جلسة 9 من أكتوبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/
محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو
النيل وعمار إبراهيم فرج ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.
-----------------
(138)
الطعن رقم 11283 لسنة 65
القضائية
(1) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
إثبات تاريخ تقديم
النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك وأساسه؟
اتصال محكمة النقض
بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها. دون التقيد برأي النيابة العامة.
(2) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جناية القتل العمد تميزها
بقصد إزهاق روح المجني عليه. وجوب تحدث الحكم عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد ما
يدل عليه.
تعدد الضربات وشدتها
وإصابة المجني عليها في مقتل. غير كاف بذاته لثبوت هذا القصد. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب في
استظهار نية القتل في جريمة قتل عمد.
(3)قتل عمد. ارتباط. سرقة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". رابطة
السببية.
لتوقيع العقوبة المنصوص
عليها في المادة 234/ 3 عقوبات. وجوب وقوع القتل تأهباً لفعل جنحة أو تسهيلها أو
ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة.
وجوب قيام رابطة السببية
بين القتل والجنحة. قيام علاقة الزمنية بينهما. غير كاف. على المحكمة في حالة
القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة بيان غرض الجاني من القتل وإقامة الدليل على
توافر رابطة السببية بينهما.
مثال لتسبيب معيب
لاستظهار رابطة السببية بين القتل والسرقة في جريمة قتل عمد مرتبطة بجنحة سرقة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله: "وحيث إنه عن نية القتل فإنه من المقرر قانوناً أن تلك النية أمر داخلي يبطنه الجاني ويضمره في نفسه إلا أنه يستدل عليها من المظاهر الخارجية التي من شأنها الكشف عن قصد الجاني وتظهره، وتقدير ذلك لمحكمة الموضوع بحسب ما يقوم لديها وتستنتجه من وقائع الدعوى وظروفها، ومن ثم فإن المحكمة ترى أن نية القتل ثابتة وقائمة في حق المتهم ثبوتاً لا ريب فيه من خنقه المجني عليها حتى انهارت مقاومتها وسقطت على الأرض وتسديد العديد من الضربات في مقتل منها والتي نتج عنها العديد من الكسور بعظام الجمجمة والأضلاع والأسنان وغيرها من الإصابات التي سجلها تقرير الصفة التشريحية والدالة على خطورتها وجسامتها وأنها في مقتل". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذا طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم، وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه الطاعن، ذلك أن تعدد الضربات وشدتها وإصابة المجني عليها في مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسه، لأن تلك الإصابات قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد، خاصة وأن الحكم قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن من أنه سدد العديد من الضربات للمجني عليها أصابتها بكسور بعظام الجمجمة والأضلاع والأسنان وغيرها مما أوراه تقرير الصفة التشريحية وهو ما يتناقض مع ما حصله الحكم من اعتراف الطاعن وأقوال شاهدي الإثبات من أن إصابات المجني عليها حدثت نتيجة اصطدام رأسها بأريكة خشبية قبيل ارتطامها بالأرض. لما كان ما تقدم، فإن ما ذكره الحكم يكون فضلاً عن قصوره في التدليل على توافر نية القتل مشوباً بالتناقض في التسبيب.
3 - لما كان الحكم قد استظهر توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة في قوله: "وحيث إنه عن ظرف الارتباط فهو قائم مما ثبت من اعتراف المتهم وأقوال شاهدي الإثبات من قيامه بسرقة حلى المجني عليها وقتلها الأمر المنطبق عليه نص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات". وكانت المادة 234/ 3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة، فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على الوجه الذي بينه القانون، أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت علاقة الزمنية بين القتل والجنحة مما يتعين معه على المحكمة في حالة القضاء بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة قتل المجني عليها بقصد سرقة حليها دون أن يعنى بإيراد الأدلة على قيام رابطة السببية بين القتل والسرقة، ذلك أن ما حصله الحكم من اعتراف الطاعن ليس من شأنه أن يؤدي إلى قيام الارتباط السببي بين القتل والسرقة وإن دل على قيام علاقة الزمنية بين قتل المجني عليها وسرقة حليها، كما أن ما حصله من أقوال الشاهدين لا يفيد أن جريمة القتل قد ارتكبت بقصد السرقة، ومن ثم فإن أدلة الدعوى التي ساقها الحكم تكون قاصرة عن استظهار رابطة السببية بين القتل والسرقة مما يعيب الحكم من هذه الناحية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه قتل عمداً....... مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها
وذلك بأن توجه إلى مسكنها الذي يعلم سلفاً بوجودها فيه بمفردها وأطبق بيديه على
عنقها حتى خارت قواها فدفعها أرضاً بقوة فاصطدمت رأسها بأريكة فحدثت بها الإصابات
الموصوفة بتقرير الطب الشرعي التي أودت بحياتها وقد ارتبطت بتلك الجناية جنحة أخرى
هي أنه في الزمان والمكان سالفي البيان سرق الحلى الذهبية المبينة وصفاً وقيمة
بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليها نفسها وكان ذلك من مسكنها، وأحالته إلى محكمة
جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل
من...... و...... و...... ورثة المجني عليها مدنياً قبل الطاعن بمبلغ خمسمائة
وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إحالة الأوراق إلى
فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة..... للنطق بالحكم.
بالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمادتين 234/ 3، 317/
3 أولاً من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالإعدام وإلزامه بأن يؤدي للمدعين
بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة
عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة خلصت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر
بإعدام المحكوم عليه - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه
على مراعاة الميعاد المحدد في المادة 34 من هذا القانون، إلا أنه لما كان تجاوز
هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض
النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها
وتتبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها
- ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة
قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة
قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أن ما أورده بياناً لنية القتل واستظهاراً لرابطة
السببية بين القتل والسرقة لا يكفي لاستظهارهما والاستدلال على توافرهما في حقه
بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله: "وحيث إنه
عن نية القتل فإنه من المقرر قانوناً أن تلك النية أمر داخلي يبطنه الجاني ويضمره
في نفسه إلا أنه يستدل عليها من المظاهر الخارجية التي من شأنها الكشف عن قصد
الجاني وتظهره، وتقدير ذلك لمحكمة الموضوع بحسب ما يقوم لديها وتستنتجه من وقائع
الدعوى وظروفها، ومن ثم فإن المحكمة ترى أن نية القتل ثابتة وقائمة في حق المتهم
ثبوتاً لا ريب فيه من خنقه المجني عليها حتى انهارت مقاومتها وسقطت على الأرض
وتسديد العديد من الضربات في مقتل منها والتي نتج عنها العديد من الكسور بعظام
الجمجمة والأضلاع والأسنان وغيرها من الإصابات التي سجلها تقرير الصفة التشريحية
والدالة على خطورتها وجسامتها وأنها في مقتل". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل
العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد
الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وهذا العنصر ذو طابع خاص
ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم، وهو بطبيعته
أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في
هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة
التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه
كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبني عليه
النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى
أصولها في أوراق الدعوى، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل
المادي الذي قارفه الطاعن، ذلك أن تعدد الضربات وشدتها وإصابة المجني عليها في
مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعن إذا لم يكشف الحكم عن قيام هذه
النية بنفسه، لأن تلك الإصابات قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد خاصة وأن
الحكم قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن من أنه سدد العديد من الضربات للمجني
عليها أصابتها بكسور بعظام الجمجمة والأضلاع والأسنان وغيرها مما أوراه تقرير
الصفة التشريحية وهو ما يتناقض مع ما حصله الحكم من اعتراف الطاعن وأقوال شاهدي
الإثبات من أن إصابات المجني عليها حدثت نتيجة اصطدام رأسها بأريكة خشبية قبيل
ارتطامها بالأرض. لما كان ما تقدم، فإن ما ذكره الحكم يكون فضلاً عن قصوره في
التدليل على توافر نية القتل مشوباً بالتناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم
قد استظهر توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة في قوله: "وحيث إنه عن ظرف
الارتباط فهو قائم مما ثبت من اعتراف المتهم وأقوال شاهدي الإثبات من قيامه بسرقة
حلى المجني عليها وقتلها الأمر المنطبق عليه نص المادة 234/ 3 من قانون
العقوبات". وكانت المادة 234/ 3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة
المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها وهي التأهب لفعل جنحة
أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص
من العقوبة، فيجب لانطباق هذه المادة أن تقوم بين القتل والجنحة رابطة السببية على
الوجه الذي بينه القانون، أما إذا انتفت هذه الرابطة فلا ينطبق هذا النص ولو قامت
علاقة الزمنية بين القتل والجنحة مما يتعين معه على المحكمة في حالة القضاء
بارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض الجاني من القتل وأن تقيم الدليل على توافر
رابطة السببية بين القتل والسرقة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان
الطاعن بجريمة قتل المجني عليها بقصد سرقة حليها دون أن يعنى بإيراد الأدلة على
قيام رابطة السببية بين القتل والسرقة، ذلك أن ما حصله الحكم من اعتراف الطاعن ليس
من شأنه أن يؤدي إلى قيام الارتباط السببي بين القتل والسرقة، وإن دل على قيام
علاقة الزمنية بين قتل المجني عليها وسرقة حليها، كما أن ما حصله من أقوال
الشاهدين لا يفيد أن جريمة القتل قد ارتكبت بقصد السرقة، ومن ثم فإن أدلة الدعوى
التي ساقها الحكم تكون قاصرة عن استظهار رابطة السببية بين القتل والسرقة مما يعيب
الحكم من هذه الناحية أيضاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه
والإعادة، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق