جلسة الأول من يوليه سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم أحمد إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح سعداوي سعد، محمد أحمد رشدي، نعيم عبد الغفار العتريس نواب رئيس المحكمة وشريف حشمت جادو.
------------------
(166)
الطعن رقم 1390 لسنة 69 القضائية
(1، 2) مقاولة. عقد "عقد مقاولة". مسئولية "المسئولية العقدية". تعويض. التزام.
(1) مسئولية المقاول عن سلامة البناء. امتدادها إلى ما بعد تسليم البناء في حالة ما إذا كانت العيوب به خفية. اعتبارها مسئولية عقدية. تحققها بمخالفة المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها أو انحرافه عن تقاليد الصنعة وعرفها أو نزوله عن عناية الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه.
(2) بلوغ العيب في البناء حداً من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ. الخيار له بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض. عدم بلوغ العيب هذه الدرجة. أثره. اقتصار حق رب العمل على التعويض.
(3) عقد "فسخ العقد". محكمة الموضوع.
تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه. من أمور الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها.
(4) مقاولة. عقد. حكم "ما لا يعيب تسبيب الحكم".
التزام الطاعن والمطعون ضده السابع بالعقد محل التداعي باعتبارهما مقاولين بتشييد العقار طبقاً للشروط الفنية والهندسية المتفق عليها به في مقابل التزام المطعون ضدهم الستة الأوائل بتمليكهما ثلثي الأرض والبناء. إثبات الحكم المطعون فيه من مطالعته لتقارير الخبراء ظهور عيوب جسيمة في تصميم بناء هذا العقار وفي تنفيذه وأنه يتوقع زيادتها مستقبلاً وترميمها يحتاج إلى أسلوب فني متخصص وأن التأخير في ذلك يؤثر على سلامة العقار بما يحق للمطعون ضدهم طلب فسخ العقد، وانتهاؤه إلى هذه النتيجة الصحيحة وقضاؤه بفسخ العقد. صحيح. أياً كان الرأي في تكييفه القانوني للعقد.
(5) عقد "فسخ العقد". تعويض.
فسخ العقد. أثره. انحلاله بأثر رجعي منذ نشوئه وإعادة كل شيء إلى ما كان عليه من قبل. جواز الحكم بالتعويض إذا استحال ذلك.
(6) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً" "بطلان الحكم". بطلان "بطلان الأحكام". دعوى "الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها أثره. بطلان الحكم وقصور في أسبابه الواقعية.
(7) دعوى "الدفاع الجوهري". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". عقد "فسخ العقد.
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم إمكان إعادة الحال إلى ما كان عليه وتسليمه أرض المطعون ضدهم خالية كأثر من آثار فسخ العقد تأسيساً على أن البناء محل التداعي أقيم على هذه الأرض وأخرى ضمت إليه وأنه لا يتصور تسليم أي جزء من الأرض خالية إلا إذا هدم العقار بأكمله. دفاع جوهري. التفات الحكم عنه. قصور.
2 - إذا كان العيب في البناء قد بلغ حداً من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ فيكون له الخيار بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض أما إذا لم يصل العيب إلى هذه الدرجة فلا يكون له إلا طلب التعويض فحسب.
3 - تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها.
4 - إذ كان الثابت من مدونات العقد المؤرخ 9 نوفمبر سنة 1983 أن الطاعن والمطعون ضده السابع قد التزما بموجبه باعتبارهما مقاولين بأن يشيدا العقار محل التداعي طبقاً للشروط الفنية والهندسية المتفق عليها به في مقابل التزام المطعون ضدهم الستة الأوائل بتمليكهما ثلثي الأرض والبناء وإذ أثبت الحكم المطعون فيه من مطالعته لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى ظهور عيوب جسيمة في تصميم بناء هذا العقار وفي تنفيذه وفي مواد البناء المستخدمة فيه وأن هذه العيوب يتوقع زيادتها مستقبلاً وأن ترميمها يحتاج إلى أسلوب فني متخصص تحت إشراف فني دقيق وأن التأخير في أعمال الترميم يترتب عليه آثار سلبية تؤثر على سلامة العقار على المدى الطويل بما يحق معه للمطعون ضدهم إقامة هذه الدعوى للمطالبة بفسخ العقد وإذ أجابه الحكم المطعون فيه لذلك منتهياً إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه لا يكون قد خالف القانون أياً كان الرأي في تكييفه القانوني للعقد سند الدعوى.
5 - مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض.
6 - إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
7 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم إمكان إعادة الحال إلى ما كان عليه وتسليمه أرض المطعون ضدهم خالية كأثر من آثار الفسخ وذلك تأسيساً على أن البناء أقيم على هذه الأرض وأرض أخرى ضمت إليها وبلغت مساحتها جميعها 1029 م2 لا تتجاوز أرض المطعون ضدهم فيها نسبة 60% فقط وأنه لا يتصور تسليم أي جزء من الأرض الخالية إلا إذا هدم العقار بأكمله وفي ذلك ضياع للمال وإهداره. وإذ لم يعن الحكم بإيراد هذا الدفاع وبحثه والرد عليه رغم جوهريته إذ من شأنه لو تحقق أن يغير وجه الرأي في شأن قضائه بالإزالة والتسليم فإن الحكم يكون معيباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الستة الأوائل أقاموا على الطاعن والمطعون ضده السابع الدعوى رقم 5184 لسنة 1982 الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بفسخ العقد المؤرخ 9 نوفمبر سنة 1983 واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب علي ذلك من آثار منها إلزامهما متضامنين بتسليمهم قطعتي الأرض ملكهم بموجب العقدين المسجلين رقمي 3007، 4246 لسنة 1981 الشهر العقاري بالإسكندرية خاليتين مما يشغلهما وبأن يدفعا لهم مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت وقالوا شرحاً لدعواهم إنهم اتفقوا مع المذكورين على أن يقوما كمقاولين ببناء عمارة سكنية على تلك الأرض بتمويل منهما في مقابل ثمن عيني هو تملكهما ثلثي أرض وبناء العمارة ثم اشترى الطاعن بصفته قطعة الأرض المجاورة وضمها إلى هاتين القطعتين وأقام البناء على القطع الثلاث متجاوزاً الميعاد المحدد بعدة أعوام وإذ تسلم المطعون ضدهم وحداتهم اعتباراً من أكتوبر سنة 1987 لاحظوا عدم استكمال ملحقات البناء من مصاعد وخلافه فضلاً عما استبان لهم من وجود عيوب جسيمة في البناء ترجع إلى عدم الالتزام بالمواصفات المقررة في مكونات مواده علاوة على عدم مراعاة الأصول المتبعة في تنفيذ أعمال الصرف الصحي والكهرباء وأجهزة الاتصالات وباقي المرافق الأمر الذي يعد منهما إخلالاً جسيماً بالتزاماتهما ترتب عليه أن أصبح البناء بحالة غير صالحة ويهدد بقاؤه بالخطورة على الأرواح والممتلكات وهو ما ألحق بهم أضراراً مادية ومعنوية ومن ثم كانت الدعوى وبتاريخ 30 مارس سنة 1995 حكمت بإلزام الطاعن والمطعون ضده السابع بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمطعون ضدهم الستة الأوائل مبلغ 5001 جنيه تعويضاً مؤقتاً ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضدهم الستة الأوائل هذا الحكم بالاستئناف رقم 1148 لسنة 51 ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية كما استأنفه الطاعن والمطعون ضده السابع بالاستئناف رقم 1230 لسنة 51 ق أمام ذات المحكمة التي بعد أن ضمت الاستئنافين ندبت خبيراً وإذ قدم تقريره قضت بتاريخ 26 مارس سنة 1997 برفض الاستئناف الثاني وقبل الفصل في موضوع الاستئناف الأول بمنح الطاعن والمطعون ضده السابع مهلة ستة أشهر تبدأ من يوم الحكم لتنفيذ الترميمات المبينة بالتقرير وما يظهر عرضاً أو يستجد وبتاريخ 25 فبراير سنة 1998 أعادت المحكمة ندب ذات الخبير وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 28 يناير سنة 1999 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للشق الأول من الدعوى وبفسخ العقد المؤرخ 9 نوفمبر سنة 1983 باعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الطاعن والمطعون ضده السابع بتسليم قطعتي الأرض محل العقدين المسجلين برقمي 3007، 4246 لسنة 1981 الشهر العقاري بالإسكندرية خاليتين مما يشغلهما وبالإزالة على نفقتهما وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بفسخ العقد سند عملاً بالمادتين 157، 160 من القانون المدني في حين أن العقد هو عقد مقاولة لا يجوز القضاء بفسخه بعد أن تم تنفيذ المقاولة ولم يحتفظ المطعون ضدهم الستة الأوائل أثناء تنفيذه بحقهم في الفسخ نفاذاً للمادتين 646، 650 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر قانوناً أن مسئولية المقاول عن سلامة البناء لا تقوم أثناء تنفيذ عقد المقاولة فحسب وإنما تمتد إلى ما بعد تسليم البناء وذلك في حالة ما إذا كانت العيوب به خفية لا يستطيع صاحب العمل كشفها أثناء التنفيذ، وهي مسئولية عقدية تتحقق إذا خالف المقاول الشروط والمواصفات المتفق عليها في عقد المقاولة أو انحرف عن أصول الفن وتقاليد الصنعة وعرفها أو أساء استخدام المادة التي قدمها من عنده والتي يستخدمها في العمل أو نزل عن عناية الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه على أنه إذا كان العيب في البناء قد بلغ حداً من الجسامة ما كان يقبله رب العمل لو علم به قبل تمام التنفيذ فيكون له الخيار بين طلب الفسخ أو إبقاء البناء مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض أما إذا لم يصل العيب إلى هذه الدرجة فلا يكون له إلا طلب التعويض فحسب وتقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مدونات العقد المؤرخ 9 نوفمبر سنة 1983 أن الطاعن والمطعون ضده السابع قد التزما بموجبه باعتبارهما مقاولين بأن يشيدا العقار محل التداعي طبقاً للشروط الفنية والهندسية المتفق عليها به في مقابل التزام المطعون ضدهم الستة الأوائل بتمليكهما ثلثي الأرض والبناء وإذ أثبت الحكم المطعون فيه من مطالعته لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى ظهور عيوب جسيمة في تصميم بناء هذا العقار وفي تنفيذه وفي مواد البناء المستخدمة فيه وأن هذه العيوب يتوقع زيادتها مستقبلاً وأن ترميمها يحتاج إلى أسلوب فني متخصص تحت إشراف فني دقيق وأن التأخير في أعمال الترميم يترتب عليه آثار سلبية تؤثر على سلامة العقار على المدى الطويل بما يحق معه للمطعون ضدهم إقامة هذه الدعوى للمطالبة بفسخ العقد وإذ أجابهم الحكم المطعون فيه لذلك منتهياً إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه لا يكون قد خالف القانون أياً كان الرأي في تكييفه القانوني للعقد سند الدعوى ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون إذ أغفل بحث ما تمسك به من دفاع حاصله استحالة إزالة ما على قطعتي الأرض ملك المطعون ضدهم من بناء وتسليمهم الأرض خالية إذ أن العقار أقيم على مساحة إجمالية قدرها 1029 م2 لا يتجاوز مساحة هاتين القطعتين نسبة 60% منها بما لا يتصور معه شطر أرض المطعون ضدهم عن باقي أرض العقار دون انهياره بأكمله.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل فإذا استحال ذلك جاز الحكم بالتعويض وكان إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذ كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنتظر أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً وإذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم إمكان إعادة الحال إلى ما كان عليه وتسليمه أرض المطعون ضدهم خالية كأثر من آثار الفسخ وذلك تأسيساً على أن البناء أقيم على هذه الأرض وأرض أخرى ضمت إليها وبلغت مساحتها جميعها 1029م2 لا تتجاوز أرض المطعون ضدهم فيها نسبة 60% فقط وأنه لا يتصور أي جزء من الأرض خالية إلا إذا هدم العقار بأكمله وفي ذلك ضياع للمال وإهداره. وإذ لم يعن الحكم بإيراد هذا الدفاع وبحثه والرد عليه رغم جوهريته إذ من شأنه لو تحقق أن يغير وجه الرأي في شأن قضائه بالإزالة والتسليم فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي ما أثير من أوجه الطعن.