الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 مايو 2021

الطعن 20 لسنة 13 ق جلسة 30 / 4 / 2018 مدني

باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية

برئاسة السيد القاضي / محمد حمــــودة الشريــــــــف رئيس الدائرة
وعضوية السيدين القاضيين / صلاح عبد العاطي أبو رابح ومحمــد عبدالعظيـــم عقبــــــــه
وبحضور أمين السر السيد/ محمد سند

في الجلسـة العلنية المنعقـدة بمقر المحكمة بدار القضاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الأثنين 14 من شعبان سنة 1439 هـــ الموافق 30 من إبريل سنة 2018 م

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 20 لسنـــة 13 ق 2018 – مدنى

المرفوع من / ...... بوكالة المحامي / .....

ضـــــــــــــــد

شركة ... إيران (شركة التأمين ....) بوكالة المحامي / .....

المحكمـــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ صلاح أبو رابح والمرافعة وبعد المداولة:

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 310 لسنة 2016 رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي لها التعويض المناسب لكافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء حادث السيارة المؤمن من مخاطرها لديها ودين قائدها بحكم جنائي بات،

ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعنة مبلغ 30000 درهم تعويضاً مادياً وأدبياً ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.

استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 82 لسنة 2017 أمام محكمة استئناف رأس الخيمة وبتاريخ 22/5/2017 قضت بالتأييد.

طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 75 لسنة 12 ق 2017 وبتاريخ 30/10/2017 حكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد.

وبتاريخ 28/1/2018 قضت محكمة الإحالة بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض بجعله مبلغ خمسون ألف درهم تؤديها المطعون ضدها للطاعنة.

طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وحيث إن حاصل مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي وزن البينة والفساد في الاستدلال ذلك انه لم يقض للطاعنة بالتعويض عن كسر الحوض وإصابتها بالرأس على الرغم ما اثبت بالتقارير الطبية والتفاته عنها ومناقشتها ولم يحدد التعويض عن تلك الإصابات والتي تستحق عنها أرش واقتصر حكمه على فقدان الطاعنة حاسة الشم والتي لم يقض لها بالدية الشرعية كاملة عملاً بأحكام الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق إعمالاً لنص المادتين 1، 2 من قانون المعاملات المدنية بعد أن ثبت ذلك من التقرير الطبي الصادر من مستشفى صقر قسم الأنف والأذن والحنجرة المؤرخ 5/1/2017 وتأكد ذلك لمحكمة الاستئناف بتحليفها للطاعنة اليمين المتممة إلى جانب ما لحق الطاعنة من أضرار مادية ترتبت في مصاريف وتكاليف العلاج وما أصابها من آلام نفسية ومعنوية التي لحقت بها لفقدها حاسة الشم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة الأولى من قانون المعاملات المدنية تنص على أنه [ إذا لم يجد القاضي نصاً في القانون حكم بمقتضي الشريعة الإسلامية على ان يراعي تخير أنسب الحلول من مذهبي الأمام مالك والأمام أحمد بن حنبل فإذا لم يجد فمن مذهبي الأمام الشافعي والأمام أبي حنيفة حسبما تقتضه المصلحة]. وكان من المقرر في فقه الشريعة الإسلامية أنه تجب الدية الكاملة في غير قتل النفس بتفويت منفعة مقصودة على الكمال وإزالة جمال مقصود على الكمال وهي تفوت بإبانة – أي قطع – كل الأعضاء من جنس واحد أو بذهاب معانيها مع بقاء صورتها، والأعضاء التي تجب فيها الدية كاملة هي التي لا نظير لها في البدن منها الصلب ومسلك البول إذا لم يعد يستمسك البول، ومسلك الغائط إذا لم يعد يستمسك الغائط والأعضاء التي منها في البدن أثنان وهي اليدان والرجلان و ... فيستحق لإبانة أو فوات منفعة كل منها الأرش المقدر، وأنه يتعين القضاء بالدية أو الأرش المقدر عن فقد أو تفويت منفعة كل عضو بجسم المضرور مهما تعددت الديات وإن اتحد الفعل الضار ، ومن المعاني التي تجب فيها الدية الكاملة العقل والبصر والسمع والكلام والمشي والشم لأن في كل منها منفعة مقصودة ومستقلة، ومن المقرر أنه ولئن كان تقدير التعويض الجابر للضرر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أن شرط ذلك إلا يكون في القانون أو في الاتفاق نص يوجب اتباع معايير معينة في تحديده، ومن المقرر أنه إذا ترتب على الجناية على النفس أضرار أخرى خلاف تلك التي تتمثل في فقد المضرور لأحد أعضاء بدنه أو منفعتها كعدم قدرته على أداء العمل بسبب الإصابة وتكبد مصاريف وما يصيبه من آلام نفسية نتيجة الإصابة فلا تدخل هذه الأضرار ضمن العناصر التي تستحق عنها الدية أو الأرش وإنما تقدر المحكمة التعويض الجابر لها بما لها من سلطة تقديرية متى بينت في قضائها تلك العناصر التي أدخلتها في حساب التعويض وماله أصله الثابت بالأوراق . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالطاعنة من جراء الحادث التي نتج عنها فقدانها لحاسة الشم وكان المطلوب دية ولجأ الحكم المنقوض إلى تقدير التعويض دون أن يبحث ما هي الأعضاء التي أصيبت وأدت إصابتها إلى فوات منفعتها أو فقدها ويستحق عنها دية شرعية والأعضاء التي أصيبت ولم تفقد أو تعطل منفعتها ولا يستحق عنها دية ودون أن يعمل القواعد الخاصة التي وضعها الشرع الإسلامي بتجديد مقدار الضمان الذي يلتزم الجاني على ما دون النفس خطأ ولم يلتزم الحدود التي قدرها الشرع بالنسبة لمقدارها. وكان الثابت من التقرير الطبي المؤرخ 5/1/2017 والصادر من مستشفى صقر قسم الأنف والأذن والحنجرة وحلف الطاعنة لليمين المتممة أمام محكمة الاستئناف فقدانها حاسة الشم مما تستحق معه دية كاملة وهو ما لم تأخذ به محكمة الإحالة حين قضت بالتعويض المادي والأدبي بما يخالف هذا النهج، وكانت الطاعنة قد طلبت الدية عن فقدها حاسة الشم والتعويض عن باقي الأضرار التي لحقت بها من جراء إصابتها بالرأس والحوض، وكان من المقرر أنه لا يجوز للمضرور الذي قضي له بدية عن فقد عضو او فقد منفعته طلب التعويض عن الأضرار الأدبية أو النفسية أو المعنوية التي أصابته نتيجة ذلك الفقد لأن الحكم بالدية قد شملها بالضرورة لدخول ذلك الطلب في الغاية من الحكم بالدية وهي ترضية المضرور ومواساته عن فقد العضو أو منفعته ، وكان مؤدى نص المادة 299 من قانون المعاملات المدنية أنه لا يجوز تعويض المضرور عن أضرار استحقت الدية تعويضاً عنها لأنه في هذه الحالة يكون قد جمع بين تعويضين عن ضرر واحد وهو ما لا يجوز شرعاً أو قانوناً ، ذلك بخلاف ما إذا كان قد تخلف عن فقد العضو أو منفعته الذي استحقت عنه الدية شين أو تشوية ألحق بالمجنى عليها آلاماً نفسية فهو ضرر أخر خلاف ذلك الذي تقضيه الدية فيجوز بالتالي التعويض عنه إلى جانب الدية التي اقتصرت على تعويض فقد العضو ذاته أو منفعته . وهو ما لم يكن محل قضاء من الحكم المطعون فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

وحيث إن الطعن صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ مائتي ألف درهم كدية كاملة عن فقدانها لحاسة الشم ومبلغ خمسة آلاف درهم تعويضاً عن الأضرار المادية التي لحقت بها من جراء الحادث وبرفض التعويض عن الأضرار الأدبية والتي شملتها الدية المحكوم بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق