جلسة 11 من ديسمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم أحمد إبراهيم, صلاح سعداوي سعد نائبي رئيس المحكمة, محمد أحمد رشدي وعبد المنعم مندور علما.
----------------
(272)
الطعن رقم 345 لسنة 67 القضائية
(1) دعوى. دستور.
الالتجاء إلى القاضي الطبيعي. حق للناس كافة. م 68 من الدستور. مؤداه. عدم جواز قصر مباشرته على فئة دون أخرى أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها. القيود التي يقتضيها تنظيمه لا يجوز بحال أن تصل إلى حد مصادرته.
(2) اختصاص "اختصاص ولائي".
القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(3) ضرائب "الضريبة على المبيعات". اختصاص. تحكيم.
تسوية الخلافات التي تنشأ بين صاحب الشأن ومصلحة الضرائب بشأن الالتزام بالضريبة على المبيعات أو مقدارها. جواز سلوك طريق نظام التحكيم بشأنها. عدم قيام صاحب الشأن بطلب إحالة النزاع إلى التحكيم في خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 17 ق 11 لسنة 1991. لا يسلب حقه في اللجوء إلى القضاء العادي دون التقيد بميعاد. التجاؤه إلى طريق التحكيم وفصل هيئة التحكيم في موضوع النزاع. أثره. منع الالتجاء إلى القضاء في خصوص ما حسمته من أوجه الخلاف.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناء وارد على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
3 - يدل النص في المادتين 17، 35 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 على أن المشرع رغبة منه في تسوية الخلافات التي تنشأ بين المسجل أو صاحب الشأن ومصلحة الضرائب بخصوص الالتزام بالضريبة على المبيعات أو مقدارها وللحد من الأنزعة المطروحة على المحاكم بشأنها، أنشأ نظام التحكيم أجاز فيه لصاحب الشأن عرض خلافاته عليه بغية حلها ودياً دون أن يكون سلوك هذا الطريق وجوبياً فلا يترتب على عدم قيام صاحب الشأن بطلب إحالة النزاع للتحكيم في خلال الميعاد المنصوص عليه بالمادة 17 من القانون المشار إليه سلب حقه في اللجوء إلى القضاء العادي دون التقيد بميعاد طالما لم يحدد القانون ميعاداً للجوء إلى القضاء، أما إذا اختار صاحب الشأن الالتجاء إلى طريق التحكيم وفصلت هيئة التحكيم في موضوع النزاع بحكم حاسم لكافة أوجه النزاع فإن حكمها يكون نهائياً مانعاً من الالتجاء إلى القضاء في خصوص ما حسمته من أوجه الخلاف، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنة طلبت إحالة النزاع إلى التحكيم إلا أن المطعون ضدها امتنعت عن إحالة النزاع إلى هيئة تحكيم على سند مما قررته من أن أوجه النزاع ليست ضمن الحالات التي تختص بها الهيئة، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر النزاع على أن الاختصاص ينعقد لهيئة التحكيم المنصوص عليها بقانون ضريبة المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 دون غيرها رغم أن هيئة التحكيم لم تفصل في موضوع النزاع لامتناع مصلحة الضرائب - المطعون ضدها - عن إحالته إليها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 908 لسنة 1995 شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدها - مصلحة الضرائب - بطلب الحكم بإلغاء تقديرات مأمورية الضرائب على المبيعات عن نشاطها في تصنيع غرف التبريد في الفترة من 3/ 5/ 1991 حتى 31/ 5/ 1992 لعدم خضوعها لهذه الضريبة قبل 18/ 4/ 1993 تطبيقاً للقانون رقم 11 لسنة 1991 والقرار الجمهوري رقم 77 لسنة 1992 وبتاريخ 27/ 2/ 1996 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 6918، 6961 لسنة 113 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قررت ضمهما وقضت بتاريخ 27/ 1/ 1997 بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أقام قضاءه بعدم الاختصاص الولائي على أن الاختصاص في منازعات تقدير قيمة ضريبة المبيعات المستحقة ينعقد لهيئات التحكيم طبقاً لأحكام المواد 16، 17، 35 من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة على المبيعات، في حين أن اختصاص هيئات التحكيم ليس من شأنه نزع اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الدستور بما نص عليه في المادة 68 منه من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته حق للناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم في مجال اللجوء إليه، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية، وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها، أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته، لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً لكل من يلوذ به، غير مقيد في ذلك إلا بالقيود التي يقتضيها تنظيميه، والتي لا يجوز بحال أن تصل إلى حد مصادرته، وبذلك يكون الدستور قد كفل الحق في الدعوى لكل مواطن، وعزز هذا الحق بضماناته التي تحول دون الانتقاص منه, لما كان ذلك, وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأي قيد يصغه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان النص في المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 على أن "للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه في المادة السابقة، ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول خلال ستين يوماً من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة. وللمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسليم الإخطار, فإذا رفض التظلم أو لم يبت فيه خلال خمسة عشر يوماً, فلصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع إلى التحكيم المنصوص عليه في هذا القانون خلال الخمسة عشر يوماً التالية. وفي جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير. ويعتبر تقدير المصلحة نهائياً إذا لم يقدم التظلم أو يطلب إحالة النزاع للتحكيم خلال المواعيد المشار إليها, والنص في المادة 35 من ذات القانون على أنه "إذا قام نزاع مع المصلحة حول قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها, أو كميتها, أو مقدار الضريبة المستحقة عليها, وطلب صاحب الشأن إحالة النزاع إلى التحكيم في المواعيد المقررة وفقاً للمادة (17) من هذا القانون, فعلى رئيس المصلحة أو من ينيبه خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ إخطاره بطلب التحكيم أن يحيل النزاع - كمرحلة ابتدائية - للتحكيم إلى حكمين تعين المصلحة أحدهما ويعين صاحب الشأن الآخر...." يدل أن المشرع رغبة منه في تسوية الخلافات التي تنشأ بين المسجل أو صاحب الشأن ومصلحة الضرائب بخصوص الالتزام بالضريبة على المبيعات أو مقدارها وللحد من الأنزعة المطروحة على المحاكم بشأنها, أنشأ نظام التحكيم أجاز فيه صاحب الشأن عرض خلافاته عليه بغية حلها ودياً دون أن يكون سلوك هذا الطريق وجوبياً فلا يترتب على عدم قيام صاحب الشأن بطلب إحالة النزاع للتحكيم في خلال الميعاد المنصوص عليه بالمادة 17 من القانون المشار إليه سلب حقه في اللجوء إلى القضاء العادي دون التقيد بميعاد طالما لم يحدد القانون ميعاداً للجوء إلى القضاء. أما إذا اختار صاحب الشأن الالتجاء إلى طريق التحكيم وفصلت هيئة التحكيم في موضوع النزاع بحكم حاسم لكافة أوجه النزاع فإن حكمها يكون نهائياً مانعاً من الالتجاء إلى القضاء في خصوص ما حسمته من أوجه الخلاف، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنة طلبت إحالة النزاع إلى التحكيم إلا أن المطعون ضدها امتنعت عن إحالة النزاع إلى هيئة التحكيم على سند مما قررته من أن أوجه النزاع ليست ضمن الحالات التي تختص بها الهيئة، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر النزاع على أن الاختصاص ينعقد لهيئة التحكيم المنصوص عليها بقانون ضريبة المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 دون غيرها رغم أن هيئة التحكيم لم تفصل في موضوع النزاع لامتناع مصلحة الضرائب - المطعون ضدها - عن إحالته إليها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق