الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 10 مارس 2025

الطعن 3537 لسنة 29 ق جلسة 22 / 11 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 35 ص 243

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

----------------

(35)

الطعن رقم 3537 لسنة 29 القضائية

(أ) دعوى - مصلحة في الدعوى - (لجان نقابية) - (موظف) (نقابات عمالية).
القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية.
تتمتع المنظمات النقابية ومن بينها اللجنة النقابية بالشخصية الاعتبارية ولها حق التقاضي للدفاع عن مصالحها والمصالح الجماعية لأعضائها والتي تنشأ عن علاقات العمل - يجوز للجنة النقابية التدخل مع أعضائها في جميع الدعاوى المتعلقة بعلاقات العمل تحقيقاً لأهداف تلك المنظمات وهي حماية الحقوق المشروعة لأعضائها والدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف وشروط العمل - يكفي للقول بجماعية المصلحة أن تتعلق الدعوى بفئة معينة من العاملين ما دام أنها لا تقتصر على أشخاص معينين بذواتهم - تطبيق.
(ب) موظف - أحكام عامة - توصيف وتقييم الوظائف (توصيف وتقييم).
توصيف وتقييم الوظائف وإجراءات التسكين عليها - المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 في شأن ترتيب وتوصيف الوظائف.
حدد المشرع إجراءات التوصيف بدءاً من وضع جداول وظائف العاملين وبطاقات وصفها محددة واجباتها واشتراطات شغلها ثم يأتي دور الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فيقوم بمراجعة تلك الجداول على مستوى الوحدات الإدارية حسب طبيعة ونشاط كل وحده ثم يعتمد الجدول من وزير التنمية الإدارية لا تكفي مثل هذه الإجراءات مجتمعة - يتعين صدور قرار من رئيس الجمهورية بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم طبقاً لنص المادة 3 من القانون رقم 58 لسنة 1971 - بصدور القرار تكون إجراءات التوصيف قد ترابط عقدها واستكملت حلقاتها - قبل إتمام ذلك فلا يعدو الأمر أن يكون في دور الإعداد أو التمهيد الذي لا يكسب العامل أي حق يكون محلاً للمطالبة الإدارية أو القضائية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 8/ 1983 أودع الأستاذ الدكتور...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيدين/ (1)...... (2)....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3537 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 25/ 10/ 1982 في الدعوى رقم 1778 لسنة 34 القضائية المقامة من الطاعنين ضد السيد/ وزير الخارجية الذي قضى بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة والمصلحة وإلزام المدعيين بصفتهما رئيس اللجنة النقابية لوزارة الخارجية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بالطلبات المرفوعة بها الدعوى وهي أحقية الجامعيين العاملين بوزارة الخارجية في المعاملة طبقاً لأحكام قرار التوصيف والتقييم الصادر عام 1972 وإطلاق المسميات الواردة بذلك القرار على وظائفهم وما يترتب على ذلك من آثار مع حفظ حقهم في أية مستحقات أو فروق مالية مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية التي نظرته بجلسة 1/ 3/ 1987 وبعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودة الحكم مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إنه عن شكل الطعن فإن كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 25/ 10/ 1982 وقد أودع الطاعنان لسكرتارية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا طلب الإعفاء رقم 14 لسنة 29 معافاة بتاريخ 25/ 12/ 1982 وصدر قرار لجنة المساعدة القضائية برفضه بتاريخ 29/ 6/ 1983 فأودع الطاعنان طعنهما قلم كتاب المحكمة بتاريخ 27/ 8/ 1983 في الميعاد ومن ثم يكون الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل في أنه بتاريخ 3/ 6/ 1980 أقام....... و....... بصفتيهما رئيس مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين بالوزارة الخارجية الدعوى رقم 1778 لسنة 34 القضائية طالبين الحكم بأحقية الجامعيين العاملين بوزارة الخارجية في المعاملة طبقاً لأحكام قرار التصنيف والتقييم الصادر عام 1972 وإطلاق المسميات الواردة بذلك القرار على وظائفهم وما يترتب على ذلك من آثار مع حفظ حقهم في أية مستحقات أو فروق مالية وإلزام الإدارة المصروفات.
وقالا بياناً لدعواهما أنه يعمل بوزارة الخارجية 650 جامعياً لقبوا بالإداريين ووجدوا أنفسهم يعاملون بمعيار مختلف عن زملاء الدراسة فأصبح بالوزارة طبقة من أصحاب الامتيازات وأخرى على نفس القدر من الكفاءة والمستوى العلمي والفكري وتحمل ذات المؤهلات محرومة من أبسط قواعد العدالة والمساواة وأحجمت الوزارة عن تنفيذ ترتيب وتوصيف الوظائف رغم اعتماده عام 1972 متضمناً مسميات الوظائف على النحو التالي (ملحق إداري سكرتير مالي وإداري سكرتير ثان إداري - سكرتير أول إداري مستشار إداري - وقد أدرجت الوظائف بمسمياتها تلك وصدر بها قانون ربط موازنة الوزارة للسنة المالية 1974 - 1975 وقد جاء التوصيف والتقييم تأكيداً لقرار رئيسي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن وجوب توصيف وترتيب الوظائف للعاملين المدنين بالدولة والأحكام التي تقتضيها تنفيذه كما يتفق تماماً مع ما خوله هذا القرار للوزارة من حق وضع المسميات المقاسية لطبيعة ونوع كل منها وأضاف المدعيان أن الجامعيين العاملين بالوزارة تقدموا بأكثر من مذكرة لمعاملتهم طبقاً لأحكام قرار التوصيف والتقييم السابق دون جدوى وأنه لما كان امتناع الوزارة عن إعمال هذه الأحكام في حقهم تخالف القانون ويتسم بإساءة استعمال السلطة فإنهما أقاما دعواهما الراهنة للحكم بالطلبات.
وقدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى أنه لا يمكن الأخذ بوجهة النظر القائلة بتعيين الإداريين بالوزارة بوظائف السلكين الدبلوماسي والقنصلي دون الالتزام بشرط اجتياز امتحان المسابقة لمخالفة ذلك صراحة للقانون رقم 166 لسنة 1954 الخاص بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي.
وبجلسة 25/ 10/ 1982 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة والمصلحة وألزمت المدعيين بصفتهما رئيس اللجنة النقابية لوزارة الخارجية المصروفات وقام قضاء المحكمة على أن المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن "لا تقبل الطلبات الآتية...... الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية" وأن مفاد هذا النص أنه يتعين لقبول الدعوى قيام مصلحة شخصية لرافعها وأن مؤدى المصلحة المسوغة لقبول الدعوى أن يكون رافعها هو صاحب الحق في المركز القانوني محل المنازعة أو نائبه بحيث يكون الغرض من الدعوى حماية حق أو إدراك مركز قانوني لرافع الدعوى أو من ينوب عنه إذا كان هذا الأخير نائباً عن غيره وأن القاعدة لا تقبل الدعوى من غير صاحب حق أو مركز قانوني معتدى عليه مهما بدا للغير من مصلحة في حماية حق غيره وأنه في صدور حق النقابات في التقاضي فمن المسلم به أن لها أن ترفع الدعاوى المتعلقة بحقوقها بصفتها شخصياً معنوياً عادياً وقد استقر الرأي فقهاًً وقضاء على أن لها أن ترفع الدعاوى المتعلقة بالمصلحة العامة الجماعية أو المشتركة للدفاع عن مصالح المهنة وأنه يجب التفرقة بين هذه المصالح الجماعية والمصالح الفردية لأعضاء هذه النقابات فهي ملك لهم وهم أصحاب الحق في المطالبة بها ورفع الدعاوى بشأنها ولا تقبل الدعوى بشأنها من النقابة وأنه لما كانت الدعوى الراهنة لا تتصل بالمصلحة الجماعية أو المشتركة المتصلة بمباشرة المهنة وإنما تتصل بمصالح فردية لبعض أعضاء النقابة هم العاملون الجامعيون بالوزارة فمن ثم تفتقد شرط المصلحة في الدعوى.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء على غير أساس من الواقع والقانون للأسباب الآتية:
(أولاً) الخطأ في الواقع والفساد في الاستدلال إذ لا يتصور أن يكون المدعيان معاً رئيسي مجلس إدارة للجنة النقابية للعاملين بوزارة الخارجية وحقيقة الأمر أن الأول أقام الدعوى بصفته رئيساً لمجلس إدارة اللجنة النقابية وكذلك بصفته الشخصية أما الثاني فقد أقامها بصفته الشخصية والوظيفية.
(ثانياً) الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أن المدعي الأول أقام الدعوى بصفتين نقابية وشخصية وأقام الثاني الدعوى بصفته الشخصية والوظيفية وعلى ذلك فإن الدعوى تتصل بمصالح جماعية أو مشتركة تتمثل في المطالبة بتنفيذ توصيف وتقيم الوظائف وإطلاق المسميات الوظيفية الواردة بموازنة سنة 1974 عليهم وهذه كلها مطالبة عامة جماعية ومشتركة للعاملين الجامعيين الحاليين والمستقبلين ويجب أن تتولى اللجنة النقابية الدفاع عنها كما تتصل الدعوى بمصالح فردية أيضاً تتمثل في مصلحة كل من المدعيين بصفتهما من الجامعيين الإداريين بالوزارة ولهما مصلحة مؤكدة ومحققة في المطالبة بمعاملتهما طبقاً لأحكام قرار التوصيف والتقييم الصادر عام 1972 وإطلاق المسميات الواردة بذلك القرار على وظيفتهما.
(ثالثاً) أن المطالبة بتطبيق توصيف وتقييم الوظائف على الجامعيين من أعضاء اللجنة النقابية يمثل بغير جدال مصلحة مشتركة تتصل بمباشرة الهيئة إذ أن توصيف الوظيفة يعني تحديد واجباتها ومسئولياتها ومتطلباتها من التأهيل والخبرة والمهارات الأخرى كما أن تقييم الوظيفة بمعنى تحديد مستواها ومسماها ووصفها بين الوظائف الأخرى ولا شبهة في أن المطالبة بتطبيق ذلك على الجامعيين الملقبين بالإداريين يتصل اتصالاً وثيقاً بمباشرة المهنة الإدارية ورفع مستواها مما دخل في مسئولية اللجنة النقابية وعليها أن تطالب به وأن لها فيه بصفة ظاهرة ومصلحة شخصية محققة كما أن الصفة الثانية للمدعين باعتبارهما موظفين جامعيين بالوزارة ولهما مصلحة شخصية ومباشرة في الطلبات المذكورة تجعل شرطي المصلحة والصفة متوافرين في الدعوى ما يوجب قبولهما.
وحيث إن القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية ينص في مادته الأولى على أن "يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالمنظمة النقابية أي من المنظمات النقابية المشكلة بالتطبيق لأحكام هذا القانون وتنص المادة الثانية على أن "تسري أحكام هذا القانون على ( أ ) العاملين المدنيين في الحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة (ب) العاملين بالقطاع العام "وتنص المادة الرابعة على أن تثبت الشخصية الاعتبارية للمنظمات النقابية من تاريخ إيداع الأوراق المنصوص عليها في المادة (63) وتنص المادة الخامسة على أن "للمنظمات النقابية حق التقاضي للدفاع عن مصالحهم والمصالح الجماعية لأعضائها الناشئة عن علاقات العمل ويجوز لهذه المنظمات التدخل مع أعضائها في جميع الدعاوى المتعلقة بعلاقات العمل" وتنص المادة السابعة على أن "المنظمات النقابية هي ( أ ) اللجنة النقابية (ب) النقابة العامة. (ج) الاتحادات العامة لنقابات العمال وتنص المادة الثانية على أن "تستهدف المنظمات النقابية حماية الحقوق المشروعة لأعضائها والدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف شروط العمل.....".
وحيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المنظمات النقابية. ومن بينها اللجنة النقابية تتمتع بالشخصية الاعتبارية ولها حق التقاضي للدفاع عن مصالحها والمصالح الجماعية لأعضائها الناشئة عن علاقات العمل ويجوز لها التدخل مع أعضائها في جميع الدعاوى المتعلقة بعلاقات العمل تحقيقاً لأهداف تلك المنظمات التي حددتها المادة الثانية من القانون وهي حماية الحقوق المشروعة لأعضائها والدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف وشروط العمل.
وحيث إنه لئن كانت طلبات المدعيين في الدعوى لا تتصل بحق من حقوق اللجنة النقابية بوصفها شخصاً معنوياً فإنه بما لا جدال فيه أنها تعتبر من قبيل الحقوق والمصالح الجماعية المشتركة للعاملين بالوزارة الذين تمثلهم اللجنة النقابية فضلاً على أنها تعتبر من الدعاوى المتعلقة بعلاقات العمل التي سوغ الشارع للمنظمات النقابية التدخل فيها مع أعضائها ولا يؤثر في ذلك ألا تتعلق هذه الطلبات بجميع العاملين في الوزارة الذين تمثلهم النقابة لأنه يكفي للقول بجماعية المصلحة في هذا الصدد أن تتعلق الدعوى بفئة معينة من هؤلاء العاملين ما دام أنها لا تقتصر على أشخاص معينين بذواتهم منهم ومن ثم تتوافر مصلحة المدعيين في الدعوى ويكون ما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم قبولها لانتفاء المصلحة قد جاء على خلاف حكم صحيح القانون.
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة الذي يحكم النزاع الماثل قضت على أن "تضع كل وحدة جدولاً للوظائف يتضمن وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها وترتيبها في إحدى المستويات والفئات الوظيفية المبينة بالجدول الملحق بهذا القانون - كما يجوز إعادة تقييم وظائف كل وحده - ويعتمد جدول الوظائف والقرارات الصادرة بإعادة تقييم الوظائف بقرار من الوزير المختص بالتنمية الإدارية بعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وذلك في حدود الاعتمادات المقررة في الموازنة العامة للأجور - كما نصت المادة 3 على أنه يحدد رئيس الجمهورية أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها كما يحدد إجراءات نقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجدول توصيف الوظائف وموعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم عليهم" - وإعمالاً لحكم المادة 3 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 في شأن أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف ونصت المادة 4 منه على أنه اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القرار تقوم كل وحده بإعداد جداول لوظائفها وترسل الوحدة جداول الوظائف المشار إليها مرفقاً بها أوصاف الوظائف إلى الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لمراجعتها واعتمادها من الوزير المختص بالتنمية الإدارية. ونصت المادة (5) على أن "ينقل العاملون إلى الوظائف الواردة في جداول الوظائف المعتمدة والمعادلة لوظائفهم التي يشغلونها وذلك بقرار من السلطة المختصة بعد العرض على لجنة شئون العاملين. كما نصت المادة 7 على أن تتضمن الموازنة العامة للدولة بياناً بالمجموعات النوعية ومسميات الوظائف المعتمدة لكل وحدة".
ومن حيث إنه يتضح من مجموع النصوص السالفة أن المشرع حدد سلسلة من الإجراءات عند وضع جداول وظائف العاملين بالجهاز الإداري للدولة بدأها بأن تقوم كل وحدة إدارية بوضع جداول للوظائف بها مشتمل على كل ما تتطلبه الوظيفة من وصف خاص بها مع بيان واجباتها ومسئولياتها واشتراطات شغلها وترتيبها تحت أي من المستويات والفئات المالية المقررة لها ثم يأتي دور الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فيقوم بمراجعة هذا الجدول ومطابقته للتنظيم الإداري على مستوى الوحدات الإدارية الأخرى وللتنسيق فيما بينها في حدود احتياجات كل وحدة وطبيعة ونشاط العمل بها، ثم يعتمد هذا الجدول من الوزير المختص بالتنمية الإدارية. وغني عن البيان أن وضع جداول الوظائف للوحدات الإدارية متضمنة البيانات التفصيلية المذكورة إنما يتم في ضوء أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها التي صدر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 نفاذاً للمادة 3 من القانون رقم 58 لسنة 1971 سالفة الذكر باعتبار أن هذا القرار إنما ينطوي على الأحكام العامة التي تسترشد بها كل وحدة إدارية عند إعداد جدول الوظائف الخاص بها، وهذا أمر طبيعي بل لازم وحتمي حيث تمليه قواعد التنظيم الإداري إذ تختلف طبيعة عمل كل وحدة إدارية عن الأخرى فتضع جدول الوظائف حسب ظروف نشاطها وبما يتلائم ويتسق مع نوعية وظائفها كما أنه بعد الانتهاء من هذه السلسة من الإجراءات لا يعتبر جدول الوظائف بالوحدة الإدارية نافذاً وينقل العاملون إلى الوظائف الواردة به بل لابد أن يكون قد صدر قرار رئيس الجمهورية بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم عليهم طبقاً لما تستلزمه المادة 3 من القانون رقم 58 لسنة 1971، وبصدور هذا القرار تكون إجراءات التوصيف قد ترابط عقدها واستكملت حلقاتها - أما قبل إتمام ذلك كله فلا يعدو الأمر أن يكون في دور الإعداد والتمهيد لا يكتسب العامل بشأنه أي حق قد يكون محلاً للمطالبة الإدارية أو القضائية.
ومن حيث إن الواضح من الأوراق أن الجدول الذي سبق أن أعدته الجهة الإدارية بشأن ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف بها والذي وافق عليه وزير الخزانة والمتضمن مسميات الوظائف التي أشار إليها المدعون في صحيفة دعواهم وصدرت على أساسه موازنة وزارة الخارجية عام 1974، هذا الجدول لم يكن قد استكمل حلقاته حسبما تتطلبه المادة 2 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وما أكدته المادة 4 من قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 المشار إليه وهو اعتماد الجدول من الوزير المختص بالتنمية الإدارية إذ لم يقم هذا الاعتماد إلا بالقرار الصادر منه برقم 36 لسنة 1977 في 16 من يوليه سنة 1977 ولم يتضمن جدول الوظائف المرفق بهذا القرار المسميات التي أشار إليها المدعون بل تضمن مسميات وظائف أخرى هي كبير مفتش أول مالي وإداري - مراقب عام - كبير مفتش ثان مالي وإداري - مراقب مفتش أول مالي وإداري - رئيس قسم - باحث أول باحث ثان - باحث ثالث - باحث مبتدئ - ثم صدرت على أساسه موازنة وزارة الخارجية عن العام 1977 (قسم 1304) وعلى هذا لا يكون للمدعين حق في المطالبة بنعتهم بمسميات الوظائف التي كانت قد وردت في موازنة الوزارة عام 1974 - يضاف إلى ذلك أن المادة 2 من القانون رقم 58 لسنة 1971 تستلزم صدور قرار من رئيس الجمهورية بتحديد موعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 490 لسنة 1976 بتفويض رئيس مجلس الوزراء بتحديد هذا الموعد فصدر القرار رقم 1094 لسنة 1976 من رئيس مجلس الوزراء متضمناً بدء نفاذ أحكام ترتيب توصيف وتقييم الوظائف على العاملين المدنيين بالدولة اعتباراً من أول يناير سنة 1977، وعلى ذلك فإنه بصدور هذا القرار واعتباراً من التاريخ الذي حدده يكون جدول الوظائف قد استكملت عناصره وتوافرت مقوماته وأضحى نافذاً ونشأ الحك لكل ذي مصلحة في أن ينقل إلى الوظائف التي ورد ذكرها بالجدول المعتمد بقرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 36 لسنة 1977 لا إلى الوظائف التي وردت بموازنة وزارة الخزانة عن السنة المالية 1974 إذ أنه زيادة على أن العمل بأحكام ترتيب التوصيف وتقييم الوظائف لم يبدأ إلا اعتباراً من أول يناير سنة 1977 فإن مبدأ سنوية الموازنة لا يجيز تسكين العاملين بالوزارة في ذلك التاريخ على مسميات وظائف وردت بموازنة عام 1974 ولم تكن حلقات إجراءاتها قد استكملت بعد - إذ أن تلك المسميات حسبما يبين من الاطلاع على موازنتان للوزارة لم يعد لها وجود في موازنتها منذ السنة المالية 1975 والسنوات التالية لها. وهذا النظر هو ما أكدته المادة 7 من قرار رئيس الجمهورية رقم 452 لسنة 1974 حيث قضت بأن تتضمن الموازنة العامة للدولة بياناً بالمجموعة النوعية ومسميات الوظائف المعتمدة لكل وحدة - والثابت أن جدول الوظائف بوزارة الخارجية اعتمد - حسبما سلف - في 16 من يوليو سنة 1977 بمقتضى قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 36 لسنة 1977 طبقاً للمسميات التي وردت به.
ومن حيث إنه لا يغير من النظر المتقدم ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المركز القانوني للمدعين إنما نشأ من قرار رئيس الجمهورية رقم 352 لسنة 1974 الصادر بتحديد إجراءات نقلهم إلى الوظائف الواردة بجدول توصيف الوظائف، ذلك لأن أحكام ترتيب وتوصيف وتقييم الوظائف وإعادة تقييمها التي حددها رئيس الجمهورية بمقتضى ذلك القرار ليست في طبيعتها سوى أحكام عامة تسترشد وتستأنس بها الوحدات الإدارية عند وضع جداول الوظائف الخاصة بها لأن المادة 2 من القانون رقم 58 لسنة 1971 أوجبت على كل وحدة أن تضع جدولاً للوظائف، وهذا الجدول بطبيعة الحال يختلف من وحدة إلى أخرى اختلافاً قد يضيق وقد يتسع عما حواه قرار رئيس الجمهورية حسب نشاط كل وحده وطبيعة العمل بها فلم يرتب هذا القرار أو ينشئ أية حقوق وظيفية للعاملين عند صدوره، ويؤكد ذلك أن هذه الجداول يتعين عرضها بعد ذلك على الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لمراجعتها ولا تكون صالحة للعمل بها إلا بعد موافقته عليها ثم صدر قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية باعتمادها وفق ما قضى به قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر ذاته، مع الأخذ في الحسبان موعد بدء نفاذ أحكام التوصيف والتقييم الذي تحدد بالأول من شهر يناير سنة 1977 أما عن طلب التعويض فإنه وقد بان أن الجهة الإدارية قد سلكت في تصرفها صحيح حكم القانون وبالتالي لا يكون ثمة محل لهذا الطلب.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه فإنه لا يجوز للمدعين المطالبة بتسكينهم في الوظائف التي تضمنتها موازنة وزارة الخارجية عن السنة المالية 1974، وتكون دعواهم والحالة هذه غير مستندة على أساس سليم من القانون - وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانب القانون في صحيحه بما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق