الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 يوليو 2020

الطعن 576 لسنة 34 ق جلسة 8 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 5 ص 24

جلسة 8 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
----------
(5)
الطعن رقم 576 لسنة 34 القضائية
(أ) قوة الأمر المقضي.
قوة الأمر المقضي لا تلحق إلا ما يكون الحكم قد فصل فيه بين الخصوم.
(ب) وصية. دعوى.
نص المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة 2/ 2 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946. مؤداه. سماع الدعوى بالوصية إذا كانت غير منكورة. الإنكار الذي عناه الشارع. هو الإنكار المطلق في مجلس القضاء أو قبل قيام الخصومة.
)ج) إثبات "الإقرار القضائي". محكمة الموضوع.
للقاضي السلطة التامة في تفسير إقرارات الخصوم وتقديرها.
)د) حكم. "تسبيب الحكم" "الأسباب الزائدة".
تأسيس الحكم على أسباب كافية لحمله. لا يعيبه الخطأ فيما تزيد فيه.
)هـ) شيوع. "حساب الحصص". ملكية. شركات.
حساب حصص الشركاء على الشيوع بالتساوي. إذا لم يقم الدليل على غير ذلك م 825 مدني.
-----------------
1 - قوة الأمر المقضي لا تلحق إلا ما يكون الحكم قد فصل فيه بين الخصوم سواء في المنطوق أو الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها.
2 - النص في المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة 1/ 2 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه "لا يسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع عنها بعد وفاة الموصى في الحوادث الواقعة منذ سنة 1911 إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر" مؤداه أن الوصية إذا كانت غير منكورة سمعت الدعوى بها. والإنكار الذي عناه الشارع هو الإنكار المطلق سواء في مجلس القضاء أو قبل قيام الخصومة. فإذا أقر المدعى عليه بالوصية بكتابة عليها إمضاؤه أو أمام قاض في مجلس قضاء قبل رفع الدعوى انتفى الإنكار وتعين سماعها.
3 - للقاضي السلطة التامة في تفسير إقرارات الخصوم وتقدير ما إذا كان يمكن اعتبارها اعترافاً ببعض وقائع الدعوى أم لا.
4 - إذا كانت الأسباب التي استند عليها الحكم كافية لحمله فإنه لا يعيبه الخطأ فيما تزيد فيه أو إغفاله تعقب الطاعنين في مناحي أقوالهم وتفنيد حججهم استقلالاً.
5 -  متى كانت حصص كل من الشركاء في المحل التجاري لم تفرز فهم شركاء على الشيوع وتحسب الحصص متساوية إذا لم ترى المحكمة دليلاً مقنعاً على غير ذلك عملاً بحكم المادة 825 من القانون المدني الجديد والتي قننت - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور - ما كان معمولاً به أثناء سريان القانون المدني القديم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن زينب محمد عبد الحليم الشايب وعباس حلمي محمد سالم بصفته وصياً على قصر المرحوم محمد عبد الحليم الشايب المطعون ضدهما الأولى والثاني أقاما الدعوى رقم 864 سنة 1954 كلي المنصورة ضد عبد الفتاح عبد الحليم الشايب - مورث الطاعنين - طالبين الحكم (أولاً) بتثبيت ملكيتهما إلى 15 ف و12 ط و1 س الموضحة الحدود والمعالم بالجدولين أ وب الواردين بصدر عريضة الدعوى ومنزل مساحته 260 متراً و57 سم وثلث المحل التجاري بما اشتمل عليه من أثاثات وبضائع وقيمة نصيبهما البالغ 21 متراً و30 سم شيوعاً في الـ 64 متراً مربعاً القائم عليها مبنى المحل التجاري و25 متراً و27 سم في القطعتين الثانية والثالثة من الجدول حرف (ب) الموضحة الحدود والمعالم والمواقع جميعها بالجدولين حرف أ، ب المبينين بصدر العريضة (ثانياً) بإلزام المدعى عليه أن يدفع لهما مبلغ 8510 ج ريع الأطيان الزراعية والعقارات الموضحة آنفاً ابتداء من سنة 1934 حتى سنة 1954 بالنسبة للأطيان الزراعية وحتى شهر مارس سنة 1954 بالنسبة للعقارات والأراضي الفضاء وما يستجد من ذلك التاريخ حتى التسليم ومنع منازعة المدعى عليهم في الأطيان والعقارات والأراضي الفضاء وتسليمها لهما (ثالثاً) بإلزام المدعى عليه بتقديم حساب مشفوع بالمستندات المؤيدة له عن استغلال المحل التجاري الذي يملكان النصف فيه ومقدار ما خصهما من صافي هذا الاستغلال ابتداء من سنة 1934 حتى الآن بحيث إذا تأخر المدعى عليه عن تقديم الحساب المذكور مؤيداً بالمستندات يحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 4 ج يومياً على سبيل الإكراه المالي عن كل يوم من أيام التأخير وفي حالة تقديم الحساب مؤيداً بالمستندات يندب خبير لفحصه وبيان نصيب المدعين في صافي أرباح المحل التجاري المذكور ويحكم بإلزام المدعى عليه بدفع هذا الصافي لهما. وقالا في بيان دعواهما إن المرحوم محمد عبد الحليم الشايب توفى في 10/ 8/ 1949 عن القاصرين عبد المنعم، زينب اللذين آل إليهما بالوصية عن جدهما المرحوم عبد الحليم أحمد الشايب - وعلى ما ثبت من محضر حصر وجرد تركة المرحوم محمد عبد الحليم - الأطيان الزراعية وحصص في العقارات المبينة بالجدول حرف ( أ ) من العريضة فضلاً عن ثلث المحل التجاري بما اشتمل عليه من أثاث وبضائع. وبتاريخ 23/ 3/ 1920 تعين المدعى عليه وصياً عليهما بلا أجر وتسلم تلك الأطيان منذ تاريخ تعيينه واستغلها وفي سنة 1934 تخارج أخوه مصطفى من المحل التجاري وأخذ ما يستحقه فيه حتى تاريخ التخارج فأصبحا بذلك يملكان نصف المحل التجاري ونصف غلته وجميع الأعيان المبينة بالجدول (ب) التي أدارها المدعى عليه مع الأعيان المبينة بالجدول ( أ ) بطريق الإنابة عنهما بعد بلوغهما سن الرشد وإذ امتنع عن تسليمهما حصتهما في المحل التجاري وجميع الأعيان رغم اعتماد محضر الجرد، فقد أقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما. ودفع المدعى عليه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 122 لسنة 1949 كلي المنصورة وأنكر صدور وصية من الجد للمدعيين ودلل على ذلك ببيع جميع الورثة للقطعة الأولى المبينة بالعريضة بعقد مسجل في 24/ 2/ 1936 وقع عليه مورث المدعين كشاهد وأضاف بأن والده لم يكن يملك شيئاً في المحل إذ اشتراه هو من قسطندي كروسو. وفي 12/ 2/ 1956 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى ثم عادت وبتاريخ 29/ 11/ 1959 فحكمت أولاً بتثبيت ملكية المدعين للعقارات المبينة بمحضر حصر تركة المرحوم عبد الحليم الشايب المؤرخ 10/ 8/ 1919 طبقاً للحدود المبينة بالجدول حرف أ من صحيفة افتتاح الدعوى (ثانياً) برفض الدعوى فيما يتعلق بتثبيت ملكية المدعين لباقي العقارات الواردة بصحيفة الدعوى (ثالثاً) وقبل الفصل في طلب الريع بندب مكتب الخبراء الحكوميين بالمنصورة ليندب أحد خبرائه الزراعيين لتقدير ريع العقارات المقضي بتثبيت ملكية المدعين لها ابتداء من 11/ 12/ 1948 للآن (رابعاً) إلزام المدعى عليه بأن يودع كشف حساب مؤيداً بالمستندات عن استغلاله المحل التجاري المتروك عن المورث ابتداء من 11/ 12/ 1948 للآن. استأنف المدعيان - المطعون ضدهما - هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين تعديله والحكم لهما بالريع عن المدة من سنة 1934 إلى سنة 1948 وقيد هذا الاستئناف برقم 72 سنة 12 قضائية. كما استأنفه مورث الطاعنين طالباً الحكم (أولاً) وأصلياً ببطلان الحكم المستأنف وإزالة كل ما له من آثار (ثانياً) واحتياطياً بإلغائه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها والحكم بقبول هذا الدفع (ثالثاً) ومن باب الاحتياط الكلي إلغائه في أجزائه الموضحة بصدر الصحيفة واعتباره كأن لم يكن والحكم برفض دعوى المستأنف عليهم. وقيد هذا الاستئناف برقم 74 لسنة 12 ق. وقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد. وفي 18/ 11/ 1961 حكمت بانقطاع سير الخصومة لوفاة عبد الفتاح عبد الحليم الشايب وبعد تعجيل الاستئنافين عادت، وبتاريخ 9/ 1/ 1963 فحكمت برفض الدفع ببطلان الحكم المستأنف وقبل الفصل في الموضوع باستجواب طرفي الخصومة عن التصرف الصادر من الجد المرحوم عبد الحليم الشايب لابنه محمد عبد الحليم المورث وعن الأعيان موضوع الدعوى وواقعة تسليمها ووضع اليد عليها وما إذا كان قد نازع أحد الورثة في استحقاق القصر للأعيان موضوع النزاع وعن عقد البيع المسجل والمؤرخ 24/ 2/ 1936 وهل يشمل الأطيان موضوع النزاع والدليل على ذلك أو العكس وكذلك عن المحل التجاري وأساس تقدير نصيب القصر فيه بالثلث وهل كان قائماً وقت حصر تركة الجد أم صفى وكذلك عما قد يظهره الاستجواب من أمور تقتضي استجلاءها. وبعد تمام الاستجواب حكمت المحكمة في 4/ 11/ 1964 (أولاً) وفي موضوع الاستئناف رقم 72 سنة 12 ق المنصورة بتعديل الحكم المستأنف إلى أحقية المستأنفين إلى ريع أموالهم المحكوم بتثبيت ملكيتهم لها وذلك عن المدة من 10/ 8/ 1934 بالنسبة لورثة المرحوم عبد المنعم محمود عبد الحليم ومن 10/ 8/ 1937 بالنسبة لزينب محمد عبد الحليم بالإضافة إلى ريع الأموال المحكوم باستحقاقهم لها بمقتضى الحكم المستأنف وتأييد الحكم فيما عدا ذلك (ثانياً) برفض الاستئناف رقم 74 سنة 12 ق المنصورة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعنين دفعوا أمام محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 122 سنة 1949 مدني كلي المنصورة إذ رفع المطعون عليهم تلك الدعوى بطلب إلزام مورث الطاعنين بتقديم كشوف حساب عن ريع الأطيان والمنزلين والأرض الفضاء وثلث ريع المحل التجاري والحكم بما يظهر من الحساب الصحيح على أساس أن المورث كان يضع اليد عليها من 8/ 4/ 1921 حتى تاريخ نظر الدعوى ولم يقدم لهم حساباً عن إدارته لها طوال تلك المدة وأنكر المورث استلامه لتلك الأعيان ودفع بسقوط حق المطعون عليهم في المطالبة فحكم بسقوط حقهم فيها وهذا الحكم يعتبر حجة عليهم بحيث لا يجوز لهم قانوناً المطالبة بأي ريع عن الأعيان المدعى بها عن المدة المبينة بصحيفة تلك الدعوى والحكم الصادر فيها وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع وبمسئولية مورث الطاعنين عن ريع تلك الأعيان من سنة 1934 بالنسبة لورثة عبد المنعم ومن سنة 1937 بالنسبة لزينب فإنه يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي مما يوجب نقضه، ولا يغير من ذلك قول الحكم إن الدعوى الأولى كانت مؤسسة على سببين، بحثت المحكمة واحداً منهما وأغفلت بحث الآخر وأنه لا زال للمطعون عليهم الحق في رفع الدعوى استناداً إلى هذا السبب الذي أغفلت المحكمة بحثه إذ أن الموضوع في كلا الدعويين هو المطالبة بالريع عن المدة من سنة 1921 حتى سنة 1949 كما وأن السبب فيهما هو الاستيلاء على ريع مستحق للمطعون عليهم بدون وجه حق إذ الوصية لا الوصاية كما قالت محكمة أول درجة بالنسبة لفترة معينة وسبب آخر لم يعينه بالنسبة لفترة أخرى لعدم مطابقة ذلك للواقع ولمعنى السبب قانوناً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن قوة الأمر المقضي لا تلحق إلا ما يكون الحكم قد فصل فيه بين الخصوم سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وإذ كان المطعون عليهما قد طلبا في الدعوى رقم 122 سنة 1949 المنصورة المرفوعة منهما في 11/ 12/ 1948 على ما يبين من الحكم الصادر فيها بتاريخ 2/ 12/ 1949 إلزام مورث الطاعنين بأن يقدم لهما حساباً مفصلاً مؤيداً بالمستندات عن إدارته للأعيان الموضحة بصحيفتها عن المدة من 8/ 4/ 1921 حتى تاريخ الحكم وما أنتجته هذه الإدارة من صافي الغلة التي يستحقانها وبعد تقديمه ومناقشته وفحصه يحكم بإلزامه بأن يدفع لهما ما يبين من الحساب الصحيح وذلك استناداً إلى أنه كان قد تسلمها نيابة عنهما بمحضر الجرد المؤرخ 8/ 4/ 1921 ولم يحاسبهما عن ريعها وكان مورث الطاعنين قد أنكر استلامه لتلك الأعيان ودفع بسقوط الحق في رفع الدعوى بمضي خمس سنوات تبدأ من تاريخ انتهاء وصايته عليهما عملاً بالمادة 34 من قانون المجالس الحسبية وكانت المحكمة قد اعتبرت موضوع الدعوى من الأمور المتعلقة بالوصاية وقبلت الدفع وقضت بسقوط حق المدعين في رفعها بمضي أكثر من خمس سنوات على تاريخ انتهاء الوصاية بعد أن بينت أن زينب بلغت سن الرشد في 10/ 8/ 1937 بينما بلغه مورث القصر في 10/ 8/ 1934 فإن هذا الحكم على ما يبدو من منطوقه وأسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بذلك المنطوق لا يتصرف إلا إلى طلب الحساب والريع عن المدة السابقة على تاريخ انتهاء الوصاية عليهم والتي تسلم مورث الطاعنين أموالهما فيها بوصفه وصياً أما عن حساب وريع المدة التالية لهذا التاريخ والتي يستند وضع يد المورث فيها إلى سبب يغاير سبب المدة السابقة فقد ظل الطلب الخاص بها باقياً على حاله غير مفصول فيه، ومن ثم فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام الطاعنين بريع أموال المطعون عليهما المحكوم بتثبيت ملكيتهما لها عن المدة التالية لانتهاء الوصاية علاوة على ريع المدة من 11/ 12/ 1948 لا يكون مخالفاً لقضاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 122 سنة 1949 ك المنصورة.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والرابع أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن القانون الواجب تطبيقه على واقعة الدعوى هو القانون رقم 78 سنة 1931 وإعمالاً لهذا القانون لا تقبل البينة أو القرائن للتدليل على وجود الوصية إلا إذا ثبت في الدعوى تحقق إحدى الحالات التي استثناها الشارع خروجاً على الأصل المقرر قانوناً في الحالات التي يتطلب فيها الكتابة وجوباً، وأنه وإن كان سند الوصية لم يقدم إلا أن أوراق الدعوى زاخرة بما يقنع بسبق وجودها وبعد أن سرد الحكم ما حصله من الأدلة على أنه كان هناك سند محرر بالوصية وأن هذا السند كان مودعاً لدى عبد الفتاح عبد الحليم وإنه أخفاه عمداً، رتب على ذلك اعتبار السند مفقوداً بسبب قهري مما يجيز للمطعون عليهم إثبات الوصية بالبينة والقرائن بالتطبيق لحكم المادة 218 من القانون المدني القديم، ثم كفاهم مؤونة هذا الإثبات بأن استظهر القرائن التي اقتنع بها في هذا الخصوص وانتهى إلى القول بوجود سند الوصية وافترض أنه استوفى كافة شرائطه القانونية وهو خطأ ومخالفة للقانون وللثابت في الأوراق من وجوه (أولاً) أنه خلط بين نظامين قانونين في الإثبات لكل منهما مجال يعمل فيه ففي مجال الوصية لا يعمل إلا بالقواعد التي قررها القانون رقم 78 سنة 1931، وهي ذات القواعد المقررة أيضاً بمقتضى المادة 2 من القانون رقم 71 لسنة 1946، وطبقاً لهذه القواعد يتعين لإثبات وجود وصية صادرة بعد سنة 1911 أن يكون هناك اعتراف بها أو توجد أوراق رسمية أو مكتوبة بخط المتوفى وعليها إمضاؤها تدل على ذكر فإذا لم يقم على الوصية دليل من الاعتراف أو من الكتابة على هذا النحو وجب رفض الدعوى، بالوصية ولا وجه للقول بأنه ما دام أن المشرع لم يعالج الحالة التي يفقد فيها سند الوصية فيعمل بالحكم الوارد في المادة 218 من القانون المدني القديم إذ أنه حكم استثنائي ورد على خلاف الأصل فلا يصح التوسع في تفسيره أو القياس عليه ونقلاً عن ذلك فإن الأخذ بهذا النظر يناهض قصد الشارع الذي هدف بالتقنين المشار إليه إلى فرض قيود على الإثبات في شأن الوصية على نمط محدد معين قطعاً لدابر الشهادات المزورة والملفقة وإذ كان مورث الطاعنين وهم من بعده قد أنكروا الوصية وأصروا على هذا الإنكار بصحيفة استئنافهم وبمذكراتهم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها فإن إثبات الوصية لا يكون إلا طبقاً للأحكام المبينة في القانون رقم 78 لسنة 1931 دون أية أحكام أخرى ودرت في أي تنظيم قانوني آخر ولو تطابقت الأحكام الواردة في النصوص المختلفة وأضافوا بأن ما وصفه الحكم المطعون فيه بأنه إقرار صدر من المرحوم عبد الفتاح عبد الحليم بوجود الوصية واعترافه بصدورها لا يصلح لأن يعتبر وحده وبذاته دليلاً وحجة قاطعة على المقر بالواقعة المدعاة إذ أنه لا يعدو أن يكون مجرد استجماع للقرائن التي دلل بها الحكم على سبق وجود الوصية في يده وتعمده إخفائها والتي ارتكن إليها في تطبيق المادة 218 من القانون المدني القديم (وثانيهما) أنه نسب إلى مورثهم على خلاف الحقيقة قوله أمام مجلس حسبي شربين إنه على استعداد لتقديم الوصية ورتب على هذا القول باقي ما حصله من أن الوصية كانت تحت يده وأنه أخفاها عمداً لحرمان المطعون عليهم من إثبات حقهم في حين أن عبارة المورث الثانية منه تشير إلى أنه تعهد بتقديم مستندات أخرى، كما استند في القول بوجود الوصية إلى ما قرره من أن أحداً من الورثة لم تنازع في وجود الوصية سوى واحد منهم نازع في مقدارها وإن زوجة الجد ستيتة شافعي وأشقاء مورث الطاعنين مصطفى، عبد الحميد، وعبد الحكيم، عبد الحليم أحمد أقروا بوجودها ملتفتاً عما قدمه المورث وهم من بعده من دفاع وما قدموه من مستندات مؤيدة له إذ ضمنوا مذكرتهم أن مجلس حسبي شربين اعتبر نرجس إسماعيل زوجة المرحوم محمد عبد الحليم ووالدة المطعون عليهما شريكة لهما فيما زعم الإيصاء به لهما ولقد اشترت الأم من مصطفى شقيق مورث المطعون عليهما والذي تزوجته بعد وفاة المورث ومن جدة القصر ستيته شافعي الأطيان المبينة بالجدول أ والمقال بأنها ضمن القدر الموصى به من الجد بعقد مسجل في 1/ 1/ 1941 مما ينتفي معه القول بأن الجد والأشقاء ومن بينهم مصطفى قد أقروا الوصية، ومع ذلك لم يشر الحكم إلى هذا الدفاع وإلى المستند المؤيد له كما ضمنوا المذكرة أيضاً أن جميع ورثة عبد الحليم الشايب باعوا إلى أجنبي قدراً مما ادعى المطعون عليهم أيلولته إليهم بالوصية وذلك بعقد مسجل في 27/ 2/ 1936 وقع عليه عبد المنعم محمد عبد الحليم والد القصر المشمولين بوصاية المطعون عليه الثاني إلا أن المحكمة اكتفت بالقول بأن هذا العقد لا يحتج به على عبد المنعم لمجرد التوقيع عليه كشاهد وفاتها أن دفاع مورث الطاعنين وهم من بعده يقوم على أن هذا التصرف ينافي القول بوجود الوصية ويدحض ما قررته محكمة الاستئناف من أن جميع الورثة أشقاء عبد الفتاح أقروا بوجودها (وثالثاً) إنه قضى للمطعون عليهم بريع حصة المحل على اعتبار أن تلك الحصة آلت إليهم بالوصية في حين أن هذه الوصية لا وجود لها وإذ أخطأ الحكم في القانون وخالف الثابت في الأوراق وأخل بحقهم في الدفاع وشابه قصور في التسبيب على النحو السالف بيانه فإنه يكون متعيناً نقضه.
وحيث إن هذا السبب مردود في جملته، ذلك أن النص في المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والفقرة الثانية من المادة 2 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع عنها بعد وفاة الموصى في الحوادث الواقعة منذ سنة 1911 الأفرنجية إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكره" مؤداه أن الوصية إذا كانت غير منكورة سمعت الدعوى بها والإنكار الذي عناه الشارع هو الإنكار المطلق سواء في مجلس القضاء أو قبل قيام الخصومة فإذا أقر المدعى عليه بالوصية بكتابة عليها إمضاؤه أو أمام قاض في مجلس قضاء قبل رفع الدعوى انتفى الإنكار وتعين سماعها. وإذ كان الثابت في الأوراق أن مورث الطاعنين أقر بالوصية أمام مجلس حسبي شربين وبمحضري حصر وجرد التركة الموقع عليهما بإمضائه وفي التحقيق الذي أجراه معاون المحكمة الحسبية في 11/ 3/ 1950 واستخلص الحكم من ذلك إقراره بالوصية وصحتها ووجود سندها وكان للقاضي السلطة التامة في تفسير إقرارات الخصوم وتقدير ما إذا كان يمكن اعتبارها اعترافاً ببعض وقائع الدعوى أم لا، فإن الحكم إذ أجاز سماع الدعوى بالوصية وقضى للمطعون عليهم بما آل إليهم بمقتضاها وبريعه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. إذ كان ذلك وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم كافية لحمله فإنه لا يعيبه الخطأ فيما تزيد فيه أو إغفاله تعقب الطاعنين في مناحي أقوالهم وتفنيد حججهم استقلالاً.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه إخلاله بحقهم في الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم ومورثهم من قبلهم تمسكوا بأن المحل الذي ادعى المطعون عليهم أنه موصى لهم بنصيب فيه كان مملوكاً ملكية خاصة لمورثهم إذ اشتراه أرضاً وبناء من نقولا قسطندي كرسو بعقد مسجل في 5/ 9/ 1919 واشترك معه فيه أخوه مصطفى في 7/ 8/ 1921 واستخرج رخصة به في 12/ 6/ 1922 ثم استقل المورث به في ديسمبر سنة 1933 وادعى مصطفى بوقوع خطأ في المحاسبة التي تمت بينهما رفع بشأنه الدعوى رقم 1289 سنة 47 كلي المنصورة قضي فيها لصالحه ابتدائياً ثم ألغي الحكم في الاستئناف رقم 8 سنة 1 ق تجاري استئناف المنصورة، إلا أن الحكم لم يأبه بدفاعهم السابق ولم يتعرض للمستندات المقدمة منهم، وأيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من أن المحل التجاري كان مملوكاً لعبد الحليم وأنه لوفاته صار شركة واقع، المطعون ضدهم بحق الثلث وعبد الفتاح ومصطفى بحق الثلثين وذلك رغم تمسكهم بأن عبد الحليم توفى عن أربعة أولاد ذكور وبنتين وزوجتين وهو ما لا يجوز معه القول باختصاص مورث الطاعنين وأخيه مصطفى بالثلثين دون باقي ورثة عبد الحليم، إلا إذا كان المحل غير مملوك للمورث وإذ أطرح الحكم هذا الدفاع وأهدره وقضي للمطعون عليهم بثلث المحل رغم أن نصيبهم فيه حدد بمبلغ 200 ج على ما جاء بمحضر الحصر المؤرخ 10/ 8/ 1919 ودون أن يبين كيف تحول هذا المبلغ إلى حصة قدرها الثلث فيه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحقهم في الدفاع.
وحيث إن النعي في هذا السبب غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت من محضر الحصر المؤرخ 10/ 8/ 1919 أن للمطعون عليهم نصيباً في محل التجارة بما اشتمل عليه شركة مع مورث الطاعنين وأخيه مصطفى وما دامت حصة كل من الشركاء في المحل لم تفرز، فهم شركاء على الشيوع وتحسب الحصص متساوية إذا لم ترى المحكمة دليلاً مقنعاً على غير ذلك عملاً بحكم المادة 825 من القانون المدني الجديد والتي قننت على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور، ما كان معمولاً به أثناء سريان القانون المدني القديم، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إليه قد اعتبر المحل التجاري شركة واقع بين المطعون عليهم ومورث الطاعنين وأخيه مصطفى وأن لهم ثلثيه بالوصية التي قطع بوجودها وبصحتها بما استخلصه من محضري الحصر والجرد المشار إليهما ومما أقر به مورث الطاعنين أمام مجلس حسبي شربين وأمام معاون المحكمة الحسبية على النحو السابق بيانه عند الرد على السبب الثاني بينما يملك الآخران ثلثيه بالميراث عن والدهم، وأطرح العقد المقدم من الطاعنين للتدليل على أن المحل التجاري لم يكن ملكاً للموصى لخلوه مما يشير إلى أن العقار المبيع فيه هو بذاته المحل التجاري كما أطرح الحكم الصادر في الاستئناف رقم 8 سنة 1 ق تجاري المنصورة، لأن المطعون عليهم لم يختصموا فيه وكذا العقد الصادر من مصطفى إلى مورث الطاعنين لأنهم من غير أطرافه وأهدر ما قرره الطاعنون من أن المحل لم يكن مملوكاً لجد القصر لمناقضته لما أقر به مورثهم أمام معاون المحكمة الحسبية من أن المحل كان مملوكاًً لوالده وانتهى بوفاته مجتزئاً من ذلك الإقرار ما يتفق مع ما اقتنع به من صحة الوصية ومطابقتها لما جاء بمحضري الحصر والجرد، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم صحيحاً ومتفقاً مع الثابت في الأوراق ولا ينال منه تقدير حصة المطعون عليهم في هذا المحل بمحضر الجرد بمبلغ 200 ج إذ انصرفت وصية الجد إلى حصة نسبية لا إلى مبلغ معين، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق