جلسة 8 من فبراير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.
----------------
(35)
الطعن رقم 457 لسنة 37 القضائية
(1، 2) إيجار. "إيجار الأماكن". اختصاص. "الاختصاص الولائي". قانون.
(1) الأجرة المخفضة طبقاً للمادة الثانية من القانون 7 لسنة 1965 تقدير حكمي. القصد منه إنهاء الحالات المنظورة أمام لجان التقدير المشكلة طبقاً للقانون 46 لسنة 1962 اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون الأول في 22 من فبراير سنة 1965.
(2) قرار التفسير التشريعي رقم 9 لسنة 1965. صدوره لبيان قصد المشرع بالأجرة المتعاقد عليها في ظل أحكام القانون 46 لسنة 1962، وتحديد الأماكن الخاضعة لتقدير اللجان من الأماكن الخاضعة لتخفيض المادة الثانية من القانون 7 لسنة 1965. اختصاص اللجان بتقدير أجرة الأماكن المتعاقد عليها والتي لم يتم الإخطار عنها أو لم تشكل فعلاً قبل تاريخ العمل بالقانون 7 لسنة 1965 في 22 من فبراير سنة 1965.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 324 سنة 1965 مدني كلي بنها ضد المطعون عليه بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المؤجرة إليه وتسليمها إليها مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب، وقالت بياناً للدعوى إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 10/ 2/ 1965 استأجر منها المطعون عليه شقة بالدور الثاني من منزلهما الكائن بشارع العقاد رقم 4 بندر بنها بأجرة شهرية قدرها عشرة جنيهات اعتباراً من أول مارس سنة 1965 إلا أنه امتنع عن سداد هذه الأجرة، وعمد إلى إرسالها مخفضة إلى مبلغ 6 ج و500 م بحجة أن القانون رقم 7 لسنة 1965 خفض أجرة المبنى بنسبة 35% رغم أن هذا القانون يسري من أول مارس سنة 1965، ولا يخضع لأحكامه المكان الذي لم يكن قد تم بناؤه حتى تاريخ صدوره في 22/ 2/ 1965، وقد أرسلت إليه بتاريخ 22/ 7/ 1965 إنذاراً تضمن التنبيه عليه بوجوب سداد المتأخر من الأجرة ومقداره 17 ج و500 م فرق الأجرة عن خمسة أشهر ومبلغ 3 ج و500 م خصمه من التأمين، وحددت لذلك خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار إلا أن المدة انقضت دون أن يقوم بالسداد وانتهت من ذلك إلى طلب الحكم لها بطلباتها، ودار النزاع بين الطرفين حول تحديد الأجرة للمنزل موضوع الدعوى فبينما ذهبت الطاعنة إلى تحديدها طبقاً لتقدير اللجان المنصوص عليها بالقانون رقم 46 لسنة 1962 ذهب المطعون عليه إلى تحديدها بتخفيضها بنسبة 35% من الأجرة التعاقدية طبقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1965، وبتاريخ 28/ 2/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدعوى، واستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد الاستئناف برقم 151 سنة 16 قضائية، وبتاريخ 21/ 6/ 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخضع الأجرة المتفق عليها بموجب عقد الإيجار المؤرخ 10/ 2/ 1965 للتخفيض بنسبة 35% طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 استناداً إلى أنه لم يكن قد تم حتى تاريخ العمل به في 22/ 2/ 1965 تقدير القيمة الإيجارية للشقة موضوع النزاع تقديراً نهائياً وفقاً لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 وإلى أن قرار اللجنة العليا بالتفسير التشريعي رقم 9 لسنة 1965 هو تفسير لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 أريد به تنظيم أعمال اللجان التي أنشئت طبقاً لأحكامه ولا شأن له بالقانون رقم 7 لسنة 1965 وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 جعلت تخفيض الأجرة التعاقدية بنسبة 25% ليكون تحديد الأجرة بطريقة آلية تغني عن انتظار قيام اللجان بتقديرها وفقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 ووضعت ضابط التفرقة بين الحالات التي تخضع لحكم التخفيض الذي نصت عليه والحالات التي تظل خاضعة لتقدير اللجان، وقد رأت اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 أن هذا الضابط غير واضح، فأصدرت القرار رقم 8 والقرار رقم 9 لسنة 1965 بتفسير لا يقتصر على أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962، بل يمتد في الوقت ذاته إلى أحكام المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 لأن الحاجة إلى التفسير لم تظهر إلا بسبب صدوره، وجاء القرار رقم 9 في شأن الأماكن التي تدخل في نطاق الفقرة الأولى من نص المادة الثانية المشار إليها، وهي التي كانت مؤجرة من قبل ولم يتم تقدير قيمتها الإيجارية تقديراً نهائياً، وخصص القرار المادة الأولى لبيان الحالات التي يجب أن يستمر فيها عمل اللجان، وذلك بالنسبة إلى الأماكن التي حصل التعاقد عليها قبل 22 فبراير سنة 1965 إذا كان الملاك لم يخطروا عنها اللجان أو لم تشتغل الأماكن حتى هذا التاريخ وخصص مادته الثانية للحالات التي لا تختص فيها اللجان بالتقدير، وهي التي تم الإخطار عنها أو شغلت فعلاً قبل هذا التاريخ، ورغم أن هذا التفسير التشريعي ملزم في تحديد مدلول نص المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 المكملة للقانون رقم 46 لسنة 1962، وأن الشروط التي تضمنها قرار التفسير لاستمرار عمل اللجان تنطبق على المكان موضوع النزاع، فإن الحكم لم يلتزم مدلول هذا النص، واستبعد تطبيق القرار التفسيري بشأنه، وذهب فضلاً عن ذلك إلى أن القرار عالج حالات عدم الإخطار حتى لا يستفيد المالك من تقصيره أو تعمده، ذلك وحتى يكون للمستأجر اختيار الأجرة وفقاً لتقدير اللجنة النهائي أو الأجرة المخفضة وفقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1965 أيهما أصلح، في حين أن فكرة الجزاء بعيدة كل البعد عن القرار الذي يسوى بين عدم الإخطار وعدم الشغل قبل 22/ 2/ 1965 وفي حين أن خيار المستأجر لا يكون بنص الفقرة الثالثة للمادة الثانية من هذا القانون إلا إذا كان التقدير نهائياً وقت صدوره.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 بإجراء تخفيض بنسبة 35% من الأجرة المحددة في عقود الإيجار عن الأماكن التي لم يتم تقدير قيمتها الإيجارية تقديراً نهائياً طبقاً لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 وإن كان المستفاد من ظاهره أن الأجرة المخفضة تقدير حكمي بدلاً من تقدير القيمة الإيجارية لهذه الأماكن يستتبع إنهاء الحالات التي كانت منظورة أمام لجان التقدير من تاريخ العمل بهذا القانون في 22 فبراير سنة 1965 تحقيقاً للغرض الذي هدف إليه من التخفيض باعتبار أن هذه النسبة - وعلى ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية - هي التي دلت الإحصاءات عن عمل اللجان أنها النسبة التي يضيفها المؤجرون عادة على القيمة الحقيقية، إلا أن النص في قرار التفسير التشريعي رقم 9 لسنة 1965 بالمادة الأولى على أن تستمر اللجان المشكلة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 في تقدير الأجرة بالنسبة إلى الأماكن التي تم التعاقد عليها قبل 22 فبراير سنة 1965 إذا كان ملاك هذه الأماكن لم يخطروا اللجان عنها طبقاً لنص المادة 4 من القانون رقم 46 لسنة 1962 المشار إليه، أو كانت هذه الأماكن قد تم التعاقد عليها ولكنها لم تشغل حتى التاريخ المذكور، وبالمادة الثانية على أن لا تختص اللجان بتقدير أجرة الأماكن المتعاقد عليها قبل 22 فبراير سنة 1965 إذا كان قد تم إخطار اللجان عنها أو شغلت فعلاً قبل هذا التاريخ - يدل على أن المشرع أراد أن يجعل اختصاص اللجان مستمراً بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1965 في 22 فبراير سنة 1965 لتقدير أجرة الأماكن المتعاقد عليها والتي لم يتم إخطار اللجان عنها أو لم تشغل فعلاً قبل هذا التاريخ فلا تكون هذه الأماكن خاضعة للأجرة المخفضة بنص المادة الثانية من هذا القانون لمنع الاحتيال على التخفيض بفرض أجرة مرتفعة في عقود تحمل تاريخاً سابقاً عليه. وإذ صدر قرار التفسير التشريعي باستمرار اللجان في تقدير أجرة هذه الأماكن لسد الذرائع ولم يعتد بالأجور المتفق عليها في هذه العقود إلا إذا تم إخطار اللجان عن الأماكن أو شغلت فعلاً قبل العمل بقانون التخفيض فلا تختص اللجان بتقدير أجرتها لانتفاء الشبهة في حصول الاتفاق على الأجرة وقت صدوره، وإنما تخضع للتخفيض المحدد بنسبة 35% من الأجرة المتعاقد عليها من قبل، وكان القرار الصادر من اللجنة العليا المخول لها تفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 قد نشر بالجريدة الرسمية في أول يوليه سنة 1965 لبيان قصد المشرع بالأجرة المتعاقد عليها في ظل العمل بأحكامه وتحديد الأماكن التي تخضع لتقدير اللجان من الأماكن التي تخضع للتخفيض المنصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 فإن قرار التفسير الصادر بهذا التحديد يكون تخصيصاً لعموم هذا النص وقيداً يصرفه عن إطلاقه، ولا وجه للتحدي بتقصير المالك في إخطار اللجان أو تعمده عدم الإخطار للخروج على نصوص قرار التفسير وتحديد القيمة الإيجارية عن هذه الأماكن وفقاً لتقدير اللجنة النهائي أو الأجرة المخفضة وفقاً لنص المادة الثانية، لأن قرار التفسير لا يعول على الأجرة المتعاقد عليها إذا لم يتم الإخطار أو لم يشغل المكان بالفعل قبل العمل بقانون التخفيض لاعتبارات لا تتعلق بترتيب جزاء على عدم قيام المالك بواجب الإخطار عن عمد أو تقصير على ما سلف البيان، ولا مجال للتخفيض إلا عن أجرة متعاقد عليها من قبل، ولا وجه لتحديد القيمة الإيجارية وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1965 إلا إذا كان المكان المؤجر قد تم تقدير أجرته تقديراً نهائياً غير قابل للطعن فيه وقت صدور القانون، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أجرى التخفيض المنصوص عليه بالفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون دون أن يتقيد بقرار التفسير التشريعي رقم 9 لسنة 1965، ودون أن يحقق الشروط اللازمة لتطبيقه رغم تمسك الطاعنة في دفاعها بتوافر هذه الشروط في المكان موضوع النزاع فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق