عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
مادة 91 (1)
ينتج
التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ، ويعتبر وصول
التعبير قرينة على العلم به ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.
التقنين
المدني السابق :
لا
مقابل لها.
المشروع
التمهيدي :
المادة
125 - " 1 ـ ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يصل فيه إلى
من وجه إليه بحيث يتمكن هذا من العلم به . ولا يكون له أثر إذا وصل عدول عنه
إلى من وجه إليه التعبير عن الإرادة قبل أن يصل إليه هذا التعبير أو في الوقت الذي
وصل إليه فيه 2 ـ إذا وصل العدول بعد وصول التعبير عن الإرادة ، وكان قد صدر
بحيث كان يصل ، في الظروف المعتادة ، قبل وصول التعبير عن الإرادة أو في
الوقت ذاته ، فيجب على من وجه إليه العدول أن يخطر الطرف الأخر فورًا بهذا
التأخر ، فإذا تهاون في الإخطار اعتبر وصول العدول في وقت غير متأخر
" .
مذكرة المشروع
التمهيدي :
تتناول هذه
المادة تعيين الوقت الذي يصبح فيه التعبير عن الإرادة نهائياً, لا يجوز العدول
عنه، فمن الواجب التمييز بين وجود التعبير, وهذا الوجود يتحقق وقت صدوره إذ يصبح
عملاً قانونياً قائماً لا يتأثر وجوده بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته، وبين
استكمال هذا التعبير لحكمه, وتوفر صفة اللزوم له تفريعاً على ذلك, وهذا لا يتحقق
إلا في الوقت الذي يصل فيه التعبير إلى من وجه إليه. ولم يشترط المشروع لاستكمال
التعبير عن الإرادة لحكمه أن يعلم به من وجه إليه فعلاً, بل اكتفى في ذلك بمجرد
إمكان العلم أو مجرد البلوغ الحكمي، ولعل هذا النظر أشد إمعاناً في الاستجابة لما
تقتضيه حاجة العمل, من حيث تيسير الإثبات من ناحية, والتغلب على ما قد يعن لمن وجه
إليه التعبير من رغبة في إمساك نفسه عن العلم به من ناحية أخرى.
المشروع في لجنة
المراجعة :
تليت المادة 125
من المشروع .
واقترح حذف
الجزء الثاني من الفقرة الأولى لعدم الحاجة إليه ، وكذلك الفقرة الثانية
جميعها لأنها تقرر حكماً تفصيلياً لا يحسن أن يقرر بنص تشرعي .
فوافقت اللجنة
على ذلك .
ثم ناقشت الجزء
الباقي من المادة ، واستقر الرأي على أن التعبير عن الإرادة ينتج أثره
بالعلم ، ولكن لما كان العلم أمرًا متعذر الإثبات فيحسن أن يؤخذ الوصول قرينة
عليه لأنه أكثر انضباطًا . على أن تكون هذه القرينة قابلة لإثبات العكس ، والطرف
الذي وجه إليه التعبير عن الإرادة هو الذي يتحمل عبء إثبات العكس .
وأصبحت
المادة في صيغتها النهائية كما يأتي : " ينتج التعبير عن الإرادة أثره في
الوقت لذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم
به إلا أن يقام الدليل على عكس ذلك " .
وأصبح
رقم المادة 93 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس
النواب :
وافق المجلس
على المادة دون تعديل تحت رقم 93.
المشروع في مجلس
الشيوخ :
مناقشات لجنة
القانون المدني :
محضر
الجلسة الثانية
تليت المادة ٩٣
وهي التي تتكلم عن أثر التعبير عن الإرادة وعن الوقت الذي يصبح فيه التعبير عن
الإرادة نهائياً .
واستفسر سعادة
الرئيس عن الفائدة من هذه المادة وما هو الخلاف الذي كان قائما بشأنها حتى يورد
المشرع نصاً خاصاً بها .
فقال الدكتور
بغدادي إن نص المشروع يضع مبدأ عاماً له تطبيقات كثيرة فمن المعلوم مثلاً أن
الخلاف بين المحاكم كان يدور حول ما إذا كان العقد يتم بمجرد تصدير الإيجاب وقبول
من وجه إليه أو يكفي علم من وجه إليه وكان العلم مثار خلاف أيضاً فهل يكفي فيه
وصول ما يفيد تصدير الإيجاب أو يجب علم القابل له . فنص المادة ٩٣ قطع في هذا
الموضوع إذ لم يشترط لاستكمال التعبير عن الإرادة لحكمه أن يعلم به من وجه إليه
فعلاً بل اكتفى في ذلك بمجرد إمكان العلم أو مجرد البلوغ الحكمي وقد اعتبر النص
وصول التعبير قرينة على العلم به إلا إذا قام الدليل على عكس ذلك .
وقد لاحظ سعادة
الرئيس أن هذه المادة ستتناقض مع النظرية الجرمانية التي سار عليها مشروع القانون
في أحكامه الأخرى ولفت نظر مندوبي الحكومة إلى أن المشروع نص كما هو وارد في
المذكرة التفسيرية المفصلة على أنه إذا وصل العدول بعد وصول التعبير عن الإرادة
وكان قد صدر بحيث كان يصل في الظروف المعتادة قبل وصول التعبير عن الإرادة أو في
الوقت ذاته فيجب على من وجه إليه العدول أن يخطر الطرف الآخر فوراً بهذا التأخير
فإذا تهاون في الإخطار اعتبر وصول العدول في وقت غير متأخر .
فأجاب الدكتور
بغدادي أن لجنة المراجعة قد ألغت هذه الفقرة من المادة ، وكان محلها في المشروع
الأصلي المادة ١٢٥ لأنها رأت من المستحسن ترك هذه التفصيلات لتقدير القضاء .
وأضاف حضرته
إلى ذلك أن المشروع قد جعل الإيجاب ملزماً للموجب فلا يجوز العدول عنه إلا استثناء
إذ يصبح عملاً قانونياً قائماً بذاته لا يتأثر وجوده بوفاة من صدر منه أو بفقد
أهليته .
فاعترض سعادة
العشماوي باشا على ذلك ولفت النظر إلى أن الأخذ بنظرية الإيجاب الملزم خروج على
القواعد المعمول بها فليس من العدل إلزام الموجب بإيجابه ما لم يصادفه قبول لأن
العقد لا يتم إلا بتطابق إرادتين فالموجب حر في العدول عن إيجابه ما لم يقبل .
وقد أيده سعادة
الرئيس في اعتراضه وتساءل عن مصدر تلك المادة والمزايا العملية المترتبة على الأخذ
بها .
وكذلك أيده
سعادة علوبه باشا وأضاف قائلا إنه لا مصلحة في الخروج على القواعد التي ألفناها
ولا يفهم كيف يلزم الموجب بإيجابه ويكون الموجه إليه هذا الإيجاب حراً في التعبير
عن إرادته في الوقت المناسب الذي يخضع لتقدير القاضي وتساءل سعادته على أي أساس من
العدل وضع هذا النص .
فأجاب الدكتور
بغدادي على تلك الاعتراضات بأنه يجب التفرقة بين لزوم العقد ولزوم التعبير أو
بمعنى آخر يجب التمييز بين وجود التعبير وهذا الوجود يتحقق وقت صدوره وإنه في هذا
الوقت يصبح عملاً قانونياً قائماً بذاته لا يتأثر بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته
، وبين استكمال هذا التعبير لحكمه وتوفر صفة اللزوم له تفريعاً على ذلك وهذا لا
يتحقق إلا في الوقت الذي يصل فيه التعبير إلى من وجه إليه . فهناك فرق بين قولنا
العقد ملزم أي ملزم للطرفين وبين قولنا التعبير عن الإرادة ملزم .
واستطرد حضرته
قائلا إن النظرية الجرمانية تقضي بلزوم الإيجاب وعدم العدول عنه إلا استثناء . وقد
اتبع المشروع هذه النظرية لأنها أدعى إلى استقرار الروابط القانونية . وفضلاً عن
ذلك فإن القضاء المصري قد جرى من عهد غير قريب على أن الإيجاب ملزم بمعنى أن من
وجه إيجاباً لا يجوز له أن يعدل عنه بمحض إرادته بدون أن يصبح مسئولاً عن
التضمينات وقد سايرت محكمة الاستئناف المختلطة هذا المذهب فقضت بأنه لا يجوز
للموجب الرجوع عن إيجابه إذا حدد مدة له وليس ثمة ما يمنع من تعويض الطرف الآخر في
حالة العدول بعد تحديد ميعاد وقد يعتبر قيام العقد خير تعويض .
فقيل لحضرته
على لسان سعادة الرئيس إن في هذه الحالة الأخيرة يعتبر الإيجاب ملزماً لوجود تعاقد
ضمني على المدة المحددة للإيجاب وإنه يجب التفرقة بين الارتباط بالعقد والارتباط
بالإرادة . والشراح الذين أخذوا بهذا وبخاصة Pothier
الذي أخذ عنه ثلاثة أرباع قانون نابليون في الالتزامات ، يرجعون الالتزام الشخصي
إلى واحد من ثلاثة ، العقد ، أو شبه العقد أو القانون - على رأي - أو خمسة على رأي
آخر .
والواقع أن
النظرية دقيقة ، فأساس الالتزام إذا كان هو العقد لابد فيه من تطابق إرادتين ولا
يمكن فصل الإرادة الواحدة عن العقد ، فإذا خرجنا عن مجال هذه المصادر الثلاثة
فكأننا ننشئ التزاماً آخر أساسه القانون ، واستمر سعادته في شرح نظرية Pothier
وانتهى إلى وجوب التفريق بين الارتباط التعاقدي والارتباط الإرادي .
فقال الدكتور
بغدادي إن هذا ما أراده المشروع تمشياً مع تطور التشريع وأستطيع ونحن في القرن
العشرين بالرغم من نظرية Pothier أن أقرر إن إجماع الفقه في فرنسا يرد أثر
التعبير عن الإرادة من ناحية اللزوم إلى الإرادة المنفردة ويعترف بها مصدراً
للالتزام من طريق الاجتهاد ، وكل ما عمله المشرع الوطني أنه تمشى مع ما انتهى إليه
الفقه والقضاء في فرنسا من ناحية تحسين الصيغة القانونية فإذا قلنا بلزوم الإيجاب
فليس باعتباره عقداً وإنما باعتباره إرادة منفردة لها أثرها القانوني أي أن المشرع
أضاف مصدراً جديداً من مصادر الالتزام وهو التعبير عن الإرادة المنفردة على حد قول
سعادة الرئيس .
وأضاف إلى ذلك
عبده محرم بك رداً على تساؤل بعض حضرات الأعضاء أن من أبرز اتجاهات هذا المشروع
استقرار المعاملات فهو لم يفعل أكثر من أن يقنن اتجاه القضاء الذي خرج على
النظريات التقليدية .
فقال سعادة
الرئيس أي أن المشرع أراد في هذا المشروع الأخذ بالنظرية الجرمانية في هذه الحالة
وحالة الاستغلال .
محضر
الجلسة الثالثة
المادة ٩٣ - لم
تكن اللجنة قد انتهت من بحث المادة ٩٣ في الجلسة الماضية وقد تابعت بحثها في جلسة
اليوم فقال الدكتور حسن بغدادي إن البحث في الجلسة الماضية ساقنا إلى الدخول في
تفاصيل هي من صميم المواد التالية فالمادة ٩٣ قاصرة على بيان الوقت الذي ينتج فيه
التعبير عن الإرادة أثره وقد تكفلت المواد التالية ببيان هذا الأثر .
فقيل له على
لسان سعادة العشماوي باشا ومعالي حلمي عيسى باشا إن مدلول المادة غير دقيق وليس
لها قيمة ما دامت المواد التالية تبين أثر التعبير عن الإرادة ومادامت المادة
السابقة قد نصت على أن التعبير عن الإرادة يكون صريحاً أو ضمنياً .
فأجاب عبده
محرم بك بان التعبير عن الإرادة إيجاباً وقبولاً لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم
من وجه إليه ، والمواد التالية تكفلت ببيان الوقت الذي ينتج فيه أثره وأنه من
المستحسن لفهم مدلول المادة ٩٣ تلاوة المواد التالية لها .
فاعترض سعادة
العشماوي باشا على ذلك قائلا إنه لا يمكن مناقشة المواد التالية إلا إذا فصلنا في
مبدأ المادة ۹۳ . والذي تريد اللجنة تفهمه هو مدلول عبارة
« ينتج أثره » الواردة في تلك المادة .
وقال سعادة
الرئيس إن المادة ٩٣ مادة أساسية والمواد التالية ما هي إلا تطبيق لها ولأن المادة
المذكورة تتضمن مبدأ جديداً فيجب الانتهاء منها أولاً فإذا أقررناها كان من السهل
إقرار المواد التالية .
واستطرد سعادته
قائلا إنه يذكر أن محرم بك والدكتور بغدادي ردا على اعتراضه على مبدأ المادة ۹۳ بأنها تقرر مبدأ جديداً لم تأخذ به
المحاكم ويتبين هذا من مراجعة المذكرة التفسيرية المرافقة لمشروع القانون فقد جاء
فيها « ثم إن المشروع قد جعل الإيجاب ملزماً للموجب فلا يجوز العدول عنه إلا
استثناء كما إذا كان خيار العدول مستفاداً من عبارة الإيجاب أو من طبيعة التعامل
أو من ظروف الحال وقد اتبع المشروع هذا المذهب لأنه أدعى إلى استقرار الروابط
القانونية ولم ير متابعة القضاء المصري في مسايرة المذهب التقليدي.
فأجاب عبده
محرم بك بأن المادة ۱۲۹ من المشروع
الأصلي كانت تقضي بلزوم .
الإيجاب أخذا
بالنظرية الجرمانية فرأت لجنة المراجعة حذف هذا النص والاقتصار على مبدأ لزوم
الإيجاب في حالة تحديد أجل للقبول .
فقال سعادة
الرئيس إن نص المادة ٩٣ يفيد العموم وأن ما قرأته ورد في المذكرة التفسيرية
المرافقة لمشروع القانون المعروض وليس من المذكرة التفسيرية للمشروع الأصلي .
فرد الدكتور
بغدادي على ذلك بأن مدلول المادة ٩٣ تفسره المواد التالية التي تبين الأحوال التي
يكون فيها الإيجاب لازماً والأحوال التي يكون فيها غير لازم . ومسألة لزوم الإيجاب
مسألة مستقلة عن إحداث الأثر المترتب على التعبير عن الإرادة لأن التعبير قد يكون
إيجاباً وقد يكون قبولاً وقد يكون منشئاً لتصرف يتم بإرادة واحدة.
فقال معالى
حلمي عيسى باشا وسايره بعض حضرات الأعضاء إنه لا يفهم معنى لهذا النص ما دام العقد
في النهاية لا يتم إلا بتطابق الإرادتين .
فأجاب عبده
محرم بك بأن هناك فرقاً بين تطابق الإرادتين اللازم لإتمام العقد وبين لزوم
الإيجاب إذا كان ملزماً والوقت الذي ينتج فيه التعبير أثره .
فعقب سعادة
الرئيس على ذلك بأن هذا القول يختلف عما قيل على لسان ممثلي الوزارة في الجلسة
الماضية فقد جاء في كلامهما أن الوزارة أخذت بمبدأ لزوم الإيجاب بالذات استثناء من
القاعدة العامة وأن مصدر هذا اللزوم هو القانون .
وقد وجه عبده
محرم بك النظر إلى أن المادة ۹۳
تتكلم عن التعبير عن الإرادة إذا كان ملزماً ينتج أثره ومعنى ينتج أثره ليس لزوم
الإيجاب وإنما تحديد الوقت الذي يكون فيه ملزماً بمعنى أنه يجوز عدول الموجب عن
إيجابه قبل وصوله إلى علم من وجه إليه فإذا وصله التزم به الموجب .
فقال سعادة
الرئيس إن معنى المادة ۹۳ هو لزوم
الإيجاب بوصوله إلى علم من وجه إليه ولو لم يظهر قبوله له وهذا هو المبدأ الجديد
الذي استحدثه هذا التشريع .
وأضاف معالى
حلمي عيسى باشا إلى ذلك بأنه بحسب هذه المادة لا يمكن للموجب الرجوع عن إيجابه ما
دام قد وصل إلى علم من وجه إليه .
فاعترض عبده
محرم بك قائلاً إن الموجب يستطيع العدول عن إيجابه ولو وصل إلى علم من وجه إليه .
فقال سعادة
العشماوي باشا إن المفهوم من عبارة « ينتج أثره » الواردة في المادة ٩٣ هو لزوم
التعبير عن الإرادة إيجاباً وقبولاً إلى أن يلتقي بالإرادة الأخرى فيتم العقد .
فأجاب الدكتور
بغدادي أنه فيما يختص بجوهر الموضوع لا نزاع في الحلول التي انتهينا إليها فكل
الصور والأمثلة التي عرضت لم تتأثر بعبارة ينتج أثره التي لا تفيد لزوم الإيجاب
كما هو المفهوم وقد جاء في المذكرة التفسيرية للمادة ١٢٥ من المشروع الأصلي
المقابلة للمادة ٩٣ ما يأتي « تتناول هذه المادة تعيين الوقت الذي يصبح فيه
التعبير عن الإرادة نهائياً لا يجوز العدول عنه فمن الواجب التمييز بين وجود
التعبير وهذا الوجود يتحقق وقت صدوره إذ يصبح عملاً قانونياً قائماً لا يتأثر
وجوده بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته وبين استكمال هذا التعبير لحكمه وتوفر صفة
اللزوم له تفريعاً على ذلك وهذا لا يتحقق إلا في الوقت الذي يصل فيه التعبير إلى
من وجه إليه » .
واستطرد قائلا
إنه يقرأ هذا الشرح ليبين الفرق بين أثر التعبير عن الإرادة واستكمال هذا الأثر لحكمه
وقد رفضت لجنة المراجعة إقرار ذلك فعدلت المواد بما يوافق ما قرره القضاء .
واستمرت
المساجلة على هذا المنوال في المناقشة بين النظريتين نظرية إبقاء المادة وتؤيدها
الحكومة ونظرية إلغائها وتؤيدها أغلبية اللجنة وفي جانبها الرئيس .
وأخيرا تساءل
سعادة الرئيس هل يمكن الاستغناء عن المادتين ٩4 ، ٩5 بالمادة ٩٣ وهل يجوز العكس
وهل للمادة ٩٣ نظير في التشريع الحالي .
فأجابه الدكتور
بغدادي بالنفي لأن المادة ۹۳
تقرر قاعدة أساسية والمادتين ٩٤ و ٩٥ ما هما إلا استثناء منها وتطبيقاً لها .
فالأصل في العقد أن يتم بتطابق إرادتين الإيجاب والقبول فإذا مات الموجب قبل تلاقي
الإرادة الأخرى فإن الإيجاب يسقط طبقاً للقواعد المعمول بها الآن فخالف المشروع
ذلك وقرر عدم سقوطه .
قرار اللجنة :
ولما استنار
الموضوع أُخذ الرأي على المادة فوافقت الأغلبية على حذفها على أن يكون معلوماً أن
كل ما تقرره اللجنة من هذا القبيل سيكون محل مراجعة فيما بعد .
محضر
الجلسة الثامنة والأربعين
عرضت اللجنة
لبعض المواد المتروكة تحت البحث فتليت المادة ٩٣ وهي خاصة بالوقت الذي ينتج فيه
التعبير عن الإرادة أثره .
فقال معالى
السنهوري باشا إن مؤدى هذا النص أن الإرادة أصبح لها وجود مادي بمجرد صدورها .
ولكن لا يكون لها وجود قانوني إلا بوصولها إلى علم من وجهت إليه بمعنى أنه يجوز
العدول عن الإيجاب أو القبول قبل أن يصل كل منها إلى علم من وجه إليه ، فالإيجاب
وكذلك القبول بعد وصوله إلى علم من وجه إليه يصبح له وجود قانوني غير ملزم إلا إذا
اقترن بميعاد وهذا الوضع الجديد يتفق مع نزعة القضاء في المسائل المدنية إذ أنه
أخذ بنظرية العلم وهي نزعة القوانين الحديثة .
وقد عارض معالى
حلمي عيسى باشا هذه النظرية واقترح الأخذ بنظرية الإعلان أي أن الإرادة يكون لها
وجود قانوني بمجرد إعلانها وصلت أو لم تصل إلى علم من وجهت إليه وعلى ذلك يجوز
للموجب أن يعدل عن إيجابه إلى أن يصادف هذا الإيجاب قبولاً ، ولكنه لا يجوز له أن
يعدل عن إيجابه إذا صادفه قبول لأنه في هذه الحالة تتطابق الإرادتان فيتم العقد ،
وأساس ذلك التراضي وليس العلم .
ثم قال معاليه
إن الأخذ بنظرية العلم فيه اضطراب للمعاملات وضرب لذلك مثلاً بشخص عرض صفقة على
آخر عن طريق المراسلة ، وقبل هذا الأخير العرض ، وأرسل إليه ينبئه بقبوله ، وفي
هذه الأثناء ترتفع الأسعار، فيعدل الموجب عن
إيجابه قبل أن
يصله القبول .
وتساءل عن موقف
القابل في هذا المثل الذي يكون قد رتب أموره على هذه الصفقة ، والذي يكون قد رفض
غيرها .
فأجابه معالى
السنهوري باشا بأن الفقرة الثانية من المادة ٩٥ التي كانت اللجنة قد حذفتها تحل
هذا الإشكال ولذلك فهو يطلب إعادتها ، لأنها تعطي للقاضي سلطة تقدير الوقت الذي
يلتزم فيه الموجب البقاء على إيجابه - من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة - إذا
كان كل من الموجب والقابل في نواحي متعددة بعيدة . بمعنى أنه يجب أن يلتزم الموجب
بإيجابه مدة تكفي لوصول إيجابه والرد عليه . فإذا أرسل الموجب خطاباً ضمنه إيجابه
وهذا الخطاب يحتاج عادة لوصوله خمسة أيام ، فيجب عليه أن ينتظر هذه المدة ومثلها ،
حتى يجوز له العدول عن الإيجاب.
قرار اللجنة :
وبعد مناقشة
طويلة حول الأخذ بأي للنظريتين ، وبعد استعراض التشريعات الأجنبية ، وافقت أغلبية
اللجنة على الأخذ بنظرية العلم، وعلى تعديل نص المادة ٩٣ كالآتي: « ينتج التعبير
عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ويعتبر وصول التعبير
قرينة على العلم به ، مالم يقم الدليل على عكس ذلك » .
وأصبح رقم
المادة ٩١ .
مناقشات المجلس
:
وافق المجلس
على المادة كما أقرتها اللجنة