جلسة 22 من نوفمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.
-----------------
(36)
الطعن رقم 2111 لسنة 30 القضائية
صناديق النذور بالمساجد - توزيع حصيلتها.
قرار وزير الأوقاف وشئون الأزهر رقم 22 لسنة 1971 بشأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التي ترد للمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف.
حدد المشرع وظائف العاملين المستحقين لحصة من حصيلة صناديق النذور بالمساجد - لا مجال للاجتهاد في تفسير النص القانوني إذا كان واضحاً خاصة إذا تعلق الأمر بتقرير حق مالي - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 27/ 5/ 1984 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2111 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 3/ 1984 في الطعن رقم 875 لسنة 13 ق المقام من محافظ الغربية ووزير الأوقاف ومديرية الأوقاف بمحافظة الغربية ضد السيد/ ........ والذي قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث حدد لنظره أمامها جلسة 1/ 11/ 1987 وبعد تداول الطعن بالجلسات وسماع المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 14/ 12/ 1978 أقام السيد/ ........ الدعوى رقم 36 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الإدارية بطنطا طالباً الحكم بأحقيته في نصف حصة من حصيلة صندوق النذور بمسجد الشيخة صباح بطنطا ابتداء من 2/ 5/ 1976 تاريخ صدور القرار رقم 5 لسنة 1976 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه عين قارئاً بمقرأة مسجد الشيخة صباح بطنطا وما زال قائماً بعمله وصدور قرار نائب وزير الأوقاف رقم 5 لسنة 1976 وأضاف وظيفة قارئ مقرأة إلى ملحق القرار رقم 22 لسنة 1971 بشأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التي ترد للمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف، ولما كان لمسجد الشيخة صباح صندوق نذور خاص به ومن ثم ينطبق عليه ما جاء بالقرار رقم 5 لسنة 1976، وبالتالي يستحق نصف حصة من حصيلة هذا الصندوق اعتباراً من 2 مايو سنة 1976 إلا أن الجهة الإدارية رفضت إجابته إلى طلبه. وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً برفض الدعوى. وبجلسة 8/ 6/ 1981 حكمت المحكمة الإدارية بطنطا أولاً: برفض الدعوى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وثانياً: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في نصف حصة من حصيلة صندوق النذور بمسجد الشيخة صباح اعتباراً من 2 مايو سنة 1976 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت قضاءها على أن صفة الموظف العام متوافرة في حق المدعي فضلاً عن أن المنازعة تتمثل في مدى إفادته من قرار إداري معين، ومن ثم ينعقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، بالنسبة لموضوع الدعوى فقد أشارت المحكمة إلى أن المدعي يستحق نصف حصة من حصيلة صندوق النذور بالمسجد بصفة شخصية مدى حياته إعمالاً لقرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 وقرار نائب وزير الأوقاف رقم 5 لسنة 1976، وبتاريخ 22/ 7/ 1981 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن وزارة الأوقاف ومديرية أوقاف محافظة الغربية قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) تقرير طعن قيد برقم 875 لسنة 13 ق. طالبة الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى. وبجلسة 28/ 3/ 1984 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وشيدت قضاءها على أن القرار رقم 22 لسنة 1971 هو قرار يتضمن قواعد عامة في توزيع النسبة المخصصة للعاملين بالمساجد والأضرحة في صناديق نذور وقد حدد الفئات التي تستحق حصصاً في هذه الحصيلة، ومن ثم فإن إضافة أية أحكام لهذا القرار يتعين أن يكون لها بحكم اللزوم صفة العمومية، ولما كان القرار رقم 5 لسنة 1976 قد أضاف إلى القرار رقم 22 لسنة 1971 فئة قارئ المقرأة بمسجد السيد أحمد البدوي، فإن هذه الإضافة تأخذ بحكم الطبيعة صفة العمومية أيضاً، وعليه يستحق قارئ المقرأة بمسجد الشيخة صباح نصف حصة من حصيلة صندوق النذور لهذا المسجد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن القرار رقم 22 لسنة 1971 نص على توزيع إعانة ثابتة من حصيلة صندوق النذور بكل مسجد وجدد ملحق القرار كيفية توزيع هذه الإعانة ومستحقيها، ومن ضمن الفئات المستحقة قراء المقارئ، وبالتالي لا تجوز إضافة فئة لم ترد بهذا القرار خاصة وأن قارئ المقرأة يختلف عن قارئ الصورة في النظام القانوني الذي يخضع له كل منهما، فقراء المقارئ يخضعون للقرار الوزاري رقم 119 لسنة 1963 الذي يحدد مكافأة مالية خاصة بهم، فضلاً على أنه لا يجوز الاستناد إلى القرار رقم 5 لسنة 1976 إذ أنه قرار استثنائي لا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه، ويقتصر تطبيقه على قراء مقرأة السيد البدوي دون غيرها من المقارئ.
ومن حيث إن قرار وزير الأوقاف وشئون الأزهر رقم 22 لسنة 1971 في شأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التي ترد للمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف ينص في مادته الرابعة على أن:
"توزع إعانة ثابتة قدرها 25% من إيرادات صندوق النذور بكل مسجد أو ضريح على العاملين به في حدود الوظائف المقررة لكل مسجد أو ضريح - وحدد ملحق هذا القرار كيفية توزيع تلك الإعانة، كما حدد الوظائف التي يستحق شاغلوها الإعانة وذلك على النحو الآتي:
1 - شيخ المسجد والإمام (حصة ونصف).
2 - رئيس الخدم والكاتب (حصة واحدة).
3 - المؤذن ومقيم الشعائر والمخزنجي والفراش (نصف حصة).
4 - قارئ السورة والبواب وخادم الدورة والملا (نصف حصة).
وبتاريخ 2 مايو سنة 1976 صدر قرار نائب وزير الأوقاف رقم 5 لسنة 1976 وأضاف إلى ملحق القرار رقم 22 لسنة 1971 المشار إليه وظيفة جديدة هي: "قراء مقرأة السيد أحمد البدوي الذين يعملون حالياً بالمسجد يصرف لكل منهم نصف حصة من حصيلة صندوق نذور المسجد بصفة شخصية مدة حياتهم.
ومن حيث إنه يتضح من هذين القرارين أن كلاً منهما حدد وظائف العاملين المستحقين لحصة من حصيلة صناديق النذور بالمساجد والأضرحة التي بها صناديق نذور وفي ذات الوقت مقدار هذه الحصة تبعاً لاختلاف طبيعة كل وظيفة فشمل القرار الأول عدة وظائف، وشكل القرار الثاني وظيفة "قراء مقرأة" غير أن المشرع لم يورد هذه الوظائف بصفة عامة وعلى إطلاقها بهذا الوصف، بل وضع لها ضوابط ومعايير خاصة، فمن ناحية حدد الوظيفة في قراء مقرأة السيد أحمد البدوي، ومن ناحية أخرى قصرها على قرائها الحاليين على أن يكون استحقاقهم في صندوق النذور بصفة شخصية وطوال مدة حياتهم وينتهي الاستحقاق بمجرد فقدانهم هذه الوظيفة دون أن يكون لمن يلونهم من قراء المقرأة أي حق في الصندوق.
ومن حيث إنه من المقرر أنه لا مجال للاجتهاد في تفسير النص القانوني إذا كان واضحاً وصريحاً، خاصة إذا تعلق الأمر بتقرير حق مالي، فالقرار رقم 5 لسنة 1976 المشار إليه وإن كان قد أضاف إلى مستحقي حصة في صندوق النذور قراء مقرأة السيد أحمد البدوي الحاليين بصفة شخصية وطوال مدة حياتهم، فإن هذا التخصيص بحسب ما يبين من أصل تقريره على فئة معينة ممن يتوافر فيهم الوصف المرتبط به، يحتم إعمال الحكم في حدود ما قضى دون ما حاجة إلى قياس أو توسع في التفسير، كما أنه بصرف النظر عن تشابه أو اختلاف المركز القانوني الذي يخضع له قارئ المقرأة وقارئ السورة، فإن قصد المشرع واضح في عدم إدراج قراء مقرأة المسجد بصورة عامة مطلقة ضمن مستحقي حصته في صندوق النذور حيث لم يشملهم التعداد والحصر الذي أتى في البداية القرار رقم 22 لسنة 1971 واكتفى بإدراج قراء السورة غير أن المشرع لاعتبارات خاصة ارتأى بعد ذلك تقرير حصة في صندوق النذور لقراء مقرأة السيد أحمد البدوي وحدهم دون غيرهم، ووردت عبارة النفي بصورة تؤكد هذا المفهوم على نحو ما سبق إيضاحه، وعلى ذلك لا يكون لقراء مقرأة مسجد الشيخة صباح بطنطا حق في حصة في صندوق النذور لانحسار حكم القرار رقم 5 لسنة 1976 المشار إليه عنهم ولا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الإضافة التي أتى بها القرار رقم 5 لسنة 1976 المشار إليه وإن كانت فردية في صياغة مدلولها إلا أنها تأخذ سمة العمومية عند إلحاقها بالقرار رقم 22 لسنة 1971، ذلك أن هذا القول يخالف صريح نص القرار رقم 5 لسنة 1976 من حيث قصر نطاق تطبيقه على فئة من المستحقين وفقاً لشرائط ومعايير خاصة لا تمتد إلى غيرهم حيث كان في مكنة المشرع أن يحدد نطاق التطبيق إلى أكثر من مسجد إن أراد ذلك.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف حكم القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق