الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 مارس 2019

الطعن 2725 لسنة 61 ق جلسة 30 / 6 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 269 ص 795

جلسة 30 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري نائبي رئيس المحكمة، عبد الحميد الحلفاوي وعلي جمجوم.
---------------
(269)
الطعن رقم 2725 لسنة 61 القضائية
(1) اختصاص. "الاختصاص الولائي". محكمة القيم حراسة "حراسة إدارية". دعوى "وقف الدعوى". حكم
محكمة القيم. المنازعات التي تختص بها طبقاً لنص المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980. ماهيتها. النزاع حول إثبات ملكية المال موضوع الدعوى يخرج عن اختصاص محكمة القيم ويختص به القضاء المدني. الحكم بفرض الحراسة. أثره. وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروض عليها الحراسة. م 20/ 1 34 لسنة 1971
 (2)نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد". 
خلو الأوراق مما يدل على تمسك الطاعن في الاستئناف بما ورد بوجه النعي من دفاع. أثره. عدم قبول الطعن
(3) إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع
لمحكمة الموضوع العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات متى وجدت أوراق الدعوى كافية لتكوين عقيدتها
(4) حراسة إدارية". بطلان. حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". 
فرض الحراسة. أثره. غل يد الخاضع لها عن إدارة أمواله والتصرف فيها. مؤدى ذلك. بطلان تصرف الشخص في أمواله بعد صدور الأمر بمنعه من ذلك. م 21 ق 34 لسنة 1971. إغفال الحكم بحث أثر الإقرار الصادر من الخاضع واللاحق على حكم الحراسة. قصور
--------------
1 - النص في المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب جرى على اختصاص محكمة القيم دون غيرها بما يأتي "أولاً: الفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي طبقاً للمادة 16 من هذا القانون. ثانياً: كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب المقررة بالقانون المذكور. ثالثاً: الفصل في الأوامر والتظلمات التي ترفع طبقاً لأحكام هذا القانون. رابعاً: الفصل في الحالات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 53 لسنة 1973 بتصفية الحراسات". ونصت الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب على "إذا حكم بفرض الحراسة على جميع أموال الخاضع ترتب على ذلك الحكم وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروض عليها الحراسة ولا يجوز استئناف السير فيها إلا إذا انقضت الحراسة دون مصادرة" ولما كان محور المنازعة المطروحة ومدارها يدور حول إثبات ملكية المال موضوع الدعوى وهي منازعة تخرج - بطبيعتها - عن نطاق اختصاص محكمة القيم طبقاً للقوانين المذكورة، ومن ثم ينعقد الاختصاص للقضاء المدني بنظر الدعوى ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن هذا الدفع. ولما كان المقرر أن الدعاوى التي أوجب المشرع وقفها لحين انقضاء الحراسة على الخاضع هي تلك المتعلقة بالأموال التي لا زالت تشملها الحراسة وإذ خلت الأوراق من أن موضوع الدعوى يتعلق بمال تشمله الحراسة فإن الحكم يكون بإغفاله طلب الطاعن إيقاف الدعوى غير مشوب بالقصور في التسبيب ولم يخل بحق الدفاع
2 - النعي غير مقبول. ذلك أن الأوراق قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة ثاني درجة
3 - لا على محكمة الموضوع إن أمرت بالإثبات لعدم اقتناعها بكفاية المستندات المقدمة في إثبات الوقائع المدعى بها، أن تعود لدراستها ثانية والقضاء بمقتضاها لكفايتها كدليل
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على القضاء بفرض الحراسة غل يد الخاضع للحراسة عن إدارة أمواله المفروض عليها الحراسة أو التصرف فيها ويقع باطلاً كل تصرف يجريه الخاضع بشأن المال المفروض عليه الحراسة خلال مدة المنع أو التصرف عملاً بالمادة 21 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، وأن الإقرار عمل قانوني يصدر بإرادة المقر. لما كان ذلك وكان البين أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على المستندات المقدمة من المطعون ضده والإقرار الصادر بتاريخ 31/ 12/ 1985 والمصدق على ما يحمله من توقيعات رغم تمسك الطاعن أمامها بأن المقر خاضع للحراسة بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 39 لسنة 14 حراسات بجلسة 30/ 3/ 85 مما يبطل إقراره، وإذ لم تعن محكمة الاستئناف ببحث هذا الدفاع وأثر الإقرار الصادر من الخاضع واللاحق على حكم الحراسة مع ما قد يقتضيه ذلك إن صح من تغير وجه الرأي في الدعوى، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 12037 لسنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن وآخر بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا مبلغ 75 ألف جنيه قيمة الكفالات المسددة من ماله الخاص عن المتهم..... وقال شرحاً لها إنه قام بسداد هذا المبلغ كفالات من ماله الخاص عن المتهم في القضايا أرقام 1611، 1612، 1613 لسنة 1984 جنح قصر النيل و131 لسنة 1983 جنح عابدين والجناية رقم 763 لسنة 1985 أموال عامة ومؤشر بذلك في إيصالات السداد وإذ قضي نهائياً في قضايا الجنح بعدم جواز محاكمة المتهم وببراءته في الجناية فتقدم لصرف المبلغ فرفض طلبه فأقام الدعوى بطلباته وبتاريخ 30/ 4/ 1990 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضده المبلغ المطالب به. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 7451 لسنة 107 ق القاهرة وبتاريخ 13/ 3/ 1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان النزاع المطروح يدور حول إثبات ملكية المال الذي سددت به الكفالات عن الخاضع للحراسة فقد تمسك أمام محكمة ثاني درجة باختصاص محكمة القيم بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 كما طلب منها وقف الدعوى لحين انقضاء الحراسة عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 34 لسنة 1971 إلا إنها التفتت عن هذا الدفاع مما يستوجب نقض الحكم
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن نص المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب جرى على اختصاص محكمة القيم دون غيرها بما يأتي "أولاً: الفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي طبقاً للمادة 16 من هذا القانون. ثانياً: كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب المقررة بالقانون المذكور. ثالثاً: الفصل في الأوامر والتظلمات التي ترفع طبقاً لأحكام هذا القانون. رابعاً: الفصل في الحالات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 53 لسنة 1973 بتصفية الحراسات". ونصت الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب على "إذا حكم بفرض الحراسة على جميع أموال الخاضع ترتب على ذلك الحكم وقف المطالبات والدعاوى المتعلقة بالأموال المفروض عليها الحراسة ولا يجوز استئناف السير فيها إلا إذا انقضت الحراسة دون مصادرة" ولما كان محور المنازعة المطروحة ومدارها يدور حول إثبات ملكية المال موضوع الدعوى وهي منازعة تخرج - بطبيعتها - عن نطاق اختصاص محكمة القيم طبقاً للقوانين المذكورة، ومن ثم ينعقد الاختصاص للقضاء المدني بنظر الدعوى ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن هذا الدفع. ولما كان المقرر أن الدعاوى التي أوجب المشرع وقفها لحين انقضاء الحراسة على الخاضع هي تلك المتعلقة بالأموال التي لا زالت تشملها الحراسة وإذ خلت الأوراق من أن موضوع الدعوى يتعلق بمال تشمله الحراسة فإن الحكم يكون بإغفاله طلب الطاعن إيقاف الدعوى غير مشوب بالقصور في التسبيب ولم يخل بحق الدفاع
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه التناقض وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة إذ ذهبت في أسباب حكميها التمهيديين الصادرين بجلستي 26/ 1 و28/ 6 لسنة 1988 بعدم كفاية دليل المطعون ضده للحكم بطلباته، عدلت عن تنفيذهما - بناء على طلبه - وأجابته لطلباته على ما سبق أن قدمه من مستندات مما يعيب حكمها بالتناقض الذي لحق الحكم المطعون فيه لأخذه بأسباب حكمها مما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الأوراق قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة ثاني درجة ولا على محكمة الموضوع إن أمرت بالإثبات لعدم اقتناعها بكفاية المستندات المقدمة في إثبات الوقائع المدعى بها، أن تعود لدراستها ثانية والقضاء بمقتضاها لكفايتها كدليل ومن ثم يضحى النعي بهذا الوجه - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج ومن ثم غير مقبول
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده بالمبلغ المطالب به استناداً على إيصالات سداده "بالمناولة" والإقرار المصدق عليه في 31/ 12/ 1985 بأن المطعون ضده هو الذي أخرج المبلغ من ماله الخاص رغم احتجاج الطاعن بأن المقر خاضع للحراسة في الدعوى رقم 39 لسنة 14 حراسات بتاريخ 30/ 3/ 1985 مما يترتب عليه رفع يده عن إدارة أمواله وأن إقراره بتاريخ لاحق على خضوعه للحراسة إلا أن الحكم اطرح هذا الدفاع رغم جوهريته ولم يتناوله بالرد مما يعيبه بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على القضاء بفرض الحراسة غل يد الخاضع للحراسة عن إدارة أمواله المفروض عليها الحراسة أو التصرف فيها ويقع باطلاً كل تصرف يجريه الخاضع بشأن المال المفروض عليه الحراسة خلال مدة المنع أو التصرف عملاً بالمادة 21 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، وأن الإقرار عمل قانوني يصدر بإرادة المقر. لما كان ذلك وكان البين أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على المستندات المقدمة من المطعون ضده والإقرار الصادر بتاريخ 31/ 12/ 1985 والمصدق على ما يحمله من توقيعات رغم تمسك الطاعن أمامها بأن المقر خاضع للحراسة بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 39 لسنة 14 حراسات بجلسة 30/ 3/ 1985مما يبطل إقراره، وإذ لم تعن محكمة الاستئناف ببحث هذا الدفاع وأثر الإقرار الصادر من الخاضع واللاحق على حكم الحراسة مع ما قد يقتضيه ذلك إن صح من تغير وجه الرأي في الدعوى، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه.

الطعن 2954 لسنة 61 ق جلسة 28 / 6 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 265 ص 779


جلسة 28 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم وفا، عبد الرحيم صالح، علي محمد علي نواب رئيس المحكمة ومصطفى عزب.
----------------
(265)
الطعن رقم 2954 لسنة 61 القضائية

 (1)نقل "نقل بحري".
تعريفه الخدمات التخزينية. تخفيض قيمتها بنسبة 75% متى كان التأخر في سحب البضائع من المخازن يرجع إلى ظروف ميناء الشحن وليس إلى فعل ذي الشأن. سريان ذات التخفيض على البضائع التي تسحب بموجب خطاب ضمان ودون مستندات متى قدم خلال عشرين يوماً من تاريخ تفريغها. تقديمه بعد الميعاد وثبوت أن التأخر في السحب بموجب المستندات لم يكن بسبب يرجع إليه. أثره. تخفيض التعريفة بنسبة 50%. 
(2، 3) محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". خبرة
 (2)سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها. شرطه. أن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها
 (3)تقرير الخبير المقدم في الدعوى. انتهاؤه إلى نتيجة لا تؤدي إليها أسبابه ولا تصلح رداً على دفاع جوهري للخصوم. أخذ المحكمة بالتقرير. قصور

--------------
1 - نص قرار هيئة ميناء الإسكندرية رقم 37 لسنة 1986 في الفقرة "ب" من المادة السابعة بأن (تمنح البضائع التي يتأخر سحبها من المخازن والساحات تخفيضاً قدره 75% من تعريفه الخدمات التخزينية في الحالات الآتية: 1 - .... 2 - ....... 3 - ..... 4 - ..... 5 - تأخر وصول مستندات الرسائل الواردة لأسباب تتعلق بظروف ميناء الشحن.....) وفي الفقرة "جـ" من ذات المادة على أن (ينصرف الإعفاء في الحدود الموضحة بعاليه وذلك بالنسبة للبنود 2، 5، 6 في حالة الموافقة لصاحب الشأن على سحب بضائعه بموجب خطاب ضمان صرفي يقدم لمصلحة الجمارك خلال عشرين يوماً من تاريخ التفريغ وفي حالة عدم الالتزام بذلك وانتهى الأمر لصالح صاحب الشأن تستحق هذه التعريفة إعفاء قدره 50%) مفاده تخفيض قيمة تعريفة الخدمات التخزينية بنسبة 75% إذا كان التأخر في سحب البضائع من المخازن يرجع إلى ظروف ميناء الشحن وليس إلى فعل ذي الشأن، ويسري ذات التخفيض على البضائع التي تسحب بموجب خطاب ضمان - دون مستندات - إذا قدم خلال عشرين يوماً من تاريخ تفريغها، أما إذا قدم بعد هذا الميعاد وثبت أن التأخر في السحب بموجب المستندات لم يكن بسبب يرجع إليه، خفضت التعريفة بنسبة 50%. 
2 - لئن كان لمحكمة الموضوع - في نطاق سلطتها التقديرية - تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها
3 - أخذ المحكمة بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وإحالتها في بيان أسباب حكمها إليه، وكانت أسبابه لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصم فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 355 لسنة 1987 تجاري كلي الإسكندرية ضد الشركة الطاعنة انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 19515.500 جنيه وقال بياناً لذلك إنه استورد رسالة "مجروش بلاستيك" وصلت إلى ميناء الإسكندرية بتاريخ 16/ 8/ 1985 وقد تقرر السير في إجراءات الإفراج عنها جمركياً حتى 23/ 9/ 1986 نظراً لفقد مستنداتها بسبب خارج عن إرادته ولظروف تتعلق بميناء الشحن، فتقدم بطلب إلى الشركة الطاعنة لتخفيض قيمة رسوم الخدمات التخزينية على البضاعة تطبيقاً للمادة 7/ ب/ 5 من قرار هيئة ميناء الإسكندرية رقم 37 لسنة 1986 التي تقضي بمنح الرسائل التي يتأخر سحبها من المخازن والساحات تخفيضاً مقداره 75% من تعريفة الخدمات التخزينية في حالة تأخر وصول المستندات لأسباب تتعلق بظروف ميناء الشحن، إلا أن الشركة الطاعنة رفضت - دون مسوغ - تطبيق هذا القرار وحصلت منه القيمة كاملة وقدرها 42731 جنيه، ومن ثم أقام دعواه لاسترداد ما دفعه بغير حق - ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 31/ 1/ 1990 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 19515.500 جنيه - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 442 سنة 46 ق الإسكندرية، بتاريخ 13/ 4/ 1991 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في صحيفة استئنافها بعدم توافر شروط تطبيق المادة 7/ ب/ 5 من قرار هيئة ميناء الإسكندرية رقم 37 لسنة 1986 على رسالة التداعي لما هو ثابت من خطاب بنك الاستثمار العربي المرسل إلى شركة مصر للنقل البحري - الذي قدمه المطعون ضده إلى محكمة أول درجة - أن مستندات الرسالة أعيدت بعد ورودها على الشاحن بالخارج بناء على طلب المطعون ضده الذي رفض الإفراج عن البضاعة إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن ما نص عليه قرار هيئة ميناء الإسكندرية رقم 37 لسنة 1986 في الفقرة "ب" من المادة السابعة بأن (تمنح البضائع التي يتأخر سحبها من المخازن والساحات تخفيضاً قدره 75% من تعريفة الخدمات التخزينية في الحالات الآتية: 1 - ..... 2 - ..... 3 - ..... 4 - ...... 5 - تأخر وصول مستندات الرسائل الواردة لأسباب تتعلق بظروف ميناء الشحن......) وفي الفقرة "جـ" من ذات المادة على أن (ينصرف الإعفاء في الحدود الموضحة بعاليه وذلك بالنسبة للبنود 2، 5، 6 في حالة الموافقة لصاحب الشأن على سحب بضائعه بموجب خطاب ضمان صرفي يقدم لمصلحة الجمارك خلال عشرين يوماً من تاريخ التفريغ وفي حالة عدم الالتزام بذلك وانتهى الأمر لصالح صاحب الشأن تستحق هذه التعريفة إعفاء قدره 50%) مفاده تخفيض قيمة تعريفة الخدمات التخزينية بنسبة 75% إذا كان التأخر في سحب البضائع من المخازن يرجع إلى ظروف ميناء الشحن وليس إلى فعل ذي الشأن، ويسري ذات التخفيض على البضائع التي تسحب بموجب خطاب ضمان - دون مستندات - إذا قدم خلال عشرين يوماً من تاريخ تفريغها، أما إذا قدم بعد هذا الميعاد وثبت أن التأخر في السحب بموجب المستندات لم يكن بسبب يرجع إليه، خفضت التعريفة بنسبة 50% - لما كان ذلك ولئن كان لمحكمة الموضوع - في نطاق سلطتها التقديرية - تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها واستخلاص ما تراه منها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، فإذا أخذت بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه، وكانت أسبابه لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصم، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور - لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأحقية المطعون ضده في تخفيض قيمة تعريفة الخدمات التخزينية على رسالة التداعي بنسبة 50% وفقاً للفقرتين ب/ 5 وحـ من المادة السابعة من القرار سالف البيان، على أخذه بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، وما أضافه الحكم رداً على ما تمسكت به الطاعنة في صحيفة استئنافها من عدم توافر شروط تطبيق المادة 7/ ب 5 من ذلك القرار على رسالة النزاع لما هو ثابت من خطاب بنك الاستثمار العربي الذي قدمه المطعون ضده إلى محكمة أول درجة - بورود مستندات الرسالة ثم إعادتها إلى الشاحن بناء على طلب المطعون ضده ورفضه الإفراج عن البضاعة، وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذه الحكم سنداً لقضائه أنه انتهى إلى سريان التخفيض المنصوص عليه في الفقرتين ب، جـ من المادة السابعة من القرار سالف البيان على رسالة النزاع استناداً إلى أن مستنداتها لم ترد من ميناء الشحن إلى المطعون ضده، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنة المشار إليه ولا يصلح رداً عليه، وكان ما أضافه الحكم رداً على هذا الدفاع بقوله (ولا يقدح في هذا النظر أن تكون مستندات الرسالة قد وصلت وأعيدت لخلاف عليها أو لم تكن قد وصلت أصلاً طالما أن الثابت من أوراق الدعوى أن عدم سحب الرسالة كان لأسباب خارجة عن إرادة المستأنف عليه "المطعون ضده" وقد خلا من بيان لتلك الأسباب الخارجة عن إرادة المطعون ضده والتي يتحقق بها ما اشترطته الفقرة ب/ 5 من المادة السابقة المشار إليها، فهو بدوره لا يصلح رداً على ذلك الدفاع الذي قدم دليله في الأوراق، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور، بما يوجب نقضه.

الطعن 1356 لسنة 61 ق جلسة 23 / 5 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 216 ص 492


جلسة 23 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم، خيري فخري وحسين نعمان.
--------------
(216)
الطعن رقم 1356 لسنة 61 القضائية

دعوى. تعويض. تقادم "تقادم مسقط". 
دعوى التعويض عن عمل غير مشروع يشكل جريمة. وقف سريان تقادمها طالما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً. انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم. أثره. عودة سريان تقادم دعوى التعويض. علة ذلك. م 172 مدني

------------
مفاد نص المادتين 172 من القانون المدني، والفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر من قانون الإجراءات الجنائية يدل على أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، بما مؤداه أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية بوفاة المتهم عاد تقادم دعوى التعويض إلى السريان من هذا التاريخ، لما كان ذلك وكانت دعوى التعويض الماثلة ناشئة عن العمل غير المشروع موضوع الجنحة رقم ...... والتي انقضت فيها الدعوى الجنائية بوفاة المتهم بتاريخ 3/ 5/ 1981 ومن ثم فإنه من ذلك التاريخ الذي انقضت فيه الدعوى الجنائية يبدأ سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 172 من القانون المدني.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أولاً أقاموا الدعوى رقم 12015 سنة 1983 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الثاني بطلب الحكم بإلزامه أن يدفع لهم مبلغ 15000 جنيه. وقالوا بياناً لذلك أنه بتاريخ 3/ 5/ 1981 تسبب قائد السيارة رقم.... نقل إسكندرية بخطئه في موت مورثهم المرحوم..... وتحرر عن الواقعة محضر الجنحة رقم 2845 سنة 1981 مركز دمنهور التي أمرت النيابة العامة فيها بتاريخ 8/ 8/ 1981 بحفظ الدعوى الجنائية بوفاة المتهم، ولما كانت السيارة مؤمنا عليها لدى المدعى عليها وقد أصابتهم أضرار من جراء الحادث يقدرون التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى، وبصحيفة قدمت لقلم الكتاب بتاريخ 12/ 12/ 1987 أدخل المدعون الشركة الطاعنة خصماً في الدعوى وعدلوا طلباتهم فيها إلى إلزامها والمطعون عليها الثانية بالتضامن بينهما بأن يدفعا لهم مبلغ 20000 جنيه مؤسسين طلباتهم قبلها على سند من أنها المالكة للسيارة التي ارتكب سائقها الحادث الذي أودى بحياة مورثهم. بتاريخ 25/ 1/ 1990 حكمت المحكمة بالنسبة للطاعنة بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي، وبرفضها بالنسبة للمطعون عليها الثانية استأنف المطعون عليهم أولاً هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3065 سنة 107 ق، وبتاريخ 15/ 1/ 1991 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للطاعنة وبإلزامها بأن تدفع للمطعون عليهم أولاً مبلغ 7000 جنيه وتأييده فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط دعوى التعويض المدنية بالتقادم لانقضاء ثلاث سنوات على وفاة المتهم بتاريخ 3/ 5/ 1981 إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أن سريان مدة التقادم لا يبدأ إلا بعد مضي ثلاث سنوات على انقضاء الدعوى الجنائية
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 172 من القانون المدني على أن "(1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع. (2) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة، فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية" وفي الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم" يدل على أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، بما مؤداه أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية بوفاة المتهم عاد تقادم دعوى التعويض إلى السريان من هذا التاريخ، لما كان ذلك وكانت دعوى التعويض الماثلة ناشئة عن العمل غير المشروع موضوع الجنحة رقم 2845 سنة 1981 مركز دمنهور والتي انقضت فيه الدعوى الجنائية بوفاة المتهم بتاريخ 3/ 5/ 1981 ومن ثم فإنه من ذلك التاريخ الذي انقضت فيه الدعوى الجنائية يبدأ سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 172 من القانون المدني، وإذ كان الثابت بالأوراق أن الدعوى المدنية بطلب التعويض قد رفعت قبل الشركة الطاعنة بصحيفة قدمت إلى قلم الكتاب بتاريخ 12/ 1/ 1987 بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم بتاريخ 3/ 5/ 1981 فإنها تكون قد سقطت بالتقادم، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على سند من أن مدة التقادم لا تبدأ في السريان إلا بعد مضي ثلاث سنوات على انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم ورتب على ذلك الحكم برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي سببي الطعن
وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف.

الطعن 3556 لسنة 61 ق جلسة 7 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 86 ص 515


جلسة 7 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وحسين نعمان.
-----------
(86)
الطعن رقم 3556 لسنة 61 القضائية

 (1)اختصاص "الاختصاص الولائي". دستور.
القضاء العادي. صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
 (2)اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة القيم. مسئولية "مسئولية تقصيرية". حراسة. دستور: المدعي العام الاشتراكي". تعويض.
محكمة القيم. اختصاصها. قصره المشرع استثناءً على المسائل المنصوص عليها بالمادة 34 ق 95 لسنة 1980 دون غيرها من المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وجهة الحراسة. تعلق النزاع بمسئولية المدعي العام الاشتراكي عن تعويض الضرر الناجم عن خطأه في إدارة الأموال المعهودة إليه بحراستها والإخلال بواجبات الحراسة أو المسئولية التقصيرية. المواد 733، 734، 163 مدني. خضوعه لاختصاص القضاء العادي دون محكمة القيم.
(3،4 ) حراسة "حراسة إدارية". دستور "المدعي العام الاشتراكي". أهلية "حق التقاضي". نيابة "نيابة قانونية".
 (3)فرض الحراسة. أثره. غل يد الخاضعين عن إدارة أموالهم والتصرف فيها فلا يكون لهم تبعاً لذلك حق التقاضي بشأنها. ليس هذا نقص في أهلية الخاضع للحراسة. بل حجز على أمواله يقيد من سلطته عليها فيباشرها عنه المدعي العام الاشتراكي الحارس المعين طبقاً للقانون. علة ذلك.
 (4)رفع الحراسة على الأموال بردها لذويها. أثره. عودة حق التقاضي إليهم. احتمال مصادرة الأموال المفروض عليها الحراسة صار أمراً قائماً واحتمالاً وارداً غير مقطوع به. المواد 19/ 4، 22/ 5، 33 ق 34 لسنة 1971. أثره. حق الخاضعين في مساءلة الحارس. شرطه. انتهاء مهمة الحارس والحراسة دون مصادرة الأموال.

---------------
1 - السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته الذي ناط بها وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، والقضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
2 - مفاد نصوص المواد من 27 إلى 58 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980، والمادة 34 منه والاختصاصات المبينة بالقانون 141، 154 لسنة 1981، والمادة العاشرة من القانون 34 لسنة 1971. أن المشرع قصر نزع الاختصاص من المحاكم العادية - ذات الولاية العامة - وإسناده إلى محكمة القيم ذات الاختصاص الاستثنائي على المسائل التي نصت عليها المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 المشار إليه دون غيرها من المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وبين جهة الحراسة مما لم يتناوله النص المذكور ومن ثم فإنه إذا ما تعلق النزاع بمسئولية المدعي العام الاشتراكي من تعويض الضرر الناجم عن الخطأ المنسوب إليه المتمثل في إساءة إدارة الأموال المعهودة إليه حراستها وإخلاله بواجبات الحارس المنصوص عليها في المادتين 733، 734 من القانون المدني أو وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية المبينة بالمادة 163 من ذات القانون وهي مسئولية شخصية قوامها الفعل الضار الواقع منه إبان إدارته للمال المفروض عليه الحراسة، فإن هذا النزاع بحسب طبيعته - لا يدخل في نطاق الاختصاص المحدد استثناء لمحكمة القيم وإنما تختص به المحاكم العادية بحسب الأصل العام المقرر في القانون.
3 - فرض الحراسة وفقاً لأحكام القانونين رقمي 34 لسنة 1971، 95 لسنة 1980 يترتب عليه غل يد الخاضعين لها عن إدارة أموالهم المفروضة عليها الحراسة أو التصرف فيها فلا يكون لهم تبعاً لذلك حق التقاضي بشأنها وليس في ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نقض في أهلية الخاضع للحراسة وإنما هو بمثابة حجز على أمواله يقيد من سلطته عليها فيباشرها نيابة عنه الحارس - المدعي العام الاشتراكي - باعتباره نائباً قانونياً عنه في إدارتها لأسباب تقتضيها المصلحة العامة للدولة فيلتزم بالمحافظة على الأموال التي يتسلمها بمراعاة طبيعتها والظروف المحيطة بها وما تتطلبه من أعمال لرعايتها والعناية بها وحتى انتهاء الحراسة دون مصادرة ورد تلك الأموال إلى أصحابها فلا يكون للخاضع مقاضاة الحارس عن سوء إدارته للمال طيلة الفترة المشار إليها.
4 - انتهاء الحراسة برد الأموال المحروسة إلى ذويها عاد للخاضع تبعاً لذلك حقه في التقاضي بشأنها والدفاع عن مصالحه وأمواله وكما أن نصوص المواد 19، 22/ 5، 23 من القانون 34 لسنة 1971 تدل مجتمعة على احتمال مصادرة الأموال المفروض عليها الحراسة صار أمراً قائماً واحتمالاً وارداً وإن كان غير مقطوع به لما كان ذلك وكان الواقع الثابت في الأوراق أنه كان من غير الممكن - في تاريخ رفع الدعوى وحتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه - القطع بأن الأعيان المحروسة سوف ترد إلى المطعون عليهم أم إنها ستصادر لصالح الشعب - حتى يقوم للمطعون عليهم حق مؤكد في طلب مساءلة الحارس ومحاسبته عن إدارته هذه الأموال والتي لا تتأتى إلا بعد انقضاء الحراسة عليها - دون مصادرة وانتهاء مهمته بالنسبة لها فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان ورتب على ذلك مسئوليته عن إهماله في إدارة الأموال المفروض عليها الحراسة وقبل انقضائها - على النحو الذي حدده القانون يكون معيباً بما يوجب نقضه.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 6178 سنة 1989 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ 1.888.800 مليمجـ وقالوا بياناً لذلك إنهم يمتلكون مساحة 76 ف حدائق مثمرة وقد أصدر الطاعن بتاريخ 15/ 6/ 1987 قراراً بمنعهم من التصرف فيها وإدارتها وتولاها هو نيابة عنهم غير أنه أهملها وتركها بغير عناية حتى تلفت وظل على إهماله لها ثم صدر قضاء محكمة القيم في الدعوى رقم 40 لسنة 17 ق حراسات بتاريخ 16/ 1/ 1988 بفرض الحراسة عليها وتأيد بحكم محكمة القيم العليا الصادر في 11/ 6/ 1988 فبقيت يدهم مغلولة عنها، وقد أقاموا إثبات الحالة رقم 2548 سنة 1988 مستعجل الإسكندرية وانتهى الخبير فيها إلى أن الأضرار الناجمة عن عدم قيام الطاعن بإعمال الإدارة الحسنة تقدر بمبلغ 944400 جنيه وإذ لحقتهم من جراء مسلك الطاعن وبسبب خطئه أضرار مادية وأدبية يقدرون التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى عملاً بالمادة 163 من القانون المدني، وبتاريخ 7/ 4/ 1990 م حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليهم مبلغ 944400 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التي حاقت بهم. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 852 سنة 46 ق. كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 865 سنة 46 ق ضمت المحكمة الاستئنافين ثم حكمت في 24/ 4/ 1991 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليهم مبلغ 629600 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وانعقاد هذا الاختصاص لمحكمة القيم دون غيرها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات المتعلقة بالأموال المفروض عليها الحراسة طبقاً لأحكام القانونين رقمي 34 سنة 1971، 95 لسنة 1980 وذلك أياً كان مبنى المنازعة أو سببها أو الطلب فيها طالما تعلقت بالأموال التي فرضت عليها الحراسة أو كانت ناشئة عن الحراسة أو مترتبة عليها غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وواجهه بما لا يصلح رداً عليها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته الذي ناط بها وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، والقضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، وكان مؤدى نصوص المواد من 27 إلى 58 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980 أن محكمة القيم المشكلة وفقاً للقانون المشار إليه هي جهة قضاء أنشئت كمحكمة دائمة لتباشر ما نيط بها من اختصاصات محددة وفقاً للضوابط المنصوص عليها في هذا القانون وطبقاً للإجراءات التي حددها.. إذ نصت المادة 34 منه على اختصاص تلك المحكمة - دون غيرها بالفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي، وكافة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب، والفصل في الأوامر والتظلمات التي ترفع طبقاً لأحكام هذا القانون، والفصل في الحالات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 53 لسنة 1972 بتصفية الحراسات وقد أضيف إلى هذه الاختصاصات - بمقتضى المادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المستحقة وفقاً لأحكام هذا القانون والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 أو المترتبة عليها، كما أضيف إلى هذه الاختصاصات بالقانون رقم 154 لسنة 1981 م - الفصل في التظلمات من الإجراءات التي تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور، وكان النص في المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 قد خص محكمة الحراسة بالفصل في دعاوى فرض الحراسة وكافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروض عليه الحراسة - مما مفاده أن المشرع قصر نزع الاختصاص من المحاكم العادية - ذات الولاية العامة - وإسناده إلى محكمة القيم ذات الاختصاص الاستثنائي على المسائل التي نصت عليها المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 المشار إليه دون غيرها من المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وبين جهة الحراسة مما لم يتناوله النص المذكور ومن ثم فإنه إذا ما تعلق النزاع بمسئولية المدعي العام الاشتراكي عن تعويض الضرر الناجم عن الخطأ المنسوب إليه المتمثل في إساءة إدارة الأموال المعهودة إليه حراستها وإخلاله بواجبات الحارس المنصوص عليها في المادتين 733، 734 من القانون المدني أو وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية المبينة بالمادة 163 من ذات القانون وهي مسئولية شخصية قوامها الفعل الضار الواقع منه إبان إداراته للمال المفروض عليه الحراسة، فإن هذا النزاع بحسب طبيعته - لا يدخل في نطاق الاختصاص المحدد استثناء لمحكمة القيم وإنما تختص به المحاكم العادية بحسب الأصل العام المقرر في القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعد اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بباقي أسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه يترتب على الحكم بفرض الحراسة على أموال المطعون عليهم منعهم من إدارتها أو التصرف فيها ليباشرها هو نيابة عنهم فلا يكون لهم مقاضاته بشأن إدارتها إلا بعد انقضاء الحراسة عليها - دون مصادرة - وردها إليهم غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع الذي أبداه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وانتهى إلى مسئوليته عن الإهمال في إدارة الأموال المفروض عليها الحراسة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن فرض الحراسة وفقاً لأحكام القانونين رقمي 34 لسنة 1971، 95 لسنة 1980 يترتب عليه غل يد الخاضعين لها عن إدارة أموالهم المفروضة عليها الحراسة أو التصرف فيها فلا يكون لهم تبعاً لذلك حق التقاضي بشأنها وليس في ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نقص في أهلية الخاضع للحراسة وإنما هو بمثابة حجز على أمواله يقيد من سلطته عليها فيباشرها نيابة عنه الحارس - المدعي العام الاشتراكي - باعتباره نائباً قانونياً في إداراتها لأسباب تقتضيها المصلحة العامة للدولة فيلتزم بالمحافظة على الأموال التي يتسلمها بمراعاة طبيعتها والظروف المحيطة بها وما تتطلبه من أعمال لرعايتها والعناية بها وحتى انتهاء الحراسة دون مصادرة ورد تلك الأموال إلى أصحابها، فلا يكون للخاضع مقاضاة الحارس عن سوء إدارته للمال طيلة الفترة المشار إليها، فإذا ما انتهت الحراسة برد الأموال المحروسة إلى ذويها عاد للخاضع تبعاً لذلك حقه في التقاضي بشأنها والدفاع عن مصالحه وأمواله، كما وأن النص في الفقرة الرابعة من المادة 19 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب على أن "يختص القضاء العادي بالمنازعات التي تنشأ بسبب الحراسة بين ذوي الشأن وبين الجهة المعهود إليها بها إذا رد المال إلى ذوي الشأن "وفي الفقرة الخامسة من المادة 22 من القانون المشار إليه على أن "تنقضي الحراسة في جميع الأحوال بانقضاء خمس سنوات على تاريخ صدور الحكم بفرضها، كما تنقضي الحراسة بوفاة الشخص المفروضة عليه الحراسة حتى ولو كان قبل مضي المدة المذكورة وللمدعي العام الاشتراكي بعد صدور الحكم بفرض الحراسة وخلال المدة المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن يطلب من المحكمة رفع الحراسة أو أن تصادر لصالح الشعب كل أو بعض الأموال التي آلت إلى الشخص المفروضة عليه الحراسة..." وفي المادة 23 من ذات القانون على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية إلغاء الحكم بالمصادرة". كل هذه النصوص مجتمعة تدل على أن احتمال مصادرة الأموال المفروض عليها الحراسة صار أمراً قائماً واحتمالاً وارداً وإن كان غير مقطوع به، لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت في الأوراق إنه كان من غير الممكن - في تاريخ رفع الدعوى وحتى صدور الحكم المطعون فيه - القطع بأن الأعيان المحروسة سوف ترد إلى المطعون عليهم أم أنها ستصادر لصالح الشعب - حتى يقوم للمطعون عليهم حق مؤكد في طلب مساءلة الحارس ومحاسبته عن إدارته هذه الأموال التي لا تتأتى إلا بعد انقضاء الحراسة عليها - دون مصادرة - وانتهاء مهمته بالنسبة لها فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان ورتب على ذلك مسئوليته عن إهماله في إدارة الأموال المفروض عليها الحراسة وقبل انقضائها - على النحو الذي حدده القانون يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 5507 لسنة 61 ق جلسة 4 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 85 ص 511


جلسة 4 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد رزق، إبراهيم الضهيري، حسين دياب نواب رئيس المحكمة وفتحي قرمه.
-------------
(85)
الطعن رقم 5507 لسنة 61 القضائية

عمل "العاملون بالقطاع العام" "ترقية" "مدة خدمة".
مدة الخدمة الكلية اللازمة للترقية وفقاً للقانون 11 لسنة 1975. ماهيتها. مدة الخدمة المحسوبة في أقدمية العامل من تاريخ تعيينه في الجهة الموجود بها وقت تطبيق القانون مضافاً إليها ما لم يحسب من مدد الخدمة السابقة في الجهات المنصوص عليها في المادة 18 وبالشروط الواردة بالمادة 19 من القانون المشار إليه. مدة تدريب العامل لا تعد من قبيل مدد الخدمة الكلية اللازمة للترقية. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.

--------------
مفاد النص في المواد 15، 18، 19 من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام أن المدة الكلية التي عناها المشرع في حكم المادة 15 سالفة الذكر والجداول المذكورة هي مدة الخدمة المحسوبة في أقدمية العامل من تاريخ تعيينه في الجهة الموجود بها وقت تطبيق هذا القانون مضافاً إليها ما لم يحسب في هذه الأقدمية من مدد الخدمة السابقة في الجهات المنصوص عليها في المادة 18 إذا توافر فيها الشروط الواردة بالمادة 19، ولازم ذلك أن مدة تدريب العامل لا تعد من قبيل مدد الخدمة التي عناها المشرع عند تطبيق أحكام قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام المشار إليه باعتبار أن الغرض الأساسي من فترة التدريب هو تلقين العامل للمهنة أو الحرفة وتعلم أصولها ودقائقها وليس أداء العمل واقتضاء الأجر فهذان غرضان ثانويان إلى جانب الغرض الرئيسي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من أحقية المطعون ضدهم في طلباتهم معولاً في ذلك على احتساب مدة تدريبهم لدى الطاعنة ضمن مدة خدمتهم الكلية بدعوى أن الشركة الطاعنة قامت بحساب مدة التدريب ضمن مدة الخدمة الكلية لبعض العاملين لديها عند تسوية حالاتهم تطبيقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 في حين أنه لا يصح أن تتخذ المساواة سبيلاً لمناهضة أحكام القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم وآخرين أقاموا الدعوى رقم 36 لسنة 1983 عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة بطلب الحكم باعتبار مدة تدريبهم لديها مدة خبرة واحتسابها في تسوية حالتهم وفقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وقالوا بياناً لدعواهم إنهم التحقوا بالعمل لدى الطاعنة فترة تحت التدريب قبل تعيينهم لديها وإذ لم تحسب لهم مدة التدريب كمدة خبرة سابقة عند تطبيق القانون رقم 11 لسنة 1975 أسوة بزملائهم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في 10/ 4/ 1989 للمطعون ضدهم بطلباتهم، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 807 لسنة 106 ق القاهرة وبتاريخ 25/ 9/ 1991 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أساس احتساب مدة تدريب المطعون ضدهم كمدة خبرة في حين أنها لا تعد كذلك لأنها تعتبر مدة خدمة فعلية حتى يمكن ضمها إلى مدة خدمتهم وفقاً لأحكام المادة 18 من القانون رقم 11 لسنة 1975 فضلاً عن عدم توافر الشروط اللازمة لاحتسابها وفقاً لأحكام المادة 19 من القانون المذكور وهو مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كانت المادة 15 من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر به القانون رقم 11 لسنة 1975 تنص على أنه "يعتبر من أمضى أو يمضي من العاملين الموجودين بالخدمة إحدى المدد الكلية المحددة بالجداول المرفقة رقي في نفس مجموعته الوظيفية وذلك اعتباراً من أول الشهر التالي لاستكمال هذه المدة..." وتنص المادة 18 منه على أنه "يدخل في حساب المدد الكلية المنصوص عليها في المادة السابقة وفي الجداول المرفقة المدد التي لم يسبق حسابها في الأقدمية من المدد الآتية..." وكانت الجداول الملحقة بهذا القانون والمعتبرة جزءاً لا يتجزأ منه بنص المادة الخامسة من مواد إصداره قد جعلت المدد اللازمة للترقية منوطة بعدد سنوات الخدمة الكلية المحسوبة في أقدمية العامل، وكان مفاد ذلك أن المدة الكلية التي عناها المشرع في حكم المادة 15 سالفة الذكر والجداول المذكورة هي مدة الخدمة المحسوبة في أقدمية العامل من تاريخ تعيينه في الجهة الموجود بها وقت تطبيق القانون هذا مضافاً إليها ما لم يحسب في هذه الأقدمية من مدد الخدمة السابقة في الجهات المنصوص عليها في المادة 18 إذا توافر فيها الشروط الواردة بالمادة 19، ولازم ذلك أن مدة تدريب العامل لا تعد من قبيل مدد الخدمة التي عناها المشرع عند تطبيق أحكام قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام المشار إليه باعتبار أن الغرض الأساسي من فترة التدريب هو تلقين العامل للمهنة أو الحرفة وتعلم أصولها ودقائقها وليس أداء العمل واقتضاء الأجر فهذان غرضان ثانويان إلى جانب الغرض الرئيسي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من أحقية المطعون ضدهم في طلباتهم معولاً في ذلك على احتساب مدة تدريبهم لدى الطاعنة ضمن مدة خدمتهم الكلية بدعوى أن الشركة الطاعنة قامت بحساب مدة التدريب ضمن مدة الخدمة الكلية لبعض العاملين لديها عند تسوية حالاتهم تطبيقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 في حين أنه لا يصح أن تتخذ المساواة سبيلاً لمناهضة أحكام القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

الطعن 4766 لسنة 61 ق جلسة 1 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 78 ص 461


جلسة الأول من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين عبد المنعم وفا، عبد الرحيم صالح، محمد الشناوي نواب رئيس المحكمة ومصطفى عزب.
---------------
(78)
الطعن رقم 4766 لسنة 61 القضائية

 (1)أمر الأداء. دعوى.
عدم توافر شروط إصدار أمر الأداء. أثره. امتناع القاضي عن إصداره وتحديد جلسة لنظر الدعوى. تقديم طلب أمر الأداء. بديل لإيداع صحيفة الدعوى. إعلان هذا الطلب مذيلاً بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات. مؤداه. انعقاد الخصومة في الدعوى ولو كان مبنى رفض إصدار الأمر بالأداء أن الطلب في غير حالاته. م 204 مرافعات.
( 2، 4 ) محكمة الموضوع. دعوى "تكييف الدعوى" "سبب الدعوى". نقض
 (2)لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون. وجوب تقيدها بالوقائع والطلبات المطروحة عليها. عدم تقيدها بتكييف الخصوم لها.
(3) فهم الواقع في الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع. تكييفها لهذا الواقع مسألة قانون تخضع فيها لرقابة النقض.
(4) الأساس الذي رفعت به الدعوى. ليس لمحكمة الموضوع أن تغيره من تلقاء نفسها.
 (5)تأمين. نظام عام. محكمة الموضوع. مسئولية. نقض.
التأمين عن الخطأ العمدي. غير جائز. تعلق ذلك بالنظام العام. م 768 مدني. تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض أو مبلغ التأمين بأنه خطر احتمالي أم إرادي - خطأ عمدي - من المسائل التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة النقض. استخلاص الخطر الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع.

--------------
1 - النص في المادة 204 من قانون المرافعات على أنه إذا "رأى القاضي ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته كان عليه أن يمتنع عن إصدار الأمر وأن يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة مع تكليف الطالب إعلان خصمه إليها" يدل على أن المشرع أوجب على القاضي متى لم ير توافر شروط إصدار الأمر بالأداء في الدين موضوع المطالبة، أو رأى ألا يجيب الطالب لبعض طلباته أن يمتنع عن إصداره، ويحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى. ويعتبر تقديم طلب أمر الأداء بديلاً عن إيداع صحيفة الدعوى، وبإعلان هذا الطلب مذيلاً بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات يتم انعقاد الخصومة وتستقيم الدعوى بما يوجب الحكم في موضوعها ولو كان رفض إصدار الأمر بالأداء مبناه أن الطلب في غير حالاته. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضدها الأولى بعد أن رفض طلبها بإصدار الأمر بالأداء ضد الطاعنة والمطعون ضده الثاني قامت بإعلانها بهذا الطلب مذيلاً بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات فإن النعي يكون على غير أساس.
2 - لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع والطلبات المطروحة عليها وأن تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الواقع على حقيقته ثم تنزل عليه التكييف القانوني الصحيح.
3 - لئن كان المقرر أن فهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع المطلقة متى كان استخلاصها لما استخلصته سائغاً وله سنده إلا أن تكوينها لهذا الواقع يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع فيها لرقابة النقض.
4 - ليس لمحكمة الموضوع أن تغير من تلقاء نفسها الأساس الذي رفعت بمقتضاه الدعوى.
5 - النص في المادة 768 من التقنين المدني على أنه "(1) أن يكون المؤمن مسئولاً من الأضرار الناشئة عن خطأ المؤمن له غير المتعمد وكذلك يكون مسئولاً عن الأضرار الناجمة من حادث مفاجئ أو قوة قاهرة (2) أما الخسائر والأضرار التي يحدثها المؤمن له عمداً أو غشاً فلا يكون المؤمن مسئولاً عنهما ولو اتفق على غير ذلك." مؤداه أنه لا يجوز التأمين عن الخطأ العمدي وهذا الخطر متعلق بالنظام العام، وإذ كان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض أو مبلغ التأمين بأنه خطر احتمالي أم إرادي - خطأ عمدي - هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص الخطر الموجب للمسئولية مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 993 لسنة 1988 تجاري كلي شمال القاهرة - بعد رفض طلبها استصدار أمر أداء - بطلب الحكم بإلزام الطاعنة والمطعون ضده الثاني متضامنين بأن يؤديا لها مبلغ 4259485 جنيه. وقالت بياناً لها إن المطعون ضده الثاني بصفته مدين بالمبلغ موضوع الدعوى بموجب تسعة عشر شيكاً أصدرها لصالحهما خلال المدة من 10/ 6/ 1988 حتى 1/ 8/ 1988، وقد تعهدت الطاعنة بكتابها المؤرخ 14/ 2/ 1988 بضمان الساحب بحيث تحل محله إذ أخل بالتزامه وذلك بمجرد موافاتها بتأشيرة البنك المسحوب عليه بعدم السداد دون قيد أو شرط. وإذ أفاد البنك المسحوب عليه - عند تقديم الشيكات سالفة الذكر إليه بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب للساحب ولم يف أي من الطاعنة والمطعون ضده الثاني بالالتزام رغم إنذارهما فقد أقامت فقد أقامت الدعوى بطلباتها وبتاريخ 31/ 3/ 1990 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة والمطعون ضده الثاني بصفته بالتضامن بأن يؤديا للمطعون ضدها الأولى المبلغ المطلوب. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1744 لسنة 107 ق القاهرة كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 1997 لسنة 107 ق القاهرة وبتاريخ 30/ 7/ 1991 حكمت المحكمة في الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين وفي بيان ذلك يقول إن حالات استصدار أمر الأداء مبينة حصراً في المادة 201 من قانون المرافعات وليس من بينها الدين محل المطالبة وإذ لجأت المطعون ضدها الأولى إلى طريق أمر الأداء للمطالبة به فإن دعواها تكون غير مقبولة وكان يتعين القضاء بذلك لأنه أمر متعلق بالنظام العام، كما أنه لما كان على الدائن اتباع القواعد والإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بعد امتناع القاضي عن إصدار أمر الأداء وتحديد جلسة لنظر الموضوع وكانت المطعون ضدها الأولى لم تودع الصحيفة قلم الكتاب واكتفت بإعلانها مباشرة بالتكليف بالحضور بالمخالفة لنص المادة 63 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه يكون معدوماً لصدوره في خصومة لم تنعقد.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك النص في المادة 204 من قانون المرافعات على أنه "إذا رأى القاضي ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته كان عليه أن يمتنع عن إصدار الأمر وأن يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة مع تكليف الطالب إعلان خصمه إليها." يدل على أن المشرع أوجب على القاضي متى لم يتوافر شروط إصدار الأمر بالأداء في الدين موضوع المطالبة، أو رأى ألا يجيب الطالب لبعض طلباته أن يمتنع عن إصداره، ويحدد جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى. ويعتبر تقديم طلب أمر الأداء بديلاً عن إيداع صحيفة الدعوى، وبإعلان هذا الطلب مذيلاً بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات يتم انعقاد الخصومة وتستقيم الدعوى بما يوجب الحكم في موضوعها ولو كان رفض إصدار الأمر بالأداء مبناه أن الطلب في غير حالاته. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضدها الأولى بعد أن رفض طلبها بإصدار الأمر بالأداء ضد الطاعنة والمطعون ضده الثاني قامت بإعلانهما بهذا الطلب مذيلاً بأمر الرفض والتكليف بالحضور لسماع الحكم بالطلبات فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضدها الأولى اتخذت من الكتاب المؤرخ 14/ 2/ 1988 سبباً لدعواها مستقلاً عن الوثيقة رقم 345521 المبرمة بين الطاعنة وشركة المهندسون العرب للتجارة فكان يجب على الحكم قصر بحثه في الدعوى في نطاق هذا السبب إلا أنه أقام قضاءه على اعتبار الكتاب المؤرخ 14/ 2/ 1988 ملحقاً لوثيقة التأمين سالفة الذكر وأنه أضاف خطراً جديداً إلى الخطر المؤمن منه فيها، وأعمل بالتالي شروط هذه الوثيقة والقواعد القانونية التي رأى أنها تحكمها والتي ما كان يتعرض لها لو قصر بحثه على السبب الذي رفعت به الدعوى.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك - أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع والطلبات المطروحة عليها وأن تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الواقع فيها على حقيقته ثم تنزل عليه التكييف القانوني الصحيح هذا ولئن كان المقرر أن فهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع المطلقة متى كان استخلاصها لما استخلصته سائغاً وله سنده إلا أن تكييفها لهذا الواقع يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع فيها لرقابة النقض كما أنه ليس لمحكمة الموضوع أن تغير من تلقاء نفسها الأساس الذي رفعت بمقتضاه الدعوى - لما كان ذلك - وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها الأولى رفعتها بطلب إلزام الطاعنة والمطعون ضده الثاني متضامنين بأداء مبلغ 4259485 جنيه استناداً إلى التعهد الصادر من الطاعنة بالكتاب المؤرخ 14/ 2/ 1988 للمطعون ضدها الأولى بأن تحل محل عميلها في حالة إخلاله بالتزاماتها بمجرد موافاتها بتأشيرة البنك المسحوب عليه بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب. وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها إلى أن هذا الكتاب هو ملحق لوثيقة التأمين رقم 34521 المبرمة بين الطاعنة وشركة المهندسون العرب للتجارة، زيد فيه الخطر المؤمن منه وأنه لا يتعلق بعقد كفالة وإنما يتعلق بعقد تأمين وأقامت قضاءها على ما يكفي لحمله في هذا الشأن فإن ذلك لا يعد تغييراً لسبب الدعوى ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنه يتعين للاعتداد بوجود الخطر المؤمن منه أن يكون غير محقق الوقوع بأن يكون غير مؤكد وقوعه من جهة وغير مستحيل الوقوع من جهة أخرى وأن يكون غير متعلق بمحض إرادة أحد طرفي عقد التأمين إذ أن ذلك ينفي عنه صفة الاحتمال ويجعله رهناً بمشيئة هذا الطرف، فإذا كان هو المؤمن له كان ارتكابه له خطأ عمدياً ومن المقرر عملاً بصريح نص الفقرة الثانية من المادة 768 من التقنين المدني أنه لا يجوز التأمين ضد الخطأ العمدي للمؤمن له فيقع التأمين عليه باطلاً. وإذ سلم الحكم المطعون فيه بأن العامل المؤمن عليه... هو نفسه صاحب الشركة المؤمن لها فإن الخطر المؤمن منه يكون مستحيل الوقوع قانوناً لأن جريمة خيانة الأمانة لا تقع إلا على مال غير مملوك للجاني والثابت من الوثيقة أن الخطر المؤمن منه هو ارتكاب المؤمن عليه... جريمة خيانة أمانة أو تبديد ما في عهدته من أموال المهندسون العرب وإذ كانت هذه الأموال مملوكة له فإن الخطر المؤمن يكون مستحيلاً كما أن الجريمة سالفة الذكر جريمة عمدية فيتمخض الخطر المؤمن منه عن خطأ عمدي مما يبطل الوثيقة لانعدام المحل، وبافتراض اعتبار كتاب 14/ 2/ 1988 ملحق لتلك الوثيقة فإنه يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كذلك لأنه يتبع مصير الوثيقة الأصلية فضلاً عن أن الخطر الذي قال الحكم المطعون فيه بإضافته بموجب الملحق هو أيضاً يشكل خطأً عمدياً مرهوناً بإرادة المؤمن له. وهو خطر غير مشروع إذ يشكل جريمة جنائية هي جريمة إصدار شيكات دون أن يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب. وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه الخطر المؤمن منه غير متعلق بإرادة المؤمن له، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 768 من التقنين المدني على أنه "(1) يكون المؤمن مسئولاً عن الأضرار الناشئة عن خطأ المؤمن له غير المتعمد وكذلك يكون مسئولاً عن الأضرار الناجمة من حادث مفاجئ أو قوة قاهرة (2) أما الخسائر والأضرار التي يحدثها المؤمن له عمداً أو غشاً فلا يكون المؤمن مسئولاً عنهما ولو اتفق على غير ذلك." مؤداه أنه لا يجوز التأمين عن الخطأ العمدي وهذا الخطر متعلق بالنظام العام، وإذ أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض أو مبلغ التأمين بأنه خطر احتمالي أم إرادي - خطأ عمدي - هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص الخطر الموجب للمسئولية مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي من وقائع الدعوى. لما كان ذلك وكان البادي من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات مشروعية الخطر المؤسس عليه طلب مبلغ التأمين وأنه غير متعلق بمحض إرادة المؤمن له إلى قوله. "..... وكان المؤمن له... - على نحو ما ثبت من الأوراق - هو مدير عام شركة المهندسون العرب وفي نفس الوقت صاحبها وقد أمن نفسه من خيانة الأمانة أو التبديد الذي يقع منه وكذا الإخلال بالتزاماته قبل شركة سيجال ثم أصدر للشركة الأخيرة خلال شهري يونيو ويوليو سنة 1988 شيكات بمبلغ 4259485 جنيه فإن إصداره هذه الشيكات لا يتعلق بمحض إرادته وحده إذ هي تصدر بناءً على طلب الدائن من المدين وبالمبالغ التي أصبحت مستحقة الأداء في ذمة المدين الذي يجد نفسه مجبراً لإصدارها حرصاً على استمرار تعامله في منتجات الدائن وهذه كلها عوامل تدخلت في تحقيق الخطر المؤمن منه ولا شأن لإرادة المؤمن لها بها إذ هي من إرادة الغير وهي شركة سيجال ومن ثم فإن قول المستأنف بعدم توافر شروط الخطر المؤمن منه بدعوى تعلقه بمحض إرادة المؤمن له في غير محله تلتفت عنه المحكمة" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه غير سديد في تقريره بنفي العمد عن الأفعال المسندة إلى المطعون ضده الثاني - المؤمن له - وغير سائغ القول بانتفاء وصف العمد عنها، ذلك أن إصداره شيكات للمطعون ضدها الأولى دون أن يكون لها رصيد قائم وقابل للسحب في تاريخ استحقاقها هو خطأ عمدي مرتهن بمحض إرادته - فضلاً عن أنه يشكل جريمة جنائية عمدية أياً كان الباعث أو الدافع على ارتكابه لهذا الخطأ لأنها أمور لا تنفي وجود الخطأ العمدي الذي ارتكب بحرية واردة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يعتبر ما وقع من المطعون ضده الثاني - المؤمن له - خطأ عمدياً وكان نفي وصف العمد عنه استناداً إلى إطلاق القول "... إصداره هذه الشيكات لا يتعلق بمحض إرادته وحده..." ينطوي على استخلاص غير سائغ، ويكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه، دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.