جلسة 14 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة
وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.
----------------
(196)
الطعن
رقم 7671 لسنة 59 القضائية
(1)جمارك. تهريب جمركي. قانون "تفسيره". إثبات "بوجه
عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التهريب الحكمي في مفهوم
المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 1963 المعدلة؟
المستندات المؤيدة لسداد
الضرائب الجمركية. لم يشترط الشارع فيها إلا أن تكون دالة على السداد. تقدير ذلك
لقاضي الموضوع دون التزام برأي لسواه ولو كان وارداً في اللائحة التنفيذية
للقانون. علة ذلك؟
(2)قرارات وزارية. دستور.
لوائح. قانون "التفويض التشريعي".
حق السلطة التنفيذية
إصدار اللوائح التنفيذية. أساس ذلك وحده؟
اللائحة لا تضع قيداً على
خلاف نص القانون.
(3)قانون "التفويض
التشريعي". دستور. قرارات وزارية. تهريب جمركي. جمارك. حكم "تسبيبه.
تسبيب معيب".
صحة القرار الصادر بموجب
التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه
وشروطه.
تغليب نص القانون عند
التعارض بينه وبين نص وارد في لائحته. واجب.
مثال.
----------------
1 - إن النص في الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك
الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 على أنه
"يعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها
مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار
المستندات الدالة على أنها قد سدد عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب
والرسوم المقررة، كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو
مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر
يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة
للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة". يدل في صريح لفظه وواضح معناه
أن الشارع لم يشترط في المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية إلا أن تكون
دالة على ذلك السداد وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع. ما دام سائغاً كما هو الحال
في الدعوى الماثلة - ودون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وراداً في القرار
الوزاري رقم 105 لسنة 1980 الصادر بلائحته التنفيذية، إذ أنه يتعين الاعتداد بما
نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط في
هذا الصدد.
2 - لئن كان من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية
المتواضع عليها - إصدار اللوائح والقرارات التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين بما
ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، إلا أن هذا الحق لا يعني نزول
السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين. بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها
في وضع القواعد التفصيلية لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن
تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة
التنفيذية، لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون.
3 - يشترط لصدور القرار أو اللائحة التنفيذية والعمل بهما، ألا
يوجد أدنى تعارض أو تضاد بينهما وبين نص القانون، وأنه عند التعارض بين نصين
أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية أو القرار الوزاري بها
فإن نص القانون يكون أولى بالتطبيق، اعتباراًًً بأنه الأسمى درجة والأصل للائحة
التنفيذية أو القرار بها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه هرب بضائع أجنبية دون سداد
الرسوم الجمركية المقررة عليها على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمواد 1،
2، 3، 4، 121، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل. وادعى وزير المالية
بصفته مدنياً قبل المتهم بملغ 448.200 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة جنح مركز
نجح حمادي قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف
المدعي بالحقوق المدنية بصفته ومحكمة نجح حمادي الابتدائية - بهيئة استئنافية -
قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت هيئة قضايا الدولة
نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده
بوصف أنه هرب بضائع جمركية على النحو المبين بالأوراق، وطلبت معاقبته بالمواد 121،
122، 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980
ومحكمة أول درجة قضت بحكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده
ورفض الدعوى المدنية قبله استناداً إلى "أنه بالاطلاع على المستندات المقدمة
من المتهم ومذكرات الدفاع وبمطالعة المادة الثامنة من القرار الوزاري رقم 105 لسنة
1980 والتي تنص على أنه يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده
عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير المستورد فلا
يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية أو أقر من أصدرها بمسئوليته عنها
وعما جاء بها من بيانات، وحيث إنه متى كانت الدعوى على النحو المتقدم وكانت
الفواتير المقدمة في الدعوى والتي قررت اللجنة عدم الاعتداد بها، وقد تقدم المتهم
بإقرار من تاجر الجملة ثابت به أن البضائع الصادرة عنها الفواتير السالفة الذكر
والخاصة بها جميعها مسدد عنها الرسوم الجمركية والإقرار موثق بالشهر العقاري
رقم..... لسنة 1986 بمأمورية توثيق العياط" وأضاف الحكم المطعون فيه المؤيد
لحكم أول درجة لأسبابه والمكمل لها، وقوله "إن الثابت من الحكم المستأنف إذ
قضى برفض الدعوى المدنية استناداً على عدم توافر الجريمة في حق المتهم بمقتضى
المستندات المقدمة منه والتي استخلص منها أنه حائز حسن النية وأن البضائع المضبوطة
قد اشتراها بموجب مستندات قدمت لمحرر المحضر قال عنها أنها خالصة الجمارك وقد قدم
أثناء نظر الدعوى أمامها ما هو إقرار صادر من التاجر الذي اشترى منه هذه البضائع
تفيد مسئوليته عن الفواتير المقدمة والمثبت بها أنها خالصة الرسوم الجمركية فإن المادة
الثانية من القرار الوزاري 105 لسنة 1980 تكون قد أعملت في مجال هذه الدعوى
إعمالاً صحيحاً لا مجال لدفع أو دفاع يحوطها ويكون حكم محكمة أول درجة في قضائه
برفض الدعوى المدنية استناداً لبراءة المتهم سنده انتفاء الضرر المستوجب التعويض
المدعى به إذ سبق أن سدد عن البضائع الرسوم الجمركية والقول بغير ذلك يفتقد إلى
الدليل على إثبات العكس". لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثانية من
المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 بعد تعديلها
بالقانون رقم 75 لسنة 1980 على أنه "يعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع
الأجنبية بقصد الإتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في
حيازته هذه البضائع بقصد الإتجار المستندات الدالة على أنها قد سدد عنها الضرائب
الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة، كما يعتبر في حكم التهريب تقديم
مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو
العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية
المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع
الممنوعة" يدل في صريح لفظه وواضح معناه أن الشارع لم يشترط في المستندات
الدالة على سداد الضرائب الجمركية إلا أن تكون دالة على ذلك السداد وهو ما يخضع
لتقدير قاضي الموضوع - ما دام سائغاً كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ودون
التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وراداً في القرار الوزاري رقم 105 لسنة 1980
الصادر بلائحته التنفيذية إذ أنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا
الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط في هذا الصدد. لما هو مقرر
من أنه ولئن كان من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها
- إصدار اللوائح والقرارات التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل
أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية
عن سلطتها في سن القوانين. بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد
التفصيلية لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن
تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية، لا يصح أن
تضع قيداً على خلاف نص القانون، كما أنه يشترط لصدور القرار أو اللائحة التنفيذية
والعمل بهما، ألا يوجد أدنى تعارض أو تضاد بينهما وبين نص القانون، وأنه عند التعارض
بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية أو القرار
الوزاري بها فإن نص القانون يكون أولى بالتطبيق، اعتباراً بأنه الأسمى درجة والأصل
للائحة التنفيذية أو القرار بها. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا
النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد
الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام - وكان هذا بحسب الحكم كيما يتم تدليله
ويستقيم قضاؤه بعض النظر عن مدى توافر الشروط الواردة في القرار الوزاري المعني.
ومن ثم يكون النعي على الحكم بأنه لم يطابق المستندات على البضائع محل الاتهام،
رغم خلوها من البيانات المنصوص عليها في القرار الوزاري آنف الذكر، يكون بعيداً عن
محجة الصواب، فوق أنه يتمحض جدلاً موضوعياًًً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة
الدعوى واستمداد اقتناعها منها، وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما
كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله مع إلزام
الطاعن بصفته المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق