ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَابَةَ أَوِ الْمُمْتَدَّ طُهْرُهَا هِيَ: الْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا دُونَ حَمْلٍ وَلاَ يَأْسٍ، فَإِذَا فَارَقَهَا زَوْجُهَا، وَانْقَطَعَ دَمُ حَيْضِهَا لِعِلَّةٍ تُعْرَفُ، كَرَضَاعٍ وَنِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَإِنَّهَا تَصْبِرُ وُجُوبًا، حَتَّى تَحِيضَ، فَتَعْتَدُّ بِالأَْقْرَاءِ، أَوْ تَبْلُغُ سِنَّ الْيَأْسِ فَتَعْتَدُّ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ كَالآْيِسَةِ، وَلاَ تُبَالِي بِطُول مُدَّةِ الاِنْتِظَارِ، لأَِنَّ الاِعْتِدَادَ بِالأَْشْهُرِ جُعِل بَعْدَ الْيَأْسِ بِالنَّصِّ، فَلَمْ يَجُزْ الاِعْتِدَادُ بِالأَْشْهُرِ قَبْلَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ فِي الْمُرْضِعِ
وَأَمَّا إِذَا حَاضَتْ ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا دُونَ عِلَّةٍ تُعْرَفُ، فَقَدْ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَابَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَتَرَبَّصُ غَالِبَ مُدَّةِ الْحَمْل: تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، لِتَتْبِينِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَلِزَوَال الرِّيبَةِ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحَمْل لاَ يَمْكُثُ فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، فَهَذِهِ سَنَةٌ تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا وَتَحِل لِلأَْزْوَاجِ
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ: بِأَنَّهَا تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدُّ بِالأَْقْرَاءِ أَوْ تَيْأَسُ فَتَعْتَدُّ بِالأَْشْهُرِ، كَمَا لَوِ انْقَطَعَ الدَّمُ لِعِلَّةٍ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَل الاِعْتِدَادَ بِالأَْشْهُرِ إِلاَّ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالآْيِسَةِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لأَِنَّهَا تَرْجُو عَوْدَ الدَّمِ، فَأَشْبَهَتْ مَنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَارِضٍ مَعْرُوفٍ.
وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَدِيمِ: أَنَّ الْمُرْتَابَةَ تَتَرَبَّصُ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل: أَرْبَعَ سِنِينَ لِتَعْلَمَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ بِيَقِينٍ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق