الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

الطعن 3294 لسنة 67 ق جلسة 27 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 50 ص 317

برئاسة السيد القاضى / محمد ممتاز متولـى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / طارق سيد عبد الباقى ، سمير عبد المنعم أبو العيلة ، أحمد برغــش نواب رئيس المحكمة وحاتم عبد الوهاب حمودة .
-------------
(1) معاهدات " معاهدة الطيران المدنى الدولى " .
التحقيق بمعرفة سلطات الطيران المدنى فى البلدان المنضمة لمعاهدة الطيران المدنى الدولى الموقعة فى شيكاغو الموافق عليها بق 15 لسنة 1947 . غايته . تفادى وقوع حوادث الطيران مستقـبلاً . عدم حيلولة تحقيق سلطات الطيران للحوادث لإثبات المسئولية عنها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة للمسئولية التقصيرية والتعويض عنها : علاقة السببية بين الخطأ والضرر " .
محكمة الموضوع . سلطتها فى استخلاص الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بينه والضرر . شرطه . أن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر الدعوى .
(3) تأمينات اجتماعية " إصابات العمل : التعويض عن إصابات العمل : الجمع بين الحق فى التعويض قبل هيئة التأمينات الاجتماعية والحق فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار" .
حق العامل أو ورثته فى التعويض عن إصابة العمل قبل هيئة التأمينات الاجتماعية والمعاشات مقابل ما تستأديه تلك الهيئة من اشتراكات تأمينية . للعامل الحق فى التعويض عن الفعل الضار بسبب خطأ المسئول عنه . جواز الجمع بين الحقين .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة " .
محكمة الموضوع . سلطتها فهم الواقع فى الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها للأخذ بما تطمئن إليه وطرح ما عداه .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات : فى تقدير عمل الخبير " .
تقرير الخبير . من عناصر الإثبات الواقعية . خضوعه لتقدير محكمة الموضـوع . أخذها به محمولاً على أسبابه . مؤداه . عدم التزامها بالرد على تقرير الخبير الاستشارى أو المستندات المخالفة لما أخذت به . شرطه . اقتناعها بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التى بنى عليها . علة ذلك .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها : سلطتها فى إعادة الدعوى للمرافعة " .
تقدير طلب إعادة الدعوى للمرافعة . من سلطة محكمة الموضوع . شرطه . تمكينها الخصوم من إبداء دفاعهم ومراعاة القواعد الأساسية لحق التقاضى . التفاتها عن ذلك الطلب أو إغفالها إياه . مؤداه . رفضه ضمنياً .
(7) تأمينات اجتماعية " إصابات العمل : التعويض عن إصابات العمل : الجمع بين الحق فى التعويض قبل هيئة التأمينات الاجتماعية والحق فى التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار " .
انتهاء الحكم المطعون فيه لثبوت خطأ الطاعن بصفته وإهماله فى صيانة الطائرة أداة الحادث استناداً إلى تقرير الفحص الفنى بوجود شروخ بالجزء الذى أدى للخلل المترتب عليه سقوطها على نحو ظاهر للفنيين المختصين بصيانة الطائرة بما كان يستوجب منعهم إياها من الإقلاع قبل إصلاح العطب المتوقع حدوثه مرتباً على ذلك قضاءه بالتعويض باستخلاص سائغ متضمن الرد المسقط للتقرير الفنى الاستشارى المخالف له . تقاضي المطعون ضدهم حقوقهم التأمينية من الهيئة المختصة . لا أثر له لجواز الجمع بين الحقين بنشوء الإصابة عن خطأ الطاعن . إعراض الحكم عن طلب إعادة الدعوى للمرافعة بعد تمكين الطاعن من إبداء دفاعه وحجزها للحكم . صحيح .
(8 ، 9) قوة الأمر المقضى " الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق " . حكم " حجية الأحكام : حجية الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق " .
(8) الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق . عدم اكتسابها أية حجية أمام القضاء المدنى . علة ذلك . فصلها فى مدى توفر الظروف التى تجعل الدعوى صالحة لإحالتها للمحكمة دون الفصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة . مؤداه . للقاضى المدني القضاء بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها للمتهم على خلاف قرار سلطة التحقيق .
(9) قرار النيابة العامة بحفظ المحضر المتعلق بالحادث المطالب بالتعويض عنه . عدم اكتسابه حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية . قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية الطاعن بصفته عن التعويض . صحيح . النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون لمخالفته حجية قرار النيابة العامة بحفظ الأوراق . على غير أساس .
(10) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب الجديدة " .
الدفاع الذى لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع . عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض .
(11 ، 12) نقض " أسباب الطعن بالنقض : السبب المجهل " .
(11) صحيفة الطعن بالنقض . وجوب اشتمالها على الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً . م 253 مرافعات . وجوب تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها نافياً عنها الغموض والجهالة . تخلف ذلك . أثره . عدم قبول النعى .
(12) عدم بيان الطاعن دلالة المستندات المقدمة منه لمحكمة الاستئناف ومواطن العيب اللاحقة بالحكم المطعون فيه لإغفاله الإشارة إليها وأثرها فى قضائه ووقوفه عند حد طلبه التصريح بترجمتها إلى اللغة العربية دون بيانه ثمة مطعن على الحكم . نعى مجهل . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لئن كان البين من معاهدة الطيران المدنى الدولى الموقعة فى شيكاغو فى 7 ديسمبر سنة 1944 والتى صدر القانون رقم 15 لسنة 1947 بالموافقة عليها باعتبارها قانوناً مــن قوانين الدولة أن الغرض من التحقيق الذى يجرى بمعرفة سلطات الطيران المدنى فى البلدان المنضمة إليها تفادى وقوع الحوادث مستقبلاً . بيد أنه لم يرد بها ما يفيد منع سلطات الطيران المدنى فى هذه البلدان من تحقيق الحوادث بما يؤدى إلى إثبات المسئولية عنها .
2- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن استخلاص وقوع الفعل المُكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر الدعوى .
3- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمين والمعاشات للعامل أو ورثته بسبب إصابات العمل إنما هو مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية . بينما يتقاضى حقه فى التعويض عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذى يرتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين .
4- إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .
5- إن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية فى الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التى بنى عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشارى أو المستندات المخالفة لما أخذت به لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمنى المسقط لما يخالفها .
6- إن إعادة الدعوى للمرافعة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد منه متى كانت قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، فإن هى التفتت عنه أو أغفلت الإشارة إليه كان ذلك بمثابة رفض ضمنى له .
7- إذ كان الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع فى الدعوى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وإهماله فى صيانة الطائرة - أداة الحادث - على النحو الوارد بتقرير الفحص الفنى للطائرة والذى أفاد بأن الشروخ الممتدة فى الجزء الذى أدى إلى الخلل المترتب عليه سقوطها كانت على نحو ظاهر بحيث يسهل على الفنيين المختصين بصيانة الطائرة تداركه لكونه ظاهراً لهم بما كان يستوجب منعهم لتلك الطائرة من الإقلاع قبل إصلاح هذا العطب المتوقع حدوثه نظراً لتكراره فى حالات مماثلة لطائرات أخرى تابعة للشركة المصنعة للطـائرة - أداة الحادث - ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض وكان ما استخلصه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها بما يكفى لحمل قضائه وينطوى على الرد الضمنى المسقط للتقرير الفنى الاستشارى المخالف له ، فإنه لا يجدى الطاعن ما تذرع به من تقاضى ورثة المجنى عليهما حقوقهم التأمينية من الهيئة المختصة ، إذ إنه ليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين طالما نشأت الإصابة - وفاة مورثى المطعون ضدهم – عن خطأ من جانب الطاعن بصفته رتب مســــئوليته عن التعــويض ، ولا علـى المحكمة إن أعرضت عن طلب الطاعن بإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم بعد أن مكنته من إبداء دفاعه وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، ويكون النعى عليه بهذه الأسباب على غير أساس .
8- إن الحكم الجنائى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو الذى يقيد القضاء المدنى فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة فى الدعوى الجنائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق ، لأن هذه القرارات لا تفصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل فى توفر أو عدم توفر الظروف التى تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل فى موضوعها ، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدنى ويكون له أن يقضى بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق .
9- إذ كان قرار النيابة بحفظ المحضر المشار إليه لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وكان ما قرره الحكم فى صدد مسئوليـــة الطاعن بصفته عن التعويض صحيحاً فى القانون فإن النعى عليه بهذا السبب (النعى بالخطأ فى تطبيق القانون لمخالفته حجية قرار النيابة العامة بحفظ الأوراق) ، يكون على غيــر أساس .
10- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع .
11- إن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً ، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه ، وإلا كان النعى غير مقبول .
12- إذ كان الطاعن لم يبين دلالة المستندات المقدمة منه لمحكمة الاستئناف والمشار إليها بسبب النعى ولم يكشف عن مواطن العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه نتيجة إغفاله الإشارة إلى هذه المستندات وأثرها فى قضائه ، وإنما وقف عند حد القول بتقديمه هذه المستندات وطلب التصريح له بترجمتها إلى اللغة العربية ، وهو قول قاصر لا يبين منه ثمة مطعن على الحكم المطعون فيه ، ويضحى هذا النعى مجهلاً وغير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهما أولاً أقامتا الدعوى رقم ... لسنة 1995 مدنى كلى شمال القاهرة على الطاعن بصفته وآخر للحكم بإلزامه بأن يؤدى لهما مبلغ مليونى جنيه تعويضاً . وقالتا فى بيان ذلك إنه بتاريخ 6/7/1993 تسبب الطاعن بصفته بخطئه فى وفاة مورثهما إثر سقوط الطائرة قيادته وضبط عن الواقعة المحضر رقم .. لسنة 1993 إدارى إدكو ، ولما كان الحادث قد وقع من جراء إهمال الطاعن فى صيانة الطائرة أداة الحادث وحراستها ، وإذ لحقهما أضرار مادية وأدبية وموروثة يستحقون عنها التعويض المطالب به فقد أقامتا الدعوى . كما أقام المطعون ضدهم ثانياً الدعوى رقم .. لسنة 1995 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن للحكم بإلزامه بأن يؤدى لهم مبلغ مليون جنيه تعويضاً لما لحقهم من أضرار إثر تعرض الطائرة أداة الحادث بعطل أدى إلى سقوطها ووفاة مورثهم جراء خطأ الطاعن . ضمت المحكمة الدعويين وبتاريخ 25/7/1996 حكمت فى الدعوى رقم .. لسنة 1995 بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدى للمطعون ضدهما المبلغ المقضى به ، وفى الدعوى رقم .. لسنة 1999 بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدى للمطعون ضدهم المبلغ الذى قدرته . استأنف المطعون ضدهما أولاً هذا الحكـم بالاستئنافين رقمى .... ، .... لسنة 113ق القاهرة واستأنفه المطعون ضده الثالث " ثانياً " بالاستئناف رقم .... لسنة 113 ق القاهرة ، واستأنفته المطعون ضدهن الأولى والثانية والرابعة " ثانياً " بالاستئناف رقم .... لسنة 113 ق . كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم .... لسنة 113 ق القاهرة . ضمت المحكمة الاستئنافات ، وبتاريخ 7/5/1997 قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفضه . عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول من السبب الأول والشق الأول من الوجه الأول والوجه الثانى من السبب الثانى والسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تقرير مسئوليته عن الضرر الموجــب للتعويض استناداً إلى تقرير اللجنة الفنية التى شكلت لتحقيق الحادث والتى انتهت إلى إهماله فى صيانة جزء الطائرة الذى تحطم - صندوق التروس التجميعي - فى حين أنه لا يجوز إسناد المسئولية إليه بموجب هذا التقرير إعمالاً لأحكام اتفاقية شيكاغو للطيران المدنى والتى تعتبر قانوناً من قوانين الدولة بنص القانون رقم 15 لسنة 1947 ، ذلك أن المقصود - وفق الاتفاقية المشار إليها - من التحقيق الذى تجريه إحدى الدول المنضمة إليها لا يعدو أن يكون تبياناً لأسباب الحادث ووضع التوصيات اللازمة لمنع وقوعه لتأمين سلامة الطيران مستقبلاً ، وإذ تبين من تقرير الشركة صانعة الطائرة أن سبب الحادث خطأ فى تصنيع ذلك الجزء ، ودفع بعدم علمه بعطل صندوق التروس التجميعى الذي أدى إلى سقوط الطائرة وبأنه لا يدخل ضمن الأجزاء التى تجيز للهيئة العامة للطيران المدنى إصلاحها ، وطلب إعادة الدعوى للمرافعة لإثبات أن الحادث مرجعه إلى السبب الأجنبى ، كما تمسك بأن إصابة مورثى المطعون ضدهم والتى أودت بحياتهما تُعد إصابة عمل على نحو لا يصح معه الاستناد إلى أحكام المسئولية التقصيرية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وجرى فى قضائه على تقدير التعويض استناداً لتوفر أركان المســـئولية التقصـيرية فى حقـه ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أنه ولئن كان البين من معاهدة الطيران المدنى الدولى الموقعة فى شيكاغو فى 7 ديسمبر سنة 1944 والتى صدر القانون رقم 15 لسنة 1947 بالموافقة عليها باعتبارها قانوناً من قوانين الدولة أن الغرض من التحقيق الذى يجرى بمعرفة سلطات الطيران المدنى فى البلدان المنضمة إليها تفادى وقوع الحوادث مستقبلاً ، بيد أنه لم يرد بها ما يفيد منع سلطات الطيران المدنى فى هذه البلدان من تحقيق الحوادث بما يؤدى إلى إثبات المسئولية عنها ، وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص وقوع الفعل المُكون للخطأ الموجب للمسئولية واستخلاص السببية بين الخطأ والضرر هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر الدعوى ، كما أنه من المقرر أيضاً - فى قضاء هذه المحكمة - أن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمين والمعاشات للعامل أو ورثته بسبب إصابات العمل إنما هو مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية ، بينما يتقاضى حقه فى التعويض عن الفعل الضـار بسبب الخطأ الذى يرتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين ، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى والموازنة بين الأدلة المطروحة عليها لتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، وأن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية فى الدعوى يخضع لتقديرها ولها سلطة الأخذ بما انتهى إليه محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامة الأسس التى بنى عليها دون أن تكون ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشارى أو المستندات المخالفة لما أخذت به لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمنى المسقط لما يخالفها ، كما أن إعادة الدعوى للمرافعة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدر مدى الجد منه متى كانت قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، فإن هى التفتت عنه أو أغفلت الإشارة إليه كان ذلك بمثابة رفض ضمنى له . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع فى الدعوى إلى ثبوت خطأ الطاعن بصفته وإهماله فى صيانة الطائرة - أداة الحادث - على النحو الوارد بتقرير الفحص الفنى للطائرة والذى أفاد بأن الشروخ الممتدة فى الجزء الذى أدى إلى الخلل المترتب عليه سقوطها كانت على نحو ظاهر بحيث يسهل على الفنيين المختصين بصيانة الطائرة تداركه لكونه ظاهراً لهم بما كان يستوجب منعهم لتلك الطائرة من الإقلاع قبل إصلاح هذا العطب المتوقع حدوثه نظراً لتكراره فى حالات مماثلة لطائرات أخرى تابعة للشركة المصنعة للطائرة - أداة الحادث - ، ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض وكان ما استخلصه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها بما يكفى لحمل قضائه وينطوى على الرد الضمنى المسقط للتقرير الفنى الاستشارى المخالف له ، فإنه لا يجدى الطاعن ما تذرع به من تقاضى ورثة المجنى عليهما حقوقهم التأمينية من الهيئة المختصة إذ إنه ليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين طالما نشأت الإصابة - وفاة مورثى المطعون ضدهم - عن خطأ من جانب الطاعن بصفته رتب مسئوليته عن التعويض ، ولا على المحكمة إن أعرضت عن طلب الطاعن بإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم بعد أن مكنته من إبداء دفاعه وراعت القواعد الأساسية التى تكفل عدالة التقاضى ، ويكون النعى عليه بهذه الأسباب على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إنه لما كانت النيابة العامة قد أمرت بحفظ المحضر برقم .... لسنة 1993 إدارى إدكو وهو ما يُعد أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى تكون له ما للأحكام الجنائية من حجيه تقيد القاضى المدنى ، ومن ثم ينتفى ركن الخطأ الموجب لمسئوليته ، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعن بالتعويض استناداً إلى توفر الخطأ فى حقه ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن الحكم الجنائى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذى يقيد القضاء المدنى فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكـام الفاصلة فى الدعــــــوى الجنائية دون غـــــــيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق ، لأن هذه القرارات لا تفصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة وإنما تفصل فى توفر أو عدم توفر الظروف التى تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة المختصة للفصل فى موضوعها ، ومن ثم فلا تكتسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدنى ويكون له أن يقضى بتوفر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطة التحقيق . لما كان ذلك ، وكان قرار النيابة بحفظ المحضر المشار إليه لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وكان ما قرره الحكم فى صدد مسئولية الطاعن بصفته عن التعويض صحيحاً فى القانون ، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثانى من الوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن قضى بتعويض مادى للورثة عما لحقهم من أضرار مادية شخصية عاد وقضى بتعويض موروث عما لحق المضرور من أضرار شخصية قبل وفاته ومن ثم يكون قد قضى بالتعويض المادى مرتين ، وأن التعويض عن الضرر الأدبى شرع لأقارب المضرور ممن كان يعولهم دون غيرهم ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون ضدهم بالتعويض عن الضرر الأدبى دون التأكد مما إذا كان يحق لهم المطالبة به ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نفضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن - المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع ، وإذ كان الطاعن بصفته لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع الوارد بسبب النعى أمام محكمة الموضوع بدرجتيها فإن تمسكه به ولأول مرة أمام محكمة النقض - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون سبباً جديداً ، ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك يقول إنه تقدم لمحكمة الاستئناف بجلسة 7/4/1997 بمســتندات محـــررة باللغة الإنجليزية عـــــبارة عن تقرير فنى بالكشــف عن محركات الطائرة أداة الحادث وكذا المستندين 3 ، 4 وطلب التصريح له بترجمتها إلى اللغة العربية لاحتوائها على أدلة تؤيد دفاعه ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن طلبه ، بما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً ، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه وإلا كان النعى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يبين دلالة المستندات المقدمة منه لمحكمة الاستئناف والمشار إليها بسبب النعى ولم يكشف عن مواطن العيب الذى لحق الحكم المطعون فيه نتيجة إغفاله الإشارة إلى هذه المستندات وأثرها فى قضائه ، وإنما وقف عند حد القول بتقديمه هذه المستندات وطلب التصريح له بترجمتها إلى اللغة العربية وهو قول قاصر لا يبين منه ثمة مطعن على الحكم المطعون فيه ، ويضحى هذا النعى مجهلاً وغير مقبول .
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 2935 لسنة 67 ق جلسة 25 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 49 ص 312

برئاسة السيد القاضى الدكتور / سعيد فهيم خليل نائـب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حامد زكى ، صـلاح الجبالى نـائبى رئيس المحكمة حازم المهندس وبدوى إدريـس .
-------------
 (1) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب المتعلقة بالنظام العام " .
الأسباب المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض وللنيابة والخصوم إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن . شرطه . توفر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم . م 253 مرافعات .
(2) دستور" عدم الدستورية : أثر الحكم بعدم الدستورية " .
الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة . أثره . عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية . انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره ولو كانت الدعوى منظورة أمام محكمة النقض . تعلق ذلك بالنظام العام . للمحكمة إعماله من تلقاء نفسها . علة ذلك.
(3 ، 4) تقادم " التقادم المكسب للملكية : اكتساب ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العينى بالتقادم " . دستور" عدم الدستورية : أثر الحكم بعدم الدستورية " .
(3) قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 37 من قانون السجل العينى من حظر التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل وبسقوط نص المادة 38 من هذا القانون . مؤداه . جواز اكتساب ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العينى أو أى حق عينى أصلى آخر عليها بالتقادم ولو كانت مقيدة فيـه باسم شخص آخر . شرطه . توفر الشرائط القانونية لوضع يده المكسب للملكية . صيرورة حقه فى رفع الدعوى بذلك أو التمسك به إذا رفعت الدعوى عليه أو الإقرار بتلك الحقوق طليقاً من قيد المواعيد المنصوص عليها بالمادة 38 سالفة الذكر .
(4) قضاء الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن بتثبيت ملكيته لأطيان النزاع بالتقادم الطويل لرفعها بعد مضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ بدء سريان نظام السجل العينى بالقسم المساحى الكائنة به إعمالاً لنص المادتين 37 ، 38 من ق 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى رغم القضاء بعدم دستورية أولاهما وبسقوط نص الثانية وزوال الأساس القانونى الذى أقيم عليه الحكـم . خطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه لمحكمة النقض من تلقاء نفسها ولكل من الخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم .
2- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفــاذه ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص فى القانون يصبح ملزماً من اليوم التالى لتاريخ نشره فلا يجوز تطبيق النص من هذا التاريخ على أية دعوى ولو كانت منظورة أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها .
3- إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 6/6/1998 فى القضية 42 سنة 17 ق دستورية والمنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 35 تابع بتاريخ 18/6/1998 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 37 من قانون السجـــل العينى الصادر بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى من حظر التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل وبسقوط نص المادة 38 من هذا القانون ، مما مؤداه جواز اكتساب الغير واضع اليد ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العينى - أو أى حق عينى أصلي آخر عليها - بالتقادم ، ولو كانت مقيدة فى السجل باسم شخص آخر ، متى توفرت لهذا الغير الشرائط القانونية لوضع اليد المكسب للملكية طبقاً لأحكام القانون المدنى ، وصيرورة حقه فى رفع الدعوى بتثبيت هذه الملكية ، أو بالإقرار بتلك الحقوق العينية ، أو حقه فى التمسك بذلك إذا رفعت الدعوى عليه طليقاً من قيد المواعيد ، بعد سقوط نص المادة 38 التى كانت تقضى استثناء من أحكام المادة 37 المحكوم بعدم دستوريتها بقبول قيد الحقوق استناداً إلى وضع اليد المكسب للملكية ، إذا ما رفعت تلك الدعوى أو صدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها فى القرار الوزارى المشار إليه فى المادة الثانية من قانون الإصدار ، وهى المدة التى بانتهائها يبدأ سريان قانون السجل العينى على القسم المساحى الكائن بدائرته العقـار .
4- إذ قضى الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن بتثبيت ملكيته لأطيان النزاع بالتقادم الطويل لرفعها بعد مضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ بدء سريان السجل العينى بالقسم المساحى الكائن به هذه الأطيان إعمالاً لنص المادتين 37/2 ، 38 سالفتى البيان المقضى بعدم دستورية نص أولاهما وبسقوط نص الثانية - على نحو ما سلف بيانه - ، فإن مؤدى ذلك زوال الأساس القانونى الذى أقيم عليه الحكم ، مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون لهذا السبب المتعلق بالنظام العام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى .. لسنة 1994 مدنى محكمة مركز سوهاج الجزئية والتى آل قيدها برقم .. لسنة 1995 مدنى محكمة سوهاج الابتدائية بعد إحالتها إليها بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للأرض الزراعية المبينة بالصحيفة مع تغيير البيانات والتأشير بذلك فى السجل العينى تأسيساً على أنه قد تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم قبول الدعوى ، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف .. سنة 71 ق أسيوط " مأمورية سوهاج " ، وبتاريخ 24/4/1997 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، وعُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه لمحكمة النقض من تلقاء نفسها ولكل من الخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقه بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توفرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم ، وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذه ، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص فى القانون يصبح ملزماً من اليوم التالى لتاريخ نشره ، فلا يجوز تطبيق النص من هذا التاريخ على أية دعوى ولو كانت منظورة أمام محكمة النقض وهو أمـر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها . لما كـان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 6/6/1998 فى القضية 42 لسـنة 17 ق دستورية والمنشور فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم 35 تابع بتاريخ 18/6/1998 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 37 من قانون السجل العينى الصادر بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى من حظر التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل وبسقوط نص المادة 38 من هذا القانون ، مما مؤداه جواز اكتساب الغير واضع اليد ملكية العقارات الخاضعة لنظام السجل العينى ، أو أى حق عينى أصلى آخر عليها بالتقادم ، ولو كانت مقيدة فى السجل باسم شخص آخر ، متى توفرت لهذا الغير الشرائط القانونية لوضع اليد المكسب للملكية طبقاً لأحكام القانون المدنى ، وصيرورة حقه فى دفع الدعوى بتثبيت هذه الملكية ، أو بالإقرار بتلك الحقوق العينية ، أو حقه فى التمسك بذلك إذا رفعت الدعوى عليه ، طليقاً من قيد المواعيد ، بعد سقوط نص المادة 38 التى كانت تقضى استثناء من أحكام المادة 37 المحكوم بعدم دستوريتها بقبول قيد الحقوق استناداً إلى وضع اليد المكسب للملكية ، إذا ما رفعت تلك الدعوى أو صدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها فى القرار الوزارى المشار إليه فى المادة الثانية من قانون الإصدار ، وهى المدة التى بإنتهائها يبدأ سريان قانون السجل العينى على القسم المساحى الكائن بدائرته العقار وإذ قضى الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن بتثبيت ملكيته لأطيان النزاع بالتقادم الطويل لرفعها بعد مضى أكثر من خمس سنوات من تاريخ بدء سريان السجل العينى بالقسم المساحى الكائن به هذه الأطيان إعمالاً لنص المادتين 37/2 ، 38 سالفتى البيان المقضى بعدم دستورية نص أولاهما وبسقوط نص الثانية - على نحو ما سلف بيانه - ، فإن مؤدى ذلك زوال الأساس القانونى الذى أقيم عليه الحكم ، مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون ويوجب نقضه لهذا السبب المتعلق بالنظام العام دون حاجه لبحث أسباب الطعن ، وإذ حجب ذلك القضاء الحكم عن بحث دعوى الطاعن ، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 998 لسنة 74 ق جلسة 23 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 48 ص 308

برئاسة السيد القاضـــى / مصطفى عزب نائـب رئيس المحكمـة وعضوية السـادة القضاة / صلاح سعـداوى ، عبدالعزيز الطنطاوى ، محمود طنطاوى نواب رئيـس المحكمـة ومحمد النعناعى .
----------
(1 ، 2) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للتحكيم " .
(1) فهم نصوص شرط التحكيم والتعرف على ما قُصد منه . من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها فى ذلك . شرطه .
(2) التحصيل السائغ لعبارات شرط التحكيم ومستندات الدعوى الكافى لحمل قضاء الحكم . المجادلة فيه . موضوعية لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم نصوص شرط التحكيم والتعرف على ما قصد منه ، دون التقيد بألفاظه ، بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية فى ذلك بوقائع الدعوى ، وما أثبت فيها ولا رقابة عليها فى ذلك ، ما دامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التى دعتها إلى الأخذ بما لديها والعدول عما سواه .
2- إذ كان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص إلى أن طلب التحكيم مقدم فى الميعاد المقرر ، وأن ما تناوله حكم التحكيم وفصل فيه هو ما اتفق الطرفان على إخضاعه لولاية هيئة التحكيم ، وعول فى ذلك على ما حصله من عبارات شرط التحكيم والمستندات المرددة فى الدعوى ورتب عليه رفض طلب بطلان حكم التحكيم ، وكان هذا الذى خلص إليه سائغاً ، ويتفق مع الثابت فـى الأوراق ، ومع التطبيق الصحيح للقانون ، ويكفى لحمل قضائه ، فإن ما تنعاه عليه الطاعنة بسببى الطعن يكون فى حقيقته جدلاً موضوعياً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .     
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم .... لسنة 120 ق أمام محكمة استئناف القاهرة ضد الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم " بصفة مستعجلة " بوقف تنفيذ حكم التحكيم رقم .... الصادر من غرفة التجارة الدولية بباريس بتاريخ 18 أغسطس 2003 وفى الموضوع ببطلانه ، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب عقدى المقاولة المؤرخين 17 فبراير ، 28 يونيه 2000 أسندت إلى المطعون ضدها من الباطن أعمال شدادات تثبيـت الستائـر المعدنيـة الخاصـة بمشـروع محطـة توليـد الطاقـة المائية باللاهون محافظة الفيوم وتم تنفيذها ، ولم يتبق منها سوى 48 شداداً تعذر تنفيذها بسبب وجود كوبرى اقتضى توقف العمل حتى 30 يونيه 2001 ، وقد فوجئت بأن المطعون ضدها تطالبها بدون وجه حق بتكاليف استبقاء المعدات والعمالة بالموقع طيلة فترة التوقف ، ولما رفضت طلبها لجأت إلى التحكيم على سند من المادة 17 من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين ابتغاء الحكم لها بذلك الطلب وبطلبات آخرى رغم سقوط حقها فى الطلب الأول ، ورغم عرض باقى الطلبات على التحكيم قبل الآوان ، وإذ خالف حكم التحكيم ذلك وألزمها بالمبالغ المقضى بها بما يصمه بالبطلان ، فقد أقامت الدعوى ، وبتاريخ 26 مايو 2004 قضت المحكمة برفض الدعوى . طعنت الطاعنة على هذا الحكـم بطريق النقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب ، إذ احتسب ميعاد الثلاثين يوماً المقررة للجوء إلى التحكـــــيم من 9/10/2001 ، واعتبر أن التحكيم - وقد أُقيم فى 8/11/2001 - تم فى الميعاد المنصوص عليه بالمادة 17 من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين ، فى حين أن الحساب الصحيح للميعاد وفقاً للفقرة ( أ ) من هذه المادة يبدأ من تاريخ خطاب المطعون ضدها المؤرخ 20/8/2001 ولمدة ثلاثين يوماً ، يعقبها الثلاثون يوماً الأخرى المقررة لطلب اللجوء إلى التحكيم والتى تنتهى فى 20/10/2001 ، وإذ قـدم طلـب التحكيم فى 8/11/2001 فإنه يكون مرفوعاً بعد الميعاد بما يبطل حكم التحكيم ، كما أنها استندت فى دعواها على سبب أخر يقوم على أن حكم التحكيم فصل فى مسألة استبقاء المعدات والعمالة بموقع العمل مع أن طلب التحكيم بشأن إتاحة الموقع المذكور للعمل ، وقـد اعتبـر الحكـم المطعون فيه أن هذا السبب لا يبطـل حكـم التحكيـم لأنـه يتعلـق بقضـائه فـى موضوع النزاع وسلطته فى فهم شروط العقد وحكم القانون ، فى حين أن فصل المحكم فى مسألة لا يشملها اتفاق التحكيم ، وبالمخالفة للإجراءات المنصوص عليها بالمادة (17) آنفة الذكر يعد سبباً صحيحاً لدعوى البطلان ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم نصوص شرط التحكيم والتعرف على ما قصد منه ، دون التقيد بألفاظه ، بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية فى ذلك بوقائع الدعوى ، وما أثبت فيها ولا رقابة عليها فى ذلك ، ما دامت قد بينت الاعتبارات المقبولة التى دعتها إلى الأخذ بما لديها والعدول عما سواه . لما كان ذلك ، وكان البين من تقريرات الحكم المطعـون فيه أنه قد خلص إلى أن طلب التحكيم مقدم فى الميعاد المقرر ، وأن ما تناوله حكم التحكيم وفصل فيه هو ما اتفق الطرفان على إخضاعه لولاية هيئة التحكيم ، وعول فى ذلك على ما حصله من عبارات شرط التحكيم والمستندات المرددة فى الدعوى ورتب عليه رفض طلب بطلان حكم التحكيم ، وكان هذا الذى خلص إليه سائغاً ، ويتفق مع الثابت فى الأوراق ، ومع التطبيق الصحيح للقانون ، ويكفى لحمل قضائه ، فإن ما تنعاه عليه الطاعنة بسببى الطعن يكون فى حقيقته جدلاً موضوعياً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويضحى على غير أساس .
وحيث إنه ، ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 196 لسنة 74 ق جلسة 23 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 47 ص 288

جلسة 23 من فبراير سنة 2010
برئاسة السيد القاضي / مصطفى عزب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح سعداوي ، عبد العزيز الطنطاوي ، محمود طنطاوي نواب رئيس المحكمة ومحمد النعناعي.
-----------
(47)
الطعن 196 لسنة 74 ق
(1 ، 2) دستور " عدم الدستورية : الدفع بعدم الدستورية " .
(1) تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية . من سلطة محكمة الموضوع . المادتان 25 ، 29 ق 48 لسنة 1979 . شرطه . إقامة قضاءها على أسباب سائغة .
(2) انتهاء الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة لرفض الدفع بعدم دستورية م 45 /2 ق 27 لسنة 1994 . المجادلة فى ذلك لا تجوز أمام محكمة النقض .
(3 - 5) تحكيم " هيئة التحكيم " " إجراءات التحكيم " .
(3) اتفاق طرفي التحكيم على تطبيق قواعد اليونسترال. مفاده . اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها. ماهية هذه الدفوع . م21/ 1 من القواعد آنفة البيان .
(4) مخالفة إجراءات التحكيم لشرط اتفاق التحكيم أو لأحكام ق27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته. عدم الاعتراض عليها في الميعاد المتفق عليـه أو في وقت معقول . أثره . النزول على الحق في الاعتراض .
(5) الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع . تفصل فيها هيئة التحكيم . قضاؤها بالرفــض . مقتضاه . عدم جواز التمسك بها إلا بطريق دعوى بطلان حكم التحكيم .
(6) وكالة " انعقاد الوكالة : سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لثبوت الوكالة أو نفيها " .
علاقة الخصوم بوكلائهم . عدم جواز تصدي المحكمة لها . شرطه . عدم إنكارها .
(7 - 17) تحكيم " اتفاق التحكيم : ماهية الاتفاق على التحكيم " " أثر الاتفاق على التحكيم " " هيئة التحكيم " " بطلان حكم التحكيم : أسباب بطلان حكم التحكيم " " دفوع البطلان التى لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض " " دفوع البطلان التى لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة البطلان " . حكم " حجية الأحكام : أحكام لا تحوز الحجية " " عيوب التدليل : القصور " .
(7) بطلان حكم التحكيم المؤسس على بطلان اتفاق التحكيم . بطلان نسبى . مؤداه . وجوب التمسك به أمام هيئة التحكيم المختصة . عدم جواز تصدى المحكمة لعلاقة الخصوم بوكلائهم . شرطه . عدم إنكار صاحب الشأن علاقته بوكيله .
(8) التحكيم . ماهيته . طريق استثنائى لفض المنازعات .
(9) اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى النزاع المعروض عليهـــا . استثناء . مقتضاه . سلب ولاية القضاء . أساسه . القانون .
(10) التنظيم القانونى للتحكيم . مناط قيامه .
(11) إرادة المتعاقدين . توجد التحكيم وتحدد نطاقه .
(12) إنهاء خصومة التحكيم أو إعادة فتح باب المرافعة فيها . حق أصيل لهيئة التحكيم تُعمله من تلقاء نفسها . ضوابط هذا الحق . المادتان 1 ، 29 من قواعد اليونسترال ونظام التحكيم لمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى .
(13) حكم الإثبات . عدم اكتسابه قوة الأمر المقضى طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها . عدول المحكمة عما أمرت به من إجـراءات الإثبـات . جائز . عدم بيانها أسباب هذا العدول أو أخذها بنتيجة إجراء الإثبات الذى تنفذ . لا خطأ . علة ذلك . م 9 إثبات .
(14) مسائل الإثبات طبقاً لقواعد اليونسترال . خضوعها لتقدير هيئة التحكيم . م 25/6 من هذه القواعد .
(15) بطلان إجراءات الخصومة التحكيمية . عدم التمسك به أمـام محكمة الاستئناف . مؤداه . عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض .
(16) إغفال الحكم الرد على دفاع غير منتج . لا يعيبه بالقصور .
(17) التفات الحكم المطعون فيه عن تحقيق دفاع الطاعنين ببطلان شرط التحكيم . صحيح . علة ذلك . عدم التمسك به أمام هيئة التحكيم . المادتان 21 ، 30 من قواعد اليونسترال .
(18) قوة الأمر المقضي : أثر اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي " .
الحكم النهائي . يمنع العودة إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها . علة ذلك .
(19) نقض " نظر الطعن أمام محكمة النقض " .
مواضع نعي الطاعن الجائزة قانوناً على الحكم المطعون فيه التي يوردها في صحيفة طعنه . هي ما يقتصر طرحه على محكمة النقض . علة ذلك .
(20) نقض" أسباب الطعن بالنقض : الأسباب غير المقبولة " .
قبول الطاعنين الحكم برفض طلبهما رد رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه . معاودتهما أمام محكمة النقض مناقشة مدى صلاحيته لنظر دعوى بطلان حكم التحكيم محل الحكم المطعون فيه . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص فى المادتين 25 ، 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع لم يوجب على المحكمة التى يثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون فى دعوى مطروحة عليها وقف السير فيها إذا هى ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل فى موضـوع تلك الدعوى ، وكان تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية متروكاً لمطلق تقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضــاءها على أسباب سائغة .
2- إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 فيما تضمنه من حق أى من طرفى التحكيم فى حالة عدم صدور حكم خلال الميعاد المنصوص عليه أن يستصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافى أو بإنهاء إجراءات التحكيم وذلك على سند من عدم جدية ذلك الدفع إعمالاً لدور القضاء فى الرقابة على إجراءات التحكيم ، وعلى ما خلص إليه من أن طرفى النزاع قد اتفقا على إخضاع إجـراءات التحكـيم بينهم لقواعـد اليونسترال المعمول بها فى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى والتى سكتت عن النص على ميعاد لإصدار حكم التحكيم تاركة ذلك لاتفاق الأطراف فى كل حالة طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة وعدم تحديد مهلة لإصدار حكم فإن لم يتفقوا على تحديد ميعاد ما فإنهم بذلك يكونون قد فوضوا هيئة التحكيم فى تحديد الميعاد الذى تراه مناسباً ، ومن ثم فلا محل لإعمال المادة 45 من قانون التحكيم ، وأن المشرع رغبة منه فى معاونة أطراف اتفاق التحكيم على إنجاحه وتحقيق مرماه أعطى لرئيس المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من قانون التحكيم سلطة إصدار الأمر بتحديد ميعاد إضافى لإصدار حكم التحكيم لمن رأى لذلك مبرراً وذلك عن طريق تمكين هيئة التحكيم من الوصول إلى حكم فاصل فى النزاع فى وقت معقول ، وأن دور قضاء الدولة فى خصوص ميعاد التحكيم طبقاً لنص المادة 45 من قانون التحكيم يدخل في نطاق وظيفته فى إجراءات التحكيم وحسن سير الدعوى التحكيمية وهي أسباب سائغة وفيها الرد الكافي على الدفع بعدم الدستورية على سند من عدم جديته ويضحى النعى فى حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجـوز إثارتـه أمـام محكمة النقض .
3- المقرر عملاً بالمادة 21 /1 من قواعد اليونسترال المتفق على تطبيقها بين الطرفين على أن " هيئة التحكيم هى صاحبة الاختصاص فى الفصل فى الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها ، وتدخل فى ذلك الدفوع المتعلقة بوجود شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل على التحكيم أو بصحة هذا الشرط أو هذا الاتفاق " .
4- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا استمر أحد طرفى النزاع فى إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط فى اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 مما يجـوز الاتفاق على مخالفته ولم يقـدم اعتراضاً على هذه المخالفة فى الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق ، اعتبر ذلك نزولاً منه على حقه فى الاعتراض .
5- المقرر أن هيئة التحكيم تفصل فى الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع ، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك بها إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهى للخصومـة كلها .
6- المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالته لوكيله .
7- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعنين ببطلان حكم التحكيم على سند من عدم تمسكهما بذلك الدفع أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فى الدفوع الخاصة ببطلان اتفاق التحكيم ، وأنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالته لوكيله ، وكان ما أورده الحكم يتفق وصحيح القانون خاصة وأن ذلك البطلان نسبى مقرر لمصلحة المطعون ضدها ، فإن النعى عليه يكون على غير أساس .
8- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن التحكيم هو طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات .
9- المقرر أن اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى النزاع المعروض عليها يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء .
10- المقرر أن التنظيم القانونى للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية .
11- المقرر أن إرادة المتعاقدين هى التى توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التى يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها .
12- إذ كان النص فى المادة الأولى من قواعد اليونسترال يدل على أنه إذا اتفق طرفا عقد كتابة على إحالة المنازعات المتعلقة بهذا العقد إلى التحكيم وفقاً لنظام التحكيم لمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى وجب عندئذ تسوية هذه المنازعات وفقاً لهذا النظام مع مراعاة التعديلات التى قد يتفق عليها الطرفان كتابة ، والنص فى المادة 29 من ذات القواعد يدل على أن لهيئة التحكيم أن تستفسر من الطرفين عما إذا كان لديهما أدلة أخرى لتقديمها أو شهود آخرين لسماعهم أو أقوال أخرى للإدلاء بها ، فإذا كان الجواب بالنفى ، جاز لهيئة التحكيم أن تعلن إنهاء المرافعة ، ولهيئة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب احد الطرفين إعادة فتح باب المرافعة فى أى وقت قبل صدور قرار التحكيم إذا رأت ضرورة ذلك نظراً لوجود ظروف استثنائية ، مؤداه أن قرار إنهاء خصومة التحكيم أو إعادة فتح باب المرافعة فيها هو حق أصيل بيد هيئة التحكيم تعمله من تلقاء نفسها وفقاً لظروف النزاع واكتمال أدلة الخصومة ومستنداتها سيما وقد خلا نص المادة 29 المذكور من تحديد ميعاد أو مدة معينة لإنهاء خصومة التحكيم ولا يكفى للادعاء بعدول طرفى التحكيم وهيئة التحكيم ذاتها عن اتفاقهم بإخضـاع النـزاع لقواعـد مركـز القاهـرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى ما ساقه الطاعنان بما هو ثابت من محاضر جلسات الدعوى التحكيمية بتحديد الهيئة الجلسة الأولى ميعادا البدء التحكـــيم ، وما قامت به هيئة التحكيم بتشكيلها الأخير بمد مدة التحكيم ستة أشهر بدء من 5 نوفمبر 2001 وما قدمه وكيل الشركة المطعون ضدها بطلب لهيئة التحكيم بجعل مدة تنحى المحكم المسمى عنها والمحكم المرجح وقفاً للخصومة غير محتسب من مدة التحكيم وما تمسك به وكيل الطاعنين من سقوط التحكيم بانتهاء مدتيه الأصلية والإضافية إذ ليس من كل ما تقدم ما يتعارض مع نصوص الاتفاقية طالما لم يتفق الطرفان صراحة على استبعادها أو باتخاذ موقف لا يدع مجالاً للشك على استبعاد تطبيق أحكام الاتفاق ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى برفض الدفع بسقوط اتفاق التحكيم على سند من أن طرفى التحكيم قد أقرا بجلسة 18 أكتوبر 2000 على تطبيق قواعد اليونسترال بما مفاده تفويض هيئة التحكيم فى تحديد ميعاد إصدار الحكم وفقاً لتقديرها ، فيه الرد السائغ على الدفع ، لا ينال منه ما استطرد إليه تزيداً من استصدار هيئة التحكيم لأمر إضافى لإصدار الحكم من رئيس محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 21 مايو 2002 لمدة ستة أشهر تبدأ من 4 مايو 2002 وصدور الحكم خلال تلك المدة لا يغير من النتيجة الصحيحة التى خلص إليها ، ويضحى النعى على غير أساس .
13- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضى طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فى موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه ، والمشرع وإن تطلب فى نص المادة التاسعة من قانون الإثبات بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات فى محضر الجلسة ، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذى تنفذ فى أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزءاً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص فى هذا الشأن تنظيمياً .
14- المقرر قانوناً طبقاً للمادة 25/6 من قواعد اليونسترال أن هيئة التحكيم هى التى تقرر قبول الأدلة المقدمة أو رفضها ، ووجود صلة بينها وبين موضوع النزاع أو انتفاء هذه الصلة ، وأهمية الدليل المقدم ، ومن ثم فإن وسائل الإثبات ومنها ندب الخبراء هى من المسائل التى تخضع لتقدير هيئة التحكيم وصولاً لوجه الحق فى الدعوى شأنها شأن المحاكم ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين على سند من أن هيئة التحكيم هى الخبير الأعلى وأنها أفصحت عن سبب عدولها عن حكم ندب الخبير بالاكتفاء بما قدم فى الدعوى .
15- إذ كان الطاعنين لم يتمسكا ببطلان إجراءات الخصومة لعدم إصدار هيئة التحكيم قراراً بإعادة الدعوى للمرافعة أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز لهما التحدى به أمـام محكمة النقض .
16- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم الرد على دفاع غير منتج فى الدعوى لا يعيبه بالقصور ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص غير مقبول .
17- إذ كان طلب الطاعنين التصريح لهما باستخراج صور رسمية من محاضر إيداع التوكيـلات أرقام .... ، .... لسنة .... ، .... لسنة .... عام توثيق الجيزة النموذجى قد أبداه الطاعنان تأييداً لدفاعهما ببطلان شرط التحكيم الوارد فى العقد لعدم وجود تفويض خاص للسيد .... فى إبرامه وهو دفاع خلت الأوراق مما يفيد تمسك الطاعنين به أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فيه عملاً بالمادتين 21 ، 30 من قواعد اليونسترال المعمول بها فى مركز القاهرة الإقليمى التجارى الدولى ، ومن ثم فإن الطلب المذكور يكون غير منتج ، ومن ثم غير مقبول ، ولا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد عليه .
18- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه متى صدر حكم نهائى بين الخصوم فإنه يكون حائزاً لقوة الأمر المقضى فى خصوص ما انتهى إليه ومانعاً لأى منهم فى العودة إلى مناقشة المسألة التى فصل فيها الحكم السابق .
19- المقرر أن الطعن بالنقض لا ينقل الدعوى إلى محكمة النقض بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المطعون فيه ويطرح عليها الخصومة بكل عناصرها - كما هو الشأن فى الاستئناف - وإنما يقتصر ما يطرح على هذه المحكمة على المواضع التى ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه وفى حدود الأسباب التى يوردها فى صحيفة طعنه وفى نطاق ما يجيز القانون إثارته أمام محكمة النقض من ذلك .
20- إذ كان الطاعنان قد أقاما طلب الرد رقم ... لسنة 120 ق ضد السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه على سند من أنه سبق وأصدر أمراً بمد ميعاد التحكيم الإضافى وآخر برفض طلب الطاعنين بإنهاء التحكيم ، بما كان يتعين عليه أن يتنحى عن نظر دعوى البطلان ، وحصول مشـــــادة بينـه وبين الحاضر عنهما وقضـت الدائـرة ... بمحكمـة استئنـاف القاهرة بتاريخ 29 أبريل 2003 برفض طلب الرد وتغريم الطاعنين ألفى جنيه تأسيساً على أن الأمرين سالفى الذكر قد صدرا وفقاً للمادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وأن إصدار هذين الأمرين لا يعد من الأعمال الواردة فى الفقرة الخامسة من المادة 146 من قانون المرافعات ، لأن ذلك كان أمراً إجرائياً بعيداً عن موضوع الدعوى ولا تكشف اقتناعاً برأى معين فى دعوى التحكيم مما يكون معه ذهنه خالياً عـن موضوعها ، ولما كان الطاعنان قد قبلا ذلك الحكم وارتضياه ولم يطعنا عليه بالنقض فى حينه فصار حائزاً لقوة الأمر المقضى بما لا يجوز معه للطاعنين معاودة مناقشة تلك المسألة فى خصوص صلاحية السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لنظر دعوى البطلان ، ويضحى نعيهما غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت ضد الطاعنين الدعوى رقم .... لسنة 2000 تحكيم أمام مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ 517835 جنيهاً قيمة باقى الثمن الذى لم يتم تسديده وقيمة خطاب الضمان الذى تم تسييله والفوائد القانونية اعتباراً من طلب التحكيم وحتى تمام السداد بالإضافة على مبلغ 100 مائة ألف جنيه تعويضاً عما لحق بالشركة من أضرار مادية وأدبية من جراء تسييل خطاب الضمان ، وبتاريخ 18 أكتوبر 2000 اتفق الطرفان على أن تبدأ مدة التحكيم من تاريخه وتطبيق القواعد النافذة فى مركز التحكيم على الإجراءات - بعد استبدال رئيس هيئة التحكيم والمحكم المسمى من الشركة المحتكمة - وقررت الهيئة بتشكيلها الجديد مد مدة التحكيم مده ستة أشهر تبدأ من 5 نوفمبر 2001 بموافقة الطرفين . انتدبت الهيئة خبيراً لم يودع تقريره حتى تاريخ حجز الدعوى للحكم والتفتت الهيئة عن طلب هذا التقرير اكتفاء بما تضمنته أوراق الدعوى وعناصرها من بيانات ومستندات كافية للفصل فيها ، وبتاريخ 14 مايو 2002 طلب الحاضر عن الطاعنين إنهاء إجراءات التحكيم لانقضاء المدة المحددة للفصل فى التحكيم بتاريخ 4 مايو 2002 وقرر الحاضر عن الشركة المطعون ضدها أنها تقدمت بطلب مد ميعاد التحكيم وفقاً للمادة 45 من قانون التحكيم ، وقررت هيئة التحكيم حجز الدعوى للحكم لجلسة 17 يونيه 2002 وصرحت بتقديم مذكرة لمن يشاء فقدم وكيل الشركة المطعون ضدها مذكرة أشار فيها إلى صدور أمر رئيس محكمة استئناف القاهرة ( دائرة .. تجارى ) بتاريخ 21/5/2002 بمد مدة التحكيم ستة أشهر تبدأ من 5 مايو2002 حتى 5 نوفمبر 2002 وتأيد ذلك بكتاب مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى المرسل إلى هيئة التحكيم 22 مايو 2002 ، وبتاريخ 3 أغسطس 2002 قضت هيئة التحكيم بإلزام الطاعنين بأداء مبلغ 317875,45 جنيهاً باقى قيمة ما تم تنفيذه طبقاً للعقد المبرم بين الطرفين ، بإلزام الطاعنين بأن يردا إلى المطعون ضدها مبلغ 154800 جنيهاً قيمة خطاب الضمان الذى تم تسييله والفوائد القانونية بواقع 5 % عن هذين المبلغين اعتباراً من 29 مارس 2000 وحتى تمام السداد مع إلزام المطعون ضدها بأن تؤدى إلى الطاعنين مبلغ 125 ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً عما أصابهما من أضرار نتيجة إخلال المطعون ضدها فى تنفيذ التزامها العقدى . أقام الطاعنان الدعوى رقم .... لسنة 119 ق تحكيم تجارى أمام محكمـة استئنـاف القاهـرة بطلـب الحكـم أصلياً ببطلان حكم التحكيم واعتباره كأن لم يكن ، واحتياطياً إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون التحكيم فيما تضمنته من إجازة مد مدة التحكيم قسراً على خلاف اتفاق طرفى التحكيم إذ يفيد موافقتهما أو التصريح بإقامة الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا طعناً فى دستورية تلك المادة ، كما أقام الطاعنان الدعوى رقم .... لسنة 119 ق بذات الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى ، ثم أضافا سبباً جديداً لبطلان حكم التحكيم وهو عدم وجود تفويض لوكيل الشركة المطعون ضدها الذى ابرم عقد المقاولة المؤرخ 26 يناير 1997 الذى أبرم شرط التحكيم ، ثم قام الطاعنان برد الدائرة ، وبعد أن قضى فى طلب الرد من هيئة أخرى برفضه ، قضت المحكمة فى 20 ديسمبر 2003 برفـض الدعوى . طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال لقضائه برفض الدفع المبدى منهما بعدم دستورية نص المادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 فيما تضمنته من حق أى من طرفى التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها فى المادة التاسعة – فى حالة عدم صدور حكم خلال الميعاد المنصوص عليه - أن يصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافى أو بإنهاء إجراءات التحكيم على سند من عدم جدية هذا الدفع إعمالاً لدور القضاء فى الرقابة على إجراءات التحكيم وضمان سير الدعوى التحكيمية ، وثانياً أن إجراءات التحكيم خاضعة للقواعد المعمول بها فى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى والذى يطبق قواعد التحكيم الخاصة بالأمـــم المتحــدة ( اليونسترال ) والتى سكتت عن النص على ميعاد لإصدار حكم التحكيم تاركة ذلك لاتفاق الأطراف فى كل حالة على حدة طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة فإن لم يتفقوا على تحديد ميعاد ما فإنهم بذلك يكونون قد فوضوا هيئة التحكيم فى تحديد الميعاد الذى تراه مناسباً ، وقد اتفقت الأطراف على إخضاع إجراءات التحكيم لقواعد اليونسترال وبذلك يكونون قد اتفقوا على عدم تحديد مهلة معينة لإصدار الحكم وتفويضهم هيئة التحكيم فى تحديد الميعاد الذى تراه مناسباً بلا محل معه لإعمال نص المادة 45 محل الدفع وتنتفى مصلحة الطاعنين من الطعن عليه فى ذلك فى حين أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد اطـــــرد على أن التحكيم وسـيلة اختيارية لفض المنازعات لا تنشأ إلا عن الإرادة الحرة لأطرافه وهو وسيلة استثنائية لفض المنازعات خلافاً للأصل العام المنصوص عليه فى المادة 168 من الدستور الذى يعقد ولاية القضاء للسلطة القضائية بالدولة ، ومن ثم فإن عدم دستورية فرض التحكيم جبراً على المواطنين يستوى فيه أن يكون هذا الجبر فى أصل الالتجاء إليه أو فى القسر على السير فيه بعد انتهاء المدة المتفق عليها ويكون ارتكان حكم هيئة التحكيم المطعون فيه إلى امتداد مدة التحكيم بأمر رئيس المحكمة المختصة طبقاً لنص المادة 45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وارداً على غير سند يحمله لعدم دستورية تلك المادة ، فضلاً عن أنه طبقاً للمادة الثامنة من القانون المذكور والمادتين 1 ، 30 من قواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى المتعلقة بالنظام العام بعد عدم اعتراض الطرف الآخر قبولاً منه لما تم وصار نافذاً بين الخصوم وأن الثابت من الأوراق عدول طرفى التحكيم وهيئة التحكيم ذاتها عن اتفاقهم بإخضاع النزاع لقواعد مركز القاهرة للتحكيم التجارى الدولى بتحديد هيئة التحكيم الجلسة الأولى ميعاداً لبدء التحكيم ثم قامت بمد أجل التحكيم بدءاً من 5 نوفمبر 2001 وقد دفع وكيل الطاعنين بسقوط التحكيم لانتهاء مدته الأصلية والإضافية إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم الدستورية بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ، ذلك أن النص فى المادتين 25 ، 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يوجب على المحكمة التى يثار أمامها دفع بعدم دستورية قانون فى دعوى مطروحة عليها وقف السير فيها إذا هى ارتأت أن هذا الدفع لا يتسم بطابع الجدية ولا ضرورة لحسم النزاع بشأنه قبل الفصل فى موضـوع تلك الدعوى ، وكان تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية متروكاً لمطلق تقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 فيما تضمنـه من حـق أى من طرفى التحكيم فى حالة عدم صدور حكم خلال الميعاد المنصوص عليه أن يستصدر أمراً بتحديد ميعاد إضافى أو بإنهاء إجراءات التحكيم وذلك على سند من عدم جدية ذلك الدفع إعمالاً لدور القضاء فى الرقابة على إجراءات التحكيم ، وعلى ما خلص إليه من أن طرفى النزاع قد اتفقا على إخضاع إجراءات التحكيم بينهم لقواعد اليونسترال المعمول بها فى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى والتى سكتت عن النص على ميعاد لإصدار حكم التحكيم تاركة ذلك لاتفاق الأطراف فى كل حالة طبقاً لظروفها وملابساتها الخاصة وعدم تحديد مهلة لإصدار حكم فإن لم يتفقوا على تحديد ميعاد ما فإنهم بذلك يكونون قد فوضوا هيئة التحكيم فى تحديد الميعاد الذى تراه مناسباً ، ومن ثم فلا محل لإعمال المادة 45 من قانون التحكيم ، وأن المشرع رغبة منه فى معاونة أطراف اتفاق التحكيم على إنجاحه وتحقيق مرماه أعطى لرئيس المحكمة المشار إليها فى المادة 9 من قانون التحكيم سلطة إصدار الأمر بتحديد ميعاد إضافى لإصدار حكم التحكيم لمن رأى لذلك مبرراً وذلك عن طريق تمكين هيئة التحكيم من الوصول إلى حكم فاصل في النزاع في وقت معقول ، وأن دور قضاء الدولة فى خصوص ميعاد التحكيم طبقاً لنص المادة 45 من قانون التحكيم يدخل في نطاق وظيفته في إجراءات التحكيم وحسن سير الدعوى التحكيمية وهي أسباب سائغة وفيها الرد الكافى على الدفع بعدم الدستورية على سند من عدم جديته ويضحى النعى فى حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، وفى بيان ذلك يقولان إنهما دفعا ببطلان شرط التحكيم المنصوص عليه فى البند 15 من عقد البيع المؤرخ فى 26 يناير 1997 لعدم توفر الأهلية اللازمة لوكيل الشركة المطعون ضدها فى التوقيع على عقد البيع المذكور لعدم وجود تفويض له فى إبرام شرط التحكيم طبقاً للمادتين 76 مرافعات ، 702 من القانون المدنى ، بما يبطل معه هذا الشرط المنصوص عليه فى البند المذكور ، ويبطل معه حكــم التحكيم محـل التداعى إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بمقولة أن الطاعنين لم يتمسكا بهذا الدفع أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فى الدفوع الخاصة ببطلان اتفاق التحكيم وفقاً لنصوص المواد 8 ، 22 ، 30 من قانون التحكيم والمادتين 21 ، 30 من قواعد حسم المنازعات المعمول بها بمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى المتفق على تطبيقها ، وأنه من المقرر أن الأصل فى قواعد الوكالة أن الغير الذى يتعاقد مع الوكيل عليه أن يتثبت من قيام الوكالة وحدودها وله فى سبيل ذلك أن يطلب من الوكيل تقديم ما يثبت وكالته فإن قصر فعليه تقصيره بالإضافة إلى أنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالته لوكيله فى حين أن ذلك يخالف نص المادتين 11 ، 23 من القانون رقم 27 لسنة 1994 باعتبار أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى وإذا بطل يبطل الشرط فقط دون العقد وينعقد الاختصاص بالفصل فى أى نزاع يتعلق بالعقد للمحاكم العادية وأن بطلان هذا الشرط هو بطلان مطلق وعام ومتعلق بالنظام العام لكون شرط التحكيم يعد استثناء من قاعدة دستورية وهى حق الفرد فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى وأن عدم توفر الأهلية الخاصة بالتوقيع على شرط التحكيم يعد أحد أسباب بطلان حكم التحكيم المنصوص عليها فى المادة 53 من القانون 27 لسنة 1994 وهو دفع موضوعى لا يسقط الحق فى إبدائه بعدم التمسك به أمام هيئة التحكيم ويجوز التمسك به كسبب من أسباب دعوى البطلان خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن المقرر عملاً بالمادة 21/1 من قواعد اليونسترال المتفق على تطبيقها بين الطرفين على أن " هيئة التحكيم هى صاحبة الاختصاص فى الفصل فى الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها ، وتدخل فى ذلك الدفوع المتعلقة بوجود شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل على التحكيم أو بصحة هذا الشرط أو هذا الاتفاق " ، ومن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا استمر أحد طرفى النزاع فى إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط فى اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة فى الميعاد المتفق عليه أو فى وقت معقول عنـد عدم الاتفاق ، اعتبر ذلك نزولاً منه على حقه فى الاعتراض ، وأن هيئة التحكيم تفصل فى الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع ، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك بها إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهى للخصومـة كلها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعنين ببطلان حكم التحكيم على سند من عدم تمسكهما بذلك الدفع أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فى الدفوع الخاصة ببطلان اتفاق التحكيم ، وأنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالته لوكيله ، وكان ما أورده الحكم يتفق وصحيح القانون خاصة وأن ذلك البطلان نسبى مقرر لمصلحة المطعون ضدها ، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق لقضائه برفض الدفع بسقوط حكم التحكيم بانتهاء مدته على سند من طرفى التحكيم قد أقروا فى جلسة 18/10/2000 على تطبيق قواعد اليونسترال المعمول بها فى مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى مفاده تفويض هيئة التحكيم فى تحديد ميعاد وفقاً لتقديرها ، فضلاً عن صدور الأمر رقم .. لسنة 119 ق من رئيس محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 21 مايو 2002 بمد ميعاد إضافى مدته ستة أشهر تبدأ من 5 مايو 2002 وقد صدر الحكم الطعين فى 3 أغسطس 2002 خلال المدة الإضافية قبل انتهاء الميعاد الإضافى المذكور ولا ينال من ذلك القول أن هذا الأمر صدر بعد مده التحكيم فى 4 مايو 2002 ذلك أن الأمر الصادر فى 21 مايو 2002 ليس تحديداً لميعاد يجب أن يكون سارياً وقت صدوره بل هو أمر بتحديد ميعاد إضافى للميعاد المنقضى ، فى حين أن الثابت من محاضر جلسات الدعوى التحكيمية والمستندات المقدمة عدول طرفي التحكيم وهيئة التحكيم ذاتها عن اتفاقهم بإخضاع النزاع لقواعد مركز القاهرة للتحكيم الدولي بتحديد هيئة التحكيم الجلسة الأولى ميعاد لبدء التحكيم فى 18 أكتوبر 2000 وما قامت به الهيئة بتشكيلها الأخير بتاريخ 2 ديسمبر 2001 بمد مدة التحكيم ستة أشهر تبدأ من 5 نوفمبر 2001 كما تقدم وكيل الشركة المطعون ضدها بطلب لهيئة التحكيم بجعل مدة تنحى المحكم المسمى عنها وتعيين محكم مرجح وقفاً للخصومة غير محتسب من مدة التحكيم ، كما تمسك وكيل الطاعنين بسقوط التحكيم لانتهاء مدته الأصلية والإضافية إلا أن هيئة التحكيم التفتت عن هذا الدفع وقامت بحجز الدعوى للحكم بجلسة 14 مايو 2002 رغم زوال ولايتها فى 4 مايو 2002 وصدر قرار مد ميعاد التحكيم بتاريخ 21 مايو 2002 بعد حجز الدعوى للحكم ولم تكن ثمة حاجة لإصدار هذا الأمر حال تطبيق قواعد اليونسترال على النزاع مما يجعل حكمها باطلاً ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر صدور أمر بمد ميعاد إضافى لمدة التحكيم فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم هو طريق استثنائى لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضى العادية وما تكفله من ضمانات ، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى النزاع المعروض عليها يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذى أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء إلا أن التنظيم القانونى للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التى نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية ، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التى يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها ، وكان النص فى المادة الأولى من قواعد اليونسترال يدل على أنه إذا اتفق طرفا عقد كتابة على إحالة المنازعات المتعلقة بهذا العقد إلى التحكيم وفقاً لنظام التحكيم لمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى وجب عندئذ تسوية هذه المنازعات وفقاً لهذا النظام مع مراعاة التعديلات التـى قد يتفق عليها الطرفان كتابة ، والنص فى المادة 29 من ذات القواعد يدل على أن لهيئة التحكيم أن تستفسر من الطرفين عما إذا كان لديهما أدلة أخرى لتقديمها أو شهود آخرين لسماعهم أو أقوال أخرى للإدلاء بها ، فإذا كان الجواب بالنفى جاز لهيئة التحكيم أن تعلن إنهاء المرافعة ، ولهيئة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الطرفين إعادة فتح باب المرافعة فى أى وقت قبل صدور قرار التحكيم إذا رأت ضرورة ذلك نظراً لوجود ظروف استثنائية ، مؤداه أن قرار إنهاء خصومة التحكيم أو إعادة فتح باب المرافعة فيها هو حق أصيل بيد هيئة التحكيم تعمله من تلقاء نفسها وفقاً لظروف النزاع واكتمال أدلة الخصومة ومستنداتها سيما وقد خلا نص المادة 29 المذكور من تحديد ميعاد أو مدة معينة لإنهاء خصومة التحكيم ولا يكفى للادعاء بعدول طرفى التحكيم وهيئة التحكيم ذاتها عن اتفاقهم بإخضـاع النـزاع لقواعـد مركـز القاهـرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى ما ساقه الطاعنان بما هو ثابت من محاضر جلسات الدعوى التحكيمية بتحديد الهيئة الجلسة الأولى ميعادا البدء التحكيم ، وما قامت به هيئة التحكيم بتشكيلها الأخير بمد مدة التحكيم ستة أشهر بدء من 5 نوفمبر 2001 وما قدمه وكيل الشركة المطعون ضدها بطلب لهيئة التحكيم بجعل مدة تنحى المحكم المسمى عنها والمحكم المرجح وقفاً للخصومة غير محتسب من مدة التحكيم وما تمسك به وكيل الطاعنين من سقوط التحكيم بانتهاء مدتيه الأصلية والإضافية إذ ليس من كل ما تقدم ما يتعارض مع نصوص الاتفاقية طالما لم يتفق الطرفان صراحة على استبعادها أو باتخاذ موقف لا يدع مجالاً للشك على استبعاد تطبيق أحكام الاتفاق ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط اتفاق التحكيم على سند من أن طرفى التحكيم قد أقرا بجلسة 18 أكتوبر 2000 على تطبيق قواعد اليونسترال بما مفاده تفويض هيئة التحكيم فى تحديد ميعاد إصدار الحكم وفقاً لتقديرها فيه الرد السائغ على الدفع لا ينال منه ما استطرد إليه تزيداً من استصدار هيئة التحكيم لأمر إضافى لإصدار الحكم من رئيس محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 21 مايو 2002 لمدة ستة أشهر تبدأ من 4 مايو 2002 وصدور الحكم خلال تلك المدة لا يغير من النتيجة الصحيحة التى خلص إليها ، ويضحى النعى بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكــم المطعــــون فيه مخالفة القانون ، وفى بيان ذلك يقولان إنهما دفعا أمام محكمة الاستئناف ببطلان حكم التحكيم لإخلال هيئة التحكيم بحق الدفاع إخلالاً جسيماً طبقاً لنص المادة 53/ ز من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 ، إذ أصدرت حكماً تمهيدياً بندب خبير وحددت مهمته لتوضيح بعض المسائل الفنية فى الدعوى لتستطيع تكوين عقيدتها فيها ثم عادت وعدلت عن هذا الحكم دون أن تبين أسباب ذلك العدول ، ودون أن يوافق الطرفان على هذا التنازل حسبما هو متعارف عليه فى القضاء العادى ثم قامت بحجز الدعـوى للحكـم بعـد أن كانت قد استنفذت ولايتها فى الفصل فى الدعوى بانتهاء مدة التحكيم ثم قامت باستصدار أمر إضافى بمد مدة التحكيم دون أن تعيد الدعوى للمرافعة لإتاحة الدعوى للخصوم للاطلاع على ما استجد فى الدعوى وبما يمثله هذا العدول من إخلال بدفاع جوهرى من شانه أن يغير وجه الرأى فى الدعوى مخالفة بذلك نص المادة 9 من قانون الإثبات إلا أن محكمة الاستئناف رفضت ذلك الدفع بمقولة أن المحكمة هى الخبير الأعلى وأن لها أن تعدل عن حكمها بندب خبير ما دامت قد وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها فى حين أن الطاعنين تمسكا بالحكم التمهيدى وطلبا ندب خبير آخر لشكهما فى عدم حيدته ، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضى طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فى موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه ، والمشرع وإن تطلب فى نص المادة التاسعة من قانون الإثبات بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات فى محضر الجلسة ، وبيان أسـباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذى تنفذ فى أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزءاً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص فى هذا الشأن تنظيمياً ، وكان من المقرر قانوناً طبقاً للمادة 25/6 من قواعد اليونسترال أن هيئة التحكيم هى التى تقرر قبول الأدلة المقدمة أو رفضها ، ووجود صلة بينها وبين موضوع النزاع أو انتفاء هذه الصلة ، وأهمية الدليل المقدم ، ومن ثم فإن وسائل الإثبات ومنها ندب الخبراء هى من المسائل التى تخضع لتقدير هيئة التحكيم وصولاً لوجه الحق فى الدعوى شأنها شأن المحاكم ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين على سند من أن هيئة التحكيم هى الخبير الأعلى وأنها أفصحت عن سبب عدولها عن حكم ندب الخبير بالاكتفاء بما قدم فى الدعوى ، فضلاً عن أن الطاعنين لم يتمسكا ببطلان إجراءات الخصومة لعدم إصدار هيئة التحكيم قراراً بإعادة الدعوى للمرافعة أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز لهما التحدى به أمـام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقولان إنهما طلبا أمام محكمة الاستئناف التصريح لهما باستخراج صور رسمية من محاضر إيداع التوكيلات أرقام .... ، .... لسنة 1994 ، .... لسنة 1996 عام توثيق الجيزة النموذجى وتمسكا بذلك بمحضر الجلسة ومذكرة دفاعهما المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم تأييداً لدفاعهما المبدى منهما وهى مستندات هامة يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب مما يعيب حكمها .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم الرد على دفاع غير منتج فى الدعوى لا يعيبه بالقصور ، ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان طلب الطاعنين التصريح لهما باستخراج صور رسمية من محاضر إيداع التوكيلات أرقام .... ، .... لسنة 1994 ، .... لسنة 1996 عام توثيق الجيزة النموذجي قد أبداه الطاعنان تأييداً لدفاعهما ببطلان شرط التحكيم الوارد فى العقد لعدم وجود تفويض خاص للسيد .... فى إبرامه وهو دفاع خلت الأوراق مما يفيد تمسك الطاعنين به أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فيه عملاً بالمادتين 21 ، 30 من قواعد اليونسترال المعمول بها فى مركز القاهرة الإقليمى التجارى الدولى ، ومن ثم فإن الطلب المذكور يكون غير منتج ، ومن ثم غير مقبول ، ولا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد عليه .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه البطلان ، وفى بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بقيام حالة من حالات عدم الصلاحية المنصوص عليها فى المادة 146 من قانون المرافعات للسيد المستشار رئيس الدائرة لسبق إبدائه رأياً فى ذات الدعوى وبين نفس الخصوم فهو الذى أصدر أمراً بمد ميعاد إضافى للتحكيم ورفض طلب الطاعنين بإنهاء التحكيم بما كان يتعين عليه أن يتنحى عن نظر دعوى البطلان وأن ينأى بنفسه عن أى شبهة وأن يحيلها إلى دائرة أخرى مما اضطر الطاعنان معه إلى طلب رده وقضى برفض هذا الطلب ، إلا أن السيد رئيس الدائرة أصر على الاستمرار فى نظر الدعوى والفصل فيها بالمخالفة للقانون وأصدر الحكم المطعون فيه بما يبطله .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمـة - أنه متى صدر حكم نهائى بين الخصوم ، فإنه يكون حائزاً لقوة الأمر المقضى فى خصوص ما انتهى إليه ومانعاً لأى منهم فى العودة إلى مناقشة المسألة التى فصل فيها الحكم السابق ، كما أن من المقرر أن الطعن بالنقض لا ينقل الدعوى إلى محكمة النقض بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المطعون فيه ويطرح عليها الخصومة بكل عناصرها - كما هو الشأن فى الاستئناف - وإنما يقتصر ما يطرح على هذه المحكمة على المواضع التى ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه وفى حدود الأسباب التى يوردها فى صحيفة طعنه وفى نطاق ما يجيز القانون إثارته أمام محكمة النقض من ذلك . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان قد أقاما طلب الرد رقم ... لسنة 120 ق ضد السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه على سند من أنه سبق وأصدر أمراً بمد ميعاد التحكيم الإضافى وآخر برفض طلب الطاعنين بإنهاء التحكيم بما كان يتعين عليه أن يتنحى عن نظر دعوى البطلان وحصول مشادة بينه وبين الحاضر عنهما وقضـت الدائـرة .... بمحكمـة استئنـاف القاهرة بتاريخ 29 أبريل 2003 برفض طلب الرد وتغريم الطاعنين ألفى جنيه تأسيساً على أن الأمرين سالفى الذكر قد صدرا وفقاً للمادة 45 من القانون رقم 27 لسنة 1994 وأن إصدار هذين الأمرين لا يعد من الأعمال الواردة فى الفقرة الخامسة من المادة 146 من قانون المرافعات ، لأن ذلك كان أمراً إجرائياً بعيداً عن موضوع الدعوى ولا تكشف اقتناعاً برأى معين فى دعوى التحكيم مما يكون معه ذهنه خالياً عـن موضوعها ، ولما كان الطاعنان قد قبلا ذلك الحكم وارتضياه ولم يطعنا عليه بالنقض فى حينه فصار حائزاً لقوة الأمر المقضى بما لا يجوز معه للطاعنين معاودة مناقشة تلك المسألة فى خصوص صلاحية السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لنظر دعوى البطلان ، ويضحى نعيهما غير مقبول.
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 913 لسنة 73 ق جلسة 23 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 46 ص 282

برئاسة السيد القاضـــى / مصطفـى عــزب نائـب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / صـلاح سعـداوى ، عبد العزيز الطنطاوى ، محمـود طنطـاوى نواب رئيس المحكمة ومحمد النعناعى .
-----------
 (1 - 3) تحكيم " بطلان حكم التحكيم : دعوى بطلان حكم التحكيم : اختصاص المحاكم المصرية بنظر دعاوى بطلان حكم التحكيم " " التحكيم الأجنبى : تنفيذ حكم التحكيم الدولى وفقاً لاتفاقية نيويورك " .
(1) تطبيق ق 27 لسنة 1994 . مقصور على التحكيم الذى يجرى فى مصر . مؤداه . عدم سريانه على التحكيم الذى يجرى خارجها . شرطه . م 1 من القانون آنف البيان . مقتضاه . عدم اختصاص المحاكم المصرية بدعوى بطلان حكم تحكيم غير الخاضع لقانون التحكيم المصرى .
(2) تنفيذ حكم تحكيم أجنبى غير الخاضع لقانون التحكيم المصرى . سبيله . رفع دعوى وفقاً للمواد 296 وما بعدها من قانون المرافعات واتفاقية نيويورك لسنة 1958 .
(3) المادتان الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية . مفادهما . اعتراف كل دولة منضمة إليها بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها . إثبات المحكوم ضده توفر إحدى الحالات الخمس الواردة فى م 5/1 من الاتفاقية أو أن يكون النزاع مما لا يجوز الالتجاء للتحكيم لتسويته أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام . أثره . للمحكمة أن ترفض إصدار الأمر بتنفيذ هذا الحكم دون أن تقضي ببطلانه . علة ذلك . خروج هذا القضاء عن اختصاصها . مؤداه . تقديم المدعى عليه فى دعوى التنفيذ طلباً عارضاً ببطلان حكم التحكيم . وجوب أن تقضي المحكمة بعدم اختصاصها بهذا الطلب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص فى المادة (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 فى شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن " مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها فى جمهورية مصر العربية تسرى أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التى يدور حولها النزاع ، إذا كان هذا التحكيم يجرى فى مصر أو كان تحكيماً تجارياً يجرى فى الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون .... " ، يدل على أن المشرع قصر تطبيق أحكام هذا القانون على التحكيم الذى يجرى فى مصر ، وعدم سريانه على كل تحكيم يجرى فى خارج البلاد إلا إذا كان تحكيماً تجارياً دولياً اتفق أطرافه على إخضاعه لتلك الأحكام ، وعلى ذلك إذا صدر حكم تحكيم أجنبى غير خاضع لأحكام قانون التحكيم المصرى بأن صدر فى الخارج ولم يتفق الطرفان على خضوعه للقانون المصرى وفقاً للمادة (1) آنفة الذكر فإن المحاكم المصرية تكون غير مختصة بدعوى بطلانه .
2- إذا طلب المحكوم له تنفيذ حكم تحكيم أجنبى غير خاضع لأحكام قانون التحكيم المصرى فى مصر ، فإن عليه أن يرفع دعوى بالإجراءات المعتادة وفقاً لنصوص قانون المرافعات المصرى " المواد 296 وما بعدها " واتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية والتى انضمت إليها مصر بالقرار الجمهورى رقم 171 لسنة 1959 الصادر فى 2/2/1959 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها اعتباراً من 8/6/1959 .
3- أوجبت المادتان الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتى يحددها قانونها الداخلى ، ما لم يثبت المحكوم ضده فى دعوى تنفيذ حكم التحكيم توفر إحدى الحالات الخمس الورادة على سبيل الحصر فى المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية ، وهي : ( أ ) نقص أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو بطلانه (ب) عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر  (ج) مجاوزة الحكم فى قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذى تم فيه التحكيم فى حالة عدم الاتفاق (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه ، أو يتبين لقاضى التنفيذ - طبقاً للفقرة الثانية من المادة المشار إليها - أنه لا يجوز قانوناً الالتجاء إلى التحكيم لتسويـة النزاع ، أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام ويترتب على توفر أى من هذه الأسباب أن تقبل المحكمة الدفع وترفض إصدار الأمر بالتنفيذ ، ولكن ليس للمحكمة أن تقضى ببطلان حكم التحكيم فهذا القضاء يخرج عن اختصاصها ، وإذا قدم المدعى عليه فى دعوى الأمر بالتنفيذ طلباً عارضاً يطلب فيه الحكم ببطلان حكم التحكيم المطلوب الأمر بتنفيذه ، فعلى المحكمة أن تقضى بعدم اختصاصها بهذا الطلب لخروجه من ولايتها . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى الراهنة مقامة بطلب بطلان حكم التحكيم محل التداعى وليس بطلب إصدار الأمر بتنفيذه , وكان ذلك الحكم قد صدر فى الخارج ولم يتفق الطرفان على خضوعه للقانون المصرى ، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم النظر متقدم البيان وقضى بعدم اختصاص القضاء المصرى بنظر دعوى بطلانه ، يكون قد وافق القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم .... لسنة 118 ق أمام محكمة استئناف القاهرة ابتغاء الحكم ببطلان حكم التحكيم رقم .... لسنة 1999 الصادر من اللجنة الإدارية للتحكيم بالرابطة الأمريكية للشحـوم والزيوت المحدودة بإلزامها بأن تؤدى للمطعون ضدها مبلغ 99150 دولاراً أمريكياً ، وذلك على سند من أنه صدر دون وجود اتفاق تحكيم ، ودون إعلانها بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم ، وخلا من بيان طلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم وأوجـه دفاعهم ، بما يوجب القضاء ببطلانه عملاً بأحكام المادتين 43 ، 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية . بتاريخ 29 يونيه 2003 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، وبتغريم الطاعنة مبلغ مائتى جنيه . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطــريق النقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة المشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن اُقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف باختصاص القضاء المصرى بتقرير بطلان حكم التحكيم المطعون عليه ، وإثباتاً لصحة هذا الدفاع طلبت إلزام المطعون ضدها بتقديم أصل حكم التحكيم وكافة مستنداته مع ترجمتها الرسمية للتحقق من عدم وجود اتفاق على التحكيم ، وعدم تعيين محكم عنها فى هيئة التحكيم وانتفاء أية علاقة تجارية بين الطرفين ، غير أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن ذلك واعتمد فى قضائه بعدم اختصاص القضاء المصرى بنظر الدعوى ، على أن حكم التحكيم صدر فى الخارج ، ولم يتفق الطرفان على إخضاعه للقانون المصرى ، دون أن يفطن إلى عدم وجود مشارطة تحكيم أصــلاً ، وأنها لم تمثل فى الدعوى التحكيمية ، وأن حكم التحكيم خلا من بيان اتفاق التحكيم وطلبات الخصوم ومستنداتهم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن النص فى المادة (1) من القانون رقم 27 لســــــنة 1994 فـــــى شــــــأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية على أن " مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها فى جمهورية مصر العربية تسرى أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التى يدور حولها النزاع ، إذا كان هذا التحكيم يجرى فى مصر أو كان تحكيماً تجارياً يجرى فى الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون .... " ، يدل على أن المشرع قصر تطبيق أحكام هذا القانون على التحكيم الذى يجرى فى مصر ، وعدم سريانه على كل تحكيم يجرى فى خارج البلاد إلا إذا كان تحكيماً تجارياً دولياً اتفق أطرافه على إخضاعه لتلك الأحكـــــــام ، وعلى ذلك إذا صدر حكم تحكيم أجنبى غير خاضع لأحكام قانون التحكيم المصرى بأن صدر فى الخارج ولم يتفق الطرفان على خضوعه للقانون المصرى وفقاً للمادة (1) آنفة الذكر فإن المحاكم المصرية تكون غير مختصة بدعوى بطلانه ، غير أنه إذا طلب المحكوم له تنفيذه فى مصر ، فإن عليه أن يرفع دعوى بالإجراءات المعتادة وفقاً لنصوص قانون المرافعات المصرى " المواد 296 وما بعدها " واتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية والتى انضمت إليها مصر بالقرار الجمهورى رقم 171 لسنة 1959 الصادر فى 2/2/1959 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها اعتباراً من 8/6/1959 ، وأوجبت المادتين الأولى والثانية منها اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتى يحددها قانونها الداخلى ، ما لم يثبت المحكوم ضده فى دعوى تنفيذ حكم التحكيم توفر إحدى الحالات الخمس الورادة على سبيل الحصر فى المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية ، وهى ( أ ) نقص أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو بطلانه (ب) عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر (ج) مجاوزة الحكم فى قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذى تم فيه التحكيم فى حالة عدم الاتفاق (ه) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه ، أو يتبين لقاضى التنفيذ - طبقاً للفقرة الثانية من المادة المشار إليها - أنه لا يجوز قانوناً الالتجاء إلى التحكـيم لتسوية النزاع ، أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام ويترتب على توفر أى من هذه الأسباب أن تقبل المحكمة الدفع وترفض إصدار الأمر بالتنفيذ ، ولكن ليس للمحكمة أن تقضى ببطلان حكم التحكيم فهذا القضاء يخرج عن اختصاصها ، وإذا قدم المدعى عليه في دعوى الأمر بالتنفيذ طلباً عارضاً يطلب فيه الحكم ببطلان حكم التحكيم المطلوب الأمر بتنفيذه ، فعلى المحكمة أن تقضى بعدم اختصاصها بهذا الطلب لخروجه من ولايتها . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى الراهنة مقامة بطلب بطلان حكم التحكيم محل التداعى وليس بطلب إصدار الأمر بتنفيذه , وكان ذلك الحكم قد صدر فى الخارج ولم يتفق الطرفان على خضوعه للقانون المصرى ، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم النظر متقدم البيان وقضى بعدم اختصاص القضاء المصرى بنظر دعوى بطلانه ، يكون قد وافق القانون ، ويضحى النعى عليه بسببى الطعن على غير أساس .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ