الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 24 يوليو 2020

الطعن 8965 لسنة 59 ق جلسة 13 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 194 ص 1209

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري.
----------------
(194)
الطعن رقم 8965 لسنة 59 القضائية
 (1)نقض "إيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) دعوى مدنية "انقضاؤها بالتنازل". صلح "أثاره". دعوى جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "نطاق الطعن".
عقد الصلح ماهيته؟
عرض عقد الصلح على محكمة الموضوع يوجب عليها أن تستخلص من عباراته ومن الظروف التي تم فيها تحديد نطاق النزاع الذي أراد الطرفان وضع حد له باتفاقهما عليه وبيان ما إذا كان يحمل في طياته تنازلاً من المجني عليه عن حقوقه المدنية.
إلزام الطاعن بالتعويض. دون أن يعرض الحكم لدفاعه وطلبه اعتبار الدعوى المدنية غير قائمة استناداً إلى عقد الصلح الذي قدمه تدليلاً على تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن حقوقه. قصور.
نقض الحكم في خصوص الدعوى المدنية يقتضي نقضه فيما قضى به في شقه الجنائي. علة ذلك؟
-------------------
1 - لما كان الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم لطعنه أسباباً. ومن ثم يتعين عدم قبول طعنه شكلاً.
2 - لما كان الصلح عقد ينحسم به النزاع بين طرفيه في أمر معين وبشروط معينة، فإن على محكمة الموضوع إذا ما عرض عليها عقد الصلح أن تستخلص من عباراته ومن الظروف التي تم فيها تحديد نطاق النزاع الذي أراد الطرفان وضع حد له باتفاقهما عليه وبيان ما إذا كان يحمل في طياته تنازلاً من المجني عليه عن حقوقه المدنية، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن بالتعويض دون أن يعرض لدفاعه المسطور بمحضر الجلسة وطلبه اعتبار الدعوى المدنية غير قائمة استناداً إلى عقد الصلح الذي قدمه للتدليل على تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن حقوقه، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإعادة، ومتى تقرر ذلك فإن حسن سير العدالة يقتضي نقضه أيضاً فيما قضى به في شقه الجنائي حتى تعيد محكمة الموضوع نظر الدعوى برمتها بالنسبة للطاعن.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أتلفا عمداً المنزل المملوك لـ....... على النحو الوارد في الأوراق، وطلبت عقابهما بالمادة 361/ 1، 2 من قانون العقوبات، كما أقام المجني عليه في تلك الدعوى دعواه بالطريق المباشر أمام المحكمة ذاتها ضد الطاعنين بذات الوصف السابق وطلب معاقبتهما بمادة الاتهام وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت ضم الجنحة...... إلى الجنحة...... ليصدر فيهما حكم واحد. ثم قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم كل منهما مائة جنيه، وإلزامهما متضامنين فيما بينهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليهما، ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمحكوم عليه الأول، كما قضت بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد وذلك بالنسبة للمحكوم عليه الثاني.
فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم لطعنه أسباباً. ومن ثم يتعين عدم قبول طعنه شكلاً.
ومن حيث إن طعن...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه عن جريمة الإتلاف قد خالف القانون، ذلك أنه ألزمه بالتعويض رغم سبق تصالحه مع المدعي بالحقوق المدنية الذي تنازل عن حقوقه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان الصلح عقد ينحسم به النزاع بين طرفيه في أمر معين وبشروط معينة، فإن على محكمة الموضوع إذا ما عرض عليها عقد الصلح أن تستخلص من عباراته ومن الظروف التي تم فيها تحديد نطاق النزاع الذي أراد الطرفان وضع حد له باتفاقهما عليه وبيان ما إذا كان يحمل في طياته تنازلاً من المجني عليه عن حقوقه المدنية، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن بالتعويض دون أن يعرض لدفاعه المسطور بمحضر الجلسة وطلبه اعتبار الدعوى المدنية غير قائمة استناداً إلى عقد الصلح الذي قدمه للتدليل على تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن حقوقه، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإعادة، ومتى تقرر ذلك فإن حسن سير العدالة يقتضي نقضه أيضاً فيما قضى به في شقه الجنائي حتى تعيد محكمة الموضوع نظر الدعوى برمتها بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر الذي قضى بعدم قبول استئنافه شكلاً مع إلزام المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 7671 لسنة 59 ق جلسة 14 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 196 ص 1218


جلسة 14 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.
----------------
(196)
الطعن رقم 7671 لسنة 59 القضائية

 (1)جمارك. تهريب جمركي. قانون "تفسيره". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التهريب الحكمي في مفهوم المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 1963 المعدلة؟
المستندات المؤيدة لسداد الضرائب الجمركية. لم يشترط الشارع فيها إلا أن تكون دالة على السداد. تقدير ذلك لقاضي الموضوع دون التزام برأي لسواه ولو كان وارداً في اللائحة التنفيذية للقانون. علة ذلك؟
 (2)قرارات وزارية. دستور. لوائح. قانون "التفويض التشريعي".
حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التنفيذية. أساس ذلك وحده؟
اللائحة لا تضع قيداً على خلاف نص القانون.
 (3)قانون "التفويض التشريعي". دستور. قرارات وزارية. تهريب جمركي. جمارك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تغليب نص القانون عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحته. واجب.
مثال.

----------------
1 - إن النص في الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 على أنه "يعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سدد عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة، كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة". يدل في صريح لفظه وواضح معناه أن الشارع لم يشترط في المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية إلا أن تكون دالة على ذلك السداد وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع. ما دام سائغاً كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ودون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وراداً في القرار الوزاري رقم 105 لسنة 1980 الصادر بلائحته التنفيذية، إذ أنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط في هذا الصدد.
2 - لئن كان من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - إصدار اللوائح والقرارات التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين. بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية، لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون.
3 - يشترط لصدور القرار أو اللائحة التنفيذية والعمل بهما، ألا يوجد أدنى تعارض أو تضاد بينهما وبين نص القانون، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية أو القرار الوزاري بها فإن نص القانون يكون أولى بالتطبيق، اعتباراًًً بأنه الأسمى درجة والأصل للائحة التنفيذية أو القرار بها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه هرب بضائع أجنبية دون سداد الرسوم الجمركية المقررة عليها على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل. وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم بملغ 448.200 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة جنح مركز نجح حمادي قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته ومحكمة نجح حمادي الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده بوصف أنه هرب بضائع جمركية على النحو المبين بالأوراق، وطلبت معاقبته بالمواد 121، 122، 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 ومحكمة أول درجة قضت بحكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله استناداً إلى "أنه بالاطلاع على المستندات المقدمة من المتهم ومذكرات الدفاع وبمطالعة المادة الثامنة من القرار الوزاري رقم 105 لسنة 1980 والتي تنص على أنه يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير المستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية أو أقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات، وحيث إنه متى كانت الدعوى على النحو المتقدم وكانت الفواتير المقدمة في الدعوى والتي قررت اللجنة عدم الاعتداد بها، وقد تقدم المتهم بإقرار من تاجر الجملة ثابت به أن البضائع الصادرة عنها الفواتير السالفة الذكر والخاصة بها جميعها مسدد عنها الرسوم الجمركية والإقرار موثق بالشهر العقاري رقم..... لسنة 1986 بمأمورية توثيق العياط" وأضاف الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة لأسبابه والمكمل لها، وقوله "إن الثابت من الحكم المستأنف إذ قضى برفض الدعوى المدنية استناداً على عدم توافر الجريمة في حق المتهم بمقتضى المستندات المقدمة منه والتي استخلص منها أنه حائز حسن النية وأن البضائع المضبوطة قد اشتراها بموجب مستندات قدمت لمحرر المحضر قال عنها أنها خالصة الجمارك وقد قدم أثناء نظر الدعوى أمامها ما هو إقرار صادر من التاجر الذي اشترى منه هذه البضائع تفيد مسئوليته عن الفواتير المقدمة والمثبت بها أنها خالصة الرسوم الجمركية فإن المادة الثانية من القرار الوزاري 105 لسنة 1980 تكون قد أعملت في مجال هذه الدعوى إعمالاً صحيحاً لا مجال لدفع أو دفاع يحوطها ويكون حكم محكمة أول درجة في قضائه برفض الدعوى المدنية استناداً لبراءة المتهم سنده انتفاء الضرر المستوجب التعويض المدعى به إذ سبق أن سدد عن البضائع الرسوم الجمركية والقول بغير ذلك يفتقد إلى الدليل على إثبات العكس". لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 على أنه "يعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الإتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الإتجار المستندات الدالة على أنها قد سدد عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة، كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة" يدل في صريح لفظه وواضح معناه أن الشارع لم يشترط في المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية إلا أن تكون دالة على ذلك السداد وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع - ما دام سائغاً كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ودون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وراداً في القرار الوزاري رقم 105 لسنة 1980 الصادر بلائحته التنفيذية إذ أنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط في هذا الصدد. لما هو مقرر من أنه ولئن كان من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - إصدار اللوائح والقرارات التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين. بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية، لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون، كما أنه يشترط لصدور القرار أو اللائحة التنفيذية والعمل بهما، ألا يوجد أدنى تعارض أو تضاد بينهما وبين نص القانون، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية أو القرار الوزاري بها فإن نص القانون يكون أولى بالتطبيق، اعتباراً بأنه الأسمى درجة والأصل للائحة التنفيذية أو القرار بها. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام - وكان هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه بعض النظر عن مدى توافر الشروط الواردة في القرار الوزاري المعني. ومن ثم يكون النعي على الحكم بأنه لم يطابق المستندات على البضائع محل الاتهام، رغم خلوها من البيانات المنصوص عليها في القرار الوزاري آنف الذكر، يكون بعيداً عن محجة الصواب، فوق أنه يتمحض جدلاً موضوعياًًً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستمداد اقتناعها منها، وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله مع إلزام الطاعن بصفته المصاريف المدنية.

الطعن 12476 لسنة 59 ق جلسة 17 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 197 ص 1224


جلسة 17 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل عبد الحميد ومحمود البنا نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وسمير أنيس.
----------------
(197)
الطعن رقم 12476 لسنة 59 القضائية

 (1)محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". نقض "ميعاد الطعن". حكم "بطلانه".
الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات بعدم الاختصاص. لا يبطل بحضور المتهم أو القبض عليه. انفتاح ميعاد الطعن بالنقض فيه. من يوم صدوره علة ذلك؟.
(2) تزوير "تزوير المحررات العرفية". جريمة "أركانها".
احتواء الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها. وقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته. كفايته لاعتبارها محرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً عقوبات.
 (3)تزوير "تزوير المحررات العرفية". عقوبة "توقيعها".
تزوير المحررات الصادرة من إحدى الجهات المبينة في المادة 214 مكرراً عقوبات المضافة بالقانون 120 لسنة 1962. يعتبر تزويراً في محررات عرفية. وإن كانت العقوبة المقررة. لمقارفها السجن. علة ذلك؟
(4) اختصاص "الاختصاص النوعي" "تنازع الاختصاص". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة الجنح.
القضاء بعدم الاختصاص يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره. أساس ذلك؟

----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده من محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى في جناية التزوير في محررات لبنك مصر المملوك للدولة واستعمالها إلا أنه لا يعتبر أنه أضر به لأنه لم يدنه بهما، ومن ثم فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية حسبما يبين من صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات ولهذا فإن ميعاد الطعن بطريق النقض في هذا الحكم ينفتح من تاريخ صدوره.
2 - لما كان يكفي لاعتبار المحرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته.
3 - لما كانت المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت". فالتزوير الذي يقع في المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات، وإن كانت عقوبته السجن، وهي عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويراً في محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ على العاملين في هذه الجهات والذين تصدر عنهم مثل هذه المحررات صفة الموظف العام أو من في حكمه - وهي صفة لازمة في إضفاء الرسمية على المحرر - وهو ما فعله بالنسبة للنصوص التي تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس.
4 - لما كان الحكم بعدم الاختصاص المطعون فيه منهياً للخصومة على خلاف ظاهره، وذلك لأن محكمة الجنح سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى إذا رفعت إليها، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم يكون جائزاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده...... بأنه خلال المدة من أول فبراير حتى 9 من يوليو سنة 1987 - 1 - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محررات لبنك مصر فرع مدينة نصر المملوك للدولة هي الشيكات مقبولة الدفع أرقام...... و...... و...... المؤرخة....... بمبالغ 97 جنيهاً، 75 جنيهاً، 22 جنيهاً بأن قام بتزوير بيانات هذه الشيكات بطريق الإضافة بأن راعى عند تحرير بياناتها ترك فراغ بسيط بعد كتابة المبلغ المحرر بالكتابة قبل كلمة جنيه مصري وبعد أن استصدر الشيكات الثلاث بقيمتها سالفة الذكر أضاف في الفراغ سالف الذكر كلمة ألف ثم أضاف ثلاثة أصفار أمام المبلغ بالأرقام وكان ذلك في بيانات الشيك وفي تأشيرة البنك المتضمنة قيمة الشيك الحقيقية بالكتابة والأرقام وبذلك أصبحت الشيكات الثلاثة هي مبلغ 97000 ج (سبعة وتسعون ألف جنيه) ومبلغ 75000 ج (خمسة وسبعون ألف جنيه) ومبلغ 22000 ج (اثنان وعشرين ألف جنيه) على خلاف الحقيقة وعلى النحو المبين بالتحقيقات. 2 - استعمل المحررات المزورة موضوع التهمة السابقة مع علمه بتزويرها بأن قدمها للهيئة القومية للبريد كتأمين عن أعمال المقاولات التي عهد إليه بها. 3 - أعطى بسوء نية ثلاث شيكات للهيئة القومية للبريد دون أن يكون لها رصيد كاف وقابل للسحب. 4 - توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على 97000 ج فقط سبعة وتسعون ألف جنيه المملوكة للهيئة القومية للبريد وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها الإيهام بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن استصدر شيكاً مقبول الدفع رقم..... بمبلغ سبعة وتسعين جنيهاً ثم قام بتزوير بياناته حسب المبين بوصف التهمة الأولى لتصبح على خلاف الحقيقة سبعة وتسعين ألف جنيه ثم قدم الشيك للهيئة المجني عليها كتأمين لصرف الدفعة الأولى لبدء تنفيذ عملية المقاولة المسندة إليه وتمكن بذلك من صرف قيمة الشيك المزور بناء على هذه الطرق الاحتيالية. 5 - شرع في الاحتيال على الهيئة القومية للبريد لسلب بعض ثروتها وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها الإيهام بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن استصدر الشيكين مقبولي الدفع رقمي...... و...... بمبلغي 75 ج (خمسة وسبعون جنيهاً، 22 ج اثنان وعشرون جنيهاً من بنك مصر فرع مدينة نصر ثم قام بتزوير بياناتهما حسب الموضح بوصف التهمة الأولى بحيث أصبحت قيمة كل منهما مبلغ 75000 (خمسة وسبعون ألف جنيه) ومبلغ 22000 ج (اثنان وعشرون ألف جنيه) على خلاف الحقيقة ثم قدم الشيكين للهيئة المجني عليها كضمان لصرف الدفعة الأولى وهي تمثل قيمة الشيكين بعد تزويرها للبدء في تنفيذه عمليتي مقاولة عهد بها إليه وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو اكتشاف وقائع التزوير. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بالمادة 382 من قانون الإجراءات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة جنح الموسكي لاختصاصها.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده من محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى في جناية التزوير في محررات لبنك مصر المملوك للدولة واستعمالها إلا أنه لا يعتبر أنه أضر به لأنه لم يدنه بهما، ومن ثم فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية حسبما يبين من صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات ولهذا فإن ميعاد الطعن في هذا الحكم ينفتح من تاريخ صدوره، ومن ثم فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى في جريمتي ارتكاب تزوير في محررات لبنك مصر المملوك للدولة واستعمالها مع علمه بتزويرها قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أن الشيكات محل التزوير هي بطبيعتها محررات عرفية بحسبان أن بياناتها منسوبة إلى آحاد الناس وأن تزويرها لا يعدو أن يكون جنحة معاقب عليها بالمادة 215 من قانون العقوبات مع أن هذه الشيكات وإن كانت في الأصل محررات عرفية إلا أنه بعد أن قدمها المطعون ضده لبنك مصر - فرع مدينة نصر - لاعتماد القيمة الثابتة بها وقيام موظفي البنك بوضع الخاتم الذي يحمل عبارة مقبول الدفع على بيانات القيمة التي يضعها البنك على تلك الشيكات واعتماد هذه البيانات بتوقيعها من الموظفين المختصين قام بتزويرها بتعديل قيمتها على أزيد مما هو ثابت بها وهو ما يوفر في حقه جريمة التزوير في محررات لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات والتي عاقب المشرع على التزوير فيها بعقوبة الجناية ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاصه بنظر الدعوى يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى قيد ووصف الاتهام الذي أسبغته النيابة العامة على التهم المسندة إلى المطعون ضده عرج على الحكمة التي من أجلها غلظ المشرع العقاب على التزوير في المحررات الصادرة عن الجهات المنصوص عليها في المادة 214/ 2 مكرراً من قانون العقوبات ثم عقب على ذلك مباشرة بقوله "لما كان ذلك، وكانت الطلبات والشيكات التي نسبتها النيابة العامة إلى المتهم - المطعون ضده - هي بطبيعتها محررات عرفية لأن بياناتها منسوبة إلى آحاد الناس وأن تزويرها لا ينتظم سوى قيمة التزوير المنصوص عليها في المادة 215 من قانون العقوبات ولا يغير من ذلك تقديم تلك المحررات إلى البنك وإجراء الصرف إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون استعمالاً لها لا شأن له في شكل تلك المحررات وطبيعتها العرفية بل هو إجراء مادي يتجه إلى الصرف، لما كان ذلك، وكانت الشيكات المنسوبة تزويرها هي محررات عرفية على النحو سالف البيان، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الجنح المختصة لنظرها عملاً بنص المادة 382 أ ج". لما كان ذلك وكان يكفي لاعتبار المحرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته. وكانت المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت". فالتزوير الذي يقع في المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات، وإن كانت عقوبته السجن، وهي عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويراً في محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ على العاملين في هذه الجهات والذين تصدر عنهم مثل هذه المحررات صفة الموظف العام أو من في حكمه - وهي صفة لازمة في إضفاء الرسمية على المحرر - وهو ما فعله بالنسبة للنصوص التي تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محررات لبنك مصر - فرع مدينة نصر - المملوك للدولة وهي الشيكات مقبولة الدفع أرقام..... و..... و..... بعد أن استصدر تلك الشيكات بقيمتها التي اعتمد البنك بأن قام بتغيير قيمتها إلى أزيد مما هو ثابت بها ثم استعملها مع علمه بتزويرها بأن قدمها للهيئة القومية للبريد كتأمين عن أعمال المقاولات التي عهد إليه بها، ومن ثم فإن قيام المطعون ضده بتغيير الحقيقة في تلك الشيكات بعد أن استصدرها بقيمتها من البنك وبعد أن حملت توقيعات الموظفين المختصين به باعتماد المبالغ الثابتة بها وختمها بالخاتم الذي يحمل عبارة مقبول الدفع يعد - في واقع الأمر - تزويراً في محررات لبنك مصر المملوك للدولة معاقب عليه بعقوبة السجن، وهو العقوبة المقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم وكانت محكمة الجنايات قد قضت بما يخالف هذا النظر، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون. ولما كان الحكم بعدم الاختصاص المطعون فيه يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره وذلك لأن محكمة الجنح سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى إذا رفعت إليها، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم يكون جائزاً، ويكون إذ قضى بعدم الاختصاص على خلاف القانون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 12484 لسنة 59 ق جلسة 18 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 199 ص 1235


جلسة 18 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي منتصر وفتحي الصباغ.
----------------
(199)
الطعن رقم 12484 لسنة 59 القضائية

 (1)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
 (2)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب أن تبنى الأحكام الجنائية على الجزم واليقين.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
وجوب إيراد الأدلة التي استندت إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً. مجرد الإشارة إليها. غير كاف.
 (3)اختلاس أموال أميرية. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن بذاته أن يكون دليلاً على حصول الاختلاس.
اقتصار الحكم على ذكر أسماء شهود العجز دون أن يبين فحوى ما شهد به كل منهم. واكتفائه بالإحالة إلى كشوف الجرد. دون إيراد مضمونها واتخاذه من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس. يعيب الحكم.
 (4)نقض "نطاق الطعن".
اتصال وجه الطعن بمن لم يطعن به من المتهمين، شرطه؟ المادة 33 من القانون 57 لسنة 1959.

--------------------
1 - إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والظروف التي استخلصت المحكمة منها الإدانة.
2 - من المقرر أن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين وليس على الظن والاحتمال، وأن المراد بالتسبيب المعتبر هو تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها الحكم والمنتجة له - سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون - في بيان جلي مفصل حتى يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة.
3 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي - أو من في حكمه - لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في التدليل على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهمين على ما شهد به الشهود من اكتشافهم وجود عجز في عهدة المتهمين من السكر، واقتصر الحكم على ذكر أسماء هؤلاء الشهود دون أن يبين فحوى ما شهد به كل منهم ودلالة تلك الشهادة على أن هذا العجز ناجم عن جريمة اختلاس ساهم فيها جميع من قضي بإدانتهم. كما استند إلى ما تضمنه تقرير لجنة الجرد من وجود عجز وأن هذا العجز يرجع إلى تلاعب رئيس وطاقم الوحدة البحرية دون الإشارة إلى ما قد يكون التقرير قد تضمنه من الأسانيد التي عول عليها الحكم في قضائه بإدانة المتهمين جميعاً في جريمة الاختلاس ودون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على ما يتوافر به القصد الجنائي لدى الطاعنين، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان بما يوجب نقضه والإحالة.
4 - لما كان وجه الطعن يتصل بباقي المتهمين إلا أنه لم يكن يجوز لهم الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه - الذي قضى بنقضه - لأنه صدر غيابياً بالنسبة لهم من محكمة الجنايات عملاً بالمادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 59 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وبالتالي فإن أثر الطعن في الحكم المنقوض لا يمتد إليهم ولا يفيدون من نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم بصفتهم موظفين عموميين أفراد طاقم الوحدة البحرية...... التابعة لشركة..... إحدى وحدات القطاع العام اختلسوا كميات السكر المبينة بالتحقيقات وقدرها اثني عشر طناً وأربعمائة وعشرين كيلو جرام والبالغ قيمتها...... المملوكة للشركة سالفة الذكر والمسلمة إليهم بسبب وظيفتهم. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهمين وغيابياً للآخرين عملاً بالمواد 112/ 1، 118، 119، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزلهم من وظائفهم وبتغريم المتهمين عدا..... مبلغ..... وبإلزامهم برد مبلغ...... بالتضامن إلى الشركة المجني عليها. وبتغريم المتهمين أيضاً عدا...... مبلغ...... وبإلزامهم برد مبلغ.......
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما - وآخرين - بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة على شهادة من شهدوا بوجود عجز في كميات السكر المسلمة إلى المتهمين دون أن يستظهر سبب هذا العجز وظروف تسليم كميات السكر التي وقع بها العجز إلى المتهمين وتسلمها منهم والأدلة التي استخلص منها أن العجز ناجم عن اختلاس المتهمين له ودون إسناد الجريمة إلى مرتكبها من بين المتهمين، وفي ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها الإدانة، وكان المقرر أن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين وليس على الظن والاحتمال وأن المراد بالتسبيب المعتبر هو تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها الحكم والمنتجة له - سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون - في بيان جلي مفصل حتى يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية تبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، وكان المقرر أيضاً أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي - أو من في حكمه - لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في التدليل على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهمين على ما شهد به الشهود من اكتشافهم وجود عجز في عهدة المتهمين من السكر، واقتصر الحكم على ذكر أسماء هؤلاء الشهود دون أن يبين فحوى ما شهد به كل منهم ودلالة تلك الشهادة على أن هذا العجز ناجم عن جريمة اختلاس ساهم فيها جميع من قضي بإدانتهم. كما استند إلى ما تضمنه تقرير لجنة الجرد من وجود عجز وأن هذا العجز يرجع إلى تلاعب رئيس وطاقم الوحدة البحرية دون الإشارة إلى ما قد يكون التقرير قد تضمنه من الأسانيد التي عول عليها الحكم في قضائه بإدانة المتهمين جميعاً في جريمة الاختلاس ودون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على ما يتوافر به القصد الجنائي لدى الطاعنين، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن، وأنه وإن كان وجه الطعن يتصل بباقي المتهمين إلا أنه لم يكن يجوز لهم الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه - الذي قضى بنقضه - لأنه صدر غيابياً بالنسبة لهم من محكمة الجنايات عملاً بالمادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 59 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وبالتالي فإن أثر الطعن في الحكم المنقوض لا يمتد إليهم ولا يفيدون من نقضه.

الطعن 15342 لسنة 59 ق جلسة 18 / 12 / 1989 مكتب فني 40 ق 200 ص 1240


جلسة 18 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي منتصر وحامد عبد الله.
-------------
(200)
الطعن رقم 15342 لسنة 59 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". ضرب "ضرب بسيط" "أفضى إلى موت". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف. وكفاية إيراد مضمون أقوال الشهود أو تقرير الخبير. لا قصور.
 (2)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
للمحكمة أن تستخلص الإدانة من أقوال الشهود ولو تناقضت. متى كان استخلاصاً سائغاً.
المجادلة في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) ضرب "ضرب أفضى إلى الموت" "ضرب بسيط" عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على الحكم القصور في التدليل بالنسبة للجريمة ذات العقوبة الأخف غير مجد. ما دام قد أخذ المتهم بالجريمة ذات العقوبة الأشد تطبيقاً للمادة 32 عقوبات.
 (4)إثبات "شهود" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
 (5)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد أسباب الطعن ووضوحها. شرط لقبولها.
 (6)إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بشأن عدم ضبط آلات الاعتداء وعرضها على المجني عليهم. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن.
(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
آلات الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.

---------------------
1 - لما كان الحكم قد بين الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى الأدلة السالفة التي استخلص منه إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وكان لا يلزم لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد نص أقوال الشاهد التي عول عليها أو تقرير الخبير الذي تستند إليه بكل أجزائه، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، كما وأن التناقض بين أقوال الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بالنسبة لجنحة الضرب البسيط - أياً ما كان وجه الرأي فيه - لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وحدها المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي أثبتها الحكم في حقه.
4 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها.
5 - من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم ضبط آلات الاعتداء وعرضها على المجني عليهم لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
7 - من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم - أولاً - ضربوا عمداً...... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على الاعتداء على....... ومن يتواجد معه من أفراد عائلته وأعدوا لذلك آلات صلبة راضة وترصدوا له في الطريق الذي أيقنوا سلفاً عودته فيه وما أن ظفروا به حتى ضربه أولهم على رأسه بسيخ حديد فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. ثانياً - ضربوا.... و.... و.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية الابتدائية والتي أعجزت كل منهم عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام أداة. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت..... عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المجني عليه و...... عن نفسها وبصفتها وصية على قاصري المجني عليه مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ مائة ألف جنيه كتعويض شامل، ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما هو منسوب إليه وإحالة الدعوى المدنية قبله إلى محكمة المنيا الابتدائية لنظرها وذلك باعتبار أن المتهم مرتكباً لجناية الضرب المفضي إلى الموت بالنسبة لـ...... وجنحة الضرب البسيط بالنسبة لـ.......
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الحكم هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية الضرب المفضي إلى الموت وجنحة الضرب البسيط قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يورد في بيان كاف مؤدى أقوال شهود الإثبات أو مضمون التقارير الطبية التي عول عليها في الإدانة، كما تساند إلى أقوال هؤلاء الشهود رغم تضاربها، وأورد قولين متعارضين للمجني عليه...... بشأن تحديد شخص المتهم الذي اشترك مع الطاعن في ضربه، فضلاً عن أنه لم يرفع التناقض القائم بين الدليلين القولي والفني أو يفطن إلى خلو التحقيقات مما يفيد ضبط أدوات الجريمة وعرضها على المجني عليهم، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى - بالنسبة للطاعن - بما يجمل في أنه اعتدى على المجني عليه...... بالضرب (بسيخ) من الحديد على رأسه وأحدث إصاباته التي أودت بحياته لنزاع بينهما على (مسقى) شكاه الأخير بسببه للشرطة، كما اعتدى أثناء الحادث بالاشتراك مع متهم آخر في الدعوى على المجني عليه...... وأحدثا به إصابات تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات التي حصلها بما لا يخرج في مضمونه عما تقدم، ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية بالنسبة للمجني عليه الأول وقد نقل عنه قوله {وأورى التقرير الطبي الشرعي وجود عدة كسور شرخية وانخسافية شاملة بعظام رأس المجني عليه...... هي كدم رضي بالجدارية اليمنى وكدم رضي بالجدارية اليسرى وكدم رضي يقع بالصدغية والمؤخرى الأيمني وانسكابات دموية غزيرة من عدة كسور بالرأس وأنها ذات طبيعة رضية وتحدث على غرار الضرب بجسم أو أجسام صلبة راضة كالضرب بسيخ أو أسياخ من الحديد وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة..... وأن الوفاة حدثت نتيجة للإصابات الموصوفة بالرأس وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة ونزيف بجوهر المخ} وما جاء بالتقرير الطبي الابتدائي بالنسبة للمجني عليه الآخر الذي أورد مؤداه في قوله {كما ثبت من التقارير الطبية الابتدائية بأن إصابة...... جرح رضي بفروة الرأس وكدمات متفرقة بفروة الرأس مع كدمات بالناحية اليسرى من الظهر} لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بارتكابهما وأورد مؤدى الأدلة السالفة التي استخلص منها إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، وكان لا يلزم لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد نص أقوال الشاهد التي عول عليها أو تقرير الخبير الذي استند إليه بكل أجزائه، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، كما وأن التناقض بين أقوال الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بالنسبة لجنحة الضرب البسيط - أياً ما كان وجه الرأي فيه - لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وحدها المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها هذا إلى إرساله القول بقيام التعارض بين الدليلين القولي والنفي دون بيان أوجه هذا التعارض، مما يكون منعاه - من هذه الوجهة أيضاً غير مقبول لما هو مقرر من أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم ضبط آلات الاعتداء وعرضها على المجني عليهم لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. فضلاً عن أن هذا النعي، على فرض صحته - لا يقدح في سلامة استدلال الحكم لما هو مقرر من أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الطعن 532 لسنة 19 ق جلسة 28 / 3 / 1949 مج عمر الجنائية ج 7 ق 852 ص 816


جلسة 28 من مارس سنة 1949
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان بك المستشارين.
-------------------
(852)
القضية رقم 532 سنة 19 القضائية

أ - نقض.
الدفع لدى محكمة الموضوع بعدم جواز تحريك الدعوى لسبق حفظها. عدم الرد على هذا الدفع. خطأ. عرض المتهم هذا الدفع على محكمة النقض في صورة تمكنها من الفصل فيه على وجه لا يؤثر في الحكم المطعون فيه. ذلك الإغفال لا يستوجب النقض.
ب - حفظ الدعوى.

رفع الدعوى على متهم دون آخر. لا يعتبر حفظاً بالنسبة للآخر.
--------------------
1 - إذا دفع لدى المحكمة بعدم جواز تحريك الدعوى العمومية ضد المتهم لسبق حفظها فلم ترد على هذا الدفع وأدانت المتهم، فهذا منها خطأ، إذ أن من الواجب عليها أن ترد، ولكن إذا كان المتهم في طعنه على حكمها قد عرض هذا الدفع على محكمة النقض في صورة تمكنها من الفصل فيه على وجه لا يؤثر في الحكم المطعون فيه فإن إغفال الرد في الحكم لا يكون مستوجباً نقضه.
2 - إن رفع الدعوى العمومية على أحد المتهمين دون الآخر لا يعتبر حفظاً للدعوى بالنسبة إلى الآخر من شأنه أن يمنع النيابة من رفع الدعوى عليه بعد ذلك ما دام أن أمراً صريحاً مكتوباً - كالشأن في جميع الأوامر القضائية - لم يصدر بالحفظ، وما دام تصرف النيابة برفع الدعوى على متهم دون آخر لا يحمل على أنها أرادت الحفظ حتماً لأي وجه من أوجه عدم إقامة الدعوى.


المحكمة
وحيث إن الوجهين الأول والثاني من أوجه الطعن يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً إذ لم يفصل في الدفع بعدم جواز تحريك الدعوى العمومية ضد الطاعن لسبق حفظها, وأخطأ إذ دن الطاعن في تهمة سبق حفظها بالنسبة إليه، لأن الثابت من التحقيقات أن متهماً آخر ادعى عليه في التحقيق أنه هو الذي كان يقود السيارة، وادعى هو أن ذلك الآخر هو الذي كان يقودها، وشهد شهود لكل منهما فرفعت النيابة الدعوى العمومية على المتهم الآخر ثم أدخلته (أي الطاعن) في التهمة أمام المحكمة الابتدائية, ولما كان رفع الدعوى على ذلك المتهم الآخر وحده بنفس التهمة يعتبر حفظاً ضمنياً لها قبل الطاعن فلم يكن من الجائز للمحكمة أن تقبل تحريك الدعوى العمومية من النيابة قبله.
وحيث إنه وإن كان من واجب المحكمة أن ترد على الدفع المشار إليه إلا أن إغفالها الرد لا يستوجب في الدعوى نقض الحكم ما دام هذا الدفع كما عرضه الطاعن في طعنه وأمام المحكمة يمكن محكمة النقض من الفصل فيه على صورة لا تؤثر في الحكم المطعون فيه. ولما كان رفع الدعوى العمومية على أحد المتهمين دون الآخر على الصورة الواردة بأسباب الطعن لا يعتبر حفظاً بالنسبة إلى الآخر من شأنه أن يمنع النيابة من رفع الدعوى عليه بعد ذلك ما دام أن أمراً صريحاً مكتوباً كالشأن في جميع الأوامر القضائية لم يصدر بالحفظ, وما دام تصرف النيابة برفع الدعوى على متهم دون آخر لا يمكن حمله حتماً على أنها أرادت الحفظ لأي وجه من أوجه عدم إقامة الدعوى.
وحيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الواقعة الثابتة في الحكم المطعون فيه لا يعاقب عليها القانون لأن الحادث لم يحصل بسبب خطأ السائق بل يرجع إلى اختلال عجلة القيادة فجأة وإلى أن الطريق كان مهملاً وغير ممهد مما أدى إلى استحالة تفادي وقوع الحادث وسقوط السيارة في المصرف على الرغم من السير على مهل فقد تأيد هذا الدليل المادي بأقوال المهندس الفني وشهادة الشهود.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن الخطأ بأدلة استمدها من التحقيق فالجدل على الصورة الواردة في هذا الوجه ليس إلا جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به.