(34)
الطعن رقم 9405 لسنة 84 القضائية
(1) سب . قذف . نقض " ما
يجوز الطعن فيه من الأحكام " . عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه . تسبيب
معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 والمعدلة
بالقانون 74 لسنة 2007 . مؤداها ؟
عدم جواز الطعن بالنقض . مناطه : قدر العقوبة المقررة بالنص القانوني لا بما يقضي
به الحكم . أساس ذلك ؟
عدم التزام الحكم الحد
الأقصى للعقوبة وإنزاله عقوبة أشد . أثره : جواز الطعن . علة ذلك ؟
إدانة الحكم الطاعن بجريمة
السب والقذف ومعاقبته بعقوبة الحبس رغم إلغائها . خطأ . أثره : الطعن فيه بالنقض .
جائز . علة وأساس ذلك ؟
(2) سب . قذف . جريمة " أركانها " .
قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
ورود طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171
عقوبات على سبيل البيان لا الحصر.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر ركن
العلانية في جريمتي السب والقذف .
(3) إثبات " بوجه عام " " شهود
". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض أقوال
الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض
فيه .
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها
وبجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل في
تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع أمام محكمة النقض . غير مقبول .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير أقوال الشهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقرار الشاهد عدم مشاهدته الطاعن حال
ارتكاب الواقعة . قول جديد . تقديره . موضوعي . قضاء المحكمة بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها .
مفاده : اطراحه .
(5) سب . قذف . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية
" . وكالة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح الحكم الدفع بعدم
قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم وجود توكيل خاص وتقديم الشكوى بعد الميعاد
استناداً لإبلاغ المجني عليهما بشخصهما عن واقعة السب والقذف في ذات يوم حدوثها .
كافٍ .
(6) دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي على الحكم
التفاته عن دفاع الطاعن بشأن الورقة المثبتة لارتكابه جريمة سب نجلة المجني عليها .
غير مقبول . مادام استند لأدلة غيرها في إدانته ولم يدنه بتلك الجريمة . علة ذلك ؟
(7) إجراءات "
إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي
على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق دفاع لم يطلب منها ولم تر لزوماً له . غير
مقبول .
مثال .
(8) حكم " ما لا
يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
نعي الطاعن بالتناقض رغم اعتناق الحكم
صورة واحدة للواقعة . غير مقبول .
(9)
سب . قذف . عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض
" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ". محكمة النقض "
سلطتها ". غرامة .
معاقبة الطاعن عن
جريمتي السب والقذف بعقوبة الحبس بعد إلغائها بالقانون 147 لسنة 2006 . خطأ في تطبيق القانون . حق محكمة النقض تصحيحه بالقضاء
بمعاقبته بالغرامة دون الإعادة لمحكمة الموضوع . أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-
لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر
بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 - والذى يسرى
اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 2007 - نصت على عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام
الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة
التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، ومن ثم فإن مناط عدم جواز الطعن ، هو قدر
العقوبة المقررة في الحدود التي تضمنها النص ، تقديراً من المشرع أن العقوبة
المذكورة في قصارى حدها الأقصى ليست من
الخطورة أو الأهمية التي تتناسب مع إجازة الطعن فيها بطريق النقض ، ومن ثم
فإن الحكم الصادر في هذه الجرائم إذ لم يلتزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة ، بأن
أوقع عقوبة أشد منها فلا يسوغ أن يغلق أمام المحكوم عليه طريق هذا الطعن بعد أن
أهدر الحكم الاعتبارات التي قدرها المشرع وكانت أساس هذا الحظر ، والقول بغير ذلك
أمر تأباه العدالة وينفر منه منطق القانون ، لما فيه من التسليم بعقوبة - محكوم
بها نهائياً - لا سند لها في القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد
دان الطاعن في جريمة السب والقذف المعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه
ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه طبقاً للفقرة الأولى من المادة 303 من قانون
العقوبات بوصفها الجريمة ذات الوصف الأشد - بعد تعديلها - والمادة 306 من ذات
القانون بإلغاء عقوبة الحبس - في الواقعة محل الطعن - بموجب القانون رقم 147 لسنة
2006 وبات نص المادة 308 من قانون العقوبات - الذى عوقب الطاعن بمقتضاه - فيما نصت
عليه من إحالة إلى عقوبة الحبس الواردة فيهما إحالة لعقوبة قد ألغيت ، إلَّا أنه
لم يلتزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة بل جاوزها إلى عقوبة أشد بأن أوقع عليه عقوبة الحبس رغم إلغائها ، فإنه يكون من
المتعين إجازة الطعن فيه بطريق النقض باعتبار أنه السبيل القانوني أمام
المحكوم عليه لتصحيح الخطأ الذى تردى فيه الحكم ، ومن ثم فإن الطعن يكون قد استوفى
الشكل المقرر في القانون .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على
ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من شهادة المجنى عليهما
وأقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشرطة وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها
، واستدل على توافر ركن العلانية بما
ينتجه مستمداً مما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قدم بسيارته
إلى حيث يقطن المجني عليهما ووقف بالطريق العام واستعمل آلة التنبيه وصاح بالنداء باسميهما ورقم الشقة التي يقطنانها بطريقة أيقظت
النائم من جيرانهما ، ثم عمد إلى إذاعة وإعلان وقائع السب والقذف التي أسندها لهما على مرأى ومسمع من
الجميع ، وهو ما يكفى للتدليل على ركن العلانية ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون
العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإنه يكون قد استظهر توافر
ركن العلانية كما هو معرف به في القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير
قويم .
3- لما
كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها
وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد
اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن
التناقض في أقوال الشهود - على فرض وجوده - لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة
من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -
وأنه لا يشترط في الشهادة أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها
وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفى أن تكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى
هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تُجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر
الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون
الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات
الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون
عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى
أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن
ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من
محكمة النقض .
4- لما
كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور لالتفاته عن ما تضمنه إقرار
الشاهد الثاني الرسمي من أنه لم يشاهد الطاعن حال ارتكاب الواقعة - مردوداً بأنه
بفرض صحة ما أورده الطاعن من هذا الإقرار - فإنه لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من
الشاهد يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في
تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة
الثبوت التي ساقها الحكم يؤدى دلالة إلى اطراح الإقرار المذكور ، ويكون منعى
الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع المبدى
من الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم وجود توكيل خاص ،
ولتقديم الشكوى بعد الميعاد المقرر قانوناً ، وخلص إلى رفضه تأسيساً على أن المجنى عليهما أبلغا بشخصيهما عن
الواقعة وفي ذات يوم حدوثها وهو ردٍ كافٍ سائغ ، ومن ثم يكون الحكم قد أصاب
صحيح القانون ، ويكون النعي في خصوصه غير مقبول .
6- لما
كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى الورقة
المطبوعة من صفحة الفيس بوك المقدمة من المجنى عليها الأولى بدعوى إرسالها من
الطاعن لنجلتها وسبها فيها وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أقوال الشهود وتحريات
الشرطة فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه الورقة ،
هذا إلى أن الحكم قد دانه بجريمتي سب المجنى عليهما وقذف الأولى المتضمن طعناً في
عرضها وشرفها وليس بجريمة سب نجلتها عن طريق شبكة المعلومات الدولية "
الانترنت " ، فإن النعي على الحكم بشأن الجريمة الأخيرة لا يكون متعلقاً
بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا
يكون مقبولاً .
7- لما كان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق في شأن دفعه
بعدم قبول الدعوى آنف البيان ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه لكونه غير منتج
في الدعوى ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الشأن .
8- لما كان
التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع في أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته
البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البيِّن من الحكم
أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً
من الحكم المطعون فيه .
9- لما
كان الحكم المطعون فيه قد ساير حكم محكمة أول درجة في توقيع عقوبة الحبس ستة أشهر
على الطاعن وقضى بتأييده ، طبقاً لنص المادة 308 من قانون العقوبات والتي أحالت
فيما نصت عليه من عقوبة الحبس والغرامة إلى الحدود المبيَّنة بالمادتين 303 ، 306
من ذات القانون . ولما كانت عقوبة الحبس في هاتين المادتين قد أُلغيت بموجب
القانون رقم 147 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام
قانون العقوبات واقتصرت العقوبة فيهما على الغرامة دون غيرها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون
فيه إذ قضى بعقوبة الحبس - وقد ألغيت - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما
يتعين معه تصحيحه طبقاً للفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وذلك دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع ، مادامت قد قالت كلمتها في
ثبوت التهمة ، وأن العوار الذى شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان
في الإجراءات أثر فيه ، مما كان يقتضى العودة إلى النظر في موضوع الدعوى . لما كان
ما تقدم ، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض عند
تصحيحها الحكم المطعون فيه أن تقدر العقوبة فإن هذه المحكمة تقضى بمعاقبة الطاعن بالغرامة على النحو الوارد بالمنطوق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : تعدى بالقول والسب والقذف على المجنى عليهما
.... و.... بالألفاظ المبينة وصفاً بالأوراق .
وطلبت
عقابه بالمواد 171 ، 303 ، 306، 308 من قانون العقوبات .
وادعى
كل من المجنى عليهما مدنياً قِبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل
التعويض المدني المؤقت .
ومحكمة جنح .... الجزئية قضت حضورياً
بتوكيل بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ وألزمته
مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ومبلغ خمسين جنيهاً مقابل
أتعاب المحاماة .
فاستأنف
المحكوم عليه والمدعيين بالحقوق المدنية .
ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت
حضورياً أولاً: بقبول استئناف المتهم شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف
والمصاريف . ثانياً: بقبول استئناف المدعيين بالحق المدني شكلاً وفى الموضوع
برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزام رافعي استئناف الدعويين المدنيتين
بمصروفاتهما وخمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
فطعن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إنه ولئن كانت المادة 30 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والمعدلة
بالقانون رقم 74 لسنة 2007 - والذى يسرى اعتباراً من الأول من أكتوبر سنة 2007 - نصت
على عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، ومن ثم فإن
مناط عدم جواز الطعن ، هو قدر العقوبة المقررة في الحدود التي تضمنها النص
، تقديراً من المشرع أن العقوبة المذكورة في قصارى
حدها الأقصى ليست من الخطورة أو الأهمية التي تتناسب مع إجازة الطعن فيها بطريق
النقض ، ومن ثم فإن الحكم الصادر في هذه الجرائم إذ لم يلتزم الحد الأقصى
للعقوبة المقررة ، بأن أوقع عقوبة أشد منها فلا يسوغ أن يغلق أمام المحكوم عليه طريق هذا الطعن بعد أن أهدر الحكم الاعتبارات
التي قدرها المشرع وكانت أساس هذا الحظر ، والقول بغير ذلك أمر تأباه العدالة وينفر منه منطق القانون ، لما
فيه من التسليم بعقوبة - محكوم بها نهائياً - لا سند لها في القانون . لما كان ذلك
، وكان الحكم المطعون فيه وقد دان الطاعن في جريمة السب والقذف المعاقب عليها
بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه طبقاً للفقرة
الأولى من المادة 303 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة ذات الوصف الأشد - بعد
تعديلها - والمادة 306 من ذات القانون بإلغاء عقوبة الحبس - في الواقعة محل الطعن
- بموجب القانون رقم 147 لسنة 2006 وبات نص المادة 308 من قانون العقوبات - الذى عوقب
الطاعن بمقتضاه - فيما نصت عليه من إحالة إلى عقوبة الحبس الواردة فيهما إحالة
لعقوبة قد ألغيت ، إلَّا أنه لم يلتزم الحد الأقصى للعقوبة المقررة بل جاوزها إلى
عقوبة أشد بأن أوقع عليه عقوبة الحبس رغم إلغائها ، فإنه يكون من المتعين إجازة
الطعن فيه بطريق النقض باعتبار أنه السبيل القانوني أمام المحكوم عليه لتصحيح
الخطأ الذى تردى فيه الحكم ، ومن ثم فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في
القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمتي السب والقذف الذى تضمن طعناً في الأعراض وخدشاً لسمعة العائلات ،
قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في
تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يستظهر ركن العلانية
في حقه ، وعوَّل - من بين ما عول عليه في إدانته - على أقوال .... ، .... رغم
تناقضها مع ما شهدت به المجنى عليها وعدم مشاهدتهما الطاعن حال ارتكابه الواقعة ،
كما أن شهادة الثاني جاءت مجاملة للمجنى عليه
الأول بدلالة أنه لم يرد له ذكر ببلاغ المجنى عليهما ، ولم يعرض الحكم إيراداً أو رداً لدفاعه في هذا الشأن
، والتفت عن إقرار الشاهد الثاني الموثق الذى ينفى فيه الاتهام عن الطاعن ،
واطرح الحكم دفعه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم وجود توكيل خاص ،
ولتقديم الشكوى بعد الميعاد المقرر قانوناً برد غير سائغ دون أن يفطن لحقيقة مرماه
وهو نفي التهمة المنسوبة إليه عن واقعة سب وقذف ابنة
المجنى عليها عبر طريق شبكة المعلومات الدولية " الانترنت " بورقة الفيس
بوك والتي اتخذها دليلاً قبله دون أن تجري المحكمة تحقيقاً للوقوف على
حقيقة تلك الواقعة ، واعتنق صوراً متعارضة للواقعة إذ أفصح عن انطباق نص المادة
303/1 من قانون العقوبات ثم عاد من بعد وعاقبه بمقتضى نص المادة 308 من ذات
القانون وأوقع عليه عقوبة الحبس وقد انتفى موجب إعمالها مما يعيبه بما يستوجب نقضه
.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من شهادة
المجنى عليهما وأقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشرطة وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى
ما رتبه عليها ، واستدل على توافر ركن العلانية
بما ينتجه مستمداً مما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قدم
بسيارته إلى حيث يقطن المجني عليهما ووقف بالطريق العام واستعمل آلة التنبيه وصاح
بالنداء باسميهما ورقم الشقة التي يقطنانها بطريقة أيقظت النائم من جيرانهما، ثم
عمد إلى إذاعة وإعلان وقائع السب والقذف التي أسندها لهما على مرأى ومسمع من
الجميع، وهو ما يكفى للتدليل على ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في
المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإنه يكون قد
استظهر توافر ركن العلانية كما هو معرف به في القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا
الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة
الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى
أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن التناقض في أقوال
الشهود - على فرض وجوده - لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقواله
استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال
في الدعوى المطروحة - وأنه لا يشترط في الشهادة أن تكون واردة على الحقيقة
المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفى أن تكون من شأن
تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تُجريه محكمة الموضوع يتلاءم
به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ،
وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع
في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها
بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة
دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم
منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع
بغير معقب عليها في ذلك من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن على
الحكم المطعون فيه من قصور لالتفاته عن ما تضمنه إقرار الشاهد الثاني الرسمي من أنه لم يشاهد الطاعن حال ارتكاب
الواقعة - مردوداً بأنه بفرض صحة ما أورده الطاعن من هذا الإقرار - فإنه لا
يعدو أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدوله عن اتهامه وهو ما يدخل في تقدير
محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل
ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي
ساقها الحكم يؤدى دلالة إلى اطراح الإقرار
المذكور ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الدفع المبدى
من الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لعدم وجود توكيل خاص ، ولتقديم
الشكوى بعد الميعاد المقرر قانوناً وخلص إلى رفضه تأسيساً على أن المجنى عليهما أبلغا بشخصيهما عن الواقعة وفي ذات يوم حدوثها وهو رد
كافٍ وسائغ ، ومن ثم يكون الحكم قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي في خصوصه غير
مقبول . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم
يستند في الإدانة إلى الورقة المطبوعة من صفحة الفيس بوك المقدمة من المجنى عليها
الأولى بدعوى إرسالها من الطاعن لنجلتها وسبها فيها وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه
من أقوال الشهود وتحريات الشرطة فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي
دفاع يتصل بهذه الورقة ، هذا إلى أن الحكم قد دانه بجريمتي سب المجنى عليهما وقذف
الأولى المتضمن طعناً في عرضها وشرفها وليس بجريمة سب نجلتها عن طريق شبكة
المعلومات الدولية " الانترنت " ، فإن النعي على الحكم بشأن الجريمة
الأخيرة لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة
إجراء تحقيق في شأن دفعه بعدم قبول الدعوى آنف
البيان ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه لكونه غير منتج في الدعوى ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الشأن .
لما كان ذلك، وكان التناقض الذى
يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع في أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا
يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البيِّن من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن
لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد ساير حكم محكمة أول درجة في توقيع عقوبة الحبس ستة أشهر على الطاعن وقضى
بتأييده ، طبقاً لنص المادة 308 من قانون العقوبات والتي أحالت فيما نصت عليه من عقوبة
الحبس والغرامة إلى الحدود المبينة بالمادتين
303 ، 306 من ذات القانون . ولما كانت
عقوبة الحبس في هاتين المادتين قد أُلغيت بموجب القانون رقم 147 لسنة 2006
بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات واقتصرت العقوبة فيهما على الغرامة دون غيرها ،
ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبة الحبس - وقد ألغيت - فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه تصحيحه طبقاً للفقرة الأولى من المادة 39 من
قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959
وذلك دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع مادامت قد قالت كلمتها في ثبوت
التهمة ، وأن العوار الذى شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات
أثر فيه مما كان يقتضى العودة إلى النظر في
موضوع الدعوى . لما كان ما تقدم ، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض عند
تصحيحها الحكم المطعون فيه أن تقدر العقوبة ، فإن هذه المحكمة تقضى بمعاقبة الطاعن
بالغرامة على النحو الوارد بالمنطوق ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ