الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 387 لسنة 37 ق جلسة 8 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 32 ص 175

جلسة 8 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين.

---------------

(32)
الطعن رقم 387 لسنة 37 القضائية

(1) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب" حيازة. "شروط وضع اليد".
الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم. شروطها. عدم لزوم علم المالك بها علم اليقين. كفاية أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها.
(2) محكمة الموضوع. نقض. "سلطة محكمة النقض". حيازة.
سلطة محكمة الموضوع في التحقق من استيفاء الحيازة لشروطها. لا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3 و4) حيازة.
(3) كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري. عدم إخلاله بصفة الاستمرار.
(4) العبرة - في الحيازة - بالحيازة الفعلية، وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.
(5) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم "التقادم المكسب". حيازة. إيجار.
استئجار المطعون عليه أرض النزاع من مصلحة الأملاك في سنة 1943. شراؤه هذه الأرض من مورثه بعقد مسجل في سنة 1948. تمسكه بملكية البائع بالتقادم الطويل. قضاء الحكم المطعون فه بثبوت هذه الملكية تأسيساً على أن البائع حاز تلك الأرض بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع وأن عقد الاستئجار لم ينفذ بالتسليم. لا خطأ.
(6) دعوى. "مصروفات الدعوى".
مصاريف الدعوى يحكم بها على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها. م 357 مرافعات سابق. الخصم المدخل للحكم في مواجهته والذي لم يكن له شأن بالنزاع. عدم جواز إلزامه بالمصروفات.

---------------
1 - الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم، وإن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء أو اللبس في قصد التملك بالحيازة، كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته، وبقدر الحاجة إلى استعماله، إلا أنه لا يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين، وإنما يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها، ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء في كل الأوقات دون انقطاع، وإنما يكفي أن يستعمله كما يستعمله المالك في العادة، على فترات متقاربة منتظمة.
3 - كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري لا يفيد أن الحيازة متقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار.
4 - العبرة - في الحيازة - بالحيازة الفعلية، وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.
5 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى من الأسباب السائغة التي أوردها إلى أن مورث المطعون عليه قد حاز الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بنية التملك وبصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه في سنة 1948، وأن عقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليه في سنة 1943 لم ينفذ بالتسليم، وكان هذا العقد حجة على المتعاقدين لا ينصرف أثره إلى المورث الذي لم يكن طرفاً فيه، ولا يعتبر صفته ولا يجعل حيازته عرضية، وهو لم يقترن بتسليم العين للمستأجر وحيازتها لحساب مصلحة الأملاك، فلا يكون له تأثير على حيازة المورث الأصلية، وتظل مع استمرارها صحيحة، لا هي عرضية وقتية، ولا هي مفقودة أو مقطوعة ويترتب عليها أثرها في كسب الملك، ولا يحول العقد دون تمسك المستأجر بحق سلفه في كسب الملك بالتقادم، لأنه لا يدعي حيازة لنفسه على خلاف سنده، وإنما يدعي بحق في الحيازة اكتمل لسلفه، ولا وجه للتحدي باعترافه بالملكية لمصلحة الأملاك بمقتضى عقد الإيجار، لأنه لا يملك النزول عن حق سلفه قبل انتقاله إليه، وكان الثابت أن مورث المطعون عليه باع الأرض المتنازع عليها إلى المطعون عليه بعقد مسجل بتاريخ 13/ 4/ 1948 وأن المطعون عليه تمسك بملكية البائع لهذه الأرض بالتقادم الطويل، ولم يتمسك بحيازة يدعيها لنفسه على خلاف عقد الإيجار، فإن الحكم إذ قضى بثبوت ملكية البائع بالتقادم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
6 - مصاريف الدعوى لا يحكم بها - على مقتضى المادة 357 من قانون المرافعات السابق إلا على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها. وإذ كان الثابت أن الطاعن الأول أقام الدعوى على المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته للأرض المبينة بصحيفتها، وببطلان عقود البيع الصادرة لهم عن هذه الأرض. وشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة عليها، وأنه أدخل فيها الطاعن الثاني بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته، وأن الطاعن الثاني لم يدفع الدعوى بشيء، ولم يكن له شأن في النزاع الذي دار فيها أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامه مع الطاعن الأول بالمصروفات، فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزير الشئون البلدية والقروية أقام الدعوى رقم 242 سنة 1957 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم وطلب في مواجهة الطاعن الثاني الحكم (أولاً) بثبوت ملكية الحكومة إلى قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى الكائنة بزمام بندر المطرية وتسليمها خالية مما يشغلها وإزالة ما عليها من غراس ومنشآت وغيرها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم وإلا قام بإزالتها على نفقتهم. (ثانياً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم بتاريخ 13/ 4/ 1948 والذي بمقتضاه باع مورث المدعى عليهم من الثاني حتى العاشر هذه القطعة إلى المدعى عليه الأول (ثالثاً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2224 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وهو الذي بمقتضاه باع المدعى عليه الأول 65 متراً من هذه القطعة إلى المدعى عليه الحادي عشر (رابعاً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2225 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وهو الذي بمقتضاه باع المدعى عليه الأول 130 متراً من هذه القطعة إلى المدعى عليهما الثاني عشر والثالث عشر (خامساً) إلغاء التأشيرات والتسجيلات المترتبة على هذه العقود الباطلة (سادساً) إلزام المدعى عليهم عدا الأخير بالمصروفات والأتعاب. وقال بياناً للدعوى إن الحكومة تملك ببندر المطرية قطعة أرض مساحتها 780 متراً مربعاً برقمي 344 و345 في المربع 124 وهي واردة في سجل مساحة فك الزمام باسم الحكومة ضمن القطعة 1 بحوض/ 1 في زمام العصافرة المتداخلة في كردون بندر المطرية وكانت الحكومة تباشر عليها كافة حقوقها وتقوم بتأجيرها للأفراد، وأن المدعى عليه الأول استأجرها بعقد مؤرخ 27/ 4/ 1943 لمدة سنة يبدأ من 1/ 1/ 1943 إلا أنه تواطأ مع والده إضراراً بالحكومة على أن بيعه والده هذه القطعة بموجب عقد مسجل برقم 2620 بتاريخ 3/ 4/ 1948 نص فيه على أن البائع تملكها بوضع اليد المدة الطويلة قبل سنة 1924، وقام المدعى عليه الأول ببيع جزء منها مساحته 65 متراً مربعاً إلى المدعى عليه الحادي عشر بعقد مسجل تحت رقم 2224 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وببيع جزء مساحته 130متراً مربعاً إلى المدعى عليهما الثاني عشر والثالث عشر بعقد مسجل تحت رقم 2225 بتاريخ 24/ 4/ 1952، وانتهى من ذلك إلى طلب الحكم له بالطلبات، وبتاريخ 14/ 2/ 1961 حكمت المحكمة بندب خبير لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه، ثم عادت بتاريخ 17/ 11/ 1964 فحكمت بثبوت ملكية المدعي إلى هذه القطعة وببطلان عقود البيع المشار إليها وإلغاء التأشيرات والتسجيلات المترتبة عليها، وذلك في مواجهة المدعى عليه الرابع عشر وألزمت المدعى عليه الأول بالمصروفات. واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 311 سنة 16 قضائية. وبتاريخ 4/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن مورث المستأنفين العشرة الأول والبائع للمستأنف الأول وضع يده على الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للتملك بشروطها القانونية، وبعد أن نفذت هذا الحكم وبتاريخ 9/ 5/ 1967 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهما وإلزامهما بصفتهما بالمصروفات عن الدرجتين ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت نقض الحكم نقضاً جزئياً وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل الأسباب الثلاثة الأولى أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن الأول مستنداً في ذلك إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون عليهم وما جاء بتقرير الخبير من أن والد المطعون عليهم تملك الأرض موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وهو من الحكم قصور وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون من وجوه (أولها) أن أقوال شاهدي المطعون عليهم وتقرير الخبير لا تتضمن مظاهر وضع اليد من جانب والد المطعون عليه الأول لأن قيامه بردم الأرض موضوع النزاع منذ أربعين سنة دون اتخاذ أي مظهر آخر أو القيام بنزع بعض الأعشاب منها والحصول على شهادة من الجيران بوضع يده عليها لتقديمها إلى الشهر العقاري لا يدل على حيازة قانونية تؤدي إلى اكتساب ملكيتها بالتقادم (وثانيها) أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة بأن ردم الأرض - إن صح حدوثه - يعتبر من قبيل التسامح لأن الثابت بالأوراق أن أرض النزاع كانت جزءاً من بحيرة المنزلة، وأن مجرد ردمها في مدة شهر لاستغلالها لا يفيد استمرار الحيازة وإنما هو سبيل لبدء حيازتها بالزراعة أو البناء إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الذي يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف، واعتمد على قيام والد المطعون عليه الأول بردم الأرض موضوع النزاع دون بحث العناصر والصفات القانونية الواجب توافرها في الحيازة (وثالثها) أن الحكم قرر أن وضع اليد اكتملت مدته قبل رفع الدعوى، في حين أن الثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن الأول أمام محكمة أول درجة أن لجنة تقدير الإيجار المشكلة من مندوب الحكومة ورجال السلطة المحليين أثبتت في محاضرها بتاريخ 21/ 9/ 1936 و23/ 4/ 1939 أن الأرض موضوع النزاع تغمرها مياه البحيرة، وهو ما يفيد أن الأرض لم تكن في حيازة المورث حتى ذلك التاريخ، كما أن الثابت بعقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك الأميرية للمطعون عليه الأول بتاريخ 27/ 4/ 1943 أن الأرض المؤجرة فضاء وبها غاب وحشائش وهو ما يستبعد وضع يد المورث عليها عن طريق الزراعة أو البناء حتى أبرم المطعون عليه الأول عقد البيع في 13/ 4/ 1948، وأعقبه هذا الأخير بإقامة البناء على أرض النزاع في سنة 1953 إلا أن الحكم اعتبر وضع يد المورث سابقاً على إبرام هذا العقد وأغفل بحث هذه المستندات اكتفاء بأقوال شاهدي المطعون عليهم وهي أقوال مرسلة يشوبها الاضطراب والغموض (ورابعها) أن الحكم قرر أن الحكومة لم تنفذ عقد الإيجار المؤرخ 27/ 4/ 1943 ولم تطالب المستأجر بأي مبلغ في حين أن الثابت من تقرير الخبير أن المطعون عليه الأول قام بسداد الأجرة المستحقة عن سنة 1943 ولم يذكر المطعون عليه الأول أو الشاهدان أن العقد لم ينفذ، كما قدم الطاعن أمام محكمة أول درجة الإيصال المؤرخ 29/ 5/ 1943 والثابت فيه قيام المطعون عليه الأول بسداد الأجرة عن هذه السنة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم وإن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء. أو اللبس في قصد التملك بالحيازة كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته وبقدر الحاجة إلى استعماله إلا أنه لا يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين وإنما يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء في كل الأوقات دون انقطاع وإنما يكفي أن يستعمله كما يستعمله المالك في العادة وعلى فترات متقاربة منتظمة. ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون، ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وإذ كان الواقع في الدعوى أن الأرض موضوع النزاع كانت جزءاً من بحيرة المنزلة وأصبحت قطعتين على شارع بمدينة المطرية، وأن الخبير المنتدب في الدعوى أثبت في معاينته أنه مقام عليها مبان للسكن بالطوب الأحمر والأسمنت المسلح، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله "إنه يبين من التحقيق الذي أجرته المحكمة أن المستأنف...... أشهد..... و....... فشهد كل منهما أن...... اشترى من والده........ وأن الأخير كان يمتلك الأرض المبيعة إلى المستأنف منذ أربعين سنة تقريباً وأن أحداً لم ينازع البائع في وضع يده وأن مظهر وضع يد....... البائع أنه هو الذي قام بردم الأرض المبيعة بنفسه وأنه عندما أراد واضع اليد أن يبيع لوالده المستأنف الأول طلب منه الشهر العقاري مستندات التمليك فأحضر شهادة من الجيران وكبار السن ومن مشايخ البلد ومن رجال الإدارة بوضع يده" وأنه "ثبت من تقرير الخبير أن والد المستأنف الأول قام بردم الأرض المتنازع عليها منذ أربعين سنة ووضع اليد عليها، ثم تصرف فيها بالبيع إلى ابنه المستأنف الأول بموجب عقد مسجل في سنة 1948، وقد قام هذا الأخير بالتصرف فيها وكذلك بموجب عقود مسجلة أيضاً وذلك في سنة 1952" وأنه "يبين من الاطلاع على العقد المسجل رقم 2742 المؤرخ 8/ 4/ 1948 أنه ثبت فيه بالبند الرابع أن البائع يقر بأنه تملك الأرض المذكورة بطريق وضع اليد المدة الطويلة من قبل سنة 1924 وضع يد هادئ بموجب الشهادة الإدارية الموقع عليها من كبار السن والمجاورين ومن رجال الحكومة المحليين ومعتمدة من مركز المنزلة بتاريخ 8/ 5/ 1947 قسيمة رقم 904471 -" ومن ذلك يبين أن الحكم اعتمد على أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والقرائن التي ساقها في ثبوت حيازة والد المطعون عليه الأول لأرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة ومستمرة وبنية التملك قبل تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه الأول في سنة 1948، وهي أدلة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتواجه دفاع الطاعن الأول بما أوردته من بيان مظاهر الحيازة طوال هذه المدة وهو ما ينفي عن الحيازة مظنة التسامح وشبهة الخفاء ويتضمن الرد على ما ورد بمحاضر لجنة الإيجارات من أن الأرض كانت تغمرها البحيرة في سنة 1939، لأن كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري لا يفيد أن الحيازة منقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار، كما يتضمن الرد على ما تمسك به الطاعن الأول من تأجير هذه الأرض إلى المطعون عليه الأول في سنة 1943 واقتضاء الأجرة عن هذه السنة لأن العبرة بالحيازة الفعلية وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة. إذ كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من أقوال الشهود ومن تقرير الخبير أن عقد الإيجار لم ينفذ بالفعل بحسب ما هو ثابت بالأوراق في محضر التحقيق وفي تقرير الخبير فإن الحكم إذ رتب على ذلك تملك والد المطعون عليه الأول لأرض النزاع وصحة عقود البيع الصادرة منهما فإنه لا يكون مشوباً بالقصور أو الفساد في الاستدلال أو الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه عول على حيازة المطعون عليه الأول في اكتساب ملكية الأرض موضوع النزاع بالتقادم وهو خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن حيازة مورثه كانت على سبيل التسامح ويشوبها عيب الخفاء وعدم الاستمرار فتنتقل إلى خلفه المطعون عليه الأول بصفاتها التي تحول دون اكتساب الملكية بالتقادم، ولأن المطعون عليه الأول وقد استأجر الأرض موضوع النزاع من مصلحة الأملاك الأميرية بمقتضى عقد مؤرخ 27/ 4/ 1943 يكون قد اعترف بملكيتها للأرض فلا يجوز له أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده ولو لم تحصل منه الأجرة عن السنوات التالية لأن السكوت عن تحصيلها يرتب سقوط الحق فيها بالتقادم إذا توافرت شروطه ولا يترتب عليه زوال العقد، بل يظل العقد قائماً منتجاً لكافة آثاره ولا يغير من ذلك عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليه الأول بالتواطؤ إضراراً بحق الجهة الإدارية مالكة الأرض لأن عقد الإيجار يخوله الحق في الانتفاع فتكون الحيازة مشوبة بالغموض ولا يتوافر فيها ركن القصد اللازم لكسب الملك بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه انتهى من الأسباب السائغة التي أوردها على ما سلف البيان إلى أن مورث المطعون عليه الأول قد حاز الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بنية التملك وبصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه الأول في سنة 1948، وأن عقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليه الأول في سنة 1943 لم ينفذ بالتسليم، وإذ كان هذا العقد حجة على المتعاقدين لا ينصرف أثره إلى المورث الذي لم يكن طرفاً فيه ولا يغير صفته ولا يجعل حيازته عرضية وهو لم يقترن بتسليم العين للمستأجر وحيازتها لحساب مصلحة الأملاك فلا يكون له تأثير على حيازة المورث الأصلية، وتظل مع استمرارها صحيحة لا هي عرضية وقتية ولا هي مفقودة أو مقطوعة ويترتب عليها أثرها في كسب الملك ولا يحول العقد دون تمسك المستأجر بحق سلفه في كسب الملك بالتقادم، لأنه لا يدعي حيازة لنفسه على خلاف سنده وإنما يدعي بحق في الحيازة اكتمل لسلفه، ولا وجه للتحدي باعترافه بالملكية لمصلحة الأملاك بمقتضى عقد الإيجار، لأنه لا يملك النزول عن حق سلفه قبل انتقاله إليه. إذ كان ذلك، وكان الثابت أن مورث المطعون عليهم باع الأرض المتنازع عليها إلى المطعون عليه الأول بعقد مسجل بتاريخ 13/ 4/ 1948 وأن المطعون عليه الأول تمسك بملكية البائع لهذه الأرض بالتقادم الطويل ولم يتمسك بحيازة يدعيها لنفسه على خلاف عقد الإيجار، فإن الحكم إذ قضى بثبوت ملكية البائع بالتقادم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن الثاني بالمصروفات قد خالف القانون، ذلك أن الطاعن الثاني أدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهته بشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة على عقود البيع المشار إليها بالصحيفة كما لم توجه إليه طلبات أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مصاريف الدعوى لا يحكم بها على مقتضى المادة 357 من قانون المرافعات السابق إلا على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها، وإذ كان الثابت أن الطاعن الأول أقام الدعوى على المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته للأرض المبينة بصحيفتها وببطلان عقود البيع الصادرة لهم عن هذه الأرض وشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة عليها وأنه أدخل فيها الطاعن الثاني بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته، وأن الطاعن الثاني لم يدفع الدعوى بشيء ولم يكن له شأن في النزاع الذي دار فيها أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامه مع الطاعن الأول بالمصروفات فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلزام المستأنف عليه الأول والذي يمثله الطاعن الأول بالمصروفات عن الدرجتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق