الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

الطعن 11 لسنة 37 ق جلسة 25 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 أحوال شخصية ق 190 ص 1161

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

----------------------

(190)
الطعن رقم 11 لسنة 37 ق "أحوال شخصية"

(أ) إعلان. "الإعلان في الموطن الأصلي". أحوال شخصية. موطن. اختصاص.
الموطن في الشريعة الإسلامية. معناه. الموطن يحتمل التعدد. ولا ينتقص بموطن السكن.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". نقض.
إقامة الحكم على دعامتين. كفاية أحداهما لحمل قضائه. عدم جدوى النعي على الأخرى.
)ج) أحوال شخصية. "النسب". إثبات. "البينة".
النسب - عند الإنكار - يثبت شرعاً بالبينة.
(د) دعوى. "إعادة الدعوى للمرافعة". حكم. "إصدار الحكم". محكمة الموضوع.
فتح باب المرافعة بعد حجز الدعوى للحكم. من إطلاقات محكمة الموضوع.
(هـ) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير أقوال الشهود. مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع.
(و) أحوال شخصية. "شهادة المستأجر". إثبات. "البينة".
شهادة المستأجر للأجير مقبولة شرعاً.

----------------
1 - الرأي عند فقهاء الشريعة الإسلامية، على أن الموطن الأصلي هو موطن الإنسان في بلدته، أو في بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيها مع أهله وولده، وليس في قصده الارتحال عنها، وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 205 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة".
2 - إذا كان الحكم قد أقيم على دعامتين، وكانت الدعامة الأولى صحيحة وكافية وحدها لحمل قضائه، فإن تعييبه في الدعامة الثانية - بفرض صحته - يكون غير منتج.
3 - النسب يثبت شرعاً عند الإنكار بالبينة.
4 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة والتصريح بتقديم مستندات، متى كان قد قدم إليها بعد إنهاء المرافعة في الدعوى إذ تصبح إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته من الإطلاقات التي لا يعيب المحكمة الالتفات عنها.
5 - تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها.
6 - شهادة المستأجر للأجير، على عكس شهادة الأجير للمستأجر، مقبولة شرعاً، لأنها لا تجر للشاهد مغنماً ولا ترفع عنه مغرماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة...... أقامت الدعوى 344 سنة 1963 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية ضد....... تطلب الحكم بثبوت نسب بنتها "سحر" من والدها المدعى عليه وأمره بعدم التعرض لها في ذلك وإلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً لها إنها زوجة للمدعى عليه بعقد صحيح شرعي ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ورزقت على فراش الزوجية بالبنت الصغيرة "سحر" التي ولدتها في 12/ 4/ 1963 وإذ ينكر المدعى عليه هذا النسب دون حق فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها. ودفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، وطلب في الموضوع الحكم برفضها، وبتاريخ 25/ 2/ 1964 قررت المحكمة ضم الدفع إلى الموضوع وحكمت قبل الفصل فيه - بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة الشرعية أنها رزقت من المدعى عليه على فراش الزوجية ببنتها "سحر" وصرحت للمدعى عليه بالنفي بذات الطرق. وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 21/ 12/ 1965 فحكمت حضورياً (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وباختصاصها (ثانياً) بثبوت نسب البنت "سحر" لوالدها المدعى عليه...... والتي أنجبها من المدعية وألزمته بالمصاريف ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم (أصلياً) بقبول الدفع بعدم الاختصاص (واحتياطياً) برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 3 شرعي سنة 1966. وبتاريخ 21/ 2/ 1967 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير. وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم الابتدائي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة الإسكندرية الابتدائية محلياً بنظر الدعوى مستنداً في ذلك إلى أنه وفقاً للمادة 40 من القانون المدني يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد، وأن الطاعن أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى بمنزل أسرته بالإسكندرية، وتسلمت إحدى أخواته صورة الإعلان بالنيابة عنه وأنه بذلك يعتبر منزل أسرته موطناً له. وقد أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في هذا النظر ثم أضاف أن المدعية عملاً بنص المادة 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية مخيرة بين رفع الدعوى أمام المحكمة التابعة لها أو أمام المحكمة التي يتبعها المدعى عليه وهو منه خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) أن الدعوى ترفع أصلاً أمام المحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامة المدعى عليه وهو وعلى ما نصت عليه المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الواجبة التطبيق على هذا النزاع، "البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة" وهذا النص لا يفيد الأخذ بنظرية تعدد الموطن (وثانيهما) أن الدعوى محل النزاع دعوى نسب في غير الوقف، وخيار المدعية بين رفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع بدائرتها محل إقامتها أو المحكمة التي يقع بها محل إقامة المدعى عليه، قاصر على الدعاوى التي حددتها المادة 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على سبيل الحصر وليست منها دعوى النسب في غير الوقف. هذا إلى أن ما ورد بالحكم المطعون فيه من الإشارة إلى وجود إعلان استئناف خاص بالدفع بعدم الاختصاص، وادعاء المستأنف عليها أن الدفع قد فصل فيه من قبل، إنما هو قول لا يصح التعويل عليه لأنه ظاهر من الحكم أنه لم يقم دليل على أن الاستئناف الخاص بالدفع قد نظر وفصل فيه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الرأي عند فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الموطن الأصلي هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيها مع أهله وولده، وليس في قصده الارتحال عنها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة" وإذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي - الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه في أسبابه - قد جرى في قضائه على أن محل الإقامة هو "المركز المنسوب إلى الشخص الذي يفترض علمه بما يجري فيه مما هو متعلق بنفسه وأنه موجود فيه دائماً، ولو غاب عنه بعض الأحيان" ثم رتب على ذلك الحكم بصحة إعلان الطاعن بصحيفة افتتاح الدعوى في المنزل رقم 102 شارع محمد كريم بالإسكندرية باعتباره محل إقامته مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن "المدعى عليه ولو أنه يعمل في قنا إلا أن الإعلان سلم لأخته في موطنه الأصلي بالإسكندرية بشارع محمد كريم رقم 102 وأمضت أخته..... بالاستلام والثابت أن هذا هو العنوان الذي ذكره بواب المنزل عند سؤاله أمام المحكمة من أن بهذا المنزل مسكن عائلة الجرجاوي ومنهم المدعى عليه" وهي تقريرات موضوعية سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق، ولم تكن محل نعي من الطاعن، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ولا يغير من ذلك ما ورد به من أن المطعون عليها مخيرة وفقاً للمادة 24 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بين رفع الدعوى أمام المحكمة التابعة هي لها أو أمام المحكمة التي يتبعها الطاعن، ذلك أن الحكم قد أقيم في خصوص رفض الدفع بعدم الاختصاص المحلي على دعامتين الأولى أن للطاعن موطناً أصلياً بالإسكندرية، والثانية أن للمطعون عليها الحق في رفع الدعوى أمام المحكمة التابعة هي لها عملاً بالمادة 24 المشار إليها، وإذ كانت الدعامة الأولى صحيحة وكافية وحدها لحمل قضائه فإن تعييبه في الدعامة الثانية - بفرض صحته - يكون غير منتج كما لا يؤثر في الحكم ما أشار إليه في أسبابه من أن "بالملف إعلان خاص باستئناف الدفع. وقد دفع الدفاع عن المستأنف عليها بعدم جواز العودة إلى ما أثارته من جديد حيث فصل فيه من قبل، فيكون هذا من الأدلة التي تؤكد أن لا محل للكلام عن الدفع بعدم الاختصاص بعد كل ما ذكر" ذلك أن هذه الأسباب - وفي هذا النطاق - تعتبر من الأسباب الزائدة التي لا حاجة للحكم لها بعد أن استقام قضاؤه على ما استظهره في أسباب سليمة من صحة إعلان الطاعن في محل إقامته.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه بإثبات نسب الصغيرة "سحر" للطاعن على أنه لم يقم برفع دعوى بنفي النسب في الموعد القانوني، وهو منه قصور في التسبيب وخطأ ومخالفة للقانون، ولأنه لم يبين متى يبدأ هذا الموعد ومتى ينتهي، فإن كان الحكم يقصد إظهار اللعان خلال أربعين يوماً من تاريخ الولادة أو من تاريخ العلم بها، فإنه لم يلتفت إلى ما ورد بالتحقيقات من أن الطاعن عندما علم بادعاء نسب هذه الصغيرة إليه بادر بتكذيب ذلك في جريدة الأخبار وأبلغ الجهات المختصة، هذا فضلاً عن أنه لم يرد في نصوص لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ما يوجب رفع الدعوى بنفي النسب خلال مدة معينة بل والمستقر فقهاً وقضاء أنه يجوز ولو أثناء نظر دعوى نفقة الصغير إنكار بنوته.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النسب يثبت شرعاً عند الإنكار بالبينة. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإثبات نسب الصغيرة "سحر" للطاعن على البينة حيث "قرر أن الحكم المستأنف بعد أن استعرض أقوال الشهود إثباتاً ونفياً، ووازن بين أقوالهم انتهى إلى ترجيح شهود المدعية (المستأنف عليها) بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وإن هذه المحكمة ترى ما رآه الحكم المستأنف، وأن ما ارتآه سائغ قانوناً، ومؤد إلى النتيجة التي انتهى إليها. وشهادة شهوده قاصرة ومكذبة بالقرائن والأدلة. فما نعاه المستأنف بخصوص عدم الأخذ بأقوال شهوده في غير محله ذلك أنه لا تثريب على المحكمة، إذ هي لم تأخذ بأقوال شهود أحد الخصوم فهذا الذي رأته المحكمة الابتدائية هو ما تراه هذه المحكمة وتقرها عليه. وما قرره المستأنف بشأن من أشهدتهم المدعية وشهادتهم فإنه لا مطعن عليها شرعاً أو قانوناً ذلك أن نصابها تام وعددها كاف للبينة الشرعية اللازمة شرعاً وليس منهم من لا تجوز شهادته شرعاً ولا يوجد مانع شرعي يمنع الأخذ بشهادتهم وقد انصبت على الوقائع وقامت عليها جميعها وهي تامة ومستوفاة وكافية للحكم شرعاً وقانوناً بمقتضاها" وهي تقريرات سائغة تتصل بتقدير الدليل ولها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي وحدها لحمل قضائه، فإن تعييبه فيما أورده بعد ذلك تزيداً من أن "سكوت المستأنف والد الصغيرة عن رفع دعوى في موعدها القانوني بنفي نسب الصغيرة مع تمكنه من اتخاذ إجراءات نفي ذلك النسب يعتبر قرينة واضحة وقوية على ثبوت النسب منه". يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أنه كان محدداً لنظر الاستئناف أمام محكمة الدرجة الثانية جلسة 19/ 12/ 1966 وفيما سئلت المطعون عليها عما إذا كانت قد تزوجت ممن يدعى محمد إسماعيل محمود وعما إذا كانت قد أجهضت بعد حملها منه فامتنعت عن الإجابة ثم حجزت القضية للحكم لجلسة 21/ 2/ 1967 مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثين يوماً مناصفة وقدم الطاعن خلال هذه المدة حافظة مستندات قاطعة في نفي الدعوى، يتضمن المستند رقم (1) منها إقراراً من المطعون عليها بأنها دخلت المستشفى متسمية باسم سعدية محمد شحاته بتاريخ 22/ 10/ 1952 حيث أجهضت والمستندان رقم 3، 5 خطابان متبادلان في فبراير سنة 1960 بين أخ المطعون عليها وآخر يتضمنان مشروع خطبة المطعون عليها والمستند رقم 6 محرر في 5/ 9/ 1960 ويتضمن إقراراً من المطعون عليها بحصول اتفاق بينها وآخر على الزواج وأنها قبضت المهر واتفقت معه على إعداد الجهاز خلال ستة أشهر من ذلك التاريخ. وإذ قدمت النيابة العامة مذكرة قالت فيها إن المستندات المشار إليها لا علاقة لها بالدعوى فقد قدم - الطاعن - طلباً بفتح باب المرافعة أرفق به صور شمسية لمستندات أخرى هامة في نفي الدعوى وأبدى استعداده لتقديم أصولها إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الطلب وأشار في أسبابه إلى المستندات المقدمة مقرراً أنها لا علاقة لها الدعوى. والتفات الحكم عن هذه المستندات ودلالتها في الدعوى يجعله مشوباً بالقصور ومنطوياً على إخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ثابت من الدعوى أن مدار النزاع هو نسب الصغيرة المولودة في 13/ 4/ 1963 في حين أن المستندات التي تذرع بها الطاعن في نفي الدعوى. وعلى ما سلف البيان تاريخها في الفترة من 1958 إلى 1960 أي قبل ميلاد الصغيرة بمدة تزيد على الستة شهور وتربو على السنتين، وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لتلك المستندات بقوله "إن الطاعن قدم أوراقاً لا تطعن على الحكم المستأنف ولا تشهد على الدعوى ولا تشهد له بما زعمه في هذه الدعوى، مما يؤكد أن ما ذهبت إليه محكمة أول درجة في محله وتوافقها عليه هذه المحكمة وتقرها عليه مع الاطمئنان إلى أنه موافق للقانون" فإنه لا يكون مشوباً بالقصور، هذا إلى أنه بحسب الأصل، لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة والتصريح بتقديم مستندات متى كان قد قدم إليها بعد انتهاء المرافعة في الدعوى إذ يصبح إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته من الإطلاقات التي لا يعيب المحكمة الالتفات عنها وبالتالي فإن النعي بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي معه استندا في قضائهما إلى أن التناقض في دعوى النسب مغتفر وهذا منهما خطأ في تطبيق القانون، لأنه من المقرر شرعاً أن التناقض الذي يعتور جوهر دعوى النسب يترتب عليه عدم سماعها، والثابت أن المطعون عليها ادعت حصول الزوجية بالإسكندرية في أواخر سنة 1956 وتبين من أقوال والدتها وأخوتها ومالك العمارة التي تسكن بها أسرة الطاعن بالإسكندرية وبواب العمارة المذكورة، أن المطعون عليها كانت مقيمة مع أهلها بالقاهرة ولم تنتقل إلى الإسكندرية إلا في أوائل سنة 1985، وأنها لم تبت ليلة واحدة بمنزل أسرة الطاعن بعد وفاة والده في أواخر سنة 1956، كما أن الثابت من إقرار المطعون عليها في سنة 1958 أنه لم يكن بينها وبين الطاعن علاقة جنسية وأن أساس معرفتها به هو كونه صديقاً لأخيها فحسب، والثابت كذلك من إقراراتها المشار إليها في السبب الثالث أنها كانت في المدة التي بدأت من سنة 1958 على صلة بآخرين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه - يبين أنه أقام قضاءه بثبوت نسب الصغيرة للطاعن بصفة أساسية على البينة وهي شهادة شاهدي المطعون عليها سعد عبد الواحد والدكتور السيد أحمد متولي، حيث قرر" أن المحكمة ترى الأخذ بشهادة شاهدي المدعية، إذ هي تطمئن إليها وترى أنها مطابقة للحقيقة" وأنه لم يعول على أقوال الشهود الواردة بتحقيقات النيابة والتي أشار إليها الطاعن في طعنه، وإذ كان ذلك وكانت شهادة شاهدي المطعون عليها غير متناقضة مع الدعوى، كما لم تكن هي بذاتها محل نعي من الطاعن، فإن تعييب الحكم المطعون فيه فيما عداها بالخطأ في تحديد التناقض المغتفر في دعوى النسب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور من وجوه (أولها) أنه أيد الحكم الابتدائي فيما خلص إليه من أنه مما يؤكد شرعية العشرة بين الطرفين "أنها كانت في علانية وفي منزل أسرة المدعى عليه حيث كان يقيم أبوه حتى وفاته في ديسمبر سنة 1961" في حين أن الحكم الابتدائي ذاته كان متناقضاً مع نفسه فيما يتعلق بعلانية العشرة بين الطرفين حيث قرر في بادئ الأمر أن العلاقة منذ بدأت كانت في علانية، ثم عاد وقرر أن العلاقة كانت مستورة قبل الحمل الأخير ثم قرر بعد ذلك أن الطاعن لم يعمل على إخفاء علاقته بالمطعون عليها ثم عاد يقول إنه أقنعها ببقاء الأمر سراً ثم قرر أخيراً أن العلاقة شرعية منذ البداية تتسم بالظهور والعلانية شأن كل ما هو حلال ولم تنسم بالخفاء والتستر (وثانيها) أنه أسند إلى الطاعن أنه لم يأت بجديد في استئنافه وهو ما يخالف الثابت في الأوراق لأن الطاعن أسند في مذكراته المقدمة لمحكمة الاستئناف إلى شاهدي المطعون عليها ما من شأنه أن يكذب شهاديتهما (وثالثها) أن الطاعن كان قد تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة أول درجة لجلسة 6/ 4/ 1965 بعدم جواز قبول شهادة الدكتور السيد أحمد متولي لأن المطعون عليها تعمل أجيرة خاصة له، ولكن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي معه، أغفلا الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود في (الوجه الأول) منه بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بوجود "الفراش" على البينة، وهي كافية وحدها لحمل قضائه. وفي (الوجه الثاني) بأن تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاض الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك، إلا أن يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها ومردود في (الوجه الثالث) بأن شهادة المستأجر للأجير على عكس شهادة الأجير للمستأجر مقبولة شرعاً، لأنها لا تحمل للشاهد مغنماً ولا ترفع عنه مغرماً، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق