الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 أكتوبر 2023

الطعن 482 لسنة 39 ق جلسة 23 / 2 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 ق 97 ص 511

جلسة 23 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الفقى، وأحمد سيف الدين سابق، ومحمد عبد الخالق البغدادى، وسليم عبد الله سليم.

------------------

(97)
الطعن رقم 482 لسنة 39 القضائية

(1) إثبات "الإقرار".
الإقرار. اعتراف شخص بحق عليه لآخر، لا بانشاء الحق فى ذمته.
(2) محاماه "أتعاب المحامى". وكالة.
عمل المحامى لا ينتهى إلا بصدور الحكم. الاتفاق على الأتعاب قبل صدور الحكم. هو اتفاق قبل الانتهاء من العمل.
(3) وكالة. التزام. محاماه "أتعاب المحامى".
التزام الوكيل بأجر فى تنفيذ التزامه. التزام ببذل عناية. جواز الاتفاق على أن يكون التزاما بتحقيق غاية. مثال. الاتفاق على استحقاق المحامى للأتعاب عند كسب الدعوى.
(4) محاماة "أتعاب المحامى" "بطلان" بطلان التصرفات.
اتفاق المحامى على استحقاقه أتعابا بنسبة معينة من المطلوب أو مما يحكم به فى الدعوى. باطل بطلانا مطلقا. م 44 ق 96 لسنة 1957.
(5) قانون "سريانه من حيث الزمان". عقد.
الأصل سريان أحكام القوانين على ما يقع من تاريخ العمل بها. عدم جواز تطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه.
(6) محاماة "أتعاب المحامى" بطلان "بطلان التصرفات".
بطلان الاتفاق على استحقاق المحامى أتعابا بنسبة معينة مما يطلب أو يحكم به فى الدعوى. ق 96 سنة 1957 انصراف البطلان إلى تحديد قيمة الأتعاب. وجوب تقدير القاضى للأتعاب فى هذه الحالة.
(7) إلتزام "الإرادة المنفردة". عقد. محاماه "أتعاب المحامى".
الوعد بالجائزة. أركانه. م 162 توجيه الوعد لشخص معين لا يعد وعدا بجائزة. مثال بشأن الاتفاق على أتعاب المحامى.
(8) عرف. قانون.
وجود نص تشريعى. أثره. عدم جواز التحدى بالعرف.
(9) محاماه "أتعاب المحامى". محكمة الموضوع.
عناصر تقدير أتعاب المحامى المبينة بالمادة 44 ق 96 لسنة 1957. ليست واردة على سبيل الحصر. لمحكمة الموضوع عند تقديرها للاتعاب إضافة عناصر أخرى كالمنفعة التى عادت على الموكل.
(10) نقض "السبب المجهل" محاماه. حكم "القصور".
عدم بيان الطاعن أوجه التناقض بين أحكام قانون المحاماه 96 لسنة 1957 وميثاق العمل الوطنى وما أغفل الحكم الرد عليه. نعى مجهل غير مقبول. عدم كفاية الإحالة فى ذلك إلى المذكرة المقدمة بالملف الابتدائى.
(11) فوائد. التزام. محاماة "أتعاب المحامى".
سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. شرطه. أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب. المقصود بذلك. ألا يكون للقضاء سلطة فى تقديره. مثال بشأن أتعاب المحامى.

---------------
1 - الإقرار هو من اعتراف شخص بحق عليه لآخر بحيث لا يكون القصد هو إنشاء الحق فى ذمته.
2 - عمل المحامى لا ينتهى إلا بصدور حكم فى الدعوى وكل اتفاق بشأن أتعاب المحامى قبل صدور هذا الحكم يكون قد تم قبل الانتهاء من العمل وهو ما يتفق وما نصت عليه المادة 810 من قانون المرافعات السابق المطابقة للمادة 75 من القانون القائم من أن "التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها أو الدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم فى موضوعها فى درجة التقاضى التى وكل فيها.
3 - نصت المادة 704/ 2 من القانون المدنى على أنه "إذا كانت الوكالة بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائما فى تنفيذها عناية الرجال المعتاد". مما مفاده أن التزام الوكيل فى تنفيذ الوكالة هو التزام ببذل عناية لا إلتزاما بتحقيق غاية، إلا أنه لا شئ يمنع من الاتفاق على أن يكون التزام الوكيل بتحقيق غاية ومن ذلك أن يتفق الموكل مع المحامى على ألا يستحق الأتعاب أو على ألا يستحق المؤخر منها إلا إذا كسب الدعوى.
4 - الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته فى العقد، إلا أن المشرع لاحظ أن مركز المتعاقدين فى بعض العقود لا يكون متكافئا بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوى فى الآخر الضعيف فيستغله أو يعنته بشروط قاسية فتدخل فى هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلا كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقا لا يزول أثره بالاجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضى من تلقاء نفسه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى، ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع فى المادة 44 من قانون المحاماه رقم 96 لسنة 1957 من نهى المحامى عن الاتفاق على مقابل ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها، ونهيه بصفة عامة عن كل اتفاق من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى - وقد جرى قضاء هذه المحكمة - باعتبار كل اتفاق من هذا القبيل باطلا.
5 - الأصل أنه لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضى لتطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت فى الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضى عند بحثه فى هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون السارى عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار.
6 - تقضى المادة 44 من قانون المحاماه رقم 96 لسنة 1957 بأنه لا يجوز للمحامى أن يتفق على أجر ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها، وبصفة عامة لا يجوز له أن يعقد اتفاقا من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى وأن كل اتفاق من هذا القبيل يعتبر باطلا. والبطلان فى هذا الحالة إنما ينصرف إلى تحديد قيمة الأتعاب المتفق عليها ولا يترتب عليه حرمان المحامى من الأتعاب ما دام قد قام بالعمل الموكل فيه وإنما يكون على القاضى أن يستبعد التقدير المتفق عليه ويقوم هو بتقدير أتعاب المحامى وفقا لما يستصوبه.
7 - الوعد بالجائزة على ما تشترطه المادة 162 من القانون المدنى، يقوم أساسا على توافر أركان معينة منها أن توجه الإراده إلى الجمهور أى إلى أشخاص غير معينين فإذا ما وجهت إلى شخص معين خرجت عن أن تكون وعدا بجائزة وسرت عليها قواعد الإيجاب فلا بد أن يقترن بها القبول وتصبح عقدا لا إرادة منفردة، وإذ كان الإقرار موضوع النزاع لا يعدو أن يكون اتفاقا بين الطاعن وموكليه على قدر الأتعاب المستحقة له فإن شروط المادة 162 سالفة الذكر تكون قد تخلفت ويكون الحكم فيما انتهى إليه قد صادف صحيح القانون.
8 - النص فى المادة الأولى من القانون المدنى على أن تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها هذه النصوص فى لفظها أو فى فحواها. فإذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه حكم القاضى بمقتضى العرف مفاده أنه، - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز التحدى بالعرف، إلا إذا لم يوجد نص تشريعى.
9 - نصت فى المادة 44 من قانون المحاماه 96 لسنة 1957 - الذى تم توكيل الطاعن فى ظله - على أن يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامى ومن المقرر أن هذه العناصر ليست واردة على سبيل الحصر ومن ثم فليس ما يمنعه محكمة الموضوع من أن تدخل فى الاعتبار عند تقديرها الأتعاب إلى جانبها ما تراه من عناصر أخرى مثل ما عاد على الموكل من منفعة مباشرة بسبب جهد المحامى.
10 - إذ كان الطاعن لم يبين أوجه التناقض بين أحكام القانون 96 لسنة 1957 وميثاق العمل الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 والتى يقول إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أهمل أثرها فى إلغاء هذا القانون وشابه القصور إذ لم يحصلها وأغفل الرد عليها واكتفى الطاعن بالإحالة فى ذلك إلى ما جاء بالمذكرة المقدمة منه فى الملف الابتدائى دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما يتحدى به، فإن النعى يكون مجهلا وغير مقبول.
11 - اشترطت المادة 226 من القانون المدنى لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب. والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة فى التقدير وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الاتفاق موضوع الدعوى بخصوص ما تضمنه من تحديد الأتعاب بنسبة 25% وقدر فى حدود سلطته الموضوعية أتعاب الطاعن - محام - بمبلغ 325 جنيها ثم اعتبر هذه الأتعاب غير معينة المقدار وقت الطلب ورتب على ذلك أن الفوائد المستحقه عن المبلغ المحكوم به لا تسرى إلا من تاريخ صدور الحكم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أنه بتاريخ 5/ 7/ 1967 استصدار الطاعن أمرا من قاضى الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية ضد موكلية المطعون ضدهم الاثنى عشر الأول بتقدير أتعابه بمبلغ 7431 جنيها وتوقيع الحجز التحفظى تحت يد مدينيهم باقى المطعون ضدهم مع تحديد جلسة لنظر موضوع المنازعة، وبتاريخ 6/ 12/ 1967 قام الطاعن بتوقيع الحجز وأعلن المحجوز لديهم والمحجوز عليهم بالحضور أمام محكمة القاهرة الابتدائية لسماع الحكم يالزام المحجوز عليهم بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ 7431 جبيها والمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وصحة إجراءات الحجز وجعله نافذا وقيدت الدعوى برقم 3440 لسنة 67 مدنى كلى القاهرة وقال فى بيانها أن المحجوز عليهم سبق أن وكلوه فى الحضور عنهم فى القضية رقم 941 سنة 1963 مدنى كلى القاهرة المرفوعة منهم بالمعارضة فى تقدير أرض مملوكة لهم مساحتها 4954 مترا مربعا نزعت ملكيتها للمنفعة العامة لمشروع إقامة مدرسة وقد جاء توكليهم إياه فى الحضور عنهم بعد أن كانت قد قطعت شوطا أمام المحكمة وبعد أن تم ندب خبير فيها قدر قيمة الأرض بمبلغ أربعة جنيهات للمتر وهو تقدير يقل عن طلباتهم فى الدعوى (15 جنيه للمتر) ويزيد على تقدير لجنة المنافع العامة (3.5 جنيه للمتر) وبعد أن وكلوه حرروا على أنفسهم اقرارا بتاريخ 13/ 4/ 1967 تعهدوا فيه بأن يدفعوا له 25 % من قيمة الزيادة التى تقررها المحكمة فى ثمن المتر المربع الواحد على ما قدره الخبير، وأنه بجلسة 21/ 4/ 1967 فصل فى الدعوى السالفة بتعديل ثمن المتر إلى عشرة جنيهات أى بزيادة ستة جنيهات عن كل متر على ما قدره الخبير وبذلك يكون مجموع الزيادة 29742 جنيها يستحق فيها الربع بمبلغ 7431 جنيها وهو المبلغ المطالب به كأتعاب والذى توقع الحجز نفاذا له. تظلم المحجوز عليهم من هذا الأمر وقيدت دعواهم برقم 3675 سنة 1967 مدنى كلى القاهرة. وبحلسة 1/ 4/ 1968 قضت المحكمة: أولا فى الدعوى 3440 سنة 1967 بالزام المدعى عليهم الاثنى عشر الأول متضامين بأن يدفعوا للمدعى مبلغ 275 جتيها والمصروفات المناسبة ورفضت ماعدا ذلك من طلبات (ثانيا) فى الدعوى 3675 سنة 1967 بقبول التظلم شكلا وفى الموضوع بإلغاء أمر الحجز التحفظى وتقدير الدين رقم 227 سنة 1967 كلى القاهرة المتظلم منه وما يترتب عليه من حجز والزمت المتظلم ضده الأول المصروفات.
لم يقبل الطرفان هذا الحكم فطعنا عليه بالإستئنافين رقمى 1269، 1304 سنة 85 ق القاهرة وبتاريخ 22/ 5/ 1969 قضت المحكمة أولا: بقبول الاستئنافين شكلا وثانيا: بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدهم من العاشر إلى الحادى والعشرين فى الإستئناف رقم 1269 لسنة 85 ق بأن يدفعوا متضامين للطاعن مبلغ 275 جنيه والفوائد بواقع 4% سنويا من تاريخ صدور هذا الحكم حتى السداد مع أحقية فى قبض مبلغ الخمسة وعشرين جنيها السابق عرضها وإيداعها وصحة تثبيت الحجز المتوقع تحت يد المحجوز لديهم وجعله حجزا نافذا. طعن الطاعن بطريق النقض فى هذا الحكم وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض على المحكمة بغرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على واحد وعشرين سببا حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه كيف الإقرار المؤرخ فى 13/ 4/ 1967 بأنه اتفاق على تحديد أتعاب الطاعن ومقدارها بمقولة أن هذا الإقرار مسبوق بإيجاب من جانب المحامى بطلب هذه الأتعاب فجاء الإقرار معبرا عن قبول هذا الإيجاب - فخالف الحكم بذلك صحيح الثابت من سند الإقرار الذى لم يوقع من غير المقرين بما فيه وخالف أحكام المادة 150/ 1 من القانون المدنى بانحرافه عن عبارة الإقرار الواضحة من طريق تفسيرها بحجة التعرف على أرادة عاقديها حالة عدم وجود طرف ثان به وعدم وجود توقيع لآخر عليه.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير المحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود أطرافها مستعينة فى ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابساتها بغير رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك طالما كان تفسيرها مما تحتمله عبارة هذه المحررات ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها كما أن الإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر بحيث لا يكون القصد منه هو إنشاء الحق فى ذمته، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد نص الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 الذى تجرى عبارته بالآتى: "نقر نحن الموقعين على هذا بأن يؤدى كل منا حسب نصيبه الشرعى إلى الأستاذ........ الوكيل عنا فى القضية رقم 941 لسنة 1963 كلى مدنى القاهرة نسبة قدرها 25% من قيمة صافى الزيادة التى تقررها المحكمة عن ثمن المتر المربع الواحد عن أربعة جنيهات الواردة فى تقرير السيد الخبير..." وعرض لعبارات إقرار آخر مؤرخ فى 12/ 12/ 1966 ثم خلص إلى أن التكييف الصحيح للإقرارين وفق ما يتضح من صيغتهما والظروف الملابسة لتحريرهما إنهما إتفاقا على تحديد أتعاب المحاماة وبيان مقدارها قائلا إن هذين الإقرارين كانا مسبوقين بإيجاب من جانب المحامى بطلب هذه الأتعاب فجاءا للتعبير عن قبول هذا الإيجاب وأن تسجدا فى صورة إقرارين، وكان الموكلون (المطعون ضدهم) قد قصدوا بالإقرار إنشاء الحق فى ذمتهم بالتزامهم بدفع أتعاب لوكيلهم مقابل قيامه بأعمال الوكالة ولا يعترفون له بحق عليهم فان ما أنتهى إليه الحكم من أن الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 ما هو إلا انفاق على تحديد أتعاب الطاعن وبيان مقدارها دون أن يتقيد بالألفاظ الواردة فيه لا يعد انحرافا عن المعنى الظاهر للسند بعد أن تبين حقيقة فصد المتعاقدين من تحريره، ويكون النعى بهذا السبب فى غير محله. وحيث إن حاصل الأسباب الثانى والثالث والخامس والسادس مخالفة القانون والقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وقال الطاعن فى بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه أبطل إقرار 13/ 4/ 1967 تأسيسا على أنه صدر من المطعون ضدهم لوكيلهم قبل إنتهاء مهمته فى دعواهم حالة أن الثابت بالأوراق أودع مذكرته بدفاع موكليه بتاريخ 12/ 4/ 1967 وكان هذا الإيداع خاتم أعماله فى الدعوى وصدر إقرارهم بالأتعاب لاحقا على هذا العمل وقد فصل الطاعن ذلك فى مذكرته إلا أن الحكم أغفل الرد عليه مما يجعله مشوبا بالقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت فى الأوراق فضلا عن مخالفة القانون الذى لم يشترط إنتهاء الوكاله فكل ما اشترطته المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 هو انتهاء العمل ولا محل لما قاله الحكم من أن عمل المحامى لا ينتهى إلا بصدور حكم فى الدعوى إذ أن للمحامى أن يشترط أتعابا فى أى وقت مقابل عمله وطبقا لما أستقر عليه القضاء من أن تقدير الأجر بعد إتمام العمل لا يخضع لتقدير القاضى، وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن "تحديد الزيادة بنسبة 25% من ثمن كل متر هو تحديد باطل بطلانا مطلقا وفقا لأحكام المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 التى حرمت تحديد الأتعاب بهذه الطريقة أثناء تنفيذ المحامى للوكالة، وواضح أن هذا الإتفاق انعقد قبل إنهاء المحامى لمهمته وذلك لحصوله قبل صدور الحكم فى الدعوى التى انصبت الوكالة على المرافعة فيها". وقد جاء بالحكم المستأنف الذى أخذا الحكم الطعون فيه بأسبابه أنه "لا يؤثر فى ذلك كون الاتفاق قد تم بعد حجز الدعوى المذكورة للحكم وفى خلال الأجل المحدد لتقديم المذاكرات بل وبعد تقديم هذه المذكرات وانقضاء مواعيدها، ذلك أنه وفضلا عن أن قرار حجز الدعوى للحكم ليس من شأنه أن يمنع المحكمة من إعادتها إلى المرافعة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أى من الخصوم فإن القاعدة المسلمة أن وكالة المحامى لا تقضى إلا بعد صدور الحكم فى موضوع الدعوى أمام درجة التقاضى الموكل فيها ومن ثم تبقى هذه الوكالة قائمة إلى حين صدور ذلك الحكم"، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تولى الرد تفصيلا على ما أثاره الطاعن مقررا أن عمل المحامى لا ينتهى إلا بصدور حكم فى الدعوى وأن كل اتفاق بشأن أتعاب المحامى قبل صدور هذا الحكم يكون قد تم قبل الإنتهاء من العمل وهو ما يتفق وما نصت عليه المادة 810 من قانون المرافعات السابق المطابقة للمادة 75 من القانون القائم من أن "التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها أو الدفاع فيها واتخاذ الإجراءات التحفظية إلى أن يصدر الحكم فى موضوعها فى درجة التقاضى التى وكل فيها" فضلا عن أن نصوص الإقرار قاطعة فى عدم استحقاق الطاعن للاتعاب الواردة به إلا بعد صدور حكم نهائى فى الدعوى وبعد قبض صافى الزيادة التى يحكم بها، ومن ثم يكون النعى على الحكم بهذه الأسباب على غير أساس، وحيث إن حاصل السبب الرابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيق وتفسيره وفى بيان ذلك قال الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد حول التزام المحامى إلى التزام - بتحقيق غاية عندما قيد صحة اتفاقه وموكله على الأتعاب فى إقرار 13/ 4/ 1967 بشرط إنتهاء وكالة المحامى وصدور حكم الدعوى التى وكل فيها رغم عدم وجود حكم بذلك فى المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 وحالة أن التزام المحامى فى عمله ليس التزام بتحقيق غاية بل هو التزام ببذل عناية وأن أجر المحامى لا يرتبط تقديره أو تحديده بانتهاء وكالته سواء بإتمام العمل الموكل فيه أو بإنتهاء الأجل المعين للوكالة، كما لا يرتبط اتفاق المحامى على تحديد اتعابه أو مطالبته بتقديرها بصدور حكم فى الدعوى الموكل فيها وإنما يجوز له الاتفاق وطلب تقدير الأتعاب على كل عمل يؤديه لفائدة موكله فيحق له الاتفاق على تقاضى عن تقاضى أتعابه عن حضور كل جلسة أو عن كل اعلان أو تنبيه أو أعذار أو مذكرة فى الدعوى وتقضى المادة 44 سالفة الذكر بأن المحامى ان يشترط فى أى وقت أتعابا مقابل عمله ويقع صحيحا كل اتفاق يعقده المحامى مع موكله على أتعابه عن وحدات العمل.
وحيث أن هذا النعى مردود ذلك بأنه وأن كانت المادة 704/ 2 من القانون المدنى على أنه "إذا كانت الوكالة بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائما فى تنفيذها عناية الرجال المعتاد" مما مفاده أن التزام الوكيل فى تنفيذ الوكالة هو التزام ببذل عناية لا التزاما بتحقيق غاية، إلا أنه لا شئ يمنع من الاتفاق على أن يكون التزام الوكيل بتحقيق غاية ومن ذلك أن يتفق الموكل مع المحامى على ألا يستحق الأتعاب أو على ألا يستحق المؤخر منها إلا إذا كسب الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت بالاقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 أن الطاعن لا يستحق الأتعاب المبينة به إلا بعد صدور حكم نهائى فى الدعوى بزيادة ثمن المتر عن أربعة جنيهات فان التزام الطاعن وفق هذا الإقرار يكون التزاما بتحقيق غاية ويكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب السابع والثامن والتاسع مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه تفسيره وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الاقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 بطلانا مطلقا يقع من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تقريره بحكم قضائى ولا تصححه إجازة ولا يرد عليه سقوط حالة أن هذا الإقرار لا يبطل حتى على فرض صدوره قبل انتهاء الطعن من عمله وأنما يخضع فقط لسلطة القاضى فى تعديل الأتعاب ذلك أن الالتزام الذى قراره الموكلون بمقتضى الإقرار لا يمس النظام العام ولا يخل بالآداب ولا يمس إلا ذمتهم، وحتى على فرض وجود بطلان فإنه لا يأخذ شكل البطلان المطلق ذلك أن حكمة النص على تدخل القاضى بسلطته فى تعديل الإقرار أو الاتفاق على الاتعاب المخالفة لأحكام المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 هى حماية الموكل من تأثيرات نفسه وأفكاره الشخصية التى تحوطه عند التعاقد مع محامية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتفسيره حينما قرر بطلان الإقرار.
وحيث إن النعى مردود ذلك بأنه وإن كان الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته فى العقد إلا أن المشرع لاحظ أن مركز المتعاقدين فى بعض العقود لا يكون متكافئا بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوى فى الآخر الضعيف فيستغله أو يعامله بشروط قاسية فتدخل فى هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلا كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانة مطلقا لا يزول أثره بالأجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضى من تلقاء نفسه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى، ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع فى المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 من نهى المحامى عن الاتفاق على مقابل ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها ونهية بصفة عامة عن كل اتفاق من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى - وقد جرى قضاء هذه المحكمة - باعتبار كل اتفاق من هذا القبيل باطلا، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فى أعمال المادة 44 من قانون المحاماة سالف الذكر الذى تم توكيل الطاعن فى ظله وأعتبر الاتفاق المؤرخ 13/ 4/ 1967 باطلا بطلانا مطلقا فإن النعى بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب العاشر والحادى عشر والثانى عشر مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره والقصور فى التسبيب وتناقضه وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى عدم انطباق قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 على مادة النزاع بحجة أن الإقرار أبرم وتحقق بطلانة يوم صدورة فى 13/ 4/ 1967 فى ظل قانون المحاماة الملغى رقم 96 لستة 1957 فيبقى محكوما بنصوصة فعاب الحكم مخالفة القانون الحالى الواجب التطبيق باثر فورى من تاريخ نشرة كما عابة تطبيق القانون رقم 96 لسنة 1957 بعد إلغائه رغم أن القوانين الجديدة يعمل بها من وقت صدورها ويبطل فى الحال العمل بالقوانين السابقة. كما ذهب الحكم إلى أن تطبيق القانون الجديد على الإقرار يؤدى إلى أعماله بأثر رجعى ويمس الحق المكتسب للمطعون ضدهم فى بطلان الاقرار بينما استند الحكم إلى ذات الإقرار فى القضاء للطاعن بحسب الاتعاب التى قضى له بها فتناقضت بذلك أسبابه وخالف القانون لأن البطلان المزعوم لم يستقر الحكم فيه حتى صدور القانون الجديد الذى قرر مشروعية الاتفاق بازالة اسبابه بإلغاء الشارع قيود اتفاقات المحامين مع موكليهم فى المادة 44 من القانون رقم 96 لسنة 1957 واطلاق هذه الاتفاقات فى المادة 10 من القانون رقم 61 لسنة 1968 ومن ثم لا يكتسب المطعون ضدهم أى حق فى التمسك بهذا البطلان وان صدور تشريع جديد يبيح مثل هذا الاتفاق يرتد إلى وقت صدور الإقرار وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الاقرار رغم ذلك يكون قد خالف القانون فضلا عن وقوعه باطلا بسبب قصور تسبيبه لعدم رده على هذا الدفاع الجوهرى الثابت بمذكرات الطاعن.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الأصل ألا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضى لتطبق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت فى الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضى عند بحثه فى هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون الذى نشأت فى ظله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن المحكمة لا ترى "محلا للبحث فيما إذا كان قانون المحاماة الجديد رقم 61 لسنة 1968 قد جعل أمثال هذه الاتفاقات مشروعة من عدمه، لأنه حتى بفرض التسليم جدلا بأن القانون الجديد خالف أحكام قانون المحاماة القديم رقم 96 لسنة 1957 فى هذه الخصوصية فإن مثل هذا الاتفاق المنعقد بتاريخ 13/ 4/ 1967 يكون محكوما بنصوص القانون القديم وحده بإعتبار أنه أبرم وتم وتحققت آثاره فى ظله، إذ أنه أبرم وحقق أثره (وهو بطلان) قبل صدور قانون المحاماة الجديد باعتبار أن البطلان فى هذه الصورة هو بطلان مطلق يتحقق بوجود وقوعه ودون حاجة إلى صدور حكم بتقريره فالمطالبة بتطبيق أحكام القانون الجديد على مثل هذا الاتفاق تنطوى على مطالبة بسريانه على الماضى وعلى مخالفة لأحكام الاثر المباشر للقانون وعلى مساس بالحق المكتسب للموكلين فى البطلان الذى تقرر لصالحهم تلقائيا قبل أن يعمل بالقانون الجديد" فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم يتفق وصحيح القانون وفيه الرد الكافى على دفاع الطاعن بما يباعد بينه وبين عيب القصور، أما عن القول بوجود تناقض القضاء ببطلان الإقرار والحكم للطاعن بأتعاب استنادا إلى ذات الإقرار فهو مردود بما هو مقرر من أنه وإن كانت المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 بأنه لا يجوز للمحامى أن يتفق على أجر ينسب إلى قدر أو قيمة ما هو مطلوب فى الدعوى أو ما يحكم به فيها وبصفة عامة لا يجوز له أن يعقد اتفاقا من شأنه أن يجعل له مصلحة فى الدعوى وأن كل اتفاق من هذا القبيل يعتبر باطلا إلا أن البطلان فى هذا الحالة إنما ينصرف إلى تحديد قيمة الأتعاب المتفق عليها ولا يترتب عليه حرمان المحامى من الأتعاب ما دام قد قام بالعمل الموكل فيه وإنما يكون على القاضى أن يستبعد التقدير المتفق عليه ويقوم هو بتقدير أتعاب المحامى وفقا لما يستصوبه وهذا هو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بقوله. "وحيث أن الذى ببطل هذا الاتفاق هو ما تضمنه من تحديد للأتعاب بنسبة 25% سالفة الذكر ولكن هذا الاتفاق يكون صحيحا فيما تضمنه من أحكام أخرى انصرفت إليها إرادة المتعاقدين المفترضة وأخصها زيادة أتعاب المحاماة عن خمسين جنيها"... ومن ثم النعى بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالت عشر هو مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الإقرار موضوع النزاع له وصف الوعد بالجائزة بحكم صدوره عن الإرادة المنفردة لموكليه ويعفى لذلك من قيود اتفاقات المحامين المنصوص عليها بالمادة 44 من قانون المحاماة القديم وقد رد الحكم الابتدائى على ذلك بادعاء أن الجائزة المنصوص عليها المادة 162 من القانون المدنى لا تكون عن عمل ولا تكون لشخص معين كالوكيل وقد طعن على هذا الحكم بالاستئناف مبينا خطأ ما ذهب إليه الحكم المستأنف إذ أنه كما يجوز الوعد بها للناس كافة يجوز أن يكون لشخص معين ويجوز أن يتلقى الوعد بها محامٍ جزاء أحسانه فى أداء العمل الذى يكلفه به موكله فتختلط الجائزة فى هذه الحالة بالأجر إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الوجه من أوجه طعن الطاعن على الحكم واكتفى بالإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الوعد بالجائزة على ما تشترطه المادة 162 من القانون المدنى يقوم أساسا على توافر أركان معينة منها أن توجه الإرادة إلى الجمهور أى إلى أشخاص غير معينين فإذا ما وجهت إلى شخص معين خرجت عن أن تكون وعدا بجائزة وسرت عليها قواعد الإيجاب فلا بد أن يقترن بها القبول وتصبح عقدا لإرادة منفردة. لما كان ذلك وكان الإقرار موضوع النزاع لا يعد وأن يكون اتفاقا بين الطاعن وموكليه على قدر الأتعاب المستحقة له فإن شروط المادة 162 سالفة الذكر تكون قد تخلفت ويكون الحكم فيما انتهى إليه قد صادف صحيح القانون ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب الرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين مخالفة القانون وقصور التسبيب وفساد الاستدلال وابتناؤه على ما ليس فى الأوراق وقال الطاعن فى بيان ذلك أنه تمسك فى درجتى التقاضى بطلب الحكم له احتياطيا بمقتضى قواعد العرف التى تحدد الأتعاب فى مصر والعالم العربى بإعتبار أن العرف شريعه القاضى الواجبة التطبيق ولو لم يطلبها الخصوم بسبب عدم وجود نص تشريعى يحدد هذه الأتعاب وقد ساد العرف جميع أنحاء العالم العربى بتقرير حق المحامى بنسبة 25% من أموال موكله المتنازع بشأنها إلا أن الحكم لم يحصل هذا الدفاع الجوهرى وأهمل الرد عليه وقضى على خلاف ذلك العرف مما يعيبه بمخالفة القانون وقصور التسبيب فضلا عما شابه من فساد فى الاستدلال فى تقدير جهد الطاعن بحصر عدد الجلسات التى حضرها والإشارة إلى تقديمه مذكرة وحيدة لأن المحامى ليس من أصحاب الحرف الذين تحدد أجورهم على قدر ما بذلوا من مجهودات عضلية وإنما يوزن جهد المحامى بما يوزن به جهد المخترع والفنان وغيرهم من أرباب المهن الحرة، ولقد بين الطاعن أسس تقدير أتعاب المحامين ليسير الحكم على منوالها فيما لو أبطل العمل بإقرار موكليه ومنها أهمية الدعوى وما حصل عليه موكلوه من زيادة فى السعر وما بذله الطاعن من جهد كما أوضح أن القانون الجديد حدد أتعاب المحامى فى أحوال تقديرها بحد أقصى 20% وبحد أدنى قدره 5% وكان يتعين على الحكم أن يقضى بتقدير اتعاب الطاعن وفق الأسس السالفه إلا أنه لم يحصلها فى أسبابه والتفت عنها جميعا وقدر أتعابه بمبلغ 325 جنيه مؤسسا هذا التقدير على أسباب مجهلة كما شاب الحكم أيضا فساد فى الاستدلال وجاء قضاؤه مبنيا على ما ليس فى الأوراق عندما وضع فى الاعتبار عند الفصل فى طلبات الطاعن خصم مقابل التحسين بناء على خطاب موجه من جهة الإدارة إلى المطعون ضدهم يفيد خصمها مبلغ 11185.65 جنيها مقابل تحسين وذلك رغم منازعته فى صحة إثبات هذا الخطاب لوفاء مقابل التحسين المنوه عنه لأن عباراته تفيد أن غير نهائى وجائز الطعن فيه، كذلك خالف الحكم أحكام القانون حين بسط المنازعة على الاتفاق السابق المؤرخ 12/ 12/ 1966 وقضى بخصم 50 جنيها موضوع هذا الاتفاق من الأتعاب المقررة.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك بأن مفاد النص فى المادة الأولى من القانون المدنى على أن "تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها هذه النصوص فى لفظها أو فحواها. فإذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه حكم القاضى بمقتضى العرف" إنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز التحدى بالعرف إلا إذا لم يوجد نص تشريعى، وقد نصت فى المادة 44 من قانون المحاماة 96 لسنة 1957 الذى تم توكيل الطاعن فى ظله على أن يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى وثروة الموكل والجهد الذى بذله المحامى ومن المقرر أن هذه العناصر ليست واردة على سبيل الحصر ومن ثم فليس ما يمنع محكمة الموضوع من أن تدخل فى الاعتبار عند تقديرها الأتعاب إلى جانبها لما تراه من عناصر أخرى مثل ما عاد على الموكل من منفعة مباشرة بسبب جهد المحامى لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائى عند تقديره لأتعاب الطاعن قد استعرض الأسس التى يتم على أساسها تقدير أتعاب المحامى ثم فصل هذه الأسس ثم بين ما بذله الطاعن من جهود وانتهى إلى تقدير أتعاب الطاعن على أساس قوله "ونظر لأن الأستاذ........ فى سبيل المحافظة على حقوق موكليه وإخلاصا منه لواجبة لم يشأ أن يسلم بما انتهى إليه الخبير فى تقريره وإنما أعد مذكرة دفاعه على أسس طلبات موكليه الأولى مفندا فيها تقرير الخبير ناعيا عليه عدم الالتفات إلى المستندات المقدمة مبرزا أنه لم يحدث أن بيعت أرض فى حوض النزاع بمثل ما قدره الخبير مما كان له أثر فى صدور الحكم لصالح المدعى عليهم........ فإن المحكمة تقدر أتعاب الأستاذ....... على ضوء ما بذله من جهد وما عاد على المدعى عليهم المذكورين من منفعة مباشرة بسبب هذا الجهد فضلا عن أهمية الدعوى بمبلغ 300 جنيه آخذة بعين الاعتبار إن اتصال......... بالدعويين رقمى 941، 2188 سنة 1963 مدنى كلى القاهرة لم يحدث إلا أخيرا وأن دفاعه فى مذكرته قد تأسس على ما كان سلفه وموكلوه قد تقدموا به من مستندات فى سبيل تأييد وجهة نظرهم" ثم جاء الحكم المطعون فيه وأورد ما يأتى:
وحيث إنه فى مقام تقدير جهد المحامى فى القضية رقم 941 لسنة 1963 كلى القاهرة أوضح الموكلون أنه وكل فيها مؤخرا فحضر عددا محصورا من الجلسات وتقدم بمذكرة وحيدة واشاروا أيضا إلى أن المحكمة وأن رفعت قيمة المتر المربع من الأرض إلى عشرة جنيهات إلا أنهم لم يستفيدوا هذه القيمة كاملة بل أن جهة الإدارة خصمت منها مبلغ 11185 جنيها، 650 مليما مقابل تحسين ويبدو أنهم أرادوا بذلك الإشارة إلى ما تضمنه إتفاق 13/ 4/ 1967 الموقع منهم من نص على أن الزيادة التى اتفق عليها فى أتعاب المحامى لا تنسب إلى قيمة الأرض كما تقدرها المحكمة بل إلى صافى ما يقبضونه منها..... إلخ.
وحيث إن المحكمة بعد إطلاعها على الأوراق وبعد مراعاة ظروف الدعوى 941 لسنة 1963 مدنى القاهرة وأخذا فى التقدير بوضع كل من الموكلين والوكيل ترى تقدير أتعاب الأستاذ المحامى بمبلغ 325 جنيها تأسيسا على ما تقدم وعلى ما أوردته محكمة أول درجة من أسباب موضوعية فى مقام تقديرها للأتعاب. فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وقصور التسبيب وفساد الاستدلال يكون على غير أساس، أما ما أثاره الطاعن فى شأن مقابل التحسين فإن الحكم لم يقطع بأن هذا المقابل أصبح نهائيا وكل ما تعرض له الحكم فى هذا الخصوص هو الخطاب المقدم بشأنه من المطعون ضدهم وكان الطاعن قد أنكر صلة هذا الخطاب بأرض النزاع فرد عليه الحكم بما يفيد أنه خاص بها ودون أن يقطع بنهائية هذا التقدير أو بإداء المطعون ضدهم لمقابل التحسين بل أن الحكم لم يفصح عن أنه يضع ذلك موضع اعتباره فى التقدير فضلا عن أن منصوص فى الإقرار أن استحقاق الطاعن لأتعابه يكون عن صافى الزيادة ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص بفساد الاستدلال وإبتنائه على ما ليس فى الأوراق يكون غير سليم.
أما عن النعى بمخالفة الحكم للقانون بمقوله بسطه لمنازعة الطاعن بالرغم منه على الإقرار المؤرخ 12/ 12/ 1966 بقضائه بخصم 50 جنيها موضوع هذا الاتفاق من الأتعاب المقررة فهو نعى غير صحيح ذلك أن المحكمة لم تتعرض لهذا الاتفاق بل قامت بتقدير أتعاب الطاعن عن جهده فى الدعوى برمتها وخصمت ما سبق أن تقاضاه وأودع لحسابه من هذه الأتعاب.
وحيث إن حاصل السبب الخامس عشر الخطأ فى تطبيق القانون وقصور التسبيب وقال فى بيان ذلك أنه ادعى فى مذكراته بدرجتى التقاضى بالغاء قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 سند موكليه وسند الحكم الابتدائى فى ابطال الإقرار المؤرخ 13/ 4/ 1967 وبرر مدعاه بتناقض أحكام ذلك القانون مع ميثاق المؤتمر الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 للأسباب المبينة بدفاع البند (ثانيا) من الفصل الثانى ابتداء بصفحة 12 من مذكرته المقدمة لجلسة 15/ 1/ 1967 إلى المحكمة أول درجة. وبرغم ذلك أعمل الحكم القانون المذكور وقضى ببطلان إقرار موكليه استنادا إلى أحكامه فأهدر بذلك شريعة الميثاق التى تعلو عليه والتى يتعين تطبيقها عند الاختلاف بينها وبين أحكامه ومن ثم كان قضاء الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون، كما وقع باطلا لعدم تحصيله هذا الدفاع من أوراق الدعوى ولإهماله الرد عليه.
وحيث إن النعى مردود ذلك أن الطاعن لم يبين أوجه التناقض بين أحكام القانون 96 لسنة 1957 وميثاق العمل الوطنى الصادر فى 21/ 5/ 1962 والتى يقول أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حين أهمل أثرها فى الغاء هذا القانون وشابه القصور إذ لم يحصلها وأغفل الرد عليها وقد اكتفى الطاعن بالإحالة فى ذلك إلى ما جاء بالمذكرة المقدمة منه فى الملف الابتدائى لجلسة 15/ 1/ 1967 دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما يتحدى به ومن ثم فإن النعى بهذا السبب يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الحادى والعشرين مخالفة القانون وقال الطاعن فى بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه رفض طلب إلزام موكله بفوائد دين أتعابه استنادا إلى أن شرط استحقاق الفوائد أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار ليس للقضاء فيه سلطة تقدير حالة أن الطاعن حدد مقدار دينه عند المطالبة القضائية به ولا يشكك فى تعيين مقداره تعديله من الفضاء إلى أكثر أو أقل من ذلك.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المادة 226 من القانون المدنى قد اشترطت لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود يكون محل الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة فى التقدير وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الاتفاق موضوع الدعوى بخصوص ما تضمنه من تحديد الأتعاب بنسبة 25% وقدر فى حدود سلطته الموضوعية أتعاب الطاعن بمبلغ 325 جنيها ثم اعتبر هذه الأتعاب غير معينة المقدار وقت الطلب ورتب على ذلك أن الفوائد المستحقة عن المبلغ المحكوم به لا تسرى إلا من تاريخ صدور الحكم إذ كان ذلك فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق