكم بعدم دستورية هذا النص، وأن سلف المؤجرين قد أجازوا هذه الإجارة فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن نص المادة 40 باطل منذ وجوده وأن موافقة المالك السابق لا تسري على المالك الجديد، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وحجبه ذلك عن بحث أثر الوجود الفعلي للنص المحكوم بعدم دستوريته على إرادة الطرفين، وعن بحث دفاع المطعون ضدهم بأن الطاعنة أرادت مخالفة الحظر باستمرارها في الإجارة بعد الحكم بعدم دستورية النص المذكور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 13144 لسنة 1996 إيجارات جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة وآخر بطلب الحكم بإخلائهما من العين المبينة بالأوراق.... ذلك أن الطاعنة غادرت البلاد وأجرت عين النزاع مفروشة لآخر دون موافقتهم فيحق لهم طلب الإخلاء بعد الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977. ومحكمة أول درجة بعد أن حققت الدعوى حكمت بالطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 10112 لسنة 115 ق. وبتاريخ 5/ 5/ 1999 قضت المحكمة بالتأييد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 زوال هذا النص منذ نشأته فلا يصلح سنداً للمستأجر في التأجير مفروشاً فتمسكت بأن سلف المؤجر أجازوا هذا التأجير بقبضهم علاوة المفروش فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بأن السلف لم يجيزوها في حين أن إجازة السلف حجة على الخلف وأن لازم زوال نص المادة 40 بالنسبة لها أن يمتنع على المؤجر أن يحتج بوجوده مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإيصال الصادر من المؤجر باستلام الأجرة مضافاً إليها الزيادة القانونية للتأجير من الباطن يعتبر إثباتاً كافياً للتصريح للمستأجر بهذا التأجير، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون المستأجر قد أجر عين النزاع إعمالاً لإحدى الرخص التي أجازها المشرع بغير رضاء المالك، إذ لا يعبر قبض الزيادة عن رضا أو إذن المؤجر....، ويسري تصريح المؤجر بالتأجير من الباطن في حق المالك الجديد دون حاجة إلى قبوله أو ثبوت التاريخ عملاً بنص المادة 30 من القانون 49 لسنة 1977، ولما كانت محكمة الموضوع قد انتهت إلى أن الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون سالف البيان قد أزال النص منذ نشأته بالنسبة للمستأجر فلم يعد مبرراً للتأجير من الباطن السابق على الحكم بعدم الدستورية فإن واجب المساواة بين الخصوم يلزمها أن تعتبر النص ذاته غير موجود بالنسبة للمؤجر فيعتبر قبض الزيادة في الأجرة بحسب هذا المنطق رضاء بالتأجير من الباطن ويسري في حق المالك الجديد يمنعه من طلب الإخلاء وهو ما أخطأ فيه الحكم المطعون فيه، إلا أنه لما كان واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 المنشور بتاريخ 27/ 11/ 1997 قد ترتب عليه زوال النص منذ نشأته فانتفى وجوده القانوني منذ هذا التاريخ ولم يعد يصلح لإحداث الآثار القانونية للنص الصحيح، إلا أنه لم ينف وجوده الفعلي نشر الحكم كواقعة ظهر خلالها بمظهر النص الصحيح وهو ما من شأنه أن يخدع كلاً من المؤجر والمستأجر على سواء فأثر على إرادتهما، فأجر المستأجر العين من الباطن وهو يظن أن هذا أمٌر مباحٌ دون قصد مخالفة العقد، ولا الحظر المفروض بقانون إيجار الأماكن، كما قبض المؤجر الزيادة المقررة دون أن يقصد التصريح بالإجارة من الباطن على خلاف الحظر إذعاناً لهذا النص، فوقع كلاهما في غلط نتيجة خطأ المشرع..... والغلط واقع يتعين اعتباره عند تقييم تصرفات الطرفين تمهيداً للتطبيق القانوني الصحيح، والتفرقة بين الوجود الفعلي للنص والوجود القانوني أمر تحتمه طبيعة التشريع باعتباره عملاً إرادياً محصناً يتجه إلى إحداث نتيجة محددة هي بيان حكم القانون في واقعة بعينها ومن المستقر أن الروابط القانونية لا تتعدل إلا إذا استجدت واقعة قانونية، ومن الوقائع القانونية مجموعة من الأعمال الإرادية تستهدف إحداث آثار محددة أسماها المشرع بالتصرفات ووضع لها نماذج بعينها فبين شروط صحتها الموضوعية والشكلية إن هي استكملتها أنتجت الأثر القانوني الذي رسمه المشرع لها وإن هي خالفتها كانت باطلة لم تنتج الأثر القانوني المرسوم وخرجت من إطار التصرفات لتدخل في عموم الوقائع القانونية، ومجرد البطلان وإن نفي الأثر القانوني للتصرف فلا ينفي وجوده الفعلي كأمر وقع، وقد ينشأ عن مجرد وقوعه المادي آثار قانونية.... فالزواج الباطل لا يحل الاستمتاع ولا النفقة وإنما قد يوجب العدة وثبوت النسب.... والشركة الباطلة لا وجود قانوني لها ولكن قد يؤثر سبق وجودها في توزيع الأرباح والخسائر، وهكذا فالتشريع غير الدستوري هو تصرف باطل لا ينتج الأثر القانوني للتشريع الصحيح ولكن يبقى مجرد واقعة قد يكون لمجرد وقوعها آثار على الإيرادات التي انخدعت بها على النحو السالف بيانه. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت بأنها أجرت عين النزاع دون أن تقصد مخالفة شروط العقد ولا القانون عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 قبل صدور الحكم بعدم دستورية هذا النص، وأن سلف المؤجرين قد أجازوا هذه الإجارة فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن نص المادة 40 باطل منذ وجوده وأن موافقة المالك السابق لا تسري على المالك الجديد، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وحجبه ذلك عن بحث أثر الوجود الفعلي للنص المحكوم بعدم دستوريته على إرادة الطرفين، وعن بحث دفاع المطعون ضدهم بأن الطاعنة أرادت مخالفة الخطر باستمرارها في الإجارة بعد الحكم بعدم دستورية النص المذكور مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون الحاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق