جلسة 17 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ عادل عبد الحميد ومحمود البنا نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وسمير
أنيس.
----------------
(197)
الطعن
رقم 12476 لسنة 59 القضائية
(1)محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". نقض "ميعاد الطعن".
حكم "بطلانه".
الحكم الغيابي الصادر من
محكمة الجنايات بعدم الاختصاص. لا يبطل بحضور المتهم أو القبض عليه. انفتاح ميعاد
الطعن بالنقض فيه. من يوم صدوره علة ذلك؟.
(2) تزوير
"تزوير المحررات العرفية". جريمة "أركانها".
احتواء الورقة على ما
يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها. وقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة
لإثباته. كفايته لاعتبارها محرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً
عقوبات.
(3)تزوير "تزوير
المحررات العرفية". عقوبة "توقيعها".
تزوير المحررات الصادرة
من إحدى الجهات المبينة في المادة 214 مكرراً عقوبات المضافة بالقانون 120 لسنة
1962. يعتبر تزويراً في محررات عرفية. وإن كانت العقوبة المقررة. لمقارفها السجن.
علة ذلك؟
(4) اختصاص
"الاختصاص النوعي" "تنازع الاختصاص". محكمة الجنايات
"اختصاصها". محكمة الجنح.
القضاء بعدم الاختصاص يعد
منهياً للخصومة على خلاف ظاهره. أساس ذلك؟
----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده من
محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى في جناية التزوير في محررات لبنك مصر
المملوك للدولة واستعمالها إلا أنه لا يعتبر أنه أضر به لأنه لم يدنه بهما، ومن ثم
فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة
الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية حسبما يبين من
صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات ولهذا فإن ميعاد الطعن بطريق النقض في هذا
الحكم ينفتح من تاريخ صدوره.
2 - لما كان يكفي لاعتبار المحرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في
المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف
المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته.
3 - لما كانت المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة
بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "تكون العقوبة
السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى
الشركات أو الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو
منشأة أخرى إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة
كانت". فالتزوير الذي يقع في المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات، وإن كانت
عقوبته السجن، وهي عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من
قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويراً في محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ
على العاملين في هذه الجهات والذين تصدر عنهم مثل هذه المحررات صفة الموظف العام
أو من في حكمه - وهي صفة لازمة في إضفاء الرسمية على المحرر - وهو ما فعله بالنسبة
للنصوص التي تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس.
4 - لما كان الحكم بعدم الاختصاص المطعون فيه منهياً للخصومة على
خلاف ظاهره، وذلك لأن محكمة الجنح سوف تقضي حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى إذا
رفعت إليها، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم يكون جائزاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده...... بأنه خلال المدة من أول
فبراير حتى 9 من يوليو سنة 1987 - 1 - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب
تزويراً في محررات لبنك مصر فرع مدينة نصر المملوك للدولة هي الشيكات مقبولة الدفع
أرقام...... و...... و...... المؤرخة....... بمبالغ 97 جنيهاً، 75 جنيهاً، 22
جنيهاً بأن قام بتزوير بيانات هذه الشيكات بطريق الإضافة بأن راعى عند تحرير
بياناتها ترك فراغ بسيط بعد كتابة المبلغ المحرر بالكتابة قبل كلمة جنيه مصري وبعد
أن استصدر الشيكات الثلاث بقيمتها سالفة الذكر أضاف في الفراغ سالف الذكر كلمة ألف
ثم أضاف ثلاثة أصفار أمام المبلغ بالأرقام وكان ذلك في بيانات الشيك وفي تأشيرة
البنك المتضمنة قيمة الشيك الحقيقية بالكتابة والأرقام وبذلك أصبحت الشيكات
الثلاثة هي مبلغ 97000 ج (سبعة وتسعون ألف جنيه) ومبلغ 75000 ج (خمسة وسبعون ألف
جنيه) ومبلغ 22000 ج (اثنان وعشرين ألف جنيه) على خلاف الحقيقة وعلى النحو المبين
بالتحقيقات. 2 - استعمل المحررات المزورة موضوع التهمة السابقة مع علمه بتزويرها
بأن قدمها للهيئة القومية للبريد كتأمين عن أعمال المقاولات التي عهد إليه بها. 3
- أعطى بسوء نية ثلاث شيكات للهيئة القومية للبريد دون أن يكون لها رصيد كاف وقابل
للسحب. 4 - توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على 97000 ج فقط سبعة وتسعون ألف
جنيه المملوكة للهيئة القومية للبريد وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها
الإيهام بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن استصدر شيكاً مقبول الدفع
رقم..... بمبلغ سبعة وتسعين جنيهاً ثم قام بتزوير بياناته حسب المبين بوصف التهمة
الأولى لتصبح على خلاف الحقيقة سبعة وتسعين ألف جنيه ثم قدم الشيك للهيئة المجني
عليها كتأمين لصرف الدفعة الأولى لبدء تنفيذ عملية المقاولة المسندة إليه وتمكن
بذلك من صرف قيمة الشيك المزور بناء على هذه الطرق الاحتيالية. 5 - شرع في
الاحتيال على الهيئة القومية للبريد لسلب بعض ثروتها وكان ذلك باستعمال طرق
احتيالية من شأنها الإيهام بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه
بتزويرها بأن استصدر الشيكين مقبولي الدفع رقمي...... و...... بمبلغي 75 ج (خمسة
وسبعون جنيهاً، 22 ج اثنان وعشرون جنيهاً من بنك مصر فرع مدينة نصر ثم قام بتزوير
بياناتهما حسب الموضح بوصف التهمة الأولى بحيث أصبحت قيمة كل منهما مبلغ 75000
(خمسة وسبعون ألف جنيه) ومبلغ 22000 ج (اثنان وعشرون ألف جنيه) على خلاف الحقيقة
ثم قدم الشيكين للهيئة المجني عليها كضمان لصرف الدفعة الأولى وهي تمثل قيمة
الشيكين بعد تزويرها للبدء في تنفيذه عمليتي مقاولة عهد بها إليه وقد أوقف أثر
الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو اكتشاف وقائع التزوير. وأحالته إلى محكمة
جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة
المذكورة قضت غيابياً عملاً بالمادة 382 من قانون الإجراءات بعدم اختصاصها بنظر
الدعوى وبإحالتها إلى محكمة جنح الموسكي لاختصاصها.
فطعنت النيابة العامة في
هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده من محكمة
الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى في جناية التزوير في محررات لبنك مصر المملوك
للدولة واستعمالها إلا أنه لا يعتبر أنه أضر به لأنه لم يدنه بهما، ومن ثم فهو لا
يبطل بحضوره أو القبض عليه لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات
مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية حسبما يبين من صريح نص
المادة 395 من قانون الإجراءات ولهذا فإن ميعاد الطعن في هذا الحكم ينفتح من تاريخ
صدوره، ومن ثم فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما تنعاه
النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر
الدعوى في جريمتي ارتكاب تزوير في محررات لبنك مصر المملوك للدولة واستعمالها مع
علمه بتزويرها قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه على أن الشيكات محل
التزوير هي بطبيعتها محررات عرفية بحسبان أن بياناتها منسوبة إلى آحاد الناس وأن
تزويرها لا يعدو أن يكون جنحة معاقب عليها بالمادة 215 من قانون العقوبات مع أن
هذه الشيكات وإن كانت في الأصل محررات عرفية إلا أنه بعد أن قدمها المطعون ضده
لبنك مصر - فرع مدينة نصر - لاعتماد القيمة الثابتة بها وقيام موظفي البنك بوضع
الخاتم الذي يحمل عبارة مقبول الدفع على بيانات القيمة التي يضعها البنك على تلك
الشيكات واعتماد هذه البيانات بتوقيعها من الموظفين المختصين قام بتزويرها بتعديل
قيمتها على أزيد مما هو ثابت بها وهو ما يوفر في حقه جريمة التزوير في محررات
لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات والتي عاقب
المشرع على التزوير فيها بعقوبة الجناية ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم
اختصاصه بنظر الدعوى يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن أشار إلى قيد ووصف الاتهام الذي أسبغته النيابة العامة على التهم
المسندة إلى المطعون ضده عرج على الحكمة التي من أجلها غلظ المشرع العقاب على
التزوير في المحررات الصادرة عن الجهات المنصوص عليها في المادة 214/ 2 مكرراً من
قانون العقوبات ثم عقب على ذلك مباشرة بقوله "لما كان ذلك، وكانت الطلبات
والشيكات التي نسبتها النيابة العامة إلى المتهم - المطعون ضده - هي بطبيعتها
محررات عرفية لأن بياناتها منسوبة إلى آحاد الناس وأن تزويرها لا ينتظم سوى قيمة
التزوير المنصوص عليها في المادة 215 من قانون العقوبات ولا يغير من ذلك تقديم تلك
المحررات إلى البنك وإجراء الصرف إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون استعمالاً لها لا شأن
له في شكل تلك المحررات وطبيعتها العرفية بل هو إجراء مادي يتجه إلى الصرف، لما
كان ذلك، وكانت الشيكات المنسوبة تزويرها هي محررات عرفية على النحو سالف البيان،
ومن ثم فإن المحكمة تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الجنح
المختصة لنظرها عملاً بنص المادة 382 أ ج". لما كان ذلك وكان يكفي لاعتبار
المحرر لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات أن
تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف المختص في تحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما
أعدت الورقة لإثباته. وكانت المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون
رقم 120 لسنة 1962 قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "تكون العقوبة السجن مدة
لا تزيد على عشر سنين إذا وقع التزوير أو الاستعمال في محرر لإحدى الشركات أو
الجمعيات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى
إذا كان للدولة أو لإحدى الهيئات العامة نصيب في مالها بأية صفة كانت".
فالتزوير الذي يقع في المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات، وإن كانت عقوبته السجن،
وهي عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون
العقوبات إلا أنه يعتبر تزويراً في محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ على
العاملين في هذه الجهات والذين تصدر عنهم مثل هذه المحررات صفة الموظف العام أو من
في حكمه - وهي صفة لازمة في إضفاء الرسمية على المحرر - وهو ما فعله بالنسبة
للنصوص التي تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس. لما كان ذلك، وكانت الدعوى
الجنائية قد أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية
ارتكب تزويراً في محررات لبنك مصر - فرع مدينة نصر - المملوك للدولة وهي الشيكات
مقبولة الدفع أرقام..... و..... و..... بعد أن استصدر تلك الشيكات بقيمتها التي
اعتمد البنك بأن قام بتغيير قيمتها إلى أزيد مما هو ثابت بها ثم استعملها مع علمه
بتزويرها بأن قدمها للهيئة القومية للبريد كتأمين عن أعمال المقاولات التي عهد
إليه بها، ومن ثم فإن قيام المطعون ضده بتغيير الحقيقة في تلك الشيكات بعد أن
استصدرها بقيمتها من البنك وبعد أن حملت توقيعات الموظفين المختصين به باعتماد
المبالغ الثابتة بها وختمها بالخاتم الذي يحمل عبارة مقبول الدفع يعد - في واقع
الأمر - تزويراً في محررات لبنك مصر المملوك للدولة معاقب عليه بعقوبة السجن، وهو
العقوبة المقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون
العقوبات. لما كان ما تقدم وكانت محكمة الجنايات قد قضت بما يخالف هذا النظر،
فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون. ولما كان الحكم بعدم الاختصاص المطعون فيه
يعد منهياً للخصومة على خلاف ظاهره وذلك لأن محكمة الجنح سوف تقضي حتماً بعدم
اختصاصها بنظر الدعوى إذا رفعت إليها، ومن ثم فإن الطعن بالنقض في هذا الحكم يكون
جائزاً، ويكون إذ قضى بعدم الاختصاص على خلاف القانون معيباً بما يوجب نقضه
والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق