المنشور بالجريدة الرسمية العدد 39 مكرر ط في 4 / 10 / 2017 ص 3
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع والعشرين من سبتمبر سنة
2017م، الموافق الثالث من المحرم سنة 1439هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي وسعيد مرعي عمرو
ورجب عبد الحكيم سليم وبولن فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 25
قضائية "دستورية".
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 9478 لسنة 2002 مدني كلي، أمام
محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث؛ طلبا للحكم ببراءة
ذمتها من مبلغ 24ر13742 جنيها، قيمة ما قدرته مأمورية الضرائب على المبيعات عن
نشاطها في مجال المقاولات بتشييدها العقار رقم .... طريق الزعيم جمال عبد الناصر
بمنطقة سيدي بشر، والعقار رقم .... شارع جمال عبد الناصر بمنطقة فيكتوريا التابعين
لقسم المنتزه، وأسست دعواها على أنها شريكة بحق النصف في الأرض طبقا للترخيص الصادر
ببناء العقارين، مما ينتفي معه القول بقيامها بتقديم خدمات التشغيل للغير، وعدم
خضوعها - تبعا لذلك - للضريبة العامة على المبيعات. وبجلسة 1/1/2003 دفعت الشركة
المدعية بعدم دستورية القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض
المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، وقانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والبند
"ثانيا" من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من إضافة
عبارة "خدمات التشغيل للغير" إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11
لسنة 1991، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية، أقامت
الدعوى المعروضة.
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2003، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة فيها الحكم بعدم دستورية القانون
رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات
والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، وقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر
بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والبند "ثانيا" من المادة (3) من القانون
رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من إضافة عبارة "خدمات التشغيل للغير" إلى
الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم؛ أولا: بعدم قبول
الدعوى في خصوص طلب الحكم بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر
بالقانون رقم 11 لسنة 1991، ثانيا: برفضها في خصوص سائر النصوص التشريعية المطعون
فيها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الشركة المدعية تنعي على نصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار
إليه، أنها أدت إلى عزل المحاكم عن نظر المسائل المطروحة أمامها، مستبدلة بها
توفيقا قسريا منافيا للأصل فيه أن يكون عن إرادة حرة، بما مؤداه أن اختصاص جهات
التوفيق التي أنشأتها نصوص ذلك القانون يكون منطويا على إخلال بحق التقاضي الذي
كفله الدستور. وتنعي على قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، مخالفته
للدستور من الناحية الشكلية لعدم توافر الأغلبية اللازمة لإقراره بمجلس الشعب. كما
تنعي الشركة المدعية على عجز البند "ثانيا" من المادة (3) من القانون
رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه، تطبيقه الضريبة بأثر رجعي اعتبارا من 5/3/1992، مما
يخل بمبدأ العدالة الضريبية المقرر بالدستور.
وحيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه تنص
على أنه "عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من
أجهزتها طرفا فيها وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، وتلك التي
تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة
بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على فضها عن طريق هيئات تحكيم، تتولى
اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف
المنازعات التي تخضع لأحكامه ....".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها،
مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية
على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم هذا الشرط
باجتماع شرطين؛ أولهما: أن يقيم المدعي – في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون
عليه – الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، وليس ضررا متوهما أو نظريا أو
مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه،
بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من
ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق
التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن
إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن
يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى عما كان عليه قبلها.
متي كان ما تقدم، وكان مقتضى نص المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة
2000 المشار إليه، استبعاد بعض المنازعات من مجال إعماله، ومن بينها تلك المنازعات
التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات
المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية. وكان النزاع المطروح في الدعوى
الموضوعية يشكل نزاعا أفرده المشرع بنظام خاص للتوفيق والتظلم والتقاضي طبقا لنصي
المادتين (17) و(35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، ومن ثم
يخرج النزاع الموضوعي عن مجال تطبيق القانون رقم 7 لسنة 2000؛ فلا تكون الشركة
المدعية مخاطبة بأحكامه، وتبعا لذلك؛ تكون الدعوى غير مقبولة في هذا الشق منها،
لعدم توافر شرط المصلحة.
ومن حيث إن الاستيثاق من توافر الأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور في
قانون ما – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تحكمه أحكام الدستور الذي صدر في ظل
العمل بأحكامه، ويُعتبر سابقا بالضرورة على الخوض في أمر اتفاقها أو تعارضها مع
الأحكام الموضوعية للدستور.
لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة قد سبق لها أن بحثت بعض المسائل
الدستورية المتعلقة بقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11
لسنة 1991؛ ومن ذلك: حكمها الصادر بجلسة 6/1/2001 في القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية
"دستورية" بعدم دستورية نصي المادتين (17) و(35) من هذا القانون وسقوط
نص المادة (36) منه، وحكمها الصادر بجلسة 7/3/2004 في القضية رقم 58 لسنة 19
قضائية "دستورية" برفض الدعوى في شأن دستورية التقدير العقابي الوارد في
صدر المادة (41) من هذا القانون قبل تعديله بالقانون رقم 91 لسنة 1996، وحكمها
الصادر بجلسة 31/7/2005 في القضية رقم 90 لسنة 21 قضائية "دستورية" برفض
الدعوى في شأن دستورية الفقرة الثالثة من المادة (32) من القانون ذاته، وكذلك
حكمها الصادر بجلسة 14/2/2008 في القضية رقم 45 لسنة 27 قضائية
"دستورية" برفض الدعوى في شأن دستورية عجز نص الفقرة الثانية من المادة
(11) من القانون ذاته. وكانت هذه الأحكام تعد قولا فصلا فيما قضت به، وتناولت
مسائل دستورية تمثل عوارا موضوعيا اتصل بالنصوص التشريعية المطعون عليها، وآل إلى
بطلان بعضها لقيام الدليل على مخالفتها للمضمون الموضوعي لأحكام دستور سنة 1971،
وإلى سلامة البعض الآخر منها لثبوت اتفاقه وذلك المضمون، فإن هذه الأحكام تكون قد
انطوت لزوما على استيفاء قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم
11 لسنة 1991 المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي كان يتطلبها ذلك الدستور، بما
يحول دون إعادة بحثها منى جديد، ومن ثم تكون المناعي الشكلية التي نسبتها الشركة
المدعية لهذا القانون قائمة على غير أساس، مما يتعين معه القضاء - أيضا - بعدم
قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إنه بالنسبة للطعن على عجز البند "ثانيا" من المادة
(3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 على النحو آنف الذكر، فقد سبق للمحكمة الدستورية
العليا أن فصلت في تلك المسألة الدستورية، حيث قضت بجلسة 15/4/2007 في القضية رقم
232 لسنة 26 قضائية "دستورية" بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل
للغير" الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم
2 لسنة 1997، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 19/4/2007 بعددها رقم 16
(تابع).
متى كان ما تقدم، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم،
والمادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1979 أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة
الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتبارها قولا فصلا لا يقبل تأويلا
ولا تعقيبا من أية جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة
طرحها عليها من جديد، فمن ثم يتعين القضاء باعتبار الخصومة بالنسبة لهذا الشق -
منتهية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بعدم قبول الدعوى في خصوص طلب الحكم بعدم دستورية القانون رقم 7
لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص
الاعتبارية العامة طرفا فيها.
ثانيا: بعدم قبول الدعوى في خصوص طلب الحكم بعدم دستورية قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
ثالثا: باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب الحكم بعدم دستورية عجز
البند "ثانيا" من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من
إضافة عبارة "خدمات التشغيل للغير" إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون
رقم 11 لسنة 1991.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق