الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 أكتوبر 2023

الطعن 266 لسنة 37 ق جلسة 25 / 3 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 83 ص 528

جلسة 25 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي.

-----------------

(83)
الطعن رقم 266 لسنة 37 القضائية

عقد. "آثار العقد". حكم. "تسبيب الحكم". "ما يعد فساداً في الاستدلال". بيع.
عقد البيع النهائي دون العقد الابتدائي هو قانون المتعاقدين. خلوه من النص على شرط ورد بالعقد الابتدائي. مفاده. تخلي المتعاقدين عن هذا الشرط.

---------------
العقد النهائي دون العقد الابتدائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - هو الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ويصبح قانون المتعاقدين. وإذ كان يبين من عقد البيع النهائي المشهر وفق ما أثبته الحكم المطعون فيه أنه خلا من النص على الشرط السابع الذي كان منصوصاً عليه في العقد الابتدائي أو الإحالة إليه، فإن مفاد ذلك أن الطرفين قد تخليا عن هذا الشرط وانصرفت نيتهما إلى عدم التمسك به أو تطبيقه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه لا يكون قد شابه فساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 336 سنة 64 مدني كلي المنيا ضد الطاعن طالباً فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ 495 ج، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك خمسة أفدنة مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 26/ 10/ 1953 مسجل في 26/ 11/ 1955، وأن الطاعن اغتصب هذا القدر ومضى في استغلاله منذ 1/ 10/ 1953، ومن ثم فإن المطعون ضده يستحق ريع تلك الأطيان منذ ذلك التاريخ حتى تسليمها إليه، إلا أنه يقصره على ثلاث سنوات، دفع الطاعن الدعوى بأنه يضع يده على هذه الأطيان بصفته وكيلاً عن دائرة البائع وعن ورثته بعد وفاته، وأن البند السابع من عقد شراء المطعون ضده لا يبيح له وضع يده واستلامه الأطيان المبيعة إليه إلا بعد سداد كامل الثمن الذي قسط على آجال آخرها سنة 1970. حكمت محكمة المنيا الابتدائية بندب خبير زراعي بمكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق وضع اليد ومدته وسببه وتقدير ريع هذه الأطيان في المدة موضوع المطالبة وصاحب الحق فيه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 30/ 4/ 1966 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية استئناف المنيا" بالاستئناف رقم 112 سنة 2 ق، وفي 7 مارس سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 408 ج و177 م. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استند في قضائه برفض الاعتداد بالعقد الابتدائي على أن البند السابع منه والمتضمن أن المشتري لا يجوز له أن يضع يده على الأرض التي اشتراها إلا بعد دفعه كامل الثمن يخالف أحكام قانون الإصلاح الزراعي، مع أن تقييم هذا العقد من جهة صحته أو بطلانه لم يكن مطروحاً في الدعوى، ولما كان العقد قانون المتعاقدين وواجب الاحترام طالما أنه لا يخالف النظام العام، وكانت جهة الإصلاح الزراعي لم تتدخل لطلب بطلان العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بهذا العقد الابتدائي يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن البند السابع من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 26/ 10/ 1953 كان موضوع الخلاف الرئيسي الذي دار حوله الجدل بين الخصوم فقد تمسك الطاعن بأن هذا البند ينص على حرمان المطعون ضده من وضع يده على الأرض واستغلالها إلى أن يقوم بأداء كامل الثمن وقبل ذلك لا يكون له أي حق في ثمراتها، ودفع المطعون ضده بأن هذا البند وقع باطلاً لمجافاته لأحكام قانون الإصلاح الزراعي وتم العدول عنه بالعقد النهائي المسجل الذي خلا منه هذا البند، ومن ثم يكون له الحق في ريع الأرض من تاريخ شرائها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بعد استعراض دفاع الطرفين في هذا الخصوص إلى أنه يتعين الاعتداد بالعقد النهائي دون العقد الابتدائي لأن العقد النهائي هو الذي يحدد التزامات كل من الطرفين ويعتبر شريعة المتعاقدين، وإذ خلت شروطه من البند السابع المنصوص عليه بالعقد الابتدائي فلا مناص من إطراح هذا البند، وكان ذلك من الحكم المطعون فيه فضلاً في مسألة مطروحة عليه هي أساس الدعوى، فإن النعي عليه بمخالفة القانون إذ لم يعتد بالعقد الابتدائي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أعمل قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين بالنسبة للعقد النهائي، وقال إنه هو الواجب الأخذ به وتنفيذه، ولم يعمل هذه القاعدة بالنسبة للعقد الابتدائي ولم يعتد به، مع أنه كان من المتعين قانوناً تطبيق هذه القاعدة بالنسبة للعقدين فتطبق أحكام العقد الابتدائي إلى تاريخ العدول عنها بالعقد النهائي، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فإن العقد النهائي دون العقد الابتدائي هو الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ويصبح قانون المتعاقدين، ولما كان يبين من عقد البيع النهائي المشهر بتاريخ 26/ 11/ 1955 - وفق ما أثبته الحكم المطعون فيه - أنه خلا من النص على الشرط السابع الذي كان منصوصاً عليه في العقد الابتدائي أو الإحالة إليه فإن مفاد ذلك أن الطرفين قد تخليا عن هذا الشرط وانصرفت نيتهما إلى عدم التمسك به أو تطبيقه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد شابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن مبنى السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب، ذلك لأن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن وضع يده على الأطيان لم يكن بطريق الغصب وإنما بصفته وكيلاً عن دائرة البائع وأن الخبير انتهى في تقريره إلى ثبوت هذه الحقيقة التي استقاها مما قام به لدى فحصه المهمة التي نيطت به، إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع بقوله إنه فضلاً عن عدم ثبوت ذلك رسمياً فإن في إقامة دعوى الحراسة من ورثة البائع ما يقوض من هذا الادعاء، ويقول الطاعن إنه أبدى استعداده في مذكرته الختامية لإثبات وكالته عن دائرة البائع إلا أن المحكمة لم تستجب إليه ولم تأمر بتحقيق دفاعه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه كان يضع يده على أرض النزاع بصفته وكيلاً عن دائرة البائع واستند في ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة من أن الطاعن يضع يده على أرض النزاع بهذه الصفة أخذاً بأقوال الشهود وأقوال رجال الحفظ الذين سمعهم الخبير، وكان الحكم المطعون قد رد على هذا الدفاع بقوله "إن المحكمة تلتفت عما أشار إليه المستأنف عليه - الطاعن - من أنه كان واضعاً يده بصفته وكيلاً عن دائرة البائع، إذ فضلاً عن عدم ثبوت ذلك رسمياً فإن في إقامة دعوى الحراسة من ورثة البائع ما يقوض زعم المستأنف عليه في هذا الصدد...."، وكان يبين من الحكم على النحو السابق أنه لم يرد على تقرير الخبير وما احتواه من أقوال رجال الحفظ من أن الطاعن كان يضع يده في فترة النزاع بصفته وكيلاً عن دائرة البائع وما جاء بالتقرير من أن المطعون ضده نفسه أقر للطاعن بهذه الصفة أمام الخبير، ورغم ذلك لم يبين الحكم سبباً لطرح ما جاء بهذا التقرير إلا بقوله "إن ذلك لم يثبت رسمياً" كما لا يكتفي من الحكم قوله "إن في إقامة دعوى الحراسة من ورثة البائع ما يقوض زعم المستأنف عليه في هذا الصدد" رداً على تمسك به الطاعن بأنه كان يضع يده بصفته وكيلاً عن دائرة البائع، لأن هذا القول من الحكم يشوبه التجهيل، إذ لم يبين الحكم ما هو الدليل الذي استخلصه من دعوى الحراسة في هذا النزاع، لما كان ذلك وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن لا يعتبر رداً سائغاً على ما تمسك به الطاعن في هذا الصدد فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


[(1)] نقض 26/ 3/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21. ص 513.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق