جلسة 9 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ أحمد غرابة، يحيى عارف نائبي رئيس المحكمة، كمال مراد وأحمد
الحديدي.
------------------
(282)
الطعن
رقم 859 لسنة 61 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن" "قرار لجنة المنشآت الآيلة
للسقوط". قرار إداري. طعن "جهة الطعن". حكم "تسبيبه"
"عيوب التسبيب" "ما يعد قصوراً".
معاينة وفحص المباني
والمنشآت لترميمها وصيانتها. منوط بالجهة الإدارية المواد 55، 56، 57، 65 ق 49
لسنة 1977. اختصاص اللجان المنصوص عليها في القانون المذكور. مناطه. سلطتها في
إصدار قراراتها بشأن المباني. نطاقه. لها العدول عن قرارها السابق أو إلغائه إذا
تغيرت حالة المبنى التي صدر على أساسها قرارها السابق ومتى كان غرضه المصلحة
العامة. تمسك الطاعنون في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بعدول الجهة الإدارية عن
قرارها بإزالة الوحدات التي يشغلونها بعد القيام بترميمها طبقاً للاتفاق الذي تم
بينهم وبين المالك في هذا الصدد. إعراض الحكم عن تحقيق هذا الدفاع ودلالة ما
أصدرته الجهة الإدارية من مكاتبات في شأن حالة العقار بعد الترميم وما إذا كان ذلك
يعد عدولاً منها عن قرار الهدم والإزالة التي أصدرته. خطأ وقصور.
----------------
مفاد المواد 55، 56، 57،
65 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المنطبق على واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة - أن المشرع ناط بالجهة الإدارية المختصة معاينة وفحص المباني
والمنشآت وتقدير ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال لترميمها أو
صيانتها أو تدعيمها لجعلها صالحة للغرض المخصصة من أجله إذا كان في الترميم أو
الصيانة أو التدعيم ما يحقق سلامتها أو الحفاظ عليها في حالة جيدة وتختص اللجان
المنصوص عليها في المادة 57 من القانون المذكور بدراسة التقارير المقدمة من الجهات
الإدارية المختصة بشئون التنظيم فيما يتعلق بتلك المباني وإجراء المعاينات على
الطبيعة وإصدار قرارات في شأنها، وتعتبر القرارات التي تصدرها هذه اللجان قرارات
إدارية يجوز لها أن تعدل عنها أو تلغيها حالة المبنى التي صدر على أساسها القرار
ما دام الغرض من ذلك تحقيق المصلحة العامة فلها أن تخالف قراراها بالهدم إذ استبان
لها بعد ذلك أن الترميم الذي أجرى في العقار قد أصبح به بعيداً عن الخطر الذي يهدد
الأنفس والأموال، إذ جعل المشرع حالة المبنى هي المناط في إصدار قرارات اللجان
المذكورة فلا حجية لها بالنسبة للجهة الإدارية التي أصدرتها في هذه الحالة ويترتب
على إلغاء القرار بهذا التحديد تجريده من قوته القانونية بحيث يصبح غير منتج لأي
أثر قانوني من تاريخ إلغائه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أنه ولئن كان
القرار الهندسي رقم 5/ 6/ 146 لسنة 1980 والصادر من لجنه المنشآت الآيلة للسقوط
بالوحدة المحلية لحي غرب المنصورة بهدم وإزالة الدور الثاني العلوي من العقار
المملوك للمطعون ضده الأول والذي يشغل الطاعنون بعض وحداته قد أضحى نهائياً بالحكم
الصادر في الدعوى رقم 3345 لسنة 1980 مدني المنصورة الابتدائية وفي الاستئناف رقم
322 لسنة 33 ق المنصورة، إلا أنه في قيام الاتفاق بين الطاعنين والمطعون ضده الأول
على ترميم العقار جمعيه بما فيه الوحدات محل القرار آنف الذكر وزيادة الأجرة
بالنسبة لها نتيجة لذلك مما مفاده تنازل المطعون ضده الأول عن الحكم الصادر لصالحه
في هذا الشأن، فضلاً عما أصدرته الجهة الإدارية من مكاتبات للشرطة المختصة
بالتنفيذ بما يفيد إجراء الترميم وصيرورة العقار بحالة جيدة بعيداً عن الخطر الذي
يهدد الأنفس والأموال بما قد ينطوي على عدول الجهة الإدارية عن هذا القرار
والاكتفاء في شأن العقار بالترميم الذي تم تنفيذه إعمالاً للاتفاق الحاصل بين طرفي
الطعن، لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه
قد أقام قضاءه بإخلاء الطاعنين من وحدات العقار التي يشغلونها والصادر في شأنها
قرار الإزالة على سند من نهائية هذا القرار وفوات ميعاد سحبة أو تعديله من الجهة
الإدارية التي أصدرته والذي كان يتعين أن يقع قبل رفع الطعن عليه من ذوي الشأن
أمام المحكمة الابتدائية، دون أن يعرض الحكم لما تمسك به الطاعنون أمام محكمة
الموضوع من دفاع يدور حول عدول جهة الإدارة عن قرارها إزالة الوحدات التي يشغلونها
بعد الترميم الذي تم إجرائه بعقار النزاع طبقاً للاتفاق الذي تم بينهم وبين
المطعون ضده الأول في هذا الشأن ودون أن يعرض في هذا الصدد لدلالة ما أصدرته الجهة
الإدارية من مكاتبات في شأن حالة العقار بعد الترميم وعما إذا كان ذلك يعد عدولاً
منها عن قرار الهدم والإزالة الذي أصدرته، وهو دفاع جوهري قد يتغير به - إن صح -
وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول
أقام الدعوى رقم 10577 لسنة 1987 مدني المنصورة الابتدائية على الطاعنين وآخر
طالباً الحكم بإخلائهم الأعيان الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمها
إليه خاليه مما يشغلها، وقال بياناً لهذه الطلبات أنه قد صدر بتاريخ 18/ 5/ 1980
القرار الهندسي رقم 5/ 6/ 146 لسنة 1980 من الوحدة المحلية لحي غرب المنصورة
متضمناً إزالة وهدم الدور العلوي من العقار الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى
والذي يشغل الطاعنون بعضاً من وحداته وقد أقام الأخيرون طعناً في هذا القرار بالدعوى
رقم 3345 لسنة 1980 مدني المنصورة الابتدائية وقضى فيها بعدم قبول التظلم من
القرار لرفعه بعد الميعاد وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 322
لسنة 33 ق المنصورة ومع ذلك ظل الطاعنون يشغلون تلك الوحدات رغم التنبيه عليهم
بالإخلاء دون سند أو مسوغ لذلك ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته، هذا في الوقت الذي
أقام فيه الطاعنون الدعوى رقم 2349 لسنة 1989 مدني المنصورة الابتدائية على
المطعون ضده الأول وآخرين ابتغاء الحكم باعتبار القرار الهندسي السابق الإشارة
إليه غير قائم، وقالوا بياناً لذلك إنه قد تم الاتفاق بينهم وبين المطعون ضده
الأول أثر صدور القرار الهندسي آنف الذكر على أن يقوموا بإجراء ترميم شامل للعقار
جميعه بحيث يصبح في حالة لا يحتاج فيها لإزالة أي من وحداته وعلى أن تزاد الأجرة
بالنسبة لوحداته التي يستأجرونها، وأنه قد تم تنفيذ هذا الاتفاق بشقيه وأخطرت الوحدة
المحلية المختصة بذلك وقد قامت الأخيرة بإخطار الشرطة بتوجيه خطاب إليها متضمناً
ذلك والعدول عن القرار الهندسي الصادر في هذا الشأن، إلا أنه ورغبه من المطعون ضده
الأول في زيادة الأجرة مرة ثانية فقد أقام الدعوى الأولى طالباً إخلائهم الوحدات
التي يشغلونها استناداً إلى قرار الهدم والإزالة السابق ذكره والذي أصبح بالترميم
الذي تم الاتفاق عليه غير قائم من الناحية العملية كما تم العدول عنه من الجهة
التي أصدرته، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم آنفة البيان، وبعد أن أمرت
المحكمة بضم الدعوى الأخيرة للدعوى الأولى قضت بتاريخ 24/ 6/ 1990 للمطعون ضده
الأول بطلباته في الدعوى الأولى وبرفض الدعوى الثانية، استأنف الطاعنون هذا الحكم
لدى محكمة استئناف المنصورة - بالاستئناف رقم 1468 سنة 42 ق وبتاريخ 21/ 1/ 1991
حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون
على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب،
وفي بيان ذلك يقولون أنه لما كان بقاء قرار الإزالة من الناحية القانونية مبيناً
على بقائه من الناحية الفعلية فضلاً عن عدم العدول عنه صراحة أو ضمناً من الجهة
الإدارية التي أصدرته ومالك العقار الصادر لصالحة، وكان الثابت بالأوراق أن هناك
اتفاقاً مكتوباً بين طرفي الطعن والقرار على إجراء ترميم للعقار جميعه مع زيادة
الأجرة وقد عرض هذا الاتفاق بعد تنفيذه على الجهة الإدارية التي أصدرت قرار
الإزالة وأصدرت بدورها في هذا الشأن كتاباً إلى جهة التنفيذ تطلب إليها الكف عنه
بعد إجراء الترميم وصيرورة العقار بجميع وحداته بحالة جيدة، فإن الحكم إذ خالف هذا
النظر وقضى بإخلائهم الوحدات التي يشغلونها من العقار المملوك للمطعون ضده الأول
تأسيساً على بقاء قرار الإزالة قائماً دون أن يعرض لهذا الوجه من الدفاع أو يمحص
وقائع الدعوى وعناصرها المطروحة يكون قد أخطأ تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد.
ذلك أن مفاد المواد 55، 56، 57، 65 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - المنطبق على
واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع ناط بالجهة الإدارية
المختصة معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقدير ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح
والأموال لترميمها أو صيانتها أو تدعيمها لجعلها صالحة للغرض المخصصة من أجله إذا
كان في الترميم أو الصيانة أو التدعيم ما يحقق سلامتها أو الحفاظ عليها في حالة
جيدة وتختص اللجان المنصوص عليها في المادة 57 من القانون المذكور بدراسة التقارير
المقدمة من الجهات الإدارية المختصة بشئون التنظيم فيما يتعلق بتلك المباني وإجراء
المعاينات على الطبيعة وإصدار قرارات في شأنها، وتعتبر القرارات التي تصدرها هذه
اللجان قرارات إدارية يجوز لها أن تعدل عنها أو تلغيها حالة المبنى التي صدر على
أساسها القرار ما دام الغرض من ذلك تحقيق المصلحة العامة فلها أن تخالف قراراها
بالهدم إذ استبان لها بعد ذلك أن الترميم الذي أجري في العقار قد أصبح به بعيداً
عن الخطر الذي يهدد الأنفس والأموال، إذ جعل المشرع حالة المبنى هي المناط في
إصدار قرارات اللجان المذكورة فلا حجية لها بالنسبة للجهة الإدارية التي أصدرتها
في هذه الحالة ويترتب على إلغاء القرار بهذا التحديد تجريده من قوته القانونية
بحيث يصبح غير منتج لأي أثر قانوني من تاريخ إلغائه، لما كان ذلك وكان الثابت
بالأوراق أنه ولئن كان القرار الهندسي رقم 5/ 6/ 146 لسنة 1980 والصادر من لجنه
المنشآت الآيلة للسقوط بالوحدة المحلية لحي غرب المنصورة بهدم وإزالة الدور الثاني
العلوي من العقار المملوك للمطعون ضده الأول والذي يشغل الطاعنون بعض وحداته قد
أضحى نهائياً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 3345 لسنة 1980 مدني المنصورة
الابتدائية وفي الاستئناف رقم 322 لسنة 33 ق المنصورة، إلا أنه في قيام الاتفاق
بين الطاعنين والمطعون ضده الأول على ترميم العقار جميعه بما فيه الوحدات محل
القرار آنف الذكر وزيادة الأجرة بالنسبة لها نتيجة لذلك مما مفاده تنازل المطعون
ضده الأول عن الحكم الصادر لصالحه في هذا الشأن، فضلاً عما أصدرته الجهة الإدارية
من مكاتبات للشرطة المختصة بالتنفيذ بما يفيد إجراء الترميم وصيرورة العقار بحالة
جيدة بعيداً عن الخطر الذي يهدد الأنفس والأموال بما قد ينطوي على عدول الجهة
الإدارية عن هذا القرار والاكتفاء في شأن العقار بالترميم الذي تم تنفيذه إعمالاً
للاتفاق الحاصل بين طرفي الطعن، لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد
لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإخلاء الطاعنين من وحدات العقار التي
يشغلونها والصادر في شأنها قرار الإزالة على سند من نهائية هذا القرار وفوات ميعاد
سحبة أو تعديله من الجهة الإدارية التي أصدرته والذي كان يتعين أن يقع قبل رفع
الطعن عليه من ذوي الشأن أمام المحكمة الابتدائية، دون أن يعرض الحكم لما تمسك به
الطاعنون أمام محكمة الموضوع من دفاع يدور حول عدول جهة الإدارة عن قرارها إزالة
الوحدات التي يشغلونها بعد الترميم الذي تم إجرائه بعقار النزاع طبقاً للاتفاق
الذي تم بينهم وبين المطعون ضده الأول في هذا الشأن ودون أن يعرض في هذا الصدد
لدلالة ما أصدرته الجهة الإدارية من مكاتبات في شأن حالة العقار بعد الترميم وعما
إذا كان ذلك يعد عدولاً منها عن قرار الهدم والإزالة الذي أصدرته، وهو دفاع جوهري
قد يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون
وشابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق