برئاسة السيـد القاضي / محمد ممتاز متولـي نائب رئيس
المحكمة ، وعضوية السادة القضاة / طارق سيد عبد الباقي ، سمير عبد المنعم أبو
العيلة ، أحمــد برغــش وحاتم عبد الوهاب حمودة نواب رئيس المحكمة .
-------------
(1) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب المتعلقة بالنظام العام " .
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض
إثارتها من تلقاء نفسها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة
الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على
محكمة الموضوع وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم .
(2 ، 3) دستور " دستورية القوانين : أثر الحكم بعدم
الدستورية " .
(2) الشرعية الدستورية . مقتضاها . مطابقة النصوص
القانونية واجبة التطبيق لأحكام الدستور . مؤداه . عدم جواز إعمال نص تشريعي يعارض
الدستور . انسحاب ذلك الأثر على النص المقضي بعدم دستوريته طالما لحق الدعوى أمام
هذه المحكمة . تعلقه بالنظام العام . التزام محكمة النقض بإعماله من تلقاء نفسها
وجواز إثارته لأول مرة أمامها . علة ذلك . م29 ق 48 لسنة 1979 بإصدار قانون
المحكمة الدستورية العليا .
(3) الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية . عدم انحصار حجيتها في خصوم
الدعوى . امتداد الحجية إلى الدولة بكافة أنواعها وتنظيماتها وإعمال أثرها على
الناس كافة دون تمييز . مؤداه . عدم جواز تطبيق النصوص المقضي بعدم دستوريتها
اعتباراً من اليوم التالي لنشر الأحكام الصادرة بشأنها في الجريدة الرسمية .
انسحاب ذلك الأثر على الأوضاع والعلائق المتصلة بها حتى ما كان سابقاً على نشره .
علة ذلك . م 49 ق 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا .
(4) استيلاء " الاستيلاء المؤقت على العقارات
لأغراض التموين " . دستـور " دستورية
القوانين : أثر الحكم بعـدم الدستورية " .
قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ما
نصت عليه الفقرة (هـ) من المادة الأولى من المرسوم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون
التموين من جواز استيلاء وزير التموين على أي عقار المعدل . أثره . عدم جواز
تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية . م 49 ق 48 لسنة 1979 بإصدار
قانون المحكمة الدستورية العليا . مؤداه . زوال الرخصة القانونية للوزير في الاستيلاء
على العقارات المملوكة للأفراد .
(5) استيلاء
" الاستيلاء المـؤقت على العقارات لأغراض التموين " . تقادم " التقادم المكسب
للملكيـــة : الحيازة المكسبـــة للملكيـــة : سلطة محكمة الموضوع من التحقق من
توافر شروط الحيازة " .
صدور قراري وزير التموين بالاستيلاء على عقار
النزاع المملوك للطاعنين استناداً إلى نص الفقرة (هـ) من المادة الأولى من المرسوم
بالقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل المقضي بعـدم دستوريته .
أثره . انعدام القرارين وزوال أثرهما القانوني في قطع التقادم المكسب للملكية .
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنين بتثبيت ملكيتهم للعقار بوضع اليد
المكسب للملكية على سند من انقطاع التقادم خلال فترة استيلاء وزير التموين عليه
بالقرارين المشار إليهما رغم انعدامهما وتحجبه عن بحث شروط كسب الملكية بوضع اليد
المدة الطويلة . خطأ وقصور مبطل .
(6) دعوى " نظر الدعوى أمام المحكمة : الخصوم في الدعوى
" .
الخصم الحقيقي . ماهيته . الذى توجه إليه
طلبات في الدعوى أو يعترض سبيلها منازعاً فيها . تخلف ذلك . أثره . عدم اعتباره
خصماً حقيقياً .
(7 ، 8) تقادم " التقادم المكسب للملكية : ضم
حيازة السلف إلى حيازة الخلف " .
(7) قاعدة ضم حيازة السلف إلى حيازة الخلف . عدم
سريانها إلا إذا أراد المتمسك بالتقادم الاحتجاج به قبل غير . من باع له أو غير من
تلقى الحق ممن باع له . السلف المشترك . عدم جواز الاستفادة من حيازته لإتمام مدة
التقادم الطويل قبل من تلقى حقه عن ذلك السلف .
(8) إقامة الطاعنين دعوى على المطعون ضدهم وآخرين
بتثبيت ملكيتهم لعقار النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية . أيلولة
العقار بالشراء إلى مورثهم بوصفه الولي الطبيعي عليهم والمطعون ضدها الثانية
والدتهم التي لم تنازعهم في وضع اليد المستوفى شروطه القانونية . تصرف الأخيرة في حصتها
للطاعنين بالبيع بمحضر صلح . مؤداه . عدم حيلولته قانوناً دون ضم مدة حيازة الطاعنين
إلى حيازة سلفهم البائع لهم . قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى لعدم جواز الاحتجاج قبل المطعون ضدها
الثانية بقاعدة ضم مدة حيازة السلف إلى حيازتهم باعتبارها سلف مشترك متحجباً عن
بحث مدة حيازة الطاعنين لنصيبهم في العقار ومدة حيازة البائع لهم لإتمام المدة
اللازمة لكسب الملكية بالتقادم . خطأ وقصور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها إثارة
الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة
الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة
الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم .
2- المقرر – في قضاء محكمة النقض -
أن مفاد نص المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية
العليا يدل على أن الشرعية الدستورية تقتضى أن تكون النصوص التشريعية الواجبة
التطبيق على أي نزاع مطابقة لأحكام الدستور فلا يجوز لأى محكمة أو هيئة اختصها
المشرع بالفصل في نزاع معين - وأياً كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتمى
إليها - إعمال نص تشريعي لازم للفصل في النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته
للدستور - ومن باب أولى - إذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته فهذا
القضاء واجب التطبيق على جميع المنازعات التي تخضع لتطبيق هذا النص القانوني مادام
الحكم بعدم دستوريته قد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة ، وهذا الأمر
متعلق بالنظام العام ويتعين على محكمة النقض أعماله من تلقاء نفسها ، كما يجوز
إثارته لأول مرة أمامها وذلك باعتبارها من المحاكم التي عنتها المادة 29 المشار إليها
.
3 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 49 من هذا القانون (
القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا ) - المنطبقة على
الواقعة وقبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - أن الأحكام
الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية بل تمتد
إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز فلا
يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من اليوم التالي لنشر
الأحكام الصادرة بشأنها في الجريدة الرسمية ولا يعنى أن لهذه الأحكام أثراً
مباشراً لا تتعداه خاصة إذا كان قضاؤها مبطلاً لنص غير جنائي .. بل إن أثره الرجعى
يظل سارياً منسحباً إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها مؤثراً فيها حتى ما كان
منها سابقاً على نشره في الجريدة الرسمية بافتراض أن تلك الأحكام كاشفة وليست
منشئة ، ذلك أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء فلا يكون قابلاً للتطبيق أصلاً
منذ أن نشأ معيباً ولا يكون صالحاً لإنشاء مراكز قانونية في ظله .
4 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 1/9/1997 في القضية
رقم 108 لسنة 18 ق " دستورية عليا " والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد
37 بتاريخ 11/9/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة (ه) من المادة الأولى من
المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - المعدل بقرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 - ومن ثم فقد أصبح هذا النص القانوني في تلك
الخصوصية والمحكوم بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر
الحكم بالجريدة الرسمية انطباقاً للمادة 49 سالفة الذكر ( المادة 49 من القانون
رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا ) مما مؤداه زوال الرخصة
القانونية لوزير التموين بموجب أحكام هذا القانون في الاستيلاء على العقارات
المملوكة للأفراد.
5 - إذ كان قراري وزير التموين رقمي 333 لسنة 1973 ، 57 لسنة 1987
بالاستيلاء على عقار النزاع المملوك للطاعنين قد صدر استناداً إلى النص المقضي
بعدم دستوريته على نحو سلف بيانه ( عدم دستورية الفقرة (ه) من المادة الأولى من
المرسوم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين من جواز الاستيلاء على أي عقار ) فإن
القرارين يكونا منعدمين لزوال الأساس القانوني الذى قاما عليه وهو ما يترتب عليه
انعدام أي أثر قانوني لهما ومنها قطع مدة التقادم الطويل المكسب للملكية ، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض تمليك الطاعنين لعقار التداعي بوضع اليد
المدة الطويلة على سند من انقطاع التقادم خلال فترة استيلاء وزارة التموين عليه
بموجب القرارين سالفي البيان رغم انعدامهما وزوال أي أثر قانوني لهما فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا
الخطأ عن بحث مدى توافر شروط اكتساب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة مما يعيبه
بالقصور المبطل .
6 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن الخصم الحقيقي في النزاع هو من توجه
إليه طلبات في الدعوى أو يعترض سبيلها منازعاً فيها ، أما من يختصم دون أن توجه
إليه طلبات ولم يدفع الدعوى بما يعترضها فلا يُعد خصماً حقيقياً فيها .
7 - المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن قاعدة ضم حيازة السلف إلى حيازة
الخلف لا تسرى إلا إذا أراد المتمسك بالتقادم أن يحتج به قبل غير من باع له أو غير
من تلقى الحق ممن باع له بحيث إذا كان السلف مشتركاً فلا يجوز للحائز المتمسك
بالتقادم أن يستفيد من حيازة سلفه لإتمام مدة الخمسة عشر سنة اللازمة لاكتساب
الملك بالتقادم قبل من تلقى حقه عن هذا السلف .
8 - إذ كان البين من الأوراق أن المرحوم/ .... وآخرين قد باعوا نصيبهم في عقار
النــزاع لكل من المطعون ضدها الثانية ومورث الطاعنين بوصفه ولي طبيعي عليهم ، وأن
المطعون ضدها الثانية قد باعت للطاعنين حصتها فيه بموجب محضر الصلح المؤرخ ../ ../
.... ومن ثم فلا يكون ثمة ما يحول قانوناً دون ضم مدة حيازة الطاعنين إلى حيازة
سلفهم البائع لهم ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ( قضاء الحكم المطعون
برفض دعوى الطاعنين على المطعون ضدهم بتثبيت ملكيتهم لعقار النزاع بوضع اليد المدة
الطويلة المكسبة لعدم جواز الاحتجاج قبل المطعون ضدها الثانية بقاعدة ضم مدة حيازة
السلف إلى حيازة الخلف لكون السلف مشتركاً بينهم والمطعون ضدها الثانية والدتهم
المشترية لحصة فيه ) فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما حجبه عن بحث مدة
حيازة الطاعنين لنصيبهم في عقار التداعي ومدة حيازة البائع لهما لإتمام المدة
اللازمة لاكتساب الملكية بالتقادم الطويل مما يعيبه بالقصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه
الشكلية .
وحيث إن
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين
أقاموا على المطعون ضدهم وآخرين - غير مختصمين في الطعن - الدعوى رقم .... لسنة
... مدنى .... الابتدائية بطلب الحكم أولاً : تثبيت ملكيتهم بالتساوي فيما بينهم
للعقارين رقمي ... ميدان الانتخانة ، ... شارع 26 يوليو الموضحين بالصحيفة ومنع
تعرض المطعون ضده الأول لهم . ثانياً: بمحو وشطب القيودات والتسجيلات التي تمت على
عقاري النزاع . وقالوا بياناً لذلك أنه بموجب عقد البيع المؤرخ 12/4/1960 اشترى
والدهم بصفته ولي طبيعي عليهم ووالدتهم المطعون ضدها الثانية العقارين المشار إليهما
من المرحوم/ .... وآخرين بوصفهم المالكين لهما ، وأنهم - عدا المطعون ضدها الثانية
- يضعون يدهم عليهما منذ هذا التاريخ ويحوزنهما حيازة هادئة مستوفية لشرائطها
القانونية ، وإذ نازعهم في تلك الملكية المطعون ضده الأول مدعياً ملكيته لهما .
فقد أقاموا دعواهم . ندبت المحكمة خبيراً فيها وبعد أن قدم تقريره أجابتهم لطلب
تثبيت ملكية العقار رقم ... ميدان الانتخانة ورفضت مطلبهم بخصوص العقار رقم ... شارع
26 يوليو وباقي الطلبات ، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف ....
بالاستئناف رقم ... لسنة .. ق وبتاريخ ../ ../1998 قضت المحكمة بتأييد الحكم
المستأنف . طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، عُرض الطعن على هذه المحكمة وحددت جلسة لنظره ،
وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن
الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه
الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال . وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم رفض
مطلبهم باكتساب ملكية عقار النزاع رقم .. شارع 26 يوليو بالحيازة لمدة تزيد عن
خمسة عشر عاماً تبدأ من تاريخ شرائهم له في عام 1960 تأسيساً على عدم اكتمال مدة
التقادم بانقطاع حيازتهم للعقار خلال فترة استيلاء وزارة التموين عليه ، في
حين أن القرار الذى يصدر من وزارة التموين بالاستيلاء على عقار مملوك لأحد الأفراد استناداً لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 بتخويل وزير التموين سلطة الاستيلاء على العقارات لأغراض تتعلق بالمصلحة العامة من شأنه أن ينشئ علاقة إيجارية تخضع للتشريعات الاستثنائية للإيجار التي تمنح الوزارة حق الانتفاع بهذا العقار مقابل أجر يتقاضاه المالك ، وبالتالي فإن حيازة العقار من قبل الجهة الصادر لصالحها قرار الاستيلاء تكون حيازة عرضية لحساب المالك باعتباره الحائز الأصلي - وفقاً لمفهوم المادة 951 من القانون المدني - لا تنقطع بها مدة التقادم الطويل المكسب للملكية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
حين أن القرار الذى يصدر من وزارة التموين بالاستيلاء على عقار مملوك لأحد الأفراد استناداً لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 بتخويل وزير التموين سلطة الاستيلاء على العقارات لأغراض تتعلق بالمصلحة العامة من شأنه أن ينشئ علاقة إيجارية تخضع للتشريعات الاستثنائية للإيجار التي تمنح الوزارة حق الانتفاع بهذا العقار مقابل أجر يتقاضاه المالك ، وبالتالي فإن حيازة العقار من قبل الجهة الصادر لصالحها قرار الاستيلاء تكون حيازة عرضية لحساب المالك باعتباره الحائز الأصلي - وفقاً لمفهوم المادة 951 من القانون المدني - لا تنقطع بها مدة التقادم الطويل المكسب للملكية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه من
المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها إثارة الأسباب
المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة
الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة
الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم ، وكان المقرر أن مفاد
نص المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا
يدل على أن الشرعية الدستورية تقتضى أن تكون النصوص التشريعية الواجبة التطبيق على
أي نزاع مطابقة لأحكام الدستور فلا يجوز لأى محكمة أو هيئة اختصها المشرع بالفصل
في نزاع معين - وأياً كان موقعها من الجهة القضائية التي تنتمى إليها - إعمال نص
تشريعي لازم للفصل في النزاع المعروض عليها إذا بدا لها مصادمته للدستور - ومن باب
أولى - إذا قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته فهذا القضاء واجب التطبيق
على جميع المنازعات التي تخضع لتطبيق هذا النص القانوني مادام الحكم بعدم دستوريته
قد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة ، وهذا الأمر متعلق بالنظام العام ويتعين على
محكمة النقض أعماله من تلقاء نفسها ، كما يجوز إثارته لأول مرة أمامها وذلك
باعتبارها من المحاكم التي عنتها المادة 29 المشار إليها ، كما أن المقرر - وعلى
ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا - أن مفاد نص المادة 49 من هذا القانون -
المنطبقة على الواقعة وقبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998
- أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى
الدستورية بل تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها ويتم إعمال أثرها على الناس كافة
دون تمييز فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من
اليوم التالي لنشر الأحكام الصادرة بشأنها في الجريدة الرسمية ولا يعنى أن لهذه
الأحكام أثراً مباشراً لا تتعداه خاصة إذا كان قضاؤها مبطلاً لنص غير جنائي ، بل
إن أثره الرجعى يظل سارياً منسحباً إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها مؤثراً
فيها حتى ما كان منها سابقاً على نشره في الجريدة الرسمية بافتراض أن تلك الأحكام
كاشفة وليست منشئة ، ذلك أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء فلا يكون قابلاً
للتطبيق أصلاً منذ أن نشأ معيباً ولا يكون صالحاً لإنشاء مراكز قانونية في ظله .
ولما كان ما تقدم ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 1/9/1997 في القضية
رقم 108 لسنة 18 ق " دستورية عليا " والمنشور بالجريدة الرسمية في العدد
37 بتاريخ 11/9/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة (ه) من المادة الأولى من
المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - المعدل بقرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 380 لسنة 1956 - ومن ثم فقد أصبح هذا النص القانوني في تلك
الخصوصية والمحكوم بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر
الحكم بالجريدة الرسمية انطباقاً للمادة 49 سالفة البيان ، مما مؤداه زوال الرخصة
القانونية لوزير التموين بموجب أحكام هذا القانون في الاستيلاء على العقارات
المملوكة للأفراد ، ولما كان قراري وزير التموين رقمي 333 لسنة 1973 ، 57 لسنة
1987 بالاستيلاء على عقار النزاع المملوك للطاعنين قد صدر استناداً إلى النص المقضي
بعدم دستوريته على نحو سلف بيانه ، فإن القرارين يكونا منعدمين لزوال الأساس
القانوني الذى قاما عليه وهو ما يترتب عليه انعدام أي أثر قانوني لهما ومنها قطع
مدة التقادم الطويل المكسب للملكية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض
تمليك الطاعنين لعقار التداعي بوضع اليد المدة الطويلة على سند من انقطاع التقادم
خلال فترة استيلاء وزارة التموين عليه بموجب القرارين سالفي البيان رغم انعدامهما
وزوال أي أثر قانوني لهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ
عن بحث مدى توافر شروط اكتساب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة مما يعيبه بالقصور
المبطل ويوجب نقضه .
وحيث إن
الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون ومخالفة الثابت بالأوراق . وفى بيانه يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض
دعواهم بتثبيت ملكيتهم لعقار النزاع بالتقادم الطويل على عدم أحقيتهم في ضم حيازة
سلفهم إلى حيازتهم لكون أن هذا السلف مشتركاً بينهم وبين المطعون ضدها الثانية هي
والدتهم ولا تُعد خصماً حقيقياً في النزاع إذ أنها لم تنازع في ملكيتهم لعقار
التداعي بوضع اليد وارتكانهم لعقد شرائه كدليل على انتقال حيازته إليهم امتداد
لحيازة سلفهم البائع وهو ما تأكد من عقد الصلح المبرم بينهما بتاريخ 13/11/1988
الذى تضمن بيعها لهم ولآخرين حصتها في عقار النزاع ، وإذ لم يفطن الحكم إلى ذلك
فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعي في محله ، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخصم الحقيقي في النزاع
هو من توجه إليه طلبات في الدعوى أو يعترض سبيلها منازعاً فيها ، أما من يختصم دون
أن توجه إليه طلبات ولم يدفع الدعوى بما يعترضها فلا يُعد خصماً حقيقياً فيها .
وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - أن قاعدة ضم حيازة السالف إلى
حيازة الخلف لا تسرى إلا إذا أراد المتمسك بالتقادم أن يحتج به قبل غير من باع له
أو غير من تلقى الحــــــق ممن باع له بحيث إذا كان السلف مشتركاً فلا يجوز للحائز
المتمسك بالتقادم أن يستفيد من حيازة سلفه لإتمام مدة الخمسة عشر سنة اللازمة
لاكتساب الملك بالتقادم قبل من تلقى حقه عن هذا السلف . لما كان ما تقدم ، وكان
البين من الأوراق أن المرحوم/ ..... وآخرين قد باعـوا نصيبهم في عقار النزاع لكل
من المطعون ضدها الثانية ومورث الطاعنين بوصفه ولي طبيعي عليهم ، وأن المطعون ضدها
الثانية قد باعت للطاعنين حصتها فيه بموجب محضر الصلح المؤرخ 13/11/1988 ، ومن ثم
فلا يكون ثمة ما يحول قانوناً دون ضم مدة حيازة الطاعنين إلى حيازة سلفهم البائع
لهم ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون
وهو ما حجبه عن بحث مدة حيازة الطاعنين لنصيبهم في عقار التداعي ومدة حيازة البائع
لهما لإتمام المدة اللازمة لاكتساب الملكية بالتقادم الطويل مما يعيبه بالقصور
ويوجب نقضه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق