جلسة 13 من ديسمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، علي محمد علي، محمد درويش وعبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(273)
الطعنان رقما 4233، 5874 لسنة 65 القضائية
(1، 2) تجزئة "أحوال عدم التجزئة". دعوى "ضم الدعاوي". نقض "الخصوم في الطعن". حكم "الطعن فيه".
(1) طلب تثبيت الملكية ومحو العقود الواردة على العين لبطلانها لوفائيتها وما يستتبعه من قضاء بصحتها أو بطلانها. موضوع غير قابل للتجزئة. أثره. وجوب اختصام جميع المحكوم عليهم أطراف تلك العقود في الطعن بالنقض.
(2) ضم طعنين مقامين عن ذات الموضوع والسبب. اندماجهما وفقدان كلاً منهما استقلاله. اكتمال صحة إجراءات أحدهما باختصام كافة المحكوم عليهم في موضوع غير قابل للتجزئة. أثره. صحة إجراءات الطعن الآخر الذي لم يختصم فيه بعض المحكوم عليهم.
(3) حكم "عيوب التدليل: التناقض".
التناقض المفسد للحكم، ماهيته. ما تتماحى به أسبابه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه فهم أساس ما قضت به المحكمة في المنطوق.
(4) بيع "البيع الوفائي". بطلان نظام عام.
بيع الوفاء. شرطه. احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة. عدم لزوم إدراج هذا الشرط في عقد البيع ذاته . مناطه. ثبوت الاتفاق على الأمرين معاً في وقت واحد. المعاصرة الذهنية بينهما تحققها سواء كانت الورقة سابقة أو لاحقة على البيع. م 465 مدني. أثره. بطلانه. تعلقه بالنظام العام.
(5، 6) حيازة "الحيازة العارضة". تقادم "التقادم المكسب للملكية". إثبات "عبء الإثبات". بيع "بيع الوفاء". رهن. ملكية. عقد.
(5) بطلان العقد لانطوائه على بيع وفاء قصد به إخفاء رهن. مؤداه. وضع يد المشتري يكون وفاء بسبب الرهن. أثره. انتفاء نية التملك وصيرورة وضع يده وقتياً.
(6) الحائز العرضي. عدم اكتسابه الملكية إلا بتغيير سبب الحيازة. سبيله. تلقيه الملكية من الغير معتقداً أنه المالك أو مجابهته المالك قضاءً أو غير قضاء بإنكار الملكية عليه والاستئثار بها دونه. عبء إثبات ذلك. وقوعه على عاتق الحائز.
(7) تقادم "التقادم الخمسي". حيازة "الحيازة المكسبة للملكية". ملكية.
تملك العقار بالتقادم الخمسي. شرطه. وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية بسبب صحيح وحسن نية. م 969 مدني. المقصود بحسن النية. اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً أن المتصرف مالك لما تصرف فيه. استخلاص حسن النية وسوئها من سلطة قاضي الموضوع.
2 - مؤدى ضم الطعنين رقميّ 4233 لسنة 65 ق، 5874 لسنة 65 ق المقامين - عن ذات الموضوع والسبب - اندماجهما وفقدان كل منهما استقلاله فإن اكتمال صحة إجراءات الطعن الأول باختصام كافة المحكوم عليهم أطراف العقود المسجلة..... يستتبع صحة إجراءات الطعن الآخر رقم 5874 لسنة 65 ق الذي لم يختصم فيه بعض المحكوم عليهم بعد أن اندمج مع الطعن الأول وفقد استقلاله عنه.
3 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يفسد الأحكام هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت في منطوقة.
4 - مفاد نص المادة 465 من القانون المدني أنه يشترط في بيع الوفاء الذي يبطله القانون أن تتجه إرادة طرفيه وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط في ذات عقد البيع ما دام الثابت أن الاتفاق قد تم على الأمرين معاً في وقت واحد وأن المعاصرة الذهنية بين البيع وحق البائع في الاسترداد تتحقق سواء كانت الورقة سابقة أو لاحقة على البيع.... وكانت هذه المحكمة تشاطر محكمة أول درجة فيما استخلصته من عبارات هذا الاتفاق من أن البيع الذي تم بين مورثة المستأنف عليهم الثمانية الأوائل ومورث المستأنف عليهم من التاسعة وحتى الرابعة عشر والذي تم تسجيله بموجب العقد المسجل رقم..... قنا وما تلاه من تصرف مورث الأخيرين إلى المشترين الجدد سالفي الذكر ومن بينهم المستأنفة الأولى والذي تم تسجيله من بعد تحت رقم.... قنا بتاريخ..... هما في حقيقتهما عقدا بيع وفائياً باطلان بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام.
5 - انتهاء المحكمة إلى بطلان عقدي البيع..... لكونها ينطويان على البيع وفاء مقصود به إخفاء الرهن فإن نية المتعاقدين فيهما تكون قد انصرفت وقت كل تعاقد إلى الرهن لا إلى البيع كما يكون وضع يد المشتري الأول والمشترين الجدد من بعده ومنهم المستأنفة الأولى وفاء بسبب الرهن دون أي سبب آخر فتنتفي نية التملك منذ بداية كل تعاقد ويصبح وضع اليد قائماً في كل منهما على سبب وقتي معلوم.
6 - وضع يد المشتري وفاء بسبب الرهن لا يؤدي إلى اكتساب الملكية مهما طال أمدة إلا إذا حصل تغيير في سببه وهو لا يكون على ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني إلا بإحدى اثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد أنه هو المالك أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة فعلية قضائية أو غير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه وعبء إثبات تغيير سبب الحيازة على هذا النحو إنما يقع على عاتق الحائز العرضي.
7 - مؤدى نص المادة 969 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح وكان حسن النية الذي يقتضيه التملك بالتقادم الخمسي هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن كان هذا الاعتقاد يشوبه أدنى شك امتنع حسن النية ولقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن النية وسوئها من ظروف الدعوى وملابساتها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المطعون ضدهم التسعة الأوائل في كلا الطعنين أقامت الدعوى رقم 1917 لسنة 1978 مدني قنا الابتدائية التي قيدت فيما بعد برقم 99 لسنة 1981 مدني الأقصر الابتدائية على المطعون ضدهم والطاعنة الأولى في الطعن رقم 4233 لسنة 65 ق ومورث المطعون ضدهم من العاشرة إلى الخامسة عشر والمطعون ضدهما السادس عشر والسابع عشر ومورث المطعون ضدهم من الثامن عشر حتى الثالثة والعشرين ومورث المطعون ضدهما الرابع والعشرين والخامس والعشرين والمطعون ضدهما السادس والعشرين والسابع والعشرين بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها للأرض الزراعية البالغ مساحتها 22 ط، 3 ف المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة ومحو كافة التسجيلات المقيدة عليها مع التسليم، وقالت بياناً لها إنها اقترضت من مورث المطعون ضدهم من العاشرة حتى الخامسة عشر في كلا الطعنين مبلغ ستمائة جنيه وباعت له وفاءً المساحة سالفة الذكر بالعقد المؤرخ 21/ 1/ 1954 الذي تم تسجيله تحت رقم 548 لسنة 1954 قنا واشترطت عليه في ورقة مستقلة أن تسترد الأرض المبيعة خلال خمس سنوات ثم باع تلك المساحة إلى المطعون ضدهم السادس عشر والسابع عشر والسادس والعشرين والسابع والعشرين والمرحومين .....، ..... مورثي باقي المطعون ضدهم من الثامن عشر حتى الخامس والعشرين والطاعنة الأولى في الطعن الأول الذين تعهدوا بموجب الاتفاق المؤرخ 1/ 11/ 1956 برد عين النزاع إليهما عند سدادها الدين مضافاً إليه 15 جنيهاً وذلك خلال عشر سنوات من ذلك التاريخ ورغم أن هذين البيعين وفائيين إلا أن هؤلاء باعوا للأخيرة منهم كامل عين النزاع بموجب العقد المسجل 3176 قنا في 26/ 6/ 1967 التي باعتها من بعد لابنتيها الطاعنتين الثانية والثالثة في الطعن الأول بموجب عقد البيع المسجل رقم 5054 قنا في 7/ 7/ 1977 وإذ كانت كافة هذه العقود المسجلة قد لحقها البطلان لكونها بيوع وفاء فقد أقامت الدعوى ندبت الحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره وقام المطعون ضدهم التسعة الأوائل بإدخال الطعنتين الثانية والثالثة في الطعن الأول وأحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات وفائية عقود البيع حكمت بتاريخ 15/ 2/ 1987 ببطلان عقد البيع المسجل برقم 548 لسنة 1954 قنا - وما تلاه من عقود - مع تثبيت ملكية المطعون ضدهم التسعة الأوائل لعين النزاع خلفاً لمورثهم، استأنفت الطاعنات في الطعن الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 210 لسنة 6 ق ودفعن بسقوط الحق في رفع الدعوى ببطلان عقود البيع بالتقادم وبتاريخ 10/ 3/ 1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المستأنفات لهذا الدفع المطعون ضدهم التسعة الأوائل في كلا الطعنين في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 2030 لسنة 58 ق وبتاريخ 29/ 4/ 1993 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه لخطئه في تكييف الدعوى بأنها دعوى بطلان عقود البيع لوفائيتها وما رتبه الحكم في قضائه بسقوطها بالتقادم في حين أن حقيقتها دعوى استحقاق لا تسقط بالتقادم وبعد أن عجل السير في الاستئناف حكمت المحكمة بتاريخ 22/ 3/ 1995 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنات الثلاث في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4233 لسنة 65 ق كما طعنت الثانية والثالثة فيه بالطعن رقم 5874 لسنة 65 ق وقدمت النيابة مذكرة في كلا الطعنين أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن رقم 5874 لسنة 65 ق إلى الطعن رقم 4233 لسنة 65 ق للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان موضوع الطلبات في الدعوى المبتدأة قد تحدد في تثبيت ملكية مورثة المطعون التسعة الأوائل في الطعنين لمساحة 22 ط، 3 ف المبينة الحدود بالصحيفة وذلك لبطلان العقد المسجل رقم 548 سنة 1954 قنا المقيد على هذه المساحة لوفائيته وكذلك العقدين المسجلين التاليين له رقمي 3176 قنا بتاريخ 26/ 6/ 1967، 5054 قنا بتاريخ 7/ 7/ 1977 مع محوها فإن الموضوع على هذا النحو وما يستتبعه بالضرورة من قضاء بصحة أو بطلان هذه العقود يكون غير قابل للتجزئة ولا يتحمل غير حل واحد لأطرافها مما يتعين معه وفقاً لحكم المادة 218 من قانون المرافعات وجوب اختصام جميع المحكوم عليهم أطراف تلك العقود في الطعن بالنقض، وكان مؤدى ضم الطعنين رقمي 4233 لسنة 65 ق، 5874 لسنة 65 ق المقامين - عن ذات الموضوع والسبب - اندماجهما وفقدان كل منهما استقلاله فإن اكتمال صحة إجراءات الطعن الأول باختصام كافة المحكوم عليهم أطراف العقود المسجلة سالفة الذكر يستتبع صحة إجراءات الطعن الآخر رقم 5874 لسنة 65 ق الذي لم يختصم فيه بعض المحكوم عليهم بعد أن اندمج مع الطعن الأول وفقد استقلاله عنه.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنات في الطعن الأول 4233 لسنة 65 ق والطاعنتان في الطعن 5874 لسنة 65 ق على الحكم المطعون فيه التناقض والبطلان ذلك بعد أن أيد الحكم المستأنف في قضائه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم التسعة الأوائل لأطيان النزاع استناداً إلى أن عقد البيع الصادر من مورثتهم والمسجل تحت رقم 548 لسنة 54 قنا هو عقد بيع وفاء عاد وأورد رداً على الدفاع المبدي منهن باكتسابهن عين النزاع بالتقادم الطويل أن الثابت من شهودهن أن الطاعنتين الثانية والثالثة في الطعن الأول تمتلكان أطيان النزاع بوضع اليد المدة الطويلة خلفاً للطاعنة الأولى البائعة لهما وهو ما ينطوي على تناقض في التسبيب تتماحى به أسباب الحكم المطعون فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التناقض الذي يفسد الأحكام هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهاتر فتتماحى بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت في منطوقه، لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن أحال إلى أسباب الحكم المستأنف التي قطعت ببطلان عقد البيع المسجل رقم 548 لسنة 1954 قنا الصادر من مورثة المطعون ضدهم التسعة الأوائل لكونه بيع وفاء وما تلاه من عقود لاحقة عليه متعلقة بالطاعنات وانتهى في منطوقة إلى تأييد قضائه ببطلان تلك العقود وتثبيت ملكية أطيان النزاع للمطعون ضدهم التسعة الأوائل خلفاً لمورثتهم عاد وأورد في أسبابه قوله "فضلاً عما هو ثابت من أقوال الشهود أن المستأنفات الثانية والثالثة - الطاعنتان الثانية والثالثة في الطعن الأول والطاعنتان في الطعن الثاني - تضعن اليد على أطيان النزاع لمدة طويلة مكسبة للملكية خلفاً للبائعة الأولى - الطاعنة الأولى في الطعن الأول - ومن ثم يكون الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها ولما ساقته هذه المحكمة من أسباب", وكانت هذه العبارات التي أضافها الحكم المطعون فيه تتعارض وتتناقض مع ما انتهى إليه في قضائه - وعلى نحو ما سلف بيانه - مما تكن معه أسباب الحكم المطعون فيه على هذا النحو قد تهاترت وتماحت بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ومن ثم يضحى معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعنين.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه عما تمسكت به المستأنفتان الثانية والثالثة من وجوب القضاء بعدم قبول إدخالهما في الدعوى المبتدأة على سند من أن المستأنف عليهم الثمانية الأوائل قد قاموا بإدخالهما بموجب صحيفة إدخال لم يودع أصلها المعلن إدارة كتاب المحكمة فهو نعي غير صحيح ذلك أن الثابت من الأوراق أن إدخال المستأنفتين الثانية والثالثة قد تم بعد إيداع صحيفته إدارة كتاب محكمة الأقصر بتاريخ 4/ 11/ 1982 ثم قامت إدارة المحضرين بإعلانهما بها بتاريخ 7/ 11/ 1982 ومن ثم فإن إجراءات الإدخال تكون قد تمت وفق صحيح القانون ويكون تعييب الحكم المستأنف بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه عما تمسكت به المستأنفات من إن الحكم المستأنف قد أخطأ إذ استند إلى ما جاء بتقرير الخبير متعلقاً بأن التصرف كان في حقيقته بيع وفاء تعلم به المستأنفات رغم أن تكييف التصرف بأنه بيع وفاء من عدمه مسألة قانونية يتعين على المحكمة ألا تركن فيه إلى خبير الدعوى وإلى أن الإقرار المؤرخ 1/ 11/ 1956 لم يحرر في تاريخ البيع إنما في تاريخ لاحق عليه وأنه غير ملزم لهن ولم يصدر منهن فهو دفاع في غير محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 465 من القانون المدني أنه يشترط في بيع الوفاء الذي يبطله القانون أن تتجه إرادة طرفيه وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط في ذات عقد البيع ما دام الثابت أن الاتفاق قد تم على الأمرين معاً في وقت واحد وأن المعاصرة الذهنية بين البيع وحق البائع في الاسترداد تتحقق سواء كانت الورقة سابقة أو لاحقة على البيع، لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد الاتفاق المؤرخ 1/ 11/ 1956 الموقع عليه من مورثة المستأنف عليهم الثمانية الأوائل كبائعة والمستأنفة الأولى والمستأنف عليهم الخامس عشر والسادس عشر والخامس والعشرين والمرحوم...... مورث المستأنف عليهم من السابع عشر وحتى الواحد والعشرين كمشترين جدد لعين النزاع أنه قد تضمن احتفاظ مورثة المستأنف عليهم الثمانية الأوائل بحق استرداد العين المبيعة بموجب العقد المسجل رقم 548 لسنة 1954 قنا من المشتري منها مورث المستأنف عليهم من التاسعة حتى الرابعة عشر متى ردت إليه مبلغ ستمائة جنيه قيمة ما اقترضته منه وأنه بتنازل هذا المشتري عن تلك العين للمشترين الجدد وهو - المستأنفة الأولى والمستأنف عليهم الخامس عشر والسادس عشر ومورث السابع عشر وحتى الثانية والعشرين ومورث الثالثة والعشرين عن نفسها وبصفتها والرابع والعشرين وكذلك الخامس والسادس والعشرين - فقد وافقوا على قبول حق مورثة المستأنف عليهم الثمانية الأوائل في استرداد العين محل النزاع فور سداد قيمة ذلك القرض مضافاً إليه مبلغ خمسة عشر جنيهاً خلال عشرة سنوات تبدأ من تاريخ ذلك الاتفاق وكانت هذه المحكمة تشاطر محكمة أول درجة فيما استخلصته من عبارات هذا الاتفاق من أن البيع الذي تم بين مورثة المستأنف عليهم الثمانية الأوائل ومورث المستأنف عليهم من التاسعة وحتى الرابعة عشر والذي تم تسجيله بموجب العقد المسجل رقم 548 قنا وما تلاه من تصرف مورث الأخيرين إلى المشترين الجدد سالفي الذكر ومن بينهم المستأنفة الأولى والذي تم تسجيله من بعد تحت رقم 3176 قنا بتاريخ 26/ 6/ 1967 هما في حقيقتها عقدا بيع وفائيان باطلان بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ولا ينال من ذلك تحرير ذلك الاتفاق في تاريخ لاحق على البيع الذي تم للمستأنفة الأولى وأخوتها متى كانت قد أقرت فيه بحقيقة هذا البيع ولم تذكر توقيعها عليه.
وحيث إنه ومتى انتهت المحكمة - على نحو ما سلف بيانه - إلى بطلان عقدي البيع سالفي الذكر لكونهما ينطويان على البيع وفاء مقصود به إخفاء الرهن فإن نية المتعاقدين فيهما تكون قد انصرفت وقت كل تعاقد إلى الرهن لا إلى البيع كما يكون وضع يد المشتري الأول والمشترين الجدد من بعده ومنهم المستأنفة الأولى وفاء بسبب الرهن دون أي سبب آخر فتنتفي نية التملك منذ بداية كل تعاقد ويصبح وضع اليد قائماً في كل منهما على سبب وقتي معلوم لا يؤدي إلى اكتساب الملكية مهما طال أمده إلا إذا حصل تغيير في سببه وهو لا يكون على ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني إلا بإحدى اثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يتعقد أنه هو المالك أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة فعلية قضائية أو غير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه وعبء إثبات تغيير سبب الحيازة على هذا النحو إنما يقع على عاتق الحائز العرضي، لما كان ذلك، وكانت المستأنفة الأولى لم تقدم الدليل على تغيير حيازتها العارضة إلى حيازة على سبيل التملك فإن ادعاءها تملك عين النزاع بوضع اليد المدة الطويلة يكون ولا سند له من الواقع أو القانون باعتبار أن حيازتها لها منذ بداية تعاقدها لا تصلح سبباً لكسب الملكية طالما لم يطرأ عليها تغيير بإحدى الحالتين وهو ما يستتبع نفي تملك المستأنفتين - الثانية الثالثة عين النزاع لهذا السبب بعد أن بدأ وضع يدهما عليه في 7/ 7/ 1977 ولم تكتمل مدته حتى تاريخ إدخالهما في الدعوى بإيداع صحيفة الإدخال إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 4/ 11/ 1982 السابق الإشارة إليهما كما يضحى أيضاً ما تمسكت به المستأنفة الأولى من تلقيها العين محل النزاع من مالك ظاهر عارٍ عن الدليل.
وحيث إنه عن إدعاء المستأنفتين الثانية والثالثة بتملك عين النزاع بالتقادم الخمسي على سند من أنهما تضعان اليد عليها بموجب العقد المسجل رقم 5054 لسنة 1977 قنا بتاريخ 7/ 7/ 1977 وأنه لم يتم إدخالهما في الدعوى إلا بعد انقضاء أكثر من خمس سنوات على وضع يدهما مع توافر حسن نيتهما فإنه يكون في غير محله, وذلك أن مؤدى نص المادة 969 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح وكان حسن النية الذي يقتضيه التملك بالتقادم الخمسي هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن كان هذا الاعتقاد يشوبه أدنى شك امتنع حسن النية ولقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن النية وسوئها من ظروف الدعوى وملابساتها. لما كان ذلك, وكان الثابت في الأوراق أن المستأنفتين الثانية والثالثة المتصرف إليهما بموجب العقد المسجل رقم 5054 لسنة 1977 قنا هما ابنتا المتصرفة "المستأنفة الأولى" وكانت هذه الصلة تثير الشك في عقيدة هذه المحكمة في أن هاتين المستأنفتين كانتا على علم وقت التصرف بأن والداتهما المتصرفة لهما لم تكن مالكة لما تصرفت فيه وأن وضع يدها على عين النزاع كان وفاء بسبب الرهن ومن ثم فهو وضع يد وقتي معلوم لهما وهي في مجموعها أمور تؤكد سوء نيتهما فإن تمسكهما بالتقادم الخمسي يضحى غير متحقق.
وحيث إن الحكم وقد انتهى سديداً إلى بطلان العقد المسجل رقم 548 لسنة 1954 قنا وما تلاه من عقود مسجلة وثبوت ملكية المستأنف عليهم الثمانية الأوائل لمساحة 22ط, 3ف الموضحة الحدود بصحيفة الدعوى فإنه يتعين تأييده مع تصحيح الخطأ الوارد في منطوقة بجعل المساحة 22ط 3ف بدلاً من 22 س 3 ف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق