برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ وائل رفاعي نائب رئيس المحكمة, عبد الرحيم الشاهد, الريدي عدلي
وطارق سويدان.
--------------
- 1 إفلاس "دعوى الإفلاس". دعوى
"تقدير قيمة الدعوى". قانون "قانون المحاكم الاقتصادية".
دعوى الإفلاس. طبيعتها. دعوى إجرائية. هدفها. إثبات توقف المدين
التاجر عن دفع ديونه التجارية. علة ذلك.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن دعوى شهر الإفلاس بحسب طبيعتها
والغرض منها ليست دعوى مطالبة موضوعية بالحق الذي يدعيه رافعها على مدينه التاجر
بقصد الحصول على حكم يجبره على الوفاء به، وإنما دعوى إجرائية يهدف بها إثبات حالة
معينة هي توقف مدينه عن دفع ديونه التجارية نتيجة اضطراب مركزه المالي لترتيب
آثاره.
- 2 إفلاس "دعوى الإفلاس". دعوى
"تقدير قيمة الدعوى". قانون "قانون المحاكم الاقتصادية".
المحكمة المنوط بها شهر الإفلاس. اقتصار دورها على التحقق من جدية
المنازعة في الديون للتثبت من توافر شروط القضاء بشهر الإفلاس. مؤداه. عدم
اعتبارها دعوى مطالبة ينقطع بها تقادم هذه الديون.
دور المحكمة المنوط بها شهر الإفلاس مقصورا على التحقق من جدية
المنازعة في الديون محل طلب التوقف عن الدفع للتثبت من توافر شروط القضاء بشهر
الإفلاس دون أن يكون لها التحقق من حقيقة مقدار الديون، وبالتالي فهي لا تعد دعوى
مطالبة بها ينقطع بإقامتها تقادم هذه الديون.
- 3 إفلاس "دعوى الإفلاس". دعوى
"تقدير قيمة الدعوى". قانون "قانون المحاكم الاقتصادية".
دعوى شهر الإفلاس. دعوى غير قابلة للتقدير. علة ذلك.
صدور حكم شهر الإفلاس تنشأ حالة قانونية جديدة هي غل يد المدين عن
إدارة أمواله ومن ثم تعد دعوى غير قابلة للتقدير مما تتنافى بطبيعتها مع إمكان
تقديرها بالنقود أو تلك التي وإن قبلت بطبيعتها هذا التقدير لم يضع المشرع قاعدة
معينة لتقديرها لتحديد المحكمة المختصة بنظرها.
- 4 إفلاس "دعوى الإفلاس". دعوى
"تقدير قيمة الدعوى". قانون "قانون المحاكم الاقتصادية".
دعوى شهر الإفلاس قبل إصدار قانون المحاكم الاقتصادية. من اختصاص
المحاكم الابتدائية. علة ذلك. كونها دعوى غير قابلة للتقدير. المواد 41، 42 ق
المرافعات.
أكدت الفقرة الثانية من المادة 42 من قانون المرافعات عند تناولها
الاختصاص النوعي للمحاكم الجزئية بقولها "وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة
الابتدائية من اختصاص شامل في الإفلاس والصلح الواقي ...." وباعتبارها إنما
تدخل في اختصاص المحاكم الابتدائية - قبل إصدار قانون المحاكم الاقتصادية - لكونها
غير قابلة للتقدير فتعتبر وفقا لنص المادة 41 من ذات القانون زائدة عن أربعين ألف
جنيه.
- 5 إفلاس "دعوى الإفلاس". دعوى
"تقدير قيمة الدعوى". قانون "قانون المحاكم الاقتصادية".
اختصاص الدائرة الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية بنظر دعوى شهر
الإفلاس كمحكمة أول درجة. علة ذلك. كونها من الدعاوي غير القابلة للتقدير. م6/ 2 ق
المحاكم الاقتصادية.
تكون دعوى شهر الإفلاس زائدة عن خمسة ملايين جنيه وفقا لحكم المادة 6/
2 من قانون المحاكم الاقتصادية التي تختص دائرتها الاستئنافية بنظر هذا النوع من
الدعاوى والمنازعات - كمحكمة أول درجة - والتي وصفها بغير مقدرة القيمة والصحيح
أنها الدعاوى غير القابلة للتقدير.
- 6 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: صفة
التاجر". شركات "تأسيس الشركات".
وصف التاجر. ثبوته لكل من احترف التجارة والأعمال التجارية على وجه
الاستقلال سواء باسمه أو باسم مستعار أو مستترا وراء شخص. ثبوته كذلك للشخص
الظاهر. المواد 4/ج، 10، 18، 21، 33، 550 ق رقم 17 لسنة 1999.
البين من استقراء نصوص المواد 4/ ج, 10, 18, 21, 33, 550 من قانون
التجارة رقم 17 لسنة 1999 أن وصف التاجر يثبت لكل من احترف التجارة والأعمال
التجارية على وجه الاستقلال - ولو لم يقيد في السجل التجاري - سواء باسمه أو باسم
مستعار أو مستترا وراء شخص فضلا عن ثبوته للشخص الظاهر.
- 7 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: صفة
التاجر". شركات "تأسيس الشركات".
وصف التاجر. ثبوته لكل شركة تتخذ أحد الأشكال المتعلقة بالشركات أيا
كان الغرض الذي أنشئت من أجله.
ثبوت وصف التاجر لكل شركة تتخذ أحد الأشكال المتعلقة بالشركات أيا كان
الغرض الذي أنشئت من أجله.
- 8 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: صفة
التاجر". شركات "تأسيس الشركات".
تأسيس الشركات. من الأعمال التجارية.
يعد عملا تجاريا تأسيس الشركات التجارية.
- 9 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: صفة
التاجر". شركات "تأسيس الشركات".
اكتساب صفة التاجر بحكم القانون. من حالاته. الشريك المتضامن في شركة
التضامن أو التوصية البسيطة أو التوصية بالأسهم. شرطه. مزاولتها التجارة.
يكتسب البعض وصف التاجر بحكم القانون, فالشريك المتضامن في شركة
التضامن أو شركة التوصية البسيطة أو التوصية بالأسهم التي تزاول التجارة تاجرا.
- 10 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: صفة
التاجر". شركات "تأسيس الشركات".
الشريك الموصي في شركة التوصية. تدخله في إدارة أعمالها تدخلا يبلغ
حدا من الجسامة يؤثر على ائتمان الغير له بسبب تلك الأعمال. أثره. اكتسابه صفة
التاجر بحكم القانون.
يكتسب الشريك الموصي صفة التاجر إذا تدخل في أعمال الشركة وبلغ تدخله
حدا من الجسامة يكون له أثر على ائتمان الغير بسبب تلك الأعمال.
- 11 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: صفة
التاجر". شركات "تأسيس الشركات".
تحديد صفة التاجر. مناطه. العمل الذي يزاوله. مؤداه. اعتباره تاجرا
إذا زاول عملا تجاريا. أثره. خضوعه للأنظمة التي خص القانون بها التجار.
يتوقف تحديد صفة التاجر على العمل الذي يزاوله, فإذا زاول أعمالا
تجارية اعتبر تاجرا وبالتالي خضع للأنظمة التي خص بها القانون التجار, كنظام
الإفلاس ومسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري الذي يقيد أسماء التجار.
- 12 سجل تجاري "القيد في السجل التجاري:
بيانات السجل التجاري".
وصف التاجر. اكتسابه من تاريخ القيد في السجل التجاري ما لم يثبت
بطريقة أخرى. اعتزال التجارة. لازمه. محو هذا القيد.
يكتسب الشريك الموصي وصف التاجر من تاريخ القيد ما لم يثبت بطريقة
أخرى, ويتم محو القيد في حالة اعتزال أيا منهم (التجار) التجارة.
- 13 سجل تجاري "القيد في السجل التجاري:
بيانات السجل التجاري".
السجل التجاري. بياناته. حجة على الغير من تاريخ قيدها. علة ذلك. عدم
جواز الاحتجاج بنفي الثابت منها. حق كل صاحب مصلحة في تكملة هذه البيانات بالإضافة
اللاحقة. لا ينال من حجيتها.
تعتبر البيانات المقيدة بالسجل التجاري حجة على الغير من تاريخ قيدها
فيه لعلة تكمن في عدم جواز الاحتجاج بنفي الثابت فيها, ولا ينال من تلك الحجية حق
صاحب المصلحة في تكملة هذه البيانات بالإضافة إليها لاحقا بكافة طرق الإثبات.
- 14 سجل تجاري "القيد في السجل التجاري:
بيانات السجل التجاري".
عدم جواز تمسك التاجر بعدم القيد بالسجل التجاري للتحلل من الالتزامات
التي يفرضها عليه القانون أو التي تنشأ عن معاملاته مع الغير بصفته تاجرا.
حرم المشرع على التاجر التمسك بعدم قيده في السجل التجاري للتحلل من
الالتزامات التي يفرضها القانون عليه أو التي تنشأ عن معاملاته مع الغير بصفته
تاجرا.
- 15 سجل تجاري "القيد في السجل التجاري:
بيانات السجل التجاري".
إمساك الدفاتر التجارية. شرطه. مجاوزة رأس مال التاجر المستثمر عشرين
ألف جنيه.
إذ كان يجاوز رأس مال التاجر المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه وجب
عليه أن يمسك الدفاتر التي تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها.
- 16 سجل تجاري "القيد في السجل التجاري:
بيانات السجل التجاري". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لعقد الشركة: تقدير قيام
الشركة".
استخلاص حقيقة المال المستثمر. من سلطة قاضي الموضوع. شرطه.
استخلاص حقيقة المال المستثمر. من سلطة قاضي الموضوع. شرطه.
لئن كان المشرع لم يرد تعريف المال المستثمر, إلا أنه ترك أمر استخلاص
حقيقة مقداره لقاضي الموضوع دون أن يقيده فيما انتهى إليه في ذلك إلا أن يكون
سائغا له أصله الثابت في الأوراق وكاف لحمل قضائه في هذا الخصوص.
- 17 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: التوقف عن
الدفع". محكمة الموضوع "تقدير أدلة الدعوى". حكم "عيوب
التدليل. الخطأ في القانون: القصور في التسبيب".
تحقق حالة الإفلاس. مناطها. توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية أثر
اضطراب أعماله التجارية. شرطه. أن يكون ملزما بإمساك دفاتر تجارية بموجب أحكام ق17
لسنة 1999.
اعتبر المشرع أنه يعد في حالة إفلاس كل تاجر ملزم بموجب أحكام القانون
رقم 17 لسنة 1999 بإمساك دفاتر تجارية إذا توقف عن دفع ديونه التجارية إثر اضطراب
أعماله المالية.
- 18 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: التوقف عن
الدفع". محكمة الموضوع "تقدير أدلة الدعوى". حكم "عيوب
التدليل. الخطأ في القانون: القصور في التسبيب".
القواعد الموضوعية المنظمة لشهر الإفلاس. عدم تغيرها بق 17 لسنة 1997.
علة ذلك.
جرى قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض على
أنه يبين من استقراء أحكام ذات القانون أنه لم يغير في القواعد الموضوعية المنصوص
عليها في القانون القديم والتي تعرف التاجر وتوقفه عن الدفع ولا من المفهوم
القانوني لنظام شهر الإفلاس بغية استمرار المعاملات التجارية ورواج الاقتصاد.
- 19 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: التوقف عن
الدفع". محكمة الموضوع "تقدير أدلة الدعوى". حكم "عيوب
التدليل. الخطأ في القانون: القصور في التسبيب".
التوقف عن الدفع. ماهيته. الإنباء عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة
يتزعزع معها ائتمان التاجر مما يعرض حقوق دائنيه للخطر. مجرد امتناع التاجر عن دفع
ديونه. لا يعد توقفا بالمعنى المذكور.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التوقف عن الدفع هو الذي ينبئ عن
مركز مالي مضطرب وضائقة مالية مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق
دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال, وأنه ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن
يكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته, إلا أنه قد لا يعتبر توقفا
بالمعنى سالف البيان إذ قد يكون مرجعه عذرا طرأ عليه مع اقتداره على الدفع وقد
يكون لمنازعته في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول اجل استحقاقه أو انقضائه.
- 20 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: التوقف عن
الدفع". محكمة الموضوع "تقدير أدلة الدعوى". حكم "عيوب
التدليل. الخطأ في القانون: القصور في التسبيب".
محكمة الموضوع. التزامها بأن تفصل في حكمها بشهر الإفلاس الوقائع
المكونة لحالة التوقف عن الدفع. إغفالها بيان هذه الوقائع أو ما يثار من دفاع بشأن
عدم توافر حالة التوقف عن الدفع. قصور.
يتعين على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها الصادر بإشهار الإفلاس
الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في
تكييفها لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها
القانون لإشهار الإفلاس, فإذا هي لم تبين الأسباب التي استندت إليها في ذلك ولم
تعرض لما أثير من دفاع بشأن عدم توافر حالة التوقف عن الدفع فإن حكمها يكون مشوبا
بالقصور.
- 21 إفلاس "شروط إشهار الإفلاس: التوقف عن
الدفع". محكمة الموضوع "تقدير أدلة الدعوى". حكم "عيوب
التدليل. الخطأ في القانون: القصور في التسبيب".
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن توقف الطاعن عن الدفع يرجع إلى مركزه
المالي المضطرب متخذا من عدم السداد الكامل للمديونية دليلا عليه دون بيان الأسباب
التي استند إليها. قصور.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن توقف الطاعن عن الدفع كان
بسبب المركز المالي المضطرب مما يعرض حقوق دائنيه للخطر مكتفيا بمجرد الإشارة إلى
المستندات تمسك بها دون أن يورد مضمونها مع ما لها من دلالة مؤثرة في شأن ثبوت
حالة التوقف عن الدفع إيجابا أو سلبا ولم يعرض لدفاعه في هذا الشأن الذي إن صح. قد
يتغير به وجه الرأي في الدعوى متخذا من مجرد عدم السداد الكامل للمديونية دليلا
على هذا التوقف دون أن يبين الأسباب التي استند إليها في ذلك مما يعجز هذه المحكمة
عن مراقبة التكييف القانوني للوقائع المؤدية للتوقف عن الدفع وإنزال حكم القانون
عليها مما يعيبه.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الهيئة المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن والشركة المطعون ضدها
الثانية الدعوى رقم ..... لسنة 2009 اقتصادي لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بطلب
الحكم بإشهار إفلاس الطاعن وقالت بياناً لها أنها تداينه بموجب شيكين کلا منهما
بمبلغ 66800 دولار موقع عليهما من الطاعن بصفته شريك مساهم في الشركة المطعون ضدها
الثانية وتبين لها أنهما لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب وتوقف عن الدفع رغم
إنذاره رسمياً بالدفع فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 18 من أبريل سنة 2010 حكمت
المحكمة بإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 25 من فبراير سنة 2009 تاريخاً مؤقتاً
للتوقف عن الدفع. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت
فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون
الاقتصادية منعقدة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة، وفيها التزمت
النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من
السبب الأول والوجه الأول من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن قيمة الشيكين محل دعوى شهر الإفلاس
لا تجاوز خمسة ملايين جنيه ومن ثم يكون الاختصاص بنظرها معقوداً للمحكمة
الابتدائية الاقتصادية ورغم تعلق الاختصاص النوعي والقيمي بالنظام العام إلا أن
الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الاقتصادية الاستئنافية تصدى لموضوع الدعوى
وفوت على الطاعن درجة من درجتي التقاضي بما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى
شهر الإفلاس بحسب طبيعتها والغرض منها ليست دعوى مطالبة موضوعية بالحق الذي يدعيه
رافعها على مدينه التاجر بقصد الحصول على حكم يجبره على الوفاء به، وإنما دعوى
إجرائية يهدف بها إثبات حالة معينة هي توقف مدينه عن دفع ديونه التجارية نتيجة
اضطراب مركزه المالي لترتيب آثاره، ويكون دور المحكمة المنوط بها شهر الإفلاس
مقصوراً على التحقق من جدية المنازعة في الديون محل طلب التوقف عن الدفع للتثبت من
توافر شروط القضاء بشهر الإفلاس دون أن يكون لها التحقق من حقيقة مقدار الديون،
وبالتالي فهي لا تعد دعوى مطالبة بها ينقطع بإقامتها تقادم هذه الديون، كما أنه
بصدور حكم شهر الإفلاس تنشأ حالة قانونية جديدة هي غل يد المدين عن إدارة أمواله
ومن ثم تعد دعوى غير قابلة للتقدير مما تتنافى بطبيعتها مع إمكان تقديرها بالنقود
أو تلك التي وإن قبلت بطبيعتها هذا التقدير لم يضع المشرع قاعدة معينة لتقديرها
لتحديد المحكمة المختصة بنظرها، وهو ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 42 من
قانون المرافعات عند تناولها الاختصاص النوعي للمحاكم الجزئية بقولها "وذلك
مع عدم الإخلال بما للمحكمة الابتدائية من اختصاص شامل في الإفلاس والصلح الواقي
....." وباعتبارها إنما تدخل في اختصاص المحاكم الابتدائية – قبل إصدار قانون
المحاكم الاقتصادية – لكونها غير قابلة للتقدير فتعتبر وفقاً لنص المادة 41 من ذات
القانون زائدة عن أربعين ألف جنيه، وتكون كذلك زائدة عن خمسة ملايين جنيه وفقاً
لحكم المادة 2/6 من قانون المحاكم الاقتصادية التي تختص دائرتها الاستئنافية بنظر
هذا النوع من الدعاوى والمنازعات – كمحكمة أول درجة - والتي وصفها بغير مقدرة
القيمة والصحيح أنها الدعاوى غير القابلة للتقدير، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
وافق هذا النظر فإن النعي عليه يكون قد أقيم على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني للسببين الأول والثالث وبالسبب
الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول، أنه لم يزاول
عملاً تجارياً ولم تثبت له صفة التاجر إلا أن الحكم المطعون فيه استخلص من السجل
التجاري الذي قدمه المطعون ضده الأول بصفته ومستخرج سنة 2006 أنه شريك متضامن في
الشركة المطعون ضدها الثانية رغم أنه ليس له وجود بهذه الشركة منذ سنة 2002 حتى
سنة 2010 وأنها شركة المساهمة التي تخلو من الشركاء المتضامنين كما أن المطعون ضده
الأول لم يقدم أي سجلات تجارية تفيد ثبوت وصف التاجر للطاعن ومع ذلك أسبغ عليه
الحكم هذا الوصف ورتب على ذلك قضاءه بشهر إفلاسه بما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك بأن البين من استقراء نصوص المواد
4/ج، 10، 18، 21، 33، 550 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 أن وصف التاجر يثبت
لكل من احترف التجارة والأعمال التجارية على وجه الاستقلال – ولو لم يقيد في السجل
التجاري - سواء باسمه أو باسم مستعار أو مستتراً وراء شخص فضلاً عن ثبوته للشخص
الظاهر، وكل شركة تتخذ أحد الأشكال المتعلقة بالشركات أياً كان الغرض الذي أنشئت
من أجله، ويعد عملاً تجارياً تأسيس الشركات التجارية، ويكتسب البعض وصف التاجر
بحكم القانون، فالشريك المتضامن في شركة التضامن أو شركة التوصية البسيطة أو
التوصية بالأسهم التي تزاول التجارة تاجراً، وكذلك الشريك الموصي إذا تدخل في
أعمال الشركة وبلغ تدخله حداً من الجسامة يكون له أثر على ائتمان الغير بسبب تلك
الأعمال، ومن ثم يتوقف تحديد صفة التاجر على العمل الذي يزاوله، فإذا زاول أعمالاً
تجارية اعتبر تاجراً وبالتالي خضع للأنظمة التي خص بها القانون التجار، كنظام
الإفلاس ومسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري الذي يقيد أسماء التجار،
فيكتسب وصف التاجر من تاريخ القيد ما لم يثبت بطريقة أخرى، ويتم محو القيد في حالة
اعتزال أياً منهم التجارة، وتعتبر البيانات المقيدة به حجة على الغير من تاريخ
قيدها فيه لعلة تكمن في عدم جواز الاحتجاج بنفي الثابت فيها، ولا ينال من تلك
الحجية حق صاحب المصلحة في تكملة هذه البيانات بالإضافة إليها لاحقاً بكافة طرق
الإثبات القانونية، وقد حرم المشرع على التاجر التمسك بعدم قيده في السجل التجاري
للتحلل من الالتزامات التي يفرضها القانون عليه أو التي تنشأ عن معاملاته مع الغير
بصفته تاجراً، وإذ كان يجاوز رأس ماله المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه وجب
عليه أن يمسك الدفاتر التي تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها، ولئن كان المشرع لم
يرد تعريف المال المستثمر، إلا أنه ترك أمر استخلاص حقيقة مقداره لقاضي الموضوع
دون أن يقيده فيما انتهى إليه في ذلك إلا أن يكون سائغاً له أصله الثابت في
الأوراق وكاف لحمل قضائه في هذا الخصوص، واعتبر المشرع أنه يُعد في حالة إفلاس كل
تاجر ملزم بموجب أحكام القانون رقم 17 لسنة 1999 بإمساك دفاتر تجارية إذا توقف عن
دفع ديونه التجارية إثر اضطراب أعماله المالية، وقد جرى قضاء الهيئة العامة للمواد
المدنية والتجارية بمحكمة النقض على أنه يبين من استقراء أحكام ذات القانون أنه لم
يغير في القواعد الموضوعية المنصوص عليها في القانون القديم والتي تعرف التاجر
وتوقفه عن الدفع ولا من المفهوم القانوني لنظام شهر الإفلاس بغية استمرار
المعاملات التجارية ورواج الاقتصاد. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن
ورد اسمه في أي من المستخرجين المقدمين من طرفي الطعن للسجل التجاري للشركة
المطعون ضدها الثانية "والذي قدم الطاعن الشيكين محل دعوى شهر الإفلاس سداداً
لديونها" كشريك متضامن في الشركة وثبت فيه تاريخ بدء مزاولته أعماله التجارية
إضافة إلى مبلغ يجاوز العشرين ألف جنيه قام بسدادها من دين الشركة المطعون ضدها
الثانية للمطعون ضده الأول بصفته وكان له مصلحة في هذا السداد، فإن ذلك لا ينفي
عنه وصف التاجر، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة
قانوناً، فإنه لا يعيبه إن تنكب الوسيلة ويكون لهذه المحكمة أن تقومه دون أن تنقضه
ويضحى النعي عليه – أياً كان وجه الرأي فيه – غير منتج.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب
وفي بيان ذلك يقول، أنه قدم أمام المحكمة الاقتصادية ما يفيد سداده حوالي 61800
دولار أمريكي للمطعون ضده الأول بصفته من مبلغ الدين المستحق على الشركة المطعون
ضدها الثانية بالإضافة إلى مستندات أخرى تدل على الملاءة المالية بما يدل على
انتفاء حالة التوقف عن الدفع ورغم ما لهذه المستندات من دلالة مؤثرة في الدعوى إلا
أن الحكم المطعون فيه أهدر دلالتها ولم يورد مضمونها الذي يقطع بالسداد واكتفى
بمجرد الإشارة إلى تقديم الطاعن 4 حوافظ مستندات بما ينبئ عن عدم إلمامه بأوراق
الدعوى وانتهى إلى أن الطاعن توقف عن الدفع بسبب مركزه المالي المضطرب مما يعرض
حقوق دائنيه للخطر ورتب على ذلك قضاء بإشهار إفلاسه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن التوقف عن الدفع هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مالية مستحكمة يتزعزع
معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، وأنه ولئن
كان امتناع المدين عن الدفع دون أن يكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير
مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى سالف البيان إذ قد يكون مرجعه عذراً
طرأ عليه مع اقتداره على الدفع وقد يكون لمنازعته في الدين من حيث صحته أو مقداره
أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه، ويتعين على محكمة الموضوع أن تُفصل في حكمها
الصادر بإشهار الإفلاس الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة
النقض أن تراقبها في تكييفها لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد
الشروط التي يتطلبها القانون لإشهار الإفلاس، فإذا هي لم تبين الأسباب التي استندت
إليها في ذلك ولم تعرض لما أثير من دفاع بشأن عدم توافر حالة التوقف عن الدفع فإن
حكمها يكون مشوباً بالقصور. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن
توقف الطاعن عن الدفع كان بسبب المركز المالي المضطرب مما يعرض حقوق دائنيه للخطر
مكتفياً بمجرد الإشارة إلى المستندات التي تمسك بها دون أن يورد مضمونها مع مالها
من دلالة مؤثرة في شأن ثبوت حالة التوقف عن الدفع إيجاباً أو سلباً ولم يعرض
لدفاعه في هذا الشأن الذي – إن صح – قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى متخذاً من
مجرد عدم السداد الكامل للمديونية دليلاً على هذا التوقف دون أن يبين الأسباب التي
استند إليها في ذلك مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة التكييف القانوني للوقائع
المؤدية للتوقف عن الدفع وإنزال حكم القانون عليها مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا
الوجه دون حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.
وحيث إن الموضوع يتعين الفصل فيه عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة
12 من قانون إنشاء المحاکم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008، ولما تقدم، وکان الثابت
في الأوراق أنه قد صدر بتاريخ 15 من يناير سنة 2011 قرار من قاضي التفليسة بمحكمة
استئناف الإسماعيلية الاقتصادية ببورسعيد بإنهاء إجراءات التفليسة ثم قضت تلك
المحكمة بتاريخ 12 من يوليه سنة 2011 بعدم قبول تظلم الهيئة المطعون ضدها الأولى
منه وقد ورد بمدونات حكمها أن الطاعن قد قام بسداد قيمة الشيكين محل دعوى شهر
الإفلاس وأقرت الهيئة المطعون ضدها بالتخالص، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى
الاقتصادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق