باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2024م،
الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد
النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد
أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 24 لسنة 43
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض - الدائرة المدنية
والعمالية - بحكمها الصادر بجلسة 10/12/2020، ملف الطعن رقم 6 لسنة 89 قضائية
المقام من
1- منى فوزي السيد لاشين
2- أسامة فوزي السيد لاشين
3- أحمد عصام راغب العزبي
ضد
1- نقيب صيادلة مصر
2- خالد علي أحمد، بصفته رئيس هيئة التأديب
--------------
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الطعن رقم 6 لسنة 89 قضائية، نفاذًا للحكم الصادر من محكمة
النقض بجلسة 10/12/2020، بوقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة؛
للفصل في دستورية المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة،
فيما نصت عليه من اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالاستئناف على
القرارات التأديبية الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدم الطاعن الثالث في الدعوى الموضوعية مذكرتين، طلب فيهما الحكم
بعدم دستورية المادتين (51 و57) من القانون رقم 47 لسنة 1969.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 2/12/2023، وفيها قدم
الطاعن الثالث في الدعوى الموضوعية مذكرة، طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية
المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، وبسقوط نص المادة
(57) من القانون ذاته، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق –
في أن مجلس نقابة صيادلة القاهرة، كان قد أحال كلًّا من: منى فوزي السيد لاشين
وأسامة فوزي السيد لاشين وأحمد عصام راغب العزبي، إلى هيئة التأديب الابتدائية
بنقابة الصيادلة في الدعوى التأديبية رقم 132 لسنة 2010، لمساءلتهم تأديبيًّا عما
نسب إليهم من قيام الأولى والثاني بإعارة اسميهما إلى الثالث، ليتسنى له فتح
وإدارة صيدليات، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة
الصيدلة، وبجلسة 5/9/2011، قررت هيئة التأديب الابتدائية معاقبة الأولى والثاني
بإيقاف عضويتهما بالنقابة لمدة ثلاثة أشهر، وبمعاقبة الثالث بإيقاف عضويته
بالنقابة لمدة ستة أشهر؛ فطعنوا على هذا القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية
بمحكمة استئناف القاهرة بالاستئنافات أرقام: 420 و421 لسنة 129 قضائية، و1948 لسنة
130 قضائية. وبجلسة 9/1/2019، حكمت هيئة التأديب الاستئنافية – بعد ضم الاستئنافات
الثلاثة للارتباط - برفضها وتأييد القرار المطعون فيه. طعن المحالون على الحكم
السالف بيانه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 6 لسنة 89 قضائية. وبجلسة 10/12/2020،
قررت المحكمة وقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا؛
للفصل في دستورية ما نصت عليه المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء
نقابة الصيادلة، من اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالاستئناف على
القرارات الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية، لما تراءى لها من مخالفة هذا النص
للمادة (190) من الدستور، التي أصبح بمقتضاها مجلس الدولة دون غيره، هو القاضي
الطبيعي لنظر المنازعات الإدارية، وذلك في ضوء ما تواتر عليه قضاء المحكمة
الدستورية العليا من أن النقابات المهنية تُعد من أشخاص القانون العام، وتُعد
الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأي من تشكيلات النقابة المختلفة،
وكذا تشكيل مجالس إداراتها أو القرارات الصادرة منها، من قبيل المنازعات الإدارية
التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة، بهيئة قضاء إداري، دون
غيره.
وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة
الصيادلة، تنص على أنه " يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام
هيئة تأديبية استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار
المجلس أحدهما من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة
التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمِل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من
تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني".
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق
النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في
ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور
لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها،
وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على
الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس
مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير
الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن إخلال أحد أعضاء نقابة الصيادلة بواجبات مهنته أو خروجه على
مقتضياتها يعتبر مخالفة تأديبية مؤاخذًا عليها قانونًا، ولإسنادها إليه يتعين أن
يكون مسبوقًا بتحقيق متكامل، وكلما استكمل التحقيق عناصره، وكان واشيًا بأن للتهمة
معينها من الأوراق، كان عرضه لازمًا على هيئة التأديب الابتدائية المنصوص عليها
بالمادة (50) من قانون إنشاء النقابة، بحسبانها الجهة التي أولاها المشرع مسئولية
الفصل فيه، ونص المشرع في المادة (51) من قانون إنشاء النقابة المشار إليه، على أن
يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديب استئنافية تتكون من
إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه
ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمِل
الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته
اختار المجلس العضو الثاني.
متى كان ما تقدم، وكانت هيئة التأديب الاستئنافية المشار إليها، وإن
ضمت في تشكيلها إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، إلا أن غلبة العنصر القضائي على
تشكيلها لا يكفي وحده للتقرير بكونها من محاكم جهة القضاء العادي، على ما ذهب إليه
حكم الإحالة؛ ذلك أن جوهر عملها وطبيعة اختصاصها بالفصل في الطعن على قرارات هيئة
التأديب الابتدائية، وفق قواعد إجرائية وموضوعية محققة للمحاكمة المنصفة، إنما
يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، التي ناط بها المشرع – في حدود سلطته
التقديرية – نظر أنزعة ودعاوى بعينها، وأسند إليها ولاية الفصل فيها بأحكام
نهائية، وأجاز تعيينها جهة مختصة بنظر الأنزعة التي تدخل في اختصاصها، إذا نازعتها
فيه جهة قضاء أخرى أو سلبتها إياه، والاعتداد بأحكامها إذا ناقضتها أحكام نهائية
صادرة عن جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي أخرى، وذلك على ما جرى به نص المادة
(192) من دستور 2014، والفقرتان (ثانيًا) و(ثالثًا) من المادة (25) من قانون
المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ ومن ثم يغدو تمحل حكم
الإحالة بنص المادة (190) من الدستور، لنزع اختصاص هيئة التأديب الاستئنافية
بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، في غير محله، ذلك الفهم الذي
أنبته اعتبار هيئة التأديب الاستئنافية المنصوص عليها في المادة (51) من قانون
إنشاء نقابة الصيادلة، إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، التابعة لجهة القضاء
العادي، بالمخالفة لكونها من الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بحسب التكييف الصحيح
لها؛ ومن ثم فإن ما أورده حكم الإحالة، المار ذكره، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة
للفصل في دستورية النص المحال، مما تكون معه الدعوى المعروضة جديرة بعدم القبول.
وحيث إن ما أبداه الطاعن الثالث في الدعوى الموضوعية، من طلب الحكم
بعدم دستورية نص المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة
وسقوط المادة (57) من القانون ذاته، لمخالفتها نصوص المواد (94 و96 و97 و184 و186)
من الدستور؛ فمردود بأن ولاية هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا
باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها،
بطريقين لا يلتقيان؛ أولهما: إحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات
الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية المحالة، وثانيهما: برفعها من أحد
الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة
الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا،
وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو
بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتباره شكلًا جوهريًّا في التقاضي، تغيا به
المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية. فإذا اتصلت الدعوى
بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم
دستورية نص قانوني فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا– وفقًا للبند (أ)
من المادة (29) من قانونها –لتقول كلمتها الفاصلة في شأن دستورية النص المحال، في
النطاق الذي حدده، فإن الطعن الذي يوجهه أحد خصوم الدعوى الموضوعية، خارج النطاق
الذي حدده حكم الإحالة، ينحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة
(29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه الالتفات عنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق