جلسة 22 من إبريل سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعيد صقر، عبد المنعم بركة، محمد فؤاد وعبد السلام خطاب.
-----------------
(201)
الطعن رقم 400 لسنة 53 القضائية
(1، 2، 3، 4) عمل "علاقة العمل" انتهاء الخدمة. مؤسسات عامة. حكم "ما يعد قصوراً".
(1) مؤسسة مصر للطيران في ظل العمل بالقانونين رقمي 111، 116 لسنة 1975 اعتبارها ضمن شركات القطاع العام. علاقة العاملين بها تعاقدية لا تنظيمية. أثره. خضوعهم للقانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
(2) عدم اللياقة للخدمة صحياً. من أسباب إنهاء خدمة العامل. ثبوتها بقرار من الجهة الطبية المختصة. عدم جواز فصل العامل قبل نفاذ أجازته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب العامل إنهاء خدمته.
(3) سريان القانون رقم 48 لسنة 1978 على العاملين بمؤسسة مصر للطيران. مؤداه. تطبيق أحكام القانون 24 لسنة 1964 بشأن الأمراض المزمنة. تطبيق أحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 عليهم. خطأ في القانون. علة ذلك.
(4) عدم إفصاح الحكم عن الوقائع التي استند إليها والأدلة التي اقتنع بثبوتها للقول بعدم استنفاذ المطعون ضده لإجازته المرضية والاعتيادية. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 353 سنة 1976 عمال كلي شمال القاهرة على الطاعنة طالباً الحكم بإلغاء قرارها رقم 119 سنة 1978 بإنهاء خدمته لديها وصرف أجره اعتباراً من 4/ 10/ 1978 تاريخ إنهاء الخدمة والآثار المترتبة على ذلك، وقال بياناً للدعوى أنه يعمل لدى الطاعنة بقطاع الخدمات الأرضية ولما أصيب في 9/ 12/ 1975 بحالة مرضية مزمنة عولج بمستشفى الأمراض النفسية حتى 16/ 3/ 1976 وتسلم عمله ونقل إلى محافظة الوادي الجديد ثم إلى محطة الأقصر الجوية فلم يتمكن من إتمام العلاج، وإذ أصدرت قرارها بتاريخ 4/ 11/ 1978 بإنهاء خدمته لعدم لياقته اعتباراً من 4/ 10/ 1978 حالة أن مرضه لم يمنعه من مزاولة عمله، ويمنح القانون رقم 115 لسنة 1961 العامل المصاب بمرض مزمن أجازة مرضية بمرتب كامل حتى تستقر حالته ويثبت عجزه الكامل، ولذلك أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. في 9/ 3/ 1980 ندبت المحكمة خبيراً ثم أعادت المأمورية إليه لاستكمالها وبعد إن أودع الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 31/ 1/ 1982 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 449 سنة 99 ق. وفي 29/ 12/ 1982 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء قرار الشركة الطاعنة رقم 119 سنة 1978 الصادر بإنهاء خدمة المطعون ضده وبعدم الاعتداد به وبأحقيته في صرف راتبه من تاريخ إنهاء خدمته. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الحكم على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 25/ 3/ 1984 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن الثلاثة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وبياناً لذلك تقول أنها أصدرت قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده لما ثبت من قرار اللجنة الطبية بعدم لياقته صحياً لإصابته بمرض عقلي مزمن وبعد استنفاذه الإجازات الاعتيادية والمرضية وطبقت بشأنه أحكام القانون رقم 24 لسنة 1964 باعتباره أن علاقة العمل بينها وبين المطعون ضده علاقة تعاقدية، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان قرار إنهاء الخدمة تأسيساً على أن إقرار المطعون ضده باستنفاذ إجازته لا يعتبر دليلاً ضده، بغير التحقق من صحة ذلك وبالمخالفة لما ثبت بتقريري الخبير من أن المذكور في حالة عجز كامل مستديم كما أقام الحكم قضاءه على أحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 حال أن هذا القانون لا يطبق إلا على موظفي وعمال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة دون العاملين بالقطاع العام.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطاعنة تعتبر في واقع الأمر شركة من شركات القطاع العام في ظل العمل بأحكام القانونين رقمي 111، 116 لسنة 1975 مما يجعل العلاقة بينها وبين العاملين لديها خلال هذه الفترة علاقة تعاقدية لا تنظيمية، وكان قرار إنهاء خدمة المطعون ضده موضوع النزاع صدر بتاريخ 4/ 11/ 1978 مما يخضعه لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام - والذي يسري من أول يوليه سنة 1978 - ولما كانت المواد من 64 إلى 68 منه قد نظمت الأجازات الاعتيادية والمرضية، ثم نصت المادة 69 على أن "تسري على العاملين الخاضعين لأحكام هذا النظام أحكام القانون رقم 24 لسنة 1964 في شأن الأمراض المزمنة. ونصت المادة 96 على أن: "تنتهي خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية: (1)..... (2) عدم اللياقة للخدمة صحياً..." ونصت المادة 98 على أن "تثبيت عدم اللياقة للخدمة صحياً بقرار من الجهة الطبية المختصة ولا يجوز فصل العامل لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب هو نفسه إنهاء خدمته دون انتظار انتهاء أجازاته". وهو ما مؤداه أن المشرع جعل عدم اللياقة للخدمة صحياً من أسباب إنهاء خدمة العامل بإحدى شركات القطاع العام، وأفصح عن أن ثبوت حالته يكون بقرار من الجهة الطبية المختصة ومنع جهة العمل من فصل العامل في هذه الحالة قبل نفاذ أجازاته المرضية والاعتيادية ولكنه أجاز للعامل طلب إنهاء خدمته قبل نفاذ هذه الأجازات، وأن أحكام القانون رقم 24 لسنة 1964 في شأن إضافة حكم جديد إلى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 لرعاية العمال المرضى بالدرن والجزام والأمراض العقلية والأمراض المزمنة هي الواجبة التطبيق على واقعة النزاع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن "الثابت من التقريرين المقدمين من الخبيرة المنتدبة أنها لم تقم باحتساب الأجازات الاعتيادية والمرضية للمستأنف - المطعون ضده - من واقع ملف خدمته واكتفت بقولها أن المستأنف - المطعون ضده - أقر باستنفاذ أجازته المشار إليها وقد لا يدري هذا الأخير بماهية هذه الأجازات ومقدارها وما إذا كان قد استنفذها جميعها من عدمه هذا في الوقت الذي نصت فيه المادة 98 من القانون رقم 48 لسنة 1978 على أنه لا يجوز فصل العامل لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ أجازاته المرضية والاعتيادية..... وعدم الجواز هنا أنه إذا ما صدر قرار إنهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ هذه الأجازات فإنه يضحى قراراً باطلاً ويتعين أن يظهر بوضوح أمام المحكمة نفاذ هذه الأجازات حتى يتبين ما إذا كان القرار المشار إليه والمطعون عليه قد صدر صحيحاً وفقاً للقانون من عدمه..... بالإضافة إلى ما تقدم فقد نص القانون 112 سنة 1963 على أنه استثناءً من أحكام الأجازات المرضية لموظفي الحكومات والهيئات والمؤسسات العامة وعمالها بمنح الموظف أو العامل المريض بأحد الأمراض التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة العمومية بناءً على موافقة الإدارة العامة للقومسيونات الطبية أجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته ويجرى الكشف الطبي عليه بمعرفة القومسيون الطبي كل ثلاثة أشهر على الأقل أو كلما رأى داعياً لذلك. وأن الثابت أيضاً أن تشخيص حالة المستأنف - المطعون ضده - الصحية هي اضطراب عقلي مزمن مستديم، ثم صدر قرار الشركة المستأنف عليها - الطاعنة - بإنهاء خدمة المستأنف - المطعون ضده - دون ما انتظارها لما إذا كانت حالته قد يرجى شفاؤها من عدمه وما إذا كانت حالته قد استقرت من عدمه.... مما يعيب قرارها بالبطلان.... ويضحى القرار المطعون فيه على غير أساس سليم ويكون قد صدر باطلاً بما يتعين معه القضاء بإلغائه وعدم الاعتداد به ويضحى للمستأنف - المطعون ضده - الحق في صرف راتبه من تاريخ انتهاء خدمته"، بما مفاده أن الحكم وإن طبق أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه على واقعة النزاع مما كان يوجب تطبيق أحكام القانون رقم 24 لسنة 1964 سالف البيان نزولاً على حكم المادة 69 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المنوه عنه، إلا أن الحكم أعمل أحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 والذي يطبق على موظفي وعمال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة، وتنحسر أحكامه عن العاملين لدى الطاعنة بكونها إحدى شركات القطاع العام، كما أن الحكم استند في إثبات عدم استنفاذ المطعون ضده لأجازاته المرضية والاعتيادية على نفي ما ورد بتقريري الخبرة في هذا الشأن نفياً مجرداً بغير أن يفصح في أسبابه عن الوقائع التي استند إليها والأدلة التي اقتنع بثبوتها مكتفياً بالقول أن عدم دراية المطعون ضده بما قرره باستنفاذ الأجازات المذكورة لا يفيد صحة ذلك، دون أن يعني الحكم المطعون فيه بالتثبت من صحة أو عدم صحة نفاذ هذه الأجازات قبل إن تصدر الطاعنة قرارها بفصل المطعون ضده لعدم اللياقة للخدمة صحياً وعلى الرغم مما جاء بتقريري الخبرة المذكورين من أن حالة هذا الأخير طبقاً لقرار اللجنة الطبية العامة بالهيئة العامة للتأمين الصحي عجز كامل مزمن مستديم، لما كان ما تقدم فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه بغير ما حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق