جلسة 22 من ديسمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إلهام نجيب نوار, سيد محمود يوسف, يوسف عبد الحليم الهتة ويحيي جلال نواب رئيس المحكمة.
---------------
(280)
الطعن رقم 6698 لسنة 63 القضائية
(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "تكرار التأخير في الوفاء بالأجرة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(1) تكرار تأخر المستأجر في الوفاء بالأجرة الموجب لإخلائه من العين المؤجرة. م 18 ق 136 لسنة 1981. المقصود به. منع المستأجر الذي مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواعيدها المرة تلو الأخرى من إساءة استعمال التيسير المخول له بتفادي الحكم بالإخلاء. جواز تفاديه الحكم بالإخلاء إذا قدم مبررات مقبولة حالت بينه وبين أدائها. علة ذلك.
(2) عدم إيراد المشرع بياناً لمبررات التأخير في الوفاء بالأجرة المنصوص عليها في المادة 18 ق 136 لسنة 1981. أثره إعمال المحاكم للنص المذكور وفقاً لما يقتضيه العقد ونص المادة 157 مدني. مؤداه. وقوع حادث استثنائي لم يكن في وسع المستأجر دفعه أو توقعه جعل وفائه بالأجرة مرهقاً وليس مستحيلاً. اعتباره مبرراً للتأخير في الوفاء بها. علة ذلك.
(3) تقدير مبررات التأخير في الوفاء بالأجرة. واقع. استقلال قاضي الموضوع بتقديره. شرطه.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء" "الإخلاء لعدم سداد الأجرة". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون: ما يُعد كذلك".
تمسك الطاعنة بسدادها أجرة المتجر قبل إعلانها بصحيفة الدعوى متأخرة عدة أشهر بسبب مرضها وإصابة زوجها ودللت على ذلك بالمستندات وطلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق. اطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع على سند من أن المبررات ينبغي أن ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة وأن المرض لا يصلح مبرراً دون أن يبحث جسامته وأثره على جعل الوفاء بالالتزام في الميعاد مرهقاً. خطأ.
2 - إذ كان المشرع لم يورد بياناً لمبررات التأخير في الوفاء بالأجرة، بل عمم الحكم ليفسح المجال أمام المحاكم لتعمل حكم هذا النص مع ما يقتضيه العقد وما جرى عليه نص الفقرة الثانية للمادة 157 من القانون المدني - بشأن فسخ العقود عامة - من أنه "(2) ويجوز للقاضي أن يمنح للمدين أجلاً إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته" وهو ما لازمه أن كل حادث استثنائي لم يكن في وسع المستأجر دفعه أو توقعه قد ترتب على حدوثه أن أصبح وفاء المستأجر بالأجرة في ميعاد استحقاقها مرهقاً حتى لو لم يصبح الوفاء في الميعاد مستحيلاً فإن هذا الحادث يصلح مبرراً للتأخير باعتبار هذا النص وذاك بعض تطبيقات نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في المادة 147/ 2 من القانون المدني وحاصلها أن الطارئ غير المتوقع من شأنه أن ينقض الالتزامات إلى الحد المعقول دون اشتراط أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً.
3 - تقدير العذر الذي يصلح مبرراً لتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة وإن كان من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يتضمن الحكم أسباباً سائغة لقيام هذا المبرر أو انتفائه.
4 - إذ كانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها أوفت بأجرة المتجر محل النزاع قبل إعلانها بصحيفة الدعوى متأخرة عدة اشهر بسبب مرضها المقعد عن العمل، وإصابة زوجها في عينيه التي أدت إلى فصله واستدلت على ذلك بتقارير طبية وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ظناً منه أن المبررات ينبغي أن ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة فأطلق القول بأن المرض لا يصلح مبرراً دون أن يعني ببحث جسامته وأثره على جعل الوفاء بالالتزام في الميعاد مرهقاً فأخطأ بذلك في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 59 لسنة 1991 إيجارات دمياط الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بإخلائها من الدكان المبين بالأوراق لتكرار تخلفها عن سداد أجرته، ومحكمة أول درجة حكمت بالإخلاء، واستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 405 لسنة 24 ق المنصورة "مأمورية دمياط" وبتاريخ 17/ 6/ 1993 قضت المحكمة بالتأييد، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلاء بحق الدفاع ذلك أنها تمسكت في دفاعها بأن تأخرها في الوفاء بالأجرة كان سبب مرضها الذي أقعدها عن الحركة وقدمت شهادة طبية بذلك وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات هذا العذر المبرر للتأخير إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع قولاً منه أم مرضها هي وزوجها لا يعد مبرراً مقبولاً وأنه لا محل لإجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق وهو ما لا يصلح رداً على دفاعها ولا مسوغاً لرفض طلب التحقيق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 18/ ب من القانون 136 لسنة 1981 على أنه "..... فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره في الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء أو الطرد بحسب الأحوال"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد استهدف بهذا النص أن يمنع المستأجر الذي مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها من إساءة استعمال التيسير المخّول له بتفادي الحكم بإخلاء بالوفاء قبل إقفال باب المرافعة المرة تلو المرة على نحو يتحقق ثبوت ميله إلى المماطلة واتجاهه إلى إعنات المؤجر ولم يسمح المشرع بإخلاء المستأجر متي ثبت وجود عذر مقبول حال بينه وبين أداء الأجرة في ميعاد استحقاقها لأن ذلك ينفي عنه شبهة إساءة استعمال الحق ولم يورد بياناً لهذه المبررات بل عمم الحكم ليفسح المجال أمام المحاكم لتعمل حكم مع ما يقتضيه العقد وما جرى عليه نص الفقرة الثانية للمادة 157 من القانون المدني - بشأن فسخ العقود عامة - من أنه "(2) ويجوز للقاضي أن يمنح للمدين أجلاً إذا اقتضت الظروف ذلك، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته" وهو ما لازمه أن كل حادث استثنائي لم يكن في وسع المستأجر دفعه أو توقيعه قد ترتب على حدوثه أن أصبح وفاء المستأجر بالأجرة في ميعاد استحقاقها مرهقاً حتى لو لم يصبح الوفاء في الميعاد مستحيلاًً فإن هذا الحادث يصلح مبرراً للتأخير باعتبار هذا النص وذاك بعض تطبيقات نظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في المادة 147/ 2 من القانون المدني وحاصلها أن الطارئ غير المتوقع من شأنه أن ينقص الالتزامات إلى الحد المعقول دون اشتراط أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً، وتقدير العذر الذي يصلح مبرراً لتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة وإن كان من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يتضمن الحكم أسباباً سائغة لقيام هذا المبرر أو انتفائه، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها أوفت بأجرة المتجر محل النزاع قبل إعلانها بصحيفة الدعوى متأخرة عدة أشهر بسبب مرضها المقعد عن العمل، وإصابة زوجها في عينيه التي أدت إلى فصله واستدلت على ذلك بتقارير طبية وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ظناً منه أن المبررات ينبغي أن ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة فأطلق القول بأن المرض لا يصلح مبرراً دون أن يعني ببحث جسامته وأثره على جعل الوفاء بالالتزام في الميعاد مرهقاً فأخطأ بذلك في تطبيق القانون مما جره إلى الإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق