الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 384 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 127 ص 875

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(127)
الطعن رقم 384 لسنة 34 القضائية

(أ) وقف. "مسئولية ناظر الوقف".
تقصير ناظر الوقف نحو أعيانه أو غلاته. ضمان ما ينشأ من تقصيره الجسيم. لا يسأل عن التقصير اليسير إلا إذا كان له أجر على النظر.
(ب) وقف. "مسئولية ناظر الوقف". "الغبن الفاحش في إيجار الوقف". إجارة.
اختلاف فقهاء الشريعة الإسلامية في ضمان متولي الوقف الغبن الفاحش في أجر عقار الوقف من عدمه. غالبية المتأخرين من الفقهاء يرون ضمان الغبن الفاحش ولو كان متعمداً أو عالماً به. هذا الرأي تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر. تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به. اعتباره تقصيراً جسيماً يسأل عنه دائماً.
(ج) إجارة. "إجارة الوقف". "مسئولية ناظر الوقف". وقف.
عدم صحة إجارة الوقف بالغبن الفاحش. عدم بيان المادة 631 من القانون المدني مسئولية ناظر الوقف عن هذا الغبن. خلو المواد الأخرى في القانون المدني من تحديد هذه المسئولية.

--------------
1 - إذا قصر ناظر الوقف نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامناً دائماً لما ينشأ عن تقصيره الجسيم أما ما ينشأ عن تقصيره اليسير فلا يضمنه إلا إذا كان له أجر على النظر. وهو ما نصت عليه المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946.
2 - اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية فيما إذا كان متولي الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه وإنما يلزم المستأجر أجر المثل وقال البعض من هؤلاء أن المتولي يلزمه تمام أجر المثل وذهب رأي ثالث إلى أن المتولي يضمن نصفه ونصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولي يضمن الغبن الفاحش لو كان متعمداً وعلى قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون جناية تستوجب عزله. وهذا الرأي الأخير هو ما تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائماً.
3 - اقتصرت المادة 631 من القانون المدني على تقرير أن إجارة الوقف بالغبن الفاحش لا تصح، دون أن تبين مسئولية ناظر الوقف عن هذا الغبن كما خلت المواد الأخرى الواردة في القانون المدني في الباب الخاص بإيجار الوقف من تحديد هذه المسئولية لأن موضعها خارج عن نطاق هذا الباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الأوقاف "المطعون ضدها الأولى" أقامت الدعوى رقم 514 سنة 1959 كلي طنطا على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وقالت في بيانها إنه بموجب عقد تاريخه 21/ 9/ 1951 أجر الطاعن بصفته ناظراً على وقف عبد اللطيف فايد الخيري إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث أرضاً زراعية للوقف المذكور مساحتها 84 ف و13 ط و10 س لمدة ثلاث سنوات تنتهي في آخر سنة 1954 الزراعية بإيجار سنوي قدره 1353 ج أي بواقع 16 ج للفدان الواحد سنوياً وقد تبين لوزارة الأوقاف بعد حلولها بمقتضى القانون رقم 247 سنة 1952 محل الطاعن في النظر على هذا الوقت أن هذه الإجارة فيها غبن فاحش لأن أجر المثل للفدان من الأرض المؤجرة لا يقل عن 130 جنيهاً سنوياً في عام 1951 و1952 الزراعية ولا عن 27 ج و440 م في كل من السنتين التاليتين، وأنه إذ كانت المادة 362 من القانون المدني توجب على المستأجر لأرض الوقف في حالة استئجاره لها بغبن فاحش تكملة الأجرة إلى أجر المثل وكان يحق للوزارة أن تطالب بصفتها ناظرة للوقف مستأجري الأرض بقيمة الفرق بين الإيجار المتفق عليه وأجر المثل عن المدة الواردة بالعقد وقدره 3118 ج و538 م كما أن الطاعن يعتبر مسئولاً شخصياً عن هذا المبلغ لإساءته إدارة الوقف وتأجيره لأعيانه بغبن فاحش فقد انتهت الوزارة إلى طلب الحكم أصلياً بإلزام المطعون عليهما الثاني والثالث المستأجرين متضامنين بأن يدفعا لها بصفتها المبلغ سالف البيان واحتياطياً بإلزام الطاعن بأدائه لها على سبيل التعويض. وفي 27/ 12/ 1960 حكمت المحكمة (أولاً) في الطلب الأصلي برفض الدعوى قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث على أساس أنه لا يجوز مطالبتهما بتكملة الأجرة بعد انتهاء عقد الإيجار. (ثانياً) وفي الطلب الاحتياطي وقبل الفصل في موضوعه بندب أحد خبراء وزارة العدل للانتقال إلى الأطيان موضوع الدعوى ومعاينتها وتقدير أجر المثل لها في 21/ 9/ 1951 تاريخ تحرير عقد الإيجار - وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 17 إبريل سنة 1962 برفض الدعوى قبل الطاعن - فاستأنفت الوزارة قضاءها لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 281 سنة 12 قضائية وفي 14/ 4/ 1964 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للوزارة بصفتها مبلغ 2166 ج و780 م فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتين دفعت في الأخيرة منهما ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث وبرفضه موضوعاً بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثاني.
وحيث إن النيابة أسست الدفع ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث على عدم قيام الطاعن بإعلانه بالطعن.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 13 يونيو سنة 1965 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون وقد خلت الأوراق مما يثبت قيام الطاعن بإعلان تقرير الطعن للمطعون ضده الثالث خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ العمل بذلك القانون وحتى انقضى الميعاد الذي منحه إياه القانون رقم 4 لسنة 1967 ومن ثم يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة له ولما كان هذا الطعن موجهاً إلى قضاء الحكم في الطلب الاحتياطي الذي تنحصر الخصومة فيه بين الطاعن والمطعون ضده الأول بصفته الذي أعلن بالطعن ولم يكن المطعون ضده الثالث الذي لم يعلن طرفاً في هذه الخصومة ولم يقض له الحكم المطعون فيه بشيء مما يجعل اختصامه في هذا الطعن غير لازم بل وغير جائز فإن بطلان الطعن بالنسبة إليه لا يترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة لمن أعلن من الخصوم.
وحيث إن الطعن غير مقبول أيضاً بالنسبة للمطعون ضده الثاني لأنه كالمطعون ضده الثالث لم يكن طرفاً في الطلب الاحتياطي الذي اقتصر الطعن على قضاء الحكم فيه ولم يقض له هذا الحكم بشيء مما يجعل اختصامه في هذا الطعن غير جائز.
وحيث إنه بالنسبة للمطعون ضده الأول "وزير الأوقاف بصفته" فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور لم يبين السند القانوني الذي يوجب إلزامه وهو ناظر الوقف السابق بأن يدفع من ماله الخاص قيمة الغبن الفاحش وهي الفرق بين الأجرة التي أجر بها أعيان الوقف وبين أجر المثل إذ أن الحكم المطعون فيه بعد أن خطأ محكمة أول درجة في عدم أخذها بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير الذي عينته من حيث اعتبار الإيجار الصادر من الطاعن بغبن فاحش وأورد الأسباب التي تجعله يأخذ بهذه النتيجة انتهى إلى القول "بأنه لما تقدم ولأن المادة 631 من القانون المدني تنص على أنه لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش يتعين إلزام الطاعن بما ضاع على الوقف بسبب تفريطه" - وهذا الذي ذكره الحكم ليس فيه بيان للسند القانوني الذي استند إليه في إلزام الطاعن بقيمة الغبن لأن المادة 631 التي أشار إليها الحكم لا تلزم ناظر الوقف بشيء في حالة تأجيره أعيانه بالغبن الفاحش وإنما تلزم المستأجر بتكملة الأجرة إلى أجر المثل ومن ثم فلا تصلح هذه المادة سنداً قانونياً لإلزام الطاعن بما ألزمه به الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك لأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأصلي الذي كان موجهاً إلى المستأجرين عرض للطلب الاحتياطي الموجه إلى الطاعن وأورد الأسباب التي تجعله يخالف الحكم الابتدائي ويأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير من اعتبار أجر المثل للفدان من الأرض المؤجرة من الطاعن بصفته ناظراً للوقف 25 ج مما يعتبر معه الإيجار حاصلاً بالغبن الفاحش ثم قال الحكم "وحيث إنه لما تقدم وكانت المادة 631 مدني تنص على أنه لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش وكان يبين من أوراق الدعوى أن المستأنف عليه الثالث (الطاعن) الناظر السابق على الوقف وإن كان قد نشر في إحدى الجرائد عن مزايدة لتأجير أطيان الوقف إلا أنه لم يقدم ما يدل على قيامه بإجراء المزايدة وأجر أطيان الوقف للمستأنف عليهما الأول والثاني مع أن ناظر الوقف يلزمه التحري في تصرفاته حتى تكون موافقة لصالح الوقف مما يترتب عليه ضياع غلة الوقف بتفريطه ومن ثم فعليه ضمانها" - ولما كانت المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 التي تحدد مسئولية ناظر الوقف تنص على أنه "يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين.. والناظر مسئول عما ينشأ عن تقصيره الجسيم نحو أعيان الوقف وغلاته وهوة مسئول أيضاً عن تقصيره اليسير إذا كان له أجر على النظر" وحكم هذه المادة إن هو إلا ترديد لحكم المادة 521 من القانون المدني الملغي وإعمال لحكم المادة 704 من القانون المدني القائم وهما المادتان اللتان تحددان مسئولية الوكيل بصفة عامة - ومفاد ذلك أن ناظر الوقف إذا قصر نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامناً دائماً لما ينشأ عن تقصيره الجسيم أما ما ينشأ عن تقصيره اليسير فلا يضمنه إلا إذا كان له أجر على النظر - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن سجل على الطاعن التفريط إلا أنه لم يبين ما إذا كان هذا التفريط الذي أسنده إليه يصل إلى حد التقصير الجسيم الذي يجعل الناظر ضامناً دائماً أم هو من قبيل التقصير اليسير الذي لا يسأل عنه إلا إذا كان يعمل في الوقف بأجر وفي هذه الحالة يجب التثبت من وجود الأجر وعدمه وهو الأمر الذي غفل الحكم أيضاً عن إظهاره - لما كان ذلك وكانت أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية ليس فيها ما يغني هذه المحكمة عن بيان الحكم للأمور المتقدمة فقد اختلفوا فيما إذا كان متولي الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه وإنما يلزم المستأجر أجر المثل وقال البعض من هؤلاء إن المتولي يلزمه تمام أجر المثل لأنه كالأب على مال الصغير ليس لأيهما ولاية الحط وذهب رأي ثالث إلى أن المتولي يضمن نصفه ونصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولي يضمن الغبن الفاحش لو كان متعمداً وعلى قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون خيانة تستوجب عزله وهذا الرأي هو ما تأخذ به هذه المحكمة لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائماً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد غفل فيما غفل عن بيانه عن إظهار ما إذا كان الطاعن متعمداً التأجير بالغبن الفاحش أو عالماً به أو أنه كان حسن النية في ذلك - وكان لا غناء في استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة 631 من القانون المدني لأنها اقتصرت على تقرير أن إجارة الوقف بالغبن الفاحش لا تصح دون أن تبين مسئولية الناظر عن هذا الغبن كما خلت المواد الأخرى الواردة في القانون المدني في الباب الخاص بإيجار الوقف من تحديد هذه المسئولية لأن موضعها خارج عن نطاق هذا الباب - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا من بيان السند القانوني لقضائه وأعجز محكمة النقض عن ممارسة وظيفتها في مراقبة صحة تطبيقه للقانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق