جلسة 13 من ديسمبر سنة 1961
برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة، فرج يوسف، وأحمد زكي محمد، وأحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكري المستشارين.
-----------------
(130)
الطعن رقم 81 لسنة 26 القضائية
عمل. "التحكيم في منازعات العمل". "سلطة هيئة التحكيم".
لهيئة التحكيم إعمال القوانين واللوائح فيما يعرض لها من منازعات لها الاستناد إلى العرف ومبادئ العدالة في إجابة مطالب العمال التي لا ترتكن إلى حقوق تؤدي إليها نصوص القانون. اتفاق الطرفين بشأن توزيع حصيلة الوهبة. ولا يجوز لهيئة التحكيم تعديله إلا بسبب تغيير الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن النقابة المطعون عليها قدمت إلى مكتب العمل شكوى ضد الشركة الطاعنة طالبة عدة طلبات من بينها المطلب الرابع وقوامه إعادة تنسيق توزيع "البنط" حتى يتقارب النصيب الذي تأخذه كل فئة من هذه "الأبناط". ولم يتمكن مكتب العمل من إنهاء النزاع فأحاله إلى لجنة التوفيق التي أحالته بدورها إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وقيد بجدول منازعات التحكيم تحت رقم 102 سنة 1954. وبجلسة 30 من يونيه سنة 1954 قررت الهيئة بالنسبة للمطالب الرابع حق المستخدمين والعمال في توزيع حصيلة الـ 10% على كل منهم بنسبة مرتباتهم وأجورهم. فطعنت الشركة على هذا القرار لدى محكمة القضاء الإداري بالطعن الذي قيد برقم 12683 سنة 8 ق طالبة إلغاءه. وفي 7 من فبراير سنة 1956 قضت تلك المحكمة بعد اختصاصها بنظر الدعوى بإحالتها إلى محكمة النقض. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 15 من يونيه سنة 1960 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة فنظر أمامها بجلسة 21 من أكتوبر سنة 1961 وفيها حضر وكيل الطاعنة وتمسك بطلباته وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها طالبة رفض الطعن.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه مما تنعاه الطاعنة على القرار المطعون فيه أنه ألغي تعاقداً صحيحاً نافذاً لا يجيز القانون إلغاءه وتقول في بيان ذلك إن هيئة التحكيم قررت حق المستخدمين والعمال في توزيع حصيلة الـ 10% على كل منهم بنسبة مرتباتهم وأجورهم ليكون هناك رابطة يلتزم بها الفريقان وأن هذا الذي انتهى إليه القرار فيه إخلال بالعقود والاتفاقات المبرمة بين الشركة وعمالها ذلك أن المادة 684/ 2 من القانون المدني قد قررت حق صاحب العمل في توزيع الوهبة بنفسه أو تحت إشرافه دون دخل للعامل وأن الطاعنة قد ارتبطت مع كل من عمالها بعقد صحيح حددت فيه عناصر الأجر من مرتب ثابت ومن أبناط نصيبها من حصيلة الوهبة التي تجميع بواقع 10% من قيمة المستحق أصلاً على العملاء والرواد. وأن هذه العقود قد استمرت نافذة في النطاق المتفق عليه وعلى أساسها كان العمال يعطون المخالصات. وأن هيئة التحكيم إذ التفتت عن ذلك تكون قد خرجت عن اختصاصها المقرر بالمادة 16/ 1 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 كما أن أعمال قرارها يستتبع مساءلة الطاعنة عن تعويض أصحاب الحقوق المكتسبة من العمال الذين يضارون بتنفيذه عند إنقاص الأبناط المستحقة لهم بمقتضى عقود استحقاقهم ومن ثم تفقد العقود الصحيحة المبرمة بين الطرفين قوتها القانونية.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان يبين من الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت في مذكرتها المقدمة إلى هيئة التحكيم والمقدمة صورتها بملف الطعن بأن المادة 682 من القانون المدني قد بينت حكم الأجر إذا خلت العقود الفردية أو الجماعية من النص عليه وأن تدخل القاضي وبحثه في طبيعة المهنة والعمل المماثل والعدالة لا محل له إذا كان الأمر متفقاً عليه بمقتضى عقد مكتوب وأن عقود العمال كلها مكتوبة وتضمنت النص على ما يستحقه كل عامل من حصيلة الوهبة (الـ 10%) وقد نفذت هذه العقود باضطراد وقبض العمال أجورهم وأعطوا مخالصات عنها. كما يبين أن النقابة المطعون عليها لم تجحد هذه العقود بما تضمنته من بيان المرتب شاملاً لعدد ما خص كل عامل من أبناط في حصيلة الـ 10% إلا أنها طلبت إعادة توزيع هذه الحصيلة بما يغاير الثابت بالعقود حتى يتقارب ما تأخذه كل فئة مما تأخذه باقي الفئات الأخرى. وبعد أن استظهرت الهيئة هذا الدفاع قررت أنها "ترى أن يكون توزيع الأبناط حسب المرتب الشهري فيكون هناك رابط يلتزم به الفريقان" وهذا الذي انتهى إليه القرار المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أنه لما كان لهيئة التحكيم وفقاً لنص المادة 16 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 بحسب الأصل إعمال القوانين واللوائح فيما يعرض لها من منازعات جماعية بين العمال وأصحاب الأعمال كما أن لها الاستناد إلى العرف ومبادئ العدالة في إجابة مطالب العمال التي لا ترتكن إلى حقوق تؤدي إليها نصوص القانون وكان هناك اتفاق قائم بين الشركة وعمالها في شأن حصيلة الـ 10% وطريقة توزيعها وهو اتفاق ملزم للطرفين فإن تعديل الهيئة لهذا الاتفاق دون موجب يقتضيه وجعل التوزيع بنسبة مرتبات العمال والموظفين أمر مخالف للقانون. ولا يغير من هذا النظر ما تعلل به القرار من أنه "بذلك يكون هناك رابط يلتزم به الفريقان" لأن هذا الرابط موجود فعلاً وهو اتفاق الطرفين على الأجر وعلى تحديد نسبة ما يخص كل عامل أو موظفي من حصيلة الـ 10% وإثبات ذلك في عقود استخدامهم واضطراد تنفيذها. ولا يجوز العدول عن هذا الاتفاق إلا لمبرر يقتضيه بسبب تغير الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية. ولم يتبين من القرار المطعون فيه ما يفيد تغييراً في الظروف حتى كان يمكن معها عدالة إعادة النظر في الاتفاق المبرم بين الطرفين. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأوجه الأخرى.
(1) يراجع النقض مدني 14/ 1/ 1960 في الطعن 415/ 25 ق و22/ 12/ 1960 في الطعن 296/ 26 ق و20 يونيه سنة 1957 في الطعن 362/ 23 ق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق