الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 532 لسنة 5 ق جلسة 26 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 31 ص 210

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار المستشارين.

----------------

(31)

القضية رقم 532 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - مرتب 

- طلب الموظف استرداد مرتبه عن فترة وقفه - هو من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات - عدم خضوعه للمواعيد المقررة للتظلم من القرارات الإدارية ولرفع دعوى إلغائها.
(ب) موظف - وقفه عن العمل - مرتب 

- الأصل هو حرمان الموظف أو المستخدم الموقوف عن العمل من راتبه طوال مدة الوقف - الاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما ترى المحكمة التأديبية أو الرئيس الإداري المختص - قيام ذلك على سلطة تقديرية تنأى عن رقابة القضاء طالما لم تتسم بعدم المشروعية أو إساءة استعمال السلطة - أساس ذلك.

---------------
1 - إن طلب استرداد الراتب عن فترة الوقف هو من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات ولا يدخل ضمن طعون الإلغاء المنصوص عليها في الفقرات ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتي نصت المادة 12 من القانون المذكور بالنسبة لها على عدم قبول دعوى الإلغاء قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم.
2 - إن الأصل هو حرمان الموظف أو المستخدم الموقوف عن العمل من راتبه طوال مدة الوقف، والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره المحكمة التأديبية أو الرئيس المختص إن لم تكن ثمة محاكمة تأديبية وذلك في كل حالة بظروفها. والحكمة ظاهرة في ترك أمر تقدير صرف المرتب أو صرف جزء منه أو عدم صرف شيء منه إلى رئيس المصلحة في ضوء ملابسات كل حالة وظروفها، وله في ذلك أن يراعي مختلف العناصر الموجبة لما ينتهي إليه تقديره حتى في حالة الحكم بالبراءة إذ البراءة لعدم صحة الاتهام أو لانتفاء التهمة أو لعدم الجناية تختلف عن البراءة المستندة لعدم كفاية الأدلة أو لبطلان التفتيش، فضلاً عن أن البراءة من التهمة الجنائية لا تستتبع حتماً براءة الموظف من الناحية الإدارية. ولا مشاحة في أن قرار السلطة التأديبية في هذا الصدد يقوم على سلطة تقديرية تنأى عن الرقابة القضائية طالما كانت متفقة مع مبدأ المشروعية وغير متسمة بإساءة استعمال السلطة، بمعنى أن السلطة التقديرية المقررة للإدارة لا تخضع عناصر التقدير فيها للرقابة القضائية وإلا انقلبت رقابة القضاء إلى مشاركة للإدارة في سلطتها المذكورة.


إجراءات الطعن

في 21 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 16 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 276 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ عبد الحفيظ أحمد حسن ضد وزارة الزراعة والقاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف مرتبه عن مدة الإيقاف وألزمت الوزارة المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات. وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 16 من إبريل سنة 1959 كما أعلن للحكومة بتاريخ 20 من إبريل سنة 1959، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 22 من أكتوبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بصرف مرتبه المعلى بالأمانات مدة وقفه عن العمل حتى أعادته إليه وقدره 284 جنيهاً، وقال شرحاً لدعواه إنه عين بتاريخ أول أغسطس سنة 1935 بوزارة الزراعة، وفي عام 1943 عين ملاحظاً بقسم المزارع الحكومية وانتدب للعمل بإدارة السكرتارية، ثم طبق عليه كادر العمال بتاريخ 7 من مايو سنة 1944 ومنح أجراً يومياً قدره 200 مليم. ولما كان المدعي تلميذاً بالمدارس الإعدادية الثانوية فقد حصل على شهادة بذلك موقعاً عليها من ناظر المدرسة وآخرين هما الأستاذين محمد ثابت ويوسف كامل ومصدقاً عليها من وزارة المعارف وبعث بها بالبريد المسجل في 27 من أغسطس سنة 1951 على أمل أن ينصف بمقتضاها، إلا أن هذه الشهادة أخفيت عمداً وتقدم موظف يدعى محمد فهيم عبد الحليم كاتب قيد الوارد بالوزارة بشكوى بتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1951 ينسب فيها للمدعي أنه تقدم بشهادة لأخيه محمد نجيب عبد الحليم بعد أن أحدث فيها تزويراً لينال بها إنصافاً. وفي 18 من ديسمبر سنة 1951 أصدرت الوزارة أمراً بوقف المدعي ثم قدم إلى محكمة الجنايات بالجيزة متهماً في الجناية رقم 473 لسنة 1952 بثلاث تهم (1) ارتكب تزويراً في ورقة رسمية (الشهادة)، (2) استعمل هذه الشهادة المزورة، (3) سرق الشهادة الموضحة آنفاً. وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1954 حكمت محكمة الجنايات ببراءته من هذه التهم. وعندئذ تقدم المدعي للوزارة بالتماس طلب فيه إنصافه بموجب الشهادة الإعدادية ومعاملته أسوة بزملائه الذين ضاعت شهاداتهم نتيجة عبث وإهمال الموظفين، كما طلب رد المبالغ المعلاة بحساب الأمانات باسمه وعلى ذمته بسبب إيقافه في المدة من 18 من ديسمبر سنة 1951 إلى 25 ديسمبر سنة 1954 فأعيد إلى عمله وأفتى مدير القوانين والتحقيقات بصرف ماهيته عن مدة الوقف ولكن الوزارة امتنعت عن صرفها دون وجه حق وعلى الرغم من أن الإيقاف كان بسبب تصرف شائن واستهتار بالغ من موظفي الوزارة. وأخيراً عاد المدعي وقصر طلباته الختامية على طلب الحكم بأحقيته في صرف مرتب مدة الوقف المشار إليه.
وأجابت الوزارة بأنه نظراً لأنه يتضح من القرار الإداري رقم 3 بتاريخ 17 من يناير سنة 1955 الصادر بناء على مذكرة قسم التحقيقات أن المدعي قد حرم من راتبه عن مدة الإيقاف بمقتضى هذا القرار، ونظراً إلى أن التظلم من القرارات الإدارية مقيد بمواعيد أهدرها المدعي فلم يتظلم من القرار الصادر بحرمانه من ماهيته عن مدة الإيقاف في المواعيد المقررة، ونظراً إلى أن القرار الصادر بحرمانه من ماهيته صدر بموافقة وكيل الوزارة على مذكرة قسم التحقيقات وصدر في حدود الرخصة المخولة له بمقتضى المادة 129 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تخول لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة عدم صرف المرتب ما لم يقرر أحدهما صرفه كله أو بعضه. ولذلك تكون الدعوى لا سند لها من القانون ويتعين رفضها مع إلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 19 من يناير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف مرتبه عن مدة الإيقاف وألزمت الوزارة المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالدفع الذي أثارته الوزارة الخاص بعدم التظلم من قرار حرمان المدعي من راتبه عن فترة الوقف بأن طلب استرداد الراتب عن فترة الوقف هو من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات ولا يدخل ضمن طعون الإلغاء المنصوص عليها في الفقرات ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتي نصت المادة 12 من القانون المذكور بالنسبة لها على عدم قبول دعوى الإلغاء قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم. أما عن الموضوع فقالت إن الإيقاف إما أن يكون عقوبة تأديبية وإما أن يكون إجراء احتياطياً، ووقف المدعي عن العمل لم يكن عقاباً عن جريمة ارتكبها بل كان الدافع إليه إبعاده عن العمل كإجراء احتياطي، وإذ انتهى التحقيق والمحاكمة إلى البراءة ولم تر الجهة الإدارية في تخلف الجريمة الجنائية ما يقيم جريمة إدارية خاصة وقد أعادته للعمل فعلاً، ومن ثم فإن المادة 143 معدلة من قانون التعليمات المالية تجرى في حق المدعي بوصفها قاعدة تشريعية واجبة الإعمال وهي قاطعة الدلالة في أنه في حالة البراءة يصرف للعامل مرتبه عن كل مدة الإيقاف المؤقت. وعلى فرض التسليم بأن قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 يحكم واقعة الدعوى فإن المادة 96 منه قد منحت الجهة الإدارية سلطة تقديرية في صرف مرتب الموظف الموقوف وهي تترخص في ذلك باعتبارها الأمينة على تحقيق الصالح العام والعدالة بين موظفيها، ولا بد للقضاء أن يعمل رقابته على تصرفات الإدارة ليتبين ما إذا كانت قد تغيت الطريق القويم أو تنكبت جادة الصواب. وما دام قد بان من مذكرة قسم التحقيقات أن محكمة الجنايات قضت ببراءة المدعي من التهم المسندة إليه. وجاء بأسباب الحكم أنه "لكل ما تقدم تكون التهم المسندة إلى المتهم على غير أساس من الواقع والقانون ويتعين تبرئته"، كما أنه لم تخلف البراءة من الناحية الجنائية مسئولية إدارية ولم تتخذ الإدارة إجراءات المحاكمة التأديبية، وفي ذلك الاعتراف الكافي بأن الاتهام لم يكن قائماً على أساس ولزم أن يرد للمدعي ما حبس عنه أثناء فترة الإيقاف التي لم يكن لإرادته دخل في حدوثه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الأصل هو حرمان الموظف من راتبه عن مدة الفصل والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما يقدره مجلس التأديب أو الرئيس المختص إن لم يكن ثمة محاكمة تأديبية، ومتى كان الثابت أن الوزارة رفضت صرف راتب المدعي عن مدة الوقف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصرف هذا المرتب يكون قد صدر على خلاف القانون ويتعين لذلك إلغاؤه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل التظلم للهيئة الإدارية وذلك للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بموضوع الدعوى فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل هو حرمان الموظف أو المستخدم الموقوف عن العمل من راتبه طوال مدة الوقف، والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره المحكمة التأديبية أو الرئيس المختص إن لم تكن ثمة محاكمة تأديبية وذلك في كل حالة بظروفها [(1)]. والحكمة ظاهرة في ترك أمر تقدير صرف المرتب أو صرف جزء منه أو عدم صرف شيء منه إلى رئيس المصلحة في ضوء ملابسات كل حالة وظروفها، وله في ذلك أن يراعي مختلف العناصر الموجبة لما ينتهي إليه تقديره حتى في حالة الحكم بالبراءة؛ إذ البراءة لعدم صحة الاتهام أو لانتفاء التهمة أو لعدم الجناية تختلف عن البراءة المستحقة لعدم كفاية الأدلة أو لبطلان التفتيش، فضلاً عن أن البراءة من التهمة الجنائية لا تستتبع حتماً براءة الموظف من الناحية الإدارية. ولا مشاحة في أن قرار السلطة التأديبية في هذا الصدد يقوم على سلطة تقديرية تنأى عن الرقابة القضائية طالما كانت متفقة مع مبدأ المشروعية وغير متسمة بإساءة استعمال السلطة، بمعنى أن السلطة التقديرية المقررة للإدارة لا تخضع عناصر التقدير فيها للرقابة القضائية وإلا انقلبت رقابة القضاء إلى مشاركة للإدارة في سلطتها المذكورة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن وقف المدعي عن العمل خلال المدة من 18 من ديسمبر سنة 1951 إلى 25 من ديسمبر سنة 1954 صدر مستنداً إلى خطورة الاتهام القائم ضده وبسبب من جانبه لا دخل لجهة الإدارة فيه، فقد كان اتهامه بالتزوير والسرقة مما يدعو بلا ريب إلى الاحتياط والتصون للعمل الموكول إليه بتجريده منه وكف يديه عنه حتى تكشف المحكمة عن سلوكه ما دام قد أحيل للمحاكمة فعلاً عن تلك التهم. وبهذه المثابة فإن وقف الموظف المذكور قد صادف محله وصدر مستنداً إلى ما يبرره بحيث أصبح منعه عن العمل الذي هو - بحسب الأصل - موجب استحقاق المرتب قائماً بسبب من جانبه مما يجيز لجهة الإدارة أن تقرر عدم صرف مرتبه إليه خلال مدة وقفه استناداً إلى السلطة التقديرية الممنوحة لها. وفي ذات الوقت فإنه باستعراض الحكم الجنائي - المودعة صورته ملف الطعن - الصادر ببراءة المدعي يتبين أنه مزج في أسبابه بين نفي التهمة عنه نفياً قاطعاً وبين الاستناد إلى انتفاء ركن الضرر بعد ثبوت واقعة التزوير وتعذر إسناده إليه (تقرير الطبيب الشرعي) مما قد يفهم منه عدم كفاية الأدلة القائمة ضد المتهم من ناحية وعدم جواز العقاب من ناحية أخرى لانتفاء ركن الضرر لوضوح التزوير وضوحاً لا ينطلي على أحد وذلك عند القول بثبوت إسناد التزوير إليه... وهو الأمر الذي لا تستخلص منه هذه المحكمة ثبوت عدم صحة الواقعة المسندة إلى المدعي في الجناية المشار إليها ثبوتاً يقينياً.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم تكون الإدارة قد أعملت سلطتها التقديرية حين حرمت المدعي من مرتبه عن مدة الوقف إعمالاً لا يتسم بإساءة استعمال السلطة ومن ثم لا رقابة للقضاء عليه. وإذ صدر الحكم المطعون فيه بأحقية المدعي في صرف مرتبه عن تلك المدة على غير أساس سليم من القانون لذلك فإنه يتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع حكمي المحكمة الإدارية العليا المنشورين في مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها هذه المحكمة - السنة الأولى - العدد الثالث - مبدأ رقم 101/ 1، 104/ 2.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق